أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خلدون طارق ياسين - الموقف من الحاكم في الاسلام















المزيد.....

الموقف من الحاكم في الاسلام


خلدون طارق ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 19 - 21:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحمد لله ولي النعم والصلاة والسلام على نبي الرحمة الذي أدبه الله تعالى فأحسن تأديبه وعلمنا فأحسن تعليمنا وتركنا على محجة الله البيضاء ما زاغ عنها إلا هالك .وعلى أهله أهل الوفاء وآله الأخيار النجباء . أما بعد فان الفتن توالت على أمة الحبيب المصطفى كقطع الليل المظلم كما أخبر الصادق المصدوق سيدي المصطفى ولا بد للمرء من كلمة يقولها ليرشد من ضل عن سبيله واتبع هواه وكان أمره فرطا .لعل الله تعالى يهدي بكلامنا من ضل ويحتسبها عنده من الحسنات التي تنفعنا في المحيا والممات ويوم نلقاه سائلين الله تعالى أن يجعل هذا اليوم أسعد الأيام ,
إخوتي الكرام إن أمة العرب قد افتتنت بما يسمى بالربيع العربي وثورات الشعوب على ظلم الحكام وتسلطهم وقد استبشر البعض خيرا ، إلا أننا نرى أن الواقع غير ما كان البعض يتمنى وأن الربيع تحول إلى خريف وشتاء كثر فيه ابن آوى . الدم والأشلاء غطت الأرض وأصبحت أمة الحبيب منقسمة و ترفع السلاح بوجه بعضها البعض ، ودخلت في الخط المحظور خط الكفر والإلحاد .وقد حذرنا الصادق المصدوق (لا ترجعوا من بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) ولكن للاسف ما ألقت العقلاء بالاً وأصبح حال الأمة إلى ما أصبح عليه الآن.والحقيقة أن كل الدول التي التهبت فيها الثورات الشعبية لم تحظ حتى بخفي حنين ، فمصر عادت إلى المؤسسة العسكرية ، وليبيا مزقها الاقتتال الداخلي ،واليمن تترنح ،وسوريا دمرت . وهذا هو الحال في معظم الدول . وللأسف اصطبغت تلك الثورات بصبغة الإسلاميين ، وأفتى البعض بغير علم ،فأضل الناس وغرر بهم وجعلهم كالجراد الذي تلتهمه النار بسهولة فأصبحوا حطبها ووقودها المستعر. والسؤال الأهم هنا هل يجيز الإسلام الخروج على الحاكم ورفع السيف بوجهه ؟
هذا هو السؤال الذي لا بد على من أفتى فيه أن يجيب الناس عليه . وأن يصدقهم القول ، وإلا فليتبوأ مقعده من الضلال و سيصبح حاله كما أخبر الصادق المصدوق (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا ، فسئلوا ، فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا )
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
وهذا هو الأمر الإلهي الصريح بوجوب طاعة أولي الأمر ، ولم يشر القرآن الكريم في أي موضع من مواضعه على وجوب أو جواز الخروج على الحاكم . بل بالعكس فإنه جعل أنبيائه يحكمون ويؤتمرون بأوامر حكام لم يعبدوا الله تعالى . كما هو حال سيدنا يوسف عليه السلام مع ملك مصر . وموسى مع فرعون . بل وحتى باقي الأنبياء ، فلم يقم نبي من الأنبياء برفع السيف على الحاكم او خلع بيعته ، بل ما كان همهم إلا الإصلاح فقط . وقال تعالى بلسان حال نبي من أنبيائه : {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }هود88
إن الله تعالى جعل الكون كله ينتظم بنظام أسماه في القران الكريم بسنة الله الجارية . جعلت الإنسان منقاداً إلى نظام كوني معقد ومحكم ،ولو انفرطت إحدى مقوماته لانفرط النظام الكوني ولعم الخراب في البر والبحر . وهي من سنن الله في كونه ، وهي أيضا من المقيدات التي تمس الإنسان وتقيد من حركته أحيانا ، وتقيد من خياراته ، فهل كان الله تعالى بنظرهم كاهناً يمارس سلطته الكهنوتية ضدنا ؟؟!! إن الإنسان يولد دون أن يختار أمه وأباه ، ودون أن يختار البيئة التي يعيش فيها ، ودون أن يختار رزقه وعمره ، فهو محكوم بقيود فرضها الله تعالى عليه ، فهل كان الله جل شأنه يمارس التعسف في استخدام سلطته الكهنوتية ؟؟
الإسلام بنفسه ومن قبله ضرورات المجتمع الإنساني ، حتمت على الفرد أن يعيش في دولة أو تنظيم سياسي بموجب عقد اجتماعي حسب ما أسماه روسو ، وهذا العقد الاجتماعي يتنازل فيه الأفراد عن جزء من حرياتهم الى سلطة الدولــة من أجل حمايتهم على الصعيد الشخصي وحماية مصالحهم وتأسيس الانتظام الاجتماعي الذي يحفظ ديمومة الحياة الإنسانية ويبعدها عن أخطار التقاتل والتناحر والصراعات التي تهدد استمرار الجنس البشري .ولولا وجود التنظيم السياسي المسمى بالدولة ما استمر الجنسس البشري ولم تعرف البشرية الاستقرار الذي يعتبر ركيزة التطور والرقي الذي تعيشه الإنسانية الآن ’ فيا دعاة الحرية المطلقة هل تستطيع الحرية المطلقة التي تدعون إليها أن تضمن لنا إنجازات التنظيم الكوني والسياسي والذي هو عبارة عن تقييد في الحريات بالاصل ؟؟؟
ان الإسلام دعانا في الكثير من آيات القران الحكيم الى التدبر في آيات الله تعالى الكونية والانتفاع بها فالنظام الشمسي مثلا محوره الشسمس والكواكب كلها تدور حول الشمس ولولا طاعة الكواكب للشمس لانفرط النظام الشمسي ولما وجدت هناك حياة أصلاً . وقد قال الفقهاء الأوائل ومرورا بالماوردي في مسألة طاعة أولي الأمر ما قالوا واثبتوا لهم الطاعة ورفضوا الخروج عليهم . لما تواتر عليهم الأنباء من فهم القران الكريم والحديث الشريف إلى ضرورة الطاعة والتحذير من الفوضى وقالوا بأن كل متغلب توجب له الطاعة وأن النظام بأسوأ أشكاله أفضل من الفوضى بأحسن أنواعها . ورأي الفقهاء الأوائل رحمهم الله تعالى كان مبنياً على سلسلة من الأحاديث التي حثت المؤمن على طاعة ولي الأمر في المنشط والمكره . وقد ورد عن النبي الكريم الحديث التالي: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"(رواه مسلم في صحيحه) والحديث هنا واضح وهو التحذير من خلع يد الطاعة وتعززه أحاديث كثيرة أ، يضا ومنها هذا الحديث الذي يعيبه بعض المتحررين ويقولون بأنه يدعو الى العبودية ، فقد روي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع" وقد رواه مسلم وصححه الحاكم و أثبته الإمام النووي ، وإن النبي الكريم في هذا الحديث حث على عدم جواز الخروج على الحاكم بأي حال من الأحوال حتى وإن تعرض الإنسان إلى الظلم لأن الأمر واضح وأوضحه الله تعالى في كتابه الكريم . لأن الله تعالى لا يغير ما بإنسان وبقوم بالهيجان وإنما هو بتغيير الأنفس . فقال الله تعالى : (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ) . (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) . وبذلك فإن التغيير بيد الله تعالى وله الأمر كله . والإسلام إنماهو التسليم لله والانصياع الى أوامره وأوامر رسوله فقال الله تعالى
{قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }آل عمران32
لذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام حث المسلمين دائماً على وجوب طاعة الإمام أيضا في الحديث الذي رواه عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أنه قال: " ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى ألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان )"، وفي رواية: " (وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم" ) وهو حديث متفق عليه .
وقد روي عن رسول الله تعالى أيضا قوله في الحديث الذي رواه البخاري " (اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله")
وفي الحديث المروي عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قال: قلنا يا رسول الله: أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة) رواه مسلم
وهذه الأحاديث الأخيرة التي اشترطت وجوب الطاعة بإقامة الدين لا تجيز الخروج على الحاكم ، إن لم يحكم بالدين او الشريعة بأي حال من الأحوال وإنما تعني هنا ان طاعتهم تكون في ما أمر الله تعالى فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولكن النصح يكون لهم فلولاه ما كان أعظم الجهاد عند الله تعالى كلمة الحق عند السلطان الجائر . وأنا أتعجب من أحد الإخوة الذي حاججته بهذا الحديث فقال بأن السلطان الجائر قد يكون جائراً إلا انه ليس بالضرورة أن يكون حاكماً غير شرعيا فربما يكون حاكما شرعيا ولكنه جائر ونسي صاحبي هذا قول الله تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90 .فهل معيار الشرعية عند هؤلاء هو إقامة مراسيم الصلاة ؟ وإن الظلم والسلب والقتل ، وإن غياب العدل كمعيار للشرعية لا يوجب الخروج على الحاكم ؟ أهذا هو دين القشور الذي تدعوننا اليه .
إن الإسلام رغم أنه أوجب طاعة الحاكم فإن الطاعة مشروطة كما أسلفنا بطاعة الله فإن أمر بغير طاعة الله فلا يطاع في هذا الأمر فقط ،ولا يجوز الخروج عليه ،ولكن هذا لا يمنع من عدم النصح لهم بل وقول الحق في مجالسهم فقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر )رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن
. إن النصح للحاكم وقول كلمة الحق وليس رفع الحسام ، هو أعظم الجهاد عند الله وهذا الحديث يقول بشكل قاطع أن قول الحق أمام السلطان هو أعظم الجهاد عند الله تعالى . فالحاكم هو إنسان مهما كان . قد يرعوي لنصح أو قد تقف بوجهه قولة حق ساطعة في مجلسه وهذا الامر فيه حث المسلمين على عدم جعل مجالس الحكام مجالس لمدحهم والإطراء عليهم بل بتذكيرهم بآلاء الله وبأحكامه وتذكيره بأيام الله وحسابه .
إشكالية ما يسمى بثورة الإمام الحسين عليه السلام ؟
يصر الشيعة على أن الخروج على الحاكم هو مباح ويستدلون بذلك على خروج الامام الحسين عليه السلام على يزيد بن أبي سفيان بل ويمجد الشيعة الحسين على أنه أول ثائر في الإسلام ولكن للأسف ما هكذا تورد الابل ، فالحسين عليه السلام ليس بأول ثائر في الإسلام فقد سبقه ثورة أهل مصر والعراق على الخليفة الراشدي عثمان بن عفان . ولو كان في الثورة خيراً لسبقه إليه والده رغم أنه كان يراجع عثمان بن عفان في الكثير من قراراته ويعترض عليه وكان يقول الحق في مجلس عثمان رضي الله تعالى عنه ولا يبالي ان زعل او رضي عثمان فقد كان يقول الحق فقط ويذكر عثمان بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد روى الشيعة أنفسهم اعتراضات الإمام علي على عثمان . وأكرر الاعتراضات فقط .فقد روي في نهج البلاغة خطبة للإمام علي ينصح فيها عثمان فيقول إِنَّ النَّاسَ وَرَائي، وَقَدِ اسْتَسْفَرُوني(1) بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، وَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ! مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ، وَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَمْر لاَ تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْء فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلاَ خَلَوْنَا بِشَيْء فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ الله(صلى الله عليه وآله) كَمَا صَحِبْنَا. وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلاَ ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) وَشِيجَةَ(2) رَحِم مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مَنْ صَهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالاَ.
فَاللهَ اللهَ فِي نَفْسِكَ! فَإِنَّكَ ـ وَاللهِ ـ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمىً، وَلاَ تُعَلّمُ مِنْ جَهْل، وَإِنَّ الْطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ، وَإِنَّ أَعْلاَمَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ.
فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِاللهِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وَهَدَي، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وَإِنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَاللهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً.
وَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله) يَقُولُ: «يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالاْمَامِ الْجَائِرِ وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ وَلاَ عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى، ثُمَّ يَرْتَبِطُ(3) فِي قَعْرِهَا».
وَإِني أَنْشُدُكَ اللهَ أنْ تَكُونَ إِمَامَ هذِهِ الاُْمَّةِ الْمَقْتُولَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ: يُقْتَلُ فِي هذِهِ الاُْمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ إِلى يَوْمِ الْقُيَامَةِ، وَيَلْبِسُ أُمُورَهَا عَلَيْهَا، وَيَبُثُّ الْفِتَنَ فِيهَا، فَلاَ يُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً، وَيَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً(1).
فَلاَ تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً(2) يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلاَلَ السِّنِّ وَتَقَضِّي الْعُمُرِ.
فَقَالَ لَهُ عُثْـمَانُ: كَلِّمِ النَّاسَ فِي أَنْ يُؤَجِّلُونِي، حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ مِن مَظَالِمِهِمْ، فَقال(عليه السلام):
مَاكَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلاَ أَجَلَ فِيهِ، وَمَا غَابَ فَأَجَلُهُ وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَيْهِ.
ولكن موقف علي من عثمان في الاعتراض لم يغير موقفه منه في الثورة ،فقد انتدب اولاده لحماية عثمان وجرح الحسن عليه السلام وهو يدافع عن بيت عثمان في هجمة الثوار عليه وعندما علم علي بمقتل عثمان عنف اولاده ولامهم كما يروي الشيعة أنفسهم ذلك فلو كان في الخروج على الحاكم خيراً لسبق علي ابنه الحسين إلى ذلك ، بل إن الأمر كله نستطيع الرد عليه بان الإمام الحسين لم يخرج على الحاكم البتة .
إن البعض من الكتاب المتأثرين بثورة الإمام الحسين عليه السلام عاب على الحسين فعله وقال بأنه ليس بمحترف في القتال بدليل أنه جلب نسائه وأطفاله في ثورته . ولكني أقول هل من المعقول أن يبلغ الامر بالحسين عليه السلام مبلغاً ألا يفهم الثورة وطبيعتها وأهدافها إلى الحد الذي جعله يجلب معه النساء والأطفال من أهل بيته ؟ هل هذا هو مبلغ ظنكم بابن الكرام ؟
بل إن الحسين عليه السلام لم يأت للحرب ، وإنما أتى ليكون خليفة فهو وغيره من الصحابة لم يبايعوا يزيداً البتة ، وإنه بويع للخلافة من قبل أهل الكوفة وإنه ذهب ليتسلم منصبه بالخلافة لا طمعاً في حكم ولا سلطة ، فقد روي عنه عليه السلام أنه عندما خرج شبر بطنه وقال ان بطني هذا شبر وما عسى ما يسع الشبر أني خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي . وللأسف أرى أن كلاً من الشيعة والسنة يتغافلون في شيء يروونه عن الإمام الحسين عليه السلام ولا يلتفتون إليه البتة وهو أن الحسين لم يكن ينوي قتال يزيد بعد أن رأى غدر أهل الكوفة . فقال لابن سعد عندما فاوضه في أمره ما رواه وابن كثير زاد على كلام الطبري ما نصه: (وقال بعضهم: بل سأل منه إما أن يذهبا إلى يزيد، أو يتركه يرجع إلى الحجاز أو يذهب إلى بعض الثغور فيقاتل الترك)5.
وروى ابن الأثير ما قاله الناس بشكل آخر بقوله: (وقيل بل قال له اختاروا مني واحدة من ثلاث إما أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيرى فيما بيني وبين رأيه وإما أن تسيروا بي إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعليّ ما عليهم)6.
أما البري فقد جزم بصدور هذه المطالب من الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، حيث انه لم يروها بصيغة قال الناس، أو تحدث الناس، أو غير ذلك كما فعل غيره، فروى القصة كالتالي: (فأتاه عمر بن سعد فقال: ما هذا المسير يا أبا عبد الله ؟ قال: سرت إلى قوم غروني بكتبهم، ولا مرد للقضاء. وإني أسأل منكم إحدى ثلاث خلال: إما أن تتركوني أرجع من حيث جئت. وإما أن تخلوا بيني وبين الطريق إلى الأعاجم، أقاتل فيهم حتى أموت، وإما أن أسير إلى يزيد فأضع يدي في يده
ومع ان بعض الشيعة يشعر بالحرج من تلك الرواية ويحاول أن يفندها إلا أن معظم ما يرووه في ذكرى هذا الإمام عليه السلام تشير إلى تلك الرواية والتي تبين بوضوح وحتى لو اعترض الشيعة على الأمر الثالث وهو مبايعة الحسين عليه السلام ليزيد ،فإن الخيارات الأولى تدل على أن الحسين عليه السلام بعد ان رأى غدر أهل الكوفة وأن الأمر لم يكن حسبما ورد برسائلهم علم أن الأمر لم يعد له ، وأن الأمر يجب أن يسوى مع يزيد وجها لوجه ويقف امام يزيد ليكلمه وينصحه عله يرعوي لهدي الله ونصح نبيه وليس لمبايعته.
إن ما أدخله الناس على الإسلام من أفكار ظلامية لم ترجع على المسلمين إلا بالويل والثبور .فها هم الشيعة القائلين بالثورة نالوا من ظلم الحكام وقتلهم وتهجيرهم ما نالوا فأي فكر هذا لم يستطع ان ينتصر طوال (14) قرنا وجر على انصاره شتى انواع العذاب ؟
إخوتي الكرام عليكم بطاعة أئمتكم واسألوا الله تعالى الهداية لهم ، وأصلحوا مابينكم وما بين الله يصلح ما بينكم وبين الحكام وكفوا حسامكم وشمروا عن لسانكم في تعاملكم مع الحكام واحفظوا للناس دمائهم واموالهم
والله من وراء القصد



#خلدون_طارق_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخروج على الحاكم بين السلفية والشيعة ومنطق الجرف الهار
- أزمة الإلحاد
- التحفة الأشهر في رد إلتفاتة الأسمر
- عنوان المقال في اسفله بناء على نصيحة هشام آدم
- الرد على مقالة هشام آدم المعنونة قراءة في سفر الوثنية
- زواج المتعة المزعوم ما بين القران الكريم والسنة النبوية
- بيان المغالطات في فهم حديث الفرقة الناجية عند المسلمين والمع ...
- تعقيب على التعقيب الثاني للاخ طلعت في مسالة قصة العبد الصالح
- تعقيب على ما ورد بمقال الاخ طلعت (إيضاحات حول مقالة خلدون طا ...
- قصة موسى والعبد الصالح والاشكالات الواردة فيها
- رسالة من بريطاني مسلم احمدي الى الدكتور الذيب
- الجماعة الاحمدية وافتراءات الكاذبين
- رسالة الى الاستاذ خيرت طلعت المحترم
- فجاجة منتقدي القران الكريم اليوم وعبقرية المستشرقين بالأمس
- رسالة الى الدكتور الذيب
- الشهاب الثاقب 2
- الرد على مقال الكاتب لعماري الموسومة ديانة ماني وأثرها على ا ...
- الشهاب الثاقب في الرد على من ادعى بان القرآن كاذب
- إنطلت اللعبة على الجميع واعلنت الديكتاتورية رسميا في العراق ...
- فلسفة العذاب ما بين المسيحية والاسلام ادلة انجيلية وقرانية


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خلدون طارق ياسين - الموقف من الحاكم في الاسلام