|
عايش (مسرحية) 5
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 4684 - 2015 / 1 / 7 - 00:00
المحور:
الادب والفن
جندي1: آه لو كان لدينا الآن شاي ساخن. النقيب: لا تذكرني بالشاي. جندي2: كوب شاي يساوي الحكومة في هذه اللحظة. النقيب: حقاً سأبيع رتبتي الآن بكوب شاي معمول على الحطب. جندي1: لنخرج من هنا،فيما بعد سنحتسي الشاي على روح الحكومة. النقيب: منذ شهر لم أتذوق الشاي. جندي2: حقاً الشاي يعطي المرء صفاء الذهن ويجعله يفكر بطريقة سليمة. جندي1: أنا تركت الشاي لمدة عشر سنوات. جندي2: لهذا غدوت غبياً. النقيب: أكاد أن أفر إلى أي مكان فيه شاي. جندي1: وحين عدت لشربه بدأت أحتسي من غير هوادة. النقيب: (ينتهي من تناول المعلبات)الآن يحلو شرب الشاي. جندي1: في الغد أشرب برميلاً سيدي. النقيب: لو وصلنا إلى أي مكان،سأدفع ما في جيبي مقابل ـ قوري ـ شاي. جندي1: ومن قال في المنازل يوجد شاي. جندي2: حقاً..نسيت هذا،الحصار سرق كل أشياءنا الجميلة. النقيب: نعم..كما تقول،كل الأشياء الجميلة التي كانت جزء من حياتنا سرقت منا. جندي1: لو حصل التغيير المزعوم ستعود كما كانت أيامنا. النقيب: هيهات. جندي2: ألم تقرأ تاريخ البلدان التي سقطت تحت ظل الغرب. جندي1: لكنهم يزمجرون ويعلنون أنهم سيجلبون السعادة لنا. النقيب: (بسخرية)..سعادة! جندي1: هم يصرحون بهذا،فلقوا رؤوسنا بالحرية والديمقراطية. جندي2: أمثالك يتخدرون سريعاً بكلامهم المعسول. النقيب: كلنا نتخدر،طالما الضعف أكلنا. جندي1: (بحيرة)من نصدق؟هم أم نحن؟ النقيب: إذا حصل التغيير،سنتفكك،في قلوبنا ضغائن نائمة. جندي2: أنا معك سيدي،سيأكل واحدنا الآخر. جندي1: ألسنا شعباً واحداً. النقيب: في الهيئة فقط،في هوية الأحوال المدنية فقط. جندي2: نحن شعوب مسيرة من قبل أمزجة فاسدة. النقيب: سترون الجار كيف يفتك بجاره. جندي1: ليبق في كرسيه مادات الأمور ليس لصالحنا. النقيب: الغرب يتحكم بمقدرات الشعوب،الأرض كرة بين أقدامه. جندي2: نعم..أنهم يبدلون الوجوه وفق مقتضيات مصالحهم. جندي1: يعني صاحبنا من صنعهم. النقيب: هل نسيت؟ جندي1: ومن بوسعه أن يحافظ على عقله في بلادنا. النقيب: ألم يعطوا الضوء الأخضر لغزو ـ الكويت؟ جندي1: أنا رأيت المقابلة التلفازية بين السفيرة الأميركية وصاحبنا. جندي2: سياسة توريط كي يوفروا أدلة إدانة ومبررات قانونية دولية للتجريم. جندي1: من كلامكما يعني صاحبنا كان ـ طلياً ـ بأيديهم. النقيب: مرة أخرى سيأخذنا الكلام خارج هدفنا. جندي2: دع هذا الأمر لوقته،لنفكر بطريقة نجاتنا. النقيب: هذا رأيي أيضاً،علينا أن نراجع ذاكراتنا قبل أن نخطو خطوة الفرار. جندي2: ومن قال بقت لنا ذاكرة؟ جندي1: سيدي..ما معنى ذاكرة؟ النقيب: يعني المخ! جندي2: (بتعجب)مخ! جندي1: آه..ذكرتماني بالمخ. النقيب: المخ خلايا عجيبة تخزن كل ما نسمع ونقرأ ونرى. جندي1: كنت ألتهم كامل المخ عندما نطبخ ـ الباجا ـ . جندي2: يبدو أن بلادتك من كثرة أكلك أمخاخ ـ النعاج. النقيب: بالله عليكما لا توقظا عصافير بطني ثانية. جندي1: آه لو نجوت من هذه الحرب. جندي2: أطمأن أنك هالك. النقيب: (موبخاً)..كفاكما هذراً. جندي2: لا نملك وسيلة تنقذنا من هذا الفراغ. النقيب: لنفكر بالفرار. جندي1: جد لنا حلاً! النقيب: ذاكرتي مرهقة،أحتاج إلى عونكم. جندي2: فكرنا ولم نخرج من دائرة الحيرة. جندي1: ألم نقرر الفرار. النقيب: القرار انتهى. جندي1: حسناً..وما المشكل؟ النقيب: القرار اتخذناه،لكن كيفية تنفيذه ما زالت مجهولة. جندي2: مع الفجر ننطلق كما فعلت أنت. جندي1: لا أملك غيره حلاً. النقيب: دعوني أفكر. جندي2: سأنام ربما في الحلم أجد الحل المناسب. جندي1: ربما ستتزوج سيدي النقيب هذه الليلة(يطلق ضحكة). النقيب: ماذا؟ جندي1: ليلة أمس حلم أنه تزوجني. النقيب: فأل سيء. جندي1: لم يصدق تأويلي. جندي2: ألم يحلم ـ هتلر ـ ذات ليلة وتحقق حلمه. جندي1: (متعجباً)هتلر..من هو..هل هو من يحاربنا. جندي2: (يطلق ضحكة)يا لك من غبي. النقيب: ما بين صاحبنا و ـ هتلر ـ شبه كبير. جندي1: لا تمزقا أعصابي،من هو هذا الـ ـ هتلر ـ . النقيب: مجرم ألماني دمر أوربا وشعبه. جندي1: وما علاقته بنا. جندي2: أنه حلم وتحقق حلمه. جندي1: وهل حلم أنه تزوج صاحبه وتحقق الزواج؟ جندي2: (يضحك)..زواج..هل الرؤساء مثليين؟ جندي1: حيرتني..ما هو حلمه. النقيب: لو كنت تقرأ لكنت تعرف الكثير من أسرار الحياة ومفاجآتها. جندي1: أقرأ..وهل بقت لنا أوقات كي نقرأ. النقيب: حقاً..الحصار مزق أعصابنا. جندي2: ذات ليلة حلم ـ هتلر ـ أن قذيفة سقطت على ملجأه،قام من نومه وهرب إلى البرية وبعد دقائق سقطت قذيفة على الملجأ. جندي1: أرجو أن حلمي أضغاث أحلام. النقيب: كثيرة هي الأحلام التي تتحقق. جندي2: أنها جزء من النبوءة كما سمعت. النقيب: نعم عندما ينام المرء،روحه تغادر بدنه وتستشرف حياته القادمة. جندي1: كل يوم أحلم ولم يتحقق حلماً واحداً. جندي2: الشيطان يضاجعك ويلبس عليك الأمور. النقيب: قرأت أن صانع ماكنة الخياطة عجز عن تحقيق النجاح قبل أن يحققه في الحلم. جندي1: وما حلم؟ النقيب: بعدما عجز من تشغيل الماكنة،حلم في منامه أن ثقب الإبرة في الأمام وليس في الخلف،هرع من نومه وثقب الإبرة من الأمام ونجحت عملية الخياطة. جندي1: (حائراً)أليس في هذه البلاد حلماً واحداً يعلمنا بما سيجري لنا؟ النقيب: ما يجري لنا معروف وموضوع على الورق،أننا سنغدو شذر مذر. جندي1: لا أفهم في هذه الأمور،علينا أن ننجو مهما كان الثمن. جندي2: علينا أن ننام أولاً،وغداً سنعرف من منّا سينجو. جندي1: نم..سترى طريقة موتك في الحلم. النقيب: تعوذ وأقرأ آيات من الذكر الحكيم،كي تنجو من الكوابيس. جندي2: (متعجباً)آيات من الذكر الحكيم،أنه لا يحفظ الفاتحة سيدي. النقيب: وكيف يحفظها وهو ليل نهار يتلصص على الناس. جندي1: لو نجوت سأتخذ قراري النهائي أن أعبد الله. جندي2: (يتمدد وهو يضحك)تصبحون على كوابيس. جندي1: (يتمدد)وأنت تصبح على قذيفة عبر القارات. النقيب: (يهز رأسه،يردد مع نفسه)لم يعد الواحد منّا يمتلك شعوراً في ظل الحرب. جندي1: (يضحك)شعور!،غريبة أوّل مرة أسمع هذه الكلمة. جندي2: أنا كنت أمتلك بعض الشعور لكني فقدتها في المعركة السابقة. جندي1: فقدتها لأنك توحشت على الناس. جندي2: وأنت صاحب الشعور الحماري،كنت ذئباً تفترس البسطاء. النقيب: (ينهرهما)..كفاكما جدالاً،هذا ليس وقت نكأ جروحنا القديمة. جندي2: سيدي كلما أتكلم بشيء يفسره وفق مزاجه. جندي1: سيدي نحن في محنة،ما لم نسلِ أنفسنا قد نصاب بسكتة. النقيب: كلنا شاركنا في قتل الناس من أجل الحفاظ على أنفسنا. جندي1: سيدي..لو حصل التغيير الفعلي،هل نسلم منهم؟ النقيب: قبل هذا السؤال يجب أن نجد طريقاً للخلاص،فيما بعد نفكر بعواقب الأمور. جندي2: سيدي..علينا أن نضع الحل قبل أن ننطلق،علينا أن نخرج من البلاد. النقيب: هذا من أولويات حلمي،حتماً بقاءنا يعني شنقنا أو سحلنا أحياء. جندي1: لا..لا..لا..لا أعتقد صاحبنا يسلم البلاد بسهولة،سيعطي كل شيء مقابل الكرسي. جندي2: هذا أمر مفروغ منه،لكن على المرء أن يحتاط،الغرب بلاد غير مأمونة. النقيب: لنتخذ الجانب الأسوأ،تلك هي حكمة الحروب والثورات عبر التاريخ،علينا أن نضع أمامنا النهاية الحتمية للحكومة،ما الذي يتوجب علينا أن نفعله،هذا هو السؤال؟ جندي1: لا حل غير ترك البلاد،سننتظر ما الذي يجري فيما بعد يمكننا أن نعود لبيوتنا. جندي2: ومن يقبلنا،صعاليك هاربة من بلادها. النقيب: لا تيأسوا رفاقي،دول الجوار بلاد مفتوحة لنا،لنا معهم علاقات وديّة. جندي2: أقترح ـ الأردن ـ بلاد تحبنا وكان هو يمدهم بالنفط مجاناً. جندي1: أنا أقترح ـ السعودية ـ أنها تكره الموجة الجديدة القادمة لتغيير الحكومة. النقيب: (يتأفف)ستحرموننا من النوم،لننم ربما نهتدي لحلٍ في المنام. جندي1: في النوم لا أجد غير الكوابيس. جندي2: (للجندي1)أخشى أن أتزوجك مرة أخرى. جندي1: (يضحك)كلا يا رفيقي،الليلة نوبتي هيأ نفسك أنت عروسي هذه الليلة. النقيب: (ينهرهما)حقاً لا تستحيان،ناما؟ جندي2: صدقني سيدي لم أذق طعم النوم إلاّ البارحة. النقيب: (أحمد ربك)أنا محروم منذ أسابيع من النوم. جندي2: لو فقط فكرت به لربما نلت نصيبك الليلة. جندي1: حسناً الليلة سيركبك وينال نومته الخالدة. النقيب: أما تستحيان؟ جندي1: عندما يستحي أنا أيضاً سأجبر نفسي على الاستحياء. جندي2: حسناً من أجلك سيدي سأستحي هذه الليلة،أكرر هذه الليلة فقط. جندي1: وأنا أيضاً سأفعل هذا. النقيب: حقاً الحرب لوّث أخلاكما(يغط في النوم). جندي1: دعنِ..لا تفسد عليّ ليلتي(يغط في النوم) (جندي2 يحدق فيهما قبل أن يغمض عينيه) (إظلام تدريجي..مع تصاعد الشخير من الأنوف)
(ستارة)
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عايش (مسرحية) 4
-
عايش (مسرحية) 3
-
عايش (مسرحية) 2
-
عايش (مسرحية) 1
-
زقنموت (رواية) 32 القسم الأخير
-
زقنموت( رواية) 31
-
زقنموت (رواية) 30
-
زقنموت (رواية) 29
-
زقنموت (رواية) 28
-
زقنموت (رواية) 27
-
زقنموت (رواية) 26
-
زقنموت (رواية) 25
-
زقنموت (رواية) 24
-
زقنموت (رواية) 23
-
زقنموت (رواية) 22
-
زقنموت (رواية) 21
-
زقنموت (رواية) 20
-
زقنموت ( رواية) 19
-
زقنموت (رواية) 18
-
زقنموت (رواية) 17
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|