أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال بالمقدم - من يوقف التقدم الطبيعي للشأن الاخلاقي















المزيد.....

من يوقف التقدم الطبيعي للشأن الاخلاقي


كمال بالمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 00:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



فــــي أي زمان و في أي مكان تقريبا لم تغب [ مثل عليا ] معينة يتطلع إليها جماعة من الناس صغرت تلك الجماعة أم كبرت ... و المثل العليا تلعب دورا مهما كونها تمثل المباديء للناس و بالتالي تلعب دورا مهما في كيفية عيش أولئك الناس لحياتهم ...و سواء كانت تلكـ المثل عبارة عن أخلاقيات تمثل المعايير التي يجب العيش وفقها أو كانت تتجسد في أشخاص بحد ذاتهم و ما يتبع ذلك من تصرفاتهم فإنني لن أتطرق هنا لـ [ منشأ ] تلك المثل العليا لا من منظور فلسفي ولا من منظور علم الاجتماع فالكلام سيطول لو أردت ذلكـ ...

لكن سأناقش مــــسألة المثل العليا و بعض ما يتعلق بــها ... سأطرح بعض الأسئلة في البداية و سأحاول أن أجيب عليها :

هل القيم و المثل العليا لا تتغير و لا يمكن أن يكون هناك ما هو [ أعلى ] منها ؟
هل إرتباط المثل و القيم العليا بـ [ المقدس ] يجعلها في حالة جمود و سكون ؟
هل المتدين بشكل خاص لديه القدرة ليأخذ خطوة للأمام في حال اكتشف أن هناك [ مثل عليا ] أعلى من تلكـ التي يؤمن بها ؟

بالنسبة للسؤال الأول و قابلية المثل العليا للتـــغير :

النظرة للمثل العليا من منظور علم اجتماعي يؤكد لنا أن المثل العليا تختلف و تتطور .. ليس هذا فحسب بل أن بعض المثل العليا لا تكون قيما نبيلة اصلا في زمان و مكان آخرين .. بل أنها قد تعتبر شرا ... و كذلك فإن بعض ما يعتبر سيء أو شرير أخلاقيا قد يعتبر في أمكنة و أزمنة مختلفة " قيمة أخلاقية " ليس عليها غــــبار ... كذلك لو تطرقنا للأشخاص الذين يمثلون " مثلاً أعلى " للعديد من الناس فإننا نجد أن تلك المثل العليا تابعة أيضا للسائد في زمانها و مكانها و بالتالي فإن اختلاف الزمان و المكان يجعل تلك الشخصيات خاضعة لنفس ما تخضع له القيم الأخلاقية من قابلية للتبدل و التغيير ... فمن كان شخصا عظيما في السابق و [ مثلاً أعلى ] قد يصبح شخصا آخر بمقاييس أخلاقية تتبع لزمان و مكان مختلفين ... و من هنا يتضح أن نظرة الانسان و مفهومه للمثل العليا تتأثر بمحيطه ( مكانه و زمانه ) الذي يعيش فيه و لا يعود اختيار تلك المثل و إعتناقها
للشخص نفسه فحسب و لو أعتقد أنه حر بإختياره فتلك المثل التي يضعها كمعايير أخلاقية له ساهم المجتمع في صنعها اصلا .. و ساهم الزمان و المكان في صقل و [ رفع ] تلك المثل التي يعتقد أنها معاييره الأخلاقية الخاصة .. و طبعا عقائد الناس و عاداتهم و ظروفهم المعيشية كلها أمور تساهم في وضع المثل العليا للفرد فيها و تدخل تحت إطار الزمان و المكان ...

فمثلا [ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ] من المثل العليا التي يقدسها الإنسان في السعودية لكن هذا المفهوم و هذه القيمة الأخلاقية العليا و التي تعتبر غاية في الأهمية بالنسبة للانسان السعودي هي قيمة غير موجودة و غير مفهومة اصلا في مكان مثل الولايات المتحدة ...
مثال آخر .. شخص مثل أبو بكر البغدادي هو [ مثال أعلى ] للكثير من الأشخاص في أماكن معينة من العالم ... لكنه يعتبر ارهابي و مجرم في أماكن أخرى ..

حسنا هل يعني هذا أن المثل و القيم تخضع للمزاجية أو تخضع للقناعات ؟ ما هي المعايير ؟ عند الاختلاف حول [ مثل و قيم ] من قبل أطــــراف متعارضة ... ما هو المرجع ؟ كيف نحكم من هو المصيب و من هو المخطيء ؟ كيف نقرر هل هذه قيمة أخلاقية عليا حقا أم أنها ليست كذلك ؟

هذه أسئلة كبيرة جدا إن كنتم لا تخالفوني الرأي و أعتقد أنه ليس من السهل الإجابة عليها ... لكن أعتقد أنه من أول البديهيات أن نبحث عن جذور تلك المثل العليا و نضعها في إطارها الزماني و المكاني الصحيح إن كنا نعرف متى نشأت ؟ و نرى مدى قابليتها للتوافق و التلائم مع الزمان و المكان الحالي ... فإذا كانت العيش في زمان و مكان معين تساهم في صنع المثل العليا كما عرفنا فهذا يعني أن الظروف الزمانية و المكانية عامل مهم يجب أن نضعه في الحسبان ... و بما أن القيم الأخلاق تتطور فنسخضع تلك القيمة لمعايير و أسس المرحلة الأخلاقية التي نعيشها و نرى هل تعتبر قيمة أخلاقية عليا حقا و ذلك من ناحية مقارنة إيجابياتها و سلبياتها ... و هل تتعارض تلك [ القيمة الأخلاقية العليا ] المزعومة مع قيم أخرى و حقوق أخرى و مصالح أخرى ...

يجعلني هذا أتطرق سريعا لفكرة [ الأخلاق المغلقة ] و [ الأخلاق المفتوحة ] التي قدمها الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون : و هي أن القيم الاخلاقية [ المغلقة ] هي قيم لمجتمع معين و تتأثر هذه القيم تأثرا واضحا بدين و عادات ذلك المجتمع و يكون هدف هذه الأخلاق و المثل
هو تسيير أمور ذلك المجتمع بعينه ... و بما أن ذلكـ المجتمع بالضرورة [ مجتمع محدد ] و يعيش في زمان و مكان محدديـــن فهذا يعني أن تلك المثل و الأخلاق " محدودة " و ليست مرتبطة بكل انسان ... بينما الأخلاق [ المفتوحة ] هي أخلاق تتعلق بالبشرية جمعاء و لا تخضع لحدود الزمان و المكان ... و هذه الأخلاق تتعلق بكل شخص و تهدف للأفضل للجميع على مستوى [ عالمي ] و ليست محدودة بمجتمع معين ... تقسيم برجسون هذا للأخلاق هدفه تحديد طبيعة الأخلاق هل هي أخلاق اجتماعية ( تتعلق بمجتمع ) أو أخلاق إنسانية ( تتعلق بالعالم ) ... يتضح حسب تصنيف برجسون : أن ليست كل القيم و المثل العليا لمجتمع معين صالحة لكل المجتمعات و بالتالي فالقيم و المثل النابعة من مجتمع مغلق فستكون في الغالب قيم " مغلقة " .. لا نقول أنها ليست نافعة بالمطلق لكن لو كانت نافعة فإن نفعها قد يكون مشروط بذلك المجتمع بعينه ...و لا يشترط لتلك القيم و المثل " المغلقة " أن تلائم أو تناسب كل مجتمع آخر في كل زمان و مكان ...

سؤال جانبي : هل الكثير من قيمنا و مثلنا العليا كمجتمع تعتبر " مغلقة " أم " مفتوحة " حسب تصنيف برجسون ؟

و بالعودة للسؤال الأول نقول أن القيم و المثل العليا ليست جامدة و ليس هناك معتقد أو شخص يمثل ذروة المثل و القيم بحيث أنها لا يمكن أن تتطور بعده ... و بالتالي فإن شخص واحد أو كتاب واحد لا يمكن أن يحوي كل المثل العليا بدون الحاجة لغيره ... من يقول بهذا القول عليه أن يقدم تبرير مقنع على مسألة تطور القيم و المثل على مدار التاريخ .. و كيف أن بعض القيم سقطت و بعض القيم ارتفعت ... إلخ .! من يجمد القيم و المثل و يحتكرها في رجل أو معتقد أو كتاب فهذا يعني أنه يعيش في زمان و مكان ذلك الرجل و ذلك المعتقد و ذلك الكتاب ... من يجمد القيم و المثل عند وقت معين من التاريخ يعني أنه يعيش حسب حاجات و ظروف أقوام خلت من قبله و ليس حسب ظروفه هو و واقعه ... من يجمد القيم و المثل يعني أنه قد ركن العقل الذي يمكن له أن يسهل و ييسر حياته ليسلم زمام أمره لمن يفكر و يقرر عنه ...

من يوقف التقدم الطبيعي للشأن الأخلاقي على إعتبار أنه وصل للكمال لن يستفيد من تجارب غيره مهما بدت ثمارها إيجابية لأنه لا يعتقد اصلا بأنه محتاج لأي شيء آخر ... و من هنا يكون التمسك بالسيء رغم توفر الأفضل .. التمسك بالسلبي رغم سهولة الإيجابي .. التمسك بالماضي رغم تقدم الحاضر ... المريض لا يمكن أن يتناول الترياق إن لم يقتنع أنه مريض .. و كذلكـ المتوقف عند مثل و قيم نقطة معينة لا يمكن أن يعتنق غيرها إذا لم يؤمن بالحاجة لها ...



#كمال_بالمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليست هناك مرحلة من حياتك قررت فيها أن تكون مسلم ..
- الرّق الثالث : في ثقافة الموت
- التعصب الديني لا ينشأ اصلا إلا في غياب العقل و المنطق
- أخلاقياتنا المغلقة و مقاييسها التي لا قيمة لها في مجتمع آخر ...
- الرّق الثاني : التنوير هو الحل
- الرَّق الاول : رسالة من كافر
- بين النقد المنطقي و بين الإبتذال و الإسفاف
- نحن أقدم و أعرق من الاسلام
- حياة الملحد هي حياة حيوانية !!!!
- البحث عن الحقيقة
- عدالة ربانية
- قميص عثمان
- تصرف بدائي قديم تجاوزته المجتمعات المتحضرة
- العلمانية هي الحل
- خرافة مطمئنة
- ازمة هوية
- السلفية والأصولية
- حسن الخاتمة وأثرها السيئ على الاخلاق
- قريش بين شرعية النبوة ومشروعية السؤال
- منطق حول قصة الخلق


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال بالمقدم - من يوقف التقدم الطبيعي للشأن الاخلاقي