|
هادي صالح
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 12:24
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
عشر سنوات مرت ، ومثل باقي الجرائم الأخرى ، سجلت التهمة ضد مجهول ، وهو معلوم ، كنت ورفاقك تتحدثون حولهم ، ولكنكم وللأسف لم تحتاطوا لتلك الليلة السوداء ، هل كان عليك البقاء هناك وحيداً ، لتسهل عليهم تنفيذ جريمتهم ؟
أتذكر جيداً ، ولن أنسى أبداً حديثنا التلفوني حول رغبتك بالعودة للوطن بعد اسقاط الدكتاتورية ، وكنتَ في حينها تُدير عمل منظمة الحزب في منطقتك . وفي ذكرى استشهادك كل عام ، استعيد ذكريات جميلة معك ، وهي كثيرة منذ لقاءنا الأول في تلك المختصة الحزبية الصغيرة ، والفاعلة حسب قول قادتنا حينذاك ، كان ذلك أواخر 1988 ، أيام الشباب والنشاط ، وسريعاً أضفتني صديقاً للعائلة .
ضحكتك العالية تعلن عن وصولك مكتب الحزب أو مكتب الاعلام وحتى المطبعة التي تطبع منشورات الحزب وملحقاته ، كانوا ينتظرون وصولك ، لأنك تحمل معك إجابات على المهمات المكلف بها ، تلك العلنية المعروفة ، وتلك السرية غير المعروفة . كنت تنجز مهماتك بشطارة عالية ، مستفيداً من تلك الضحكة ، وخبرتك الحياتية الثرية ، التي تفتح لك الأبواب عتد الآخرين ، كبيرهم وصغيرهم .
لا أتذكر شيئاً من اجتماعاتنا الحزبية في بيتك في المخيم ، ولكني أتذكر جيداً ، سباق السيارات مع العزيز رافد في لعبة الأتاري ، والذي يفوز فيه دائماً ، وكنت تضحك كثيراً لأني اتمايل بجسدي مع حركة السيارات في شاشة التلفزيون الصغير . أتذكر أيضا الفترة القصيرة التي تشاركنا فيها السكن ، مع أبو عهد ، سوياً بعد سفر العزيزة ام فرات ، وأتذكر تجوالنا المسائي في شارع المساكن مع أبو حذام وأبو نادية الذي يحاول ان يدفع لزيارة محل أبو سليم ، وبنفس الضحكة كنتَ تقول لا ، وبنفس الضحكة تخضع للطلب أخيرا .
في المنفى الأوربي ، كنت كما كنت دائماً ، وهل هي مصادفة " أم توصية حزبية " لتجد عملاً ، وبشكل سريع ، على ماكنة طباعة قديمة ، نفسها التي كنت تعمل عليها سابقاً ، في تلك الجزيرة التي تقع في الشمال الأوربي البارد . ومع اختلاف ساحة النضال واصلت عملك الحزبي ، على عكس الكثيرين . أتذكر جيدا زيارتي مع والدتي لكم ، وكانت فرحةً بالتعرف عليكم ، وأتذكر زيارتكم لنا ، وطول الوقت في المنفى كانت عيونك مشدودة للوطن ، الذي احتضن رفاتك منذ عشر سنوات خلت .
سريعا عُدت للوطن ، تاركا كل الرفاهية المتوفرة لك ، ووجدت نفسك في غمار العمل الحزبي والنقابي في بغداد ، وحققت نجاحات ملموسة ، رغم ظروف معيشتك البسيطة في ذلك البيت الصغير في البتاوين ، فراش على الأرض وجهاز الكومبيوتر المحمول ومستلزمات منزلية بسيطة فقط ، واخبرتني حينها توجسك ممن يسكنون في الطابق الأعلى . حينها كان بقايا النظام السابق متحفزين للنيل منك ، ونجحوا في ذلك ، وأية خسارة كبيرة كان فقدانك ، بذاك الشكل الاجرامي البشع .
غيابك قبل عشر سنوات لم ينسينا وجودك بيننا ، فها هي رفيقة دربك ، العزيزة ام فرات ، تواصل مسيرتك النضالية ، تنظّم وتجتمع مع نساء المناطق الفقيرة في مدينة الثورة وحواليها ، تشترك في التظاهرات المطالبة بالحقوق ، تساهم في العمل النقابي ، وها هي تجمع التبرعات وتوزعها على النازحين من مناطق احتلتها داعش ، وانت لا تعرف من هي داعش ، انها أسوأ من الديكتاتورية السابقة ، وما كان للعزيزة ام فرات هذا القدر من القوة ، لو لا انها اكتسبتها من حياتكما المشتركة .
من بعدك ، كان آلاف الشهداء والضحايا ، وللأسف لم ينجح القادة الجدد في بناء عراق جديد حقاً ، وستمر سنين طويلة ليستعيد العراق عافيته ، وتتحقق امنياتك ، وستظل صورتك لامعة في سجل شهداء الحزب والشعب .
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات دنماركية 64
-
تجربته
-
بنغلوريات
-
يوميات دنماركية 63
-
يوميات دنماركية 62
-
يوميات دنماركية 61
-
يوميات دنماركية 60
-
يوميات دنماركية 59
-
يوميات دنماركية 58
-
يوميات دنماركية 57
-
يوميات دنماركية 56
-
يوميات دنماركية 55
-
يوميات دنماركية 54
-
يوميات دنماركية 53
-
يوميات دنماركية 52
-
ثقافة التظاهر
-
يوميات دنماركية 51
-
يوميات دنماركية 50
-
معصوم وبرهوم
-
يوميات دنماركية 49
المزيد.....
-
العدد الأسبوعي (554 من 2 إلى 8 ماي 2024) من جريدة النهج الدي
...
-
الاستشراق والإمبريالية والتغطية الإعلامية السائدة لفلسطين
-
نتائج المؤثمر الجهوي الثاني لحزب النهج الديمقراطي العمالي بج
...
-
ب?ياننام?ي ??کخراوي ب?ديلي ک?م?نيستي ل? عيراق ب? ب?ن?ي م?رگي
...
-
حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا
...
-
قادة جامعات أميركية يواجهون -دعوات للمحاسبة- بعد اعتقال متظا
...
-
دعوات لسحب تأشيرات الطلاب الأجانب المتظاهرين في امريكا ضد عد
...
-
“بأي حالٍ عُدت يا عيد”!.. العمال وأرشيف القهر
-
إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان
...
-
لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|