في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(21)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 17:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يقول السيد النمري في مقطع من مقاله الانفعالي!:"كان لا بد من إبعاد تروتسكي إلى كازاخستان في أواسط آسيا في وظيفة إدارية .
إبعاد تروتسكي إلى كازاخستان لم يحل دون مواصلته العمل ضد الحزب ونهجه الاشتراكي اللينيني فكان يكلف عصابات من كتلته اليسارية بالعمل على تخريب برامج الحزب وحتى مشاريعة الاقتصادية وهو ما استوجب نفيه إلى خارج البلاد . استمر تروتسكي خارج البلاد يقوم بأعمال إجرامية داخل الاتحاد السوفياتي وقيام عصاباته بتخريب المصانع ومؤسسات الإنتاج المختلفة . عشرات الجرائم التخريبية اقترفها التروتسكيون خلال تنفيذ الخطتين الاقتصاديتين الخماسيتين الاولى والثانية 1928 ـ 37"..
احقا ابعد تروتسكي الى كازاخستان بوظيفة ادارية؟!.ان النمري يحاول ان يلطف المسميات والوقائع!فالابعاد القسري من موسكو،يصبح تكليفا اداريا لاغبار عليه!!.لنرى اولا الاسلوب الانساني المتحضر لترحيل تروتسكي على يد شرطة ستالين"ملائكة الغيبيو"!!الجهاز الذي تأسس لقمع اعداء الثورة،فأمسى جهلزا قمعيا للبلاشفة واعضاء الحزب الشيوعي،وتصفية المعارضين سياسيا وجسديا فيمابعد!.تقرر ابعاد تروتسكي بعد فصله اللاشرعي من الحزب الشيوعي الى آلماآتا،وهي مدينة قرغيزية لم تصبح بعد عاصمة كازاخستان حين وصل اليها تروتسكي.
حاول مؤيدو القائد المهزوم التعبير عن احتجاجهم ورفضهم لهذا الابعاد الظالم،ففي يوم26كانون الثاني1928كان تروتسكي يستعد للسفر دون ان يعلم الى اين!وكان اصدقائه وعائلته يجلسون معه وهم في حالة وجوم وكآبة،وكان الموعد المحدد للمغادرة هو الساعة العاشرة ليلا من ذلك اليوم،مضى الوقت وهم بانتظار الغيبيو،ولم يحضر احد!.اخبروه بعد ذلك ان السفر تأجل ليومين،كانت مناورة ذكية من الغيبيو لصرف الانظار عن الترحيل الاجباري،والمخطط له!فقد كانت محطة قطار موسكو في تلك الليلة تعج بالمئات من البلاشفة لتحي وتتضامن مع تروتسكي.
جرت مظاهرة كبيرة حول القطار الذي كان سيركبه تروتسكي،وكان المتظاهرون قد صمموا على منع القطار من التحرك،ولهذا السبب اجلت الغيبيو موعد السفر،لتجنب الاصطدام مع المتظاهرين،وعدم اثارة ضجة اعلامية،وحتى تتمكن من ترحيله بشكل خاطف وسري،لذا قرروا تسفيره من محطة فرعية في ضواحي موسكو،وطلبوا منه ان يتهيأ يوم28كانون الثاني،ولكنهم فاجئوه يوم27 لاخذه عنوة،ولم يكن احد من انصاره داخل المنزل،رفض تروتسكي السماح لهم بالدخول فاقتحموا البيت بعد تحطيم الباب-ياله من اعتبار متمدن لكرامة الانسان!!-واخذوه محشورا بالسيارة الى محطة كازان،واجبروه على الصعود الى عربة القطار!.كان ليوفا-ابن تروتسكي،م.ا-يصرخ:"ايها الرفاق!انظروا كيف يحملون تروتسكي!".وقد وصفت ناتاليا سيدوف-زوجة تروتسكي،م.ا-تلك اللحظات العصيبة والقاسية عليهم،فتقول:"تجمع حشد من المتظاهرين في المحطة،وكان الجميع ينتظر،وكانوا يهتفون:"يعيش تروتسكي"لكن تروتسكي لم يظهر،اين هو؟حشد غفير يلتف حول العربة المخصصة لنا.وضع اصدقائنا الشباب صورة ل.د على سقف العربة واستقبلوه ب"هوراه"صاخبة،ا انطلق القطار،الدفعة الاولى،ثم الثانية،ثم اهتز وتوقف،وفجأة سرت الشائعات ان رجال المخابرات ادخلوا ل.د الى العربة بالسر ويمنعونه من استقبال المودعين،الاضطراب في المحطة لايمكن وصفه،حصلت مشاحنات مع رجال الشرطة والمخابرات،اصيب اشخاص من الطرفين بجروح،والقي القبض على الكثيرين".هذه هي الطريقة الستالينية بتكليف تروتسكي وظيفة ادارية في منطقة قصية من اسيا!!.
كان ستالين يتابع وهو في سيبيريا عملية ابعاد تروتسكي بأهتمام وقلق،من خلال البرقيات التي تصله هناك وهو يصرخ بأوامره:"لااريد اي تسامح!اي تنازلات!اقطعوا رؤوس مساعدي تروتسكي!بسرعة وبلا تهاون!".ولم يشف ذلك غليل ستالين،ففي كانون الثاني عام1929وبعد عام على نفي تروتسكي،كان ستالين يناقش مع حلقته من بيروقراطي الحزب،حول انسب مكان خارج الاتحاد السوفييتي لنفي تروتسكي اليه!.وقع اختيار ستالين على القسطنطينية.في10شباط1929 جرى شحن تروتسكي وزجته وابنه الاكبر على ظهر المركب"اليتش!"عبر اوديسا الى القسطنطينية،وعندما اقترب المركب من المرفأ التركي في12شباط1929حاول تروتسكي ان يجذب انتباه الرأي العام العالمي،فكتب رسالة لرئيس تركيا كمال اتاتورك جاء فيها:"
سيدي الكريم :لدي الشرف ان اعلمكم وانا لاازال على ابواب القسطنطينية انني لم أت الى الحدود التركية بمشيئتي الخاصة،وانني لن اعبر حدودها الا مرغما".
12/2/1929-تروتسكي
ومن القسطنطينية الى جزر الامراء في بحر مرمرة،ومنها الى فرنسا،ثم النروج،واخيرا المكسيك!تلك كانت رحلة الشريد المطارد عبر العالم خلال العشر سنوات الاخيرة من حياته التي انتهت بأغتياله الغادر على يد عملاء ستالين!!.
اما الحكايات المتهافتة والممجوجة التي لايمل النمري من اجترارها وتكرارها عن:عصابات تروتسكي!التي كان يكلفهم بتخريب البرامج والمشاريع،فتلك اباطيل بالغة السماجة،ولامعقوليتها لم تعد تنطلي حتى على الحمقى!.فبعد نفي تروتسكي الى الخارج،لم يبق وفيا له سوى قلة لاتتجاوز اصابع اليد،بعد ان انهار واستسلم واعدم ونفي الكثير من البلاشفة الى معسكرات الغولاغ المنتشرة في انحاء الجمهوريات السوفييتية!وكانت مصادره الاساسية الوحيدة للمعلومات هي:الاذاعة والصحف وقليل من الرسائل لاغير.فكيف كان يقود:"عصابة التخريب المتطرفة"!و"ممارسي الجاسوسية والارهاب والقتل والحرائق"!"اعداء الشعب السفلة"!"الخونة الذين باعوا بلادنا للعدو"!-مع هذه الصورة المرعبة للقوة التروتسكية التي اجتاحت البلاد،فلم اذا كان تروتسكي منفيا وستالين متربعا على دست السلطة؟؟!!-.
كل تلك العروض المسرحية الهزيلة،والاتهامات المفبركة والمزورة عن تنفيذ اوامر تروتسكي،من :جاسوسية،!تخريب!،ارهاب!،تحضير لهزيمة الاتحاد السوفييتي في الحرب القادمة!تمزيق البلاد!محاولة اغتيال ستالين،وبقية الشلة! الخ..بدون دليل ،فقط اعترافات تحت التعذيب في اقبية الغيبيو السادية!..فاذا كان حزب،كله،عبارة عن زمر من عملاء الامبريالية والفاشية!وجواسيس!ومخربين!وارهابيين!ومعادون للحزب والثورة!وليس فيهم بلشفيا واحد كما تضح على يد بيروقراطية الحزب بأستثناء الحبر المقدس!!-كوبا-فبئس له من حزب تافه!!.
كانت الخطط والمشاريع،وبذلك الحجم الكبير،وفي كل مجالات التصنيع والانشاء،وحسب القرارات القرقوشية،والتوجيهات البيروقراطية،وتعليمات ستالين الصارمة والباتة في تكثيف العمل وتسريعه بشكل غير طبيعي،وضمن تحديد زمني قصير للتنفيذ،او قبل موعده،اظف الى ذلك تخلف المعدات وردائتها والتي كانت تسخدم في تلك المشاريع،والمستوى الثقافي والتقني المتدني للعاملين،وفتور الحماس،وقلة التنظيم والانضباط،وانعدام الاختصاص لدى المشرفين البيروقراطيين على الادارة والعمل،والعشوائية في القرارات،كل ذلك وغيره سيقود حتما الى حوادث واخطاء واهمال وعيوب وحرائق وفشل وتقصير في اغلب تلك المشاريع!.ولكن ستالين،ومولوتوف،وكاغانوفيتش،ويوجوف لم يلقوا كل ذلك الا على عاتق تلك"الدسائس،ومؤامرات المخربين التروتسكيين والزينوفييفين"!كسبب وحيد لكل مايحدث من اخفاقات وفشل ومعوقات في تلك المصانع والمشاريع،حتى لو كان بفعل عناصر الطبيعة من:جفاف ورياح وعواصف رملية،هو ايضا مؤامرة وتخريب!!!.
هاكم عينة صغيرة من آلاف القوائم والتقارير والرسائل والامثلة المشابهة لذلك والتي كانت تجري في طول البلاد وعرضها بهستيريا بشعة!...
-في الاورال،في قرية تابور،ونتيجة لفشل الكولخوز،حكم على عشرة اشخاص بالاعدام رميا بالرصاص،ونفذ الاعدام فورا!!.
-في مينسك،ولوجود اتربة في الدقيق،اعدم سبعة اشخاص!!!.
-في ساراتوف ولوجود بقعة من النفط تسربت الى نهر الفولغا اعدم تسعة اشخاص!!!.
-في لينينغراد تحطمت محطة كهربائية،فأعدم عشرة اشخاص!!!.
تلك الدراما الدموية اصبحت منهجا يوميا ولسنوات!.
في نهاية العشرينات اثناء حمى الجماعية الزراعية وتسريع التصنيع،طرح ستالين(نظرية):يتفاقم الصراع الطبقي تبعا لترسيخ بناء الاشتراكية!!.هذه النظرية الخرقاء لاتمت للماركسية بأي صلة!فهي نظرية متناقضة في شكلها!وغير علمية في مضمونها!ولكن ستالين كان برغماتيا كما قلنا من قبل،فهو بحاجة لتبرير عمليات التطهير والارهاب والقمع التي اقترفها!فطرحه النظري هو المسوغ التبريري لممارسة خطه السياسي في التصفيات الدامية.غير رأيه وانقلب للنقيض عام1934 واعلن ستالين :ان الطبقات المستغلة-بالكسر-في جمهوريات الاتحاد السوفييتي تم القضاء عليها!!ليعود مجددا وبعد ثلاث سنواتليتراجع!ويؤكد من جديد:ان المعركة الطبقية "تشتد"!!.-شتاء وصيف تحت سقف واحد!!-وهكذا وحسب المزاج الارادوي،وبقدرة قادر انصب بأتجاه احادي ضد"عصابة تروتسكي"!-لعلها طبقة رأسمالية جديدة نمت بأسم الطبقة التروتسكية؟!-..
الابن الاصغر لتروتسكي سيرغي،والذي ترك منزل والده حتى عندما كان الكرملين،وكان يشمئز من السياسة ،فهو لم ينتسب حتى للكومسمول،وانهمك بالدراسة واهتمامه بالعلوم،واصبح مهندسا متميزا وكفوءا،ورفض الرحيل مع والده الى المنفى مفضلا البقاء والعمل من اجل بلده،كل هذا لم يشفع له وينقذه من مصيره المحتوم والمأساوي،ففي كانون الثاني1937 نشرت البرافدا تحت عنوان:"محاولة ابن تروتسكي سيرغي سيوف لتسميم العمال!!!.اصبح سيرجي الرقيق المسالم والذي لايؤذي ذبابة:سفاحا للعمال!و"عدوا للشعب"!!.ففي اجتماع لعمال ورشة الحدادة التابعة لمصنع السيارات حيث كان يعمل سيرغي،قال رئيس العمال:"لقد اندس للعمل مهندسا في مصنعنا ابن تروتسكي سيرغي سيدوف،حاول هذا الخلف الصالح لابيه الذي باع نفسه للفاشية تسميم مجموعة كبيرة من العمال بغاز المولد"!!.نفي سيرغي الى معسكر اعتقال في كراسنويارسك،وتم اعدامه لاحقا!!...
بعد اعدام كامينيف،قتلت زوجته،وقتل اخيه،وزوجة اخيه،وولداه الاثنان_احدهم كان في السادسة عشر من العمر!!!-...لم يكن ستالين يكتفي بقطع رؤوس النخيل،بل كان يجتث الفسائل ايضا!!!.هكذا كان العدل الرجيم لستالين!!!.
في المقال القادم نكمل فقرات مقال النمري....
...............................
وعلى الاخاء نلتقي....

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات