أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - *حمزة العيلى فى مسكّر* .. حينما يتحدث الفن عن المبكومين















المزيد.....

*حمزة العيلى فى مسكّر* .. حينما يتحدث الفن عن المبكومين


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 20:29
المحور: الادب والفن
    


لقد تعمدت تأخير كتابة هذا المقال حتى أشاهد موجات التأثر الاجتماعى والنفسي لجمهور مسلسل "بن حلال" على هذا الدور، حيث ذاك الأداء لتلك الشخصية التى جسدها الفنان حمزة العيلى، لشاب معاق ذهنيا وله إحدى مظاهر ذلك المرض، والذى تميز بثقل الكلام من جسد تسري فى أوصاله رعشة قوية، وأخذت أراقب هذا التأثر الانسانى فى تعليقات مشاهديه على مواقع الانترنت المختلفة وكذلك أراء من حولى، وبالرغم من تناول العديد من الفنانين المصريين لأداء ادوار شخصيات مختلفة فى نطاق حالات الإعاقة الذهنية، إلا انه التزم بالتميز لإتقان تجسيد إحدى صور هذا المرض صعبة الأداء والتعبير.

الهارمونى الانسانى والفنى فى موت مسكر

سوف أتطرق إلى مشهد من أهم مشاهد مسكر فى المسلسل، والذى كان فيه ذروة الإبداع لحمزة فى أدق تفاصيله الأدائية به، وهو مشهد موت مسكر.

لم يكن هذا المشهد فى نظرى النفسي وتقييمى الفنى مجرد إتقان وبراعة تعبير، فلقد كان به ما يصعب على اى فنان يهوى الفن صنعة، أن يدرك كيف يكون تجسيد هذا الدور، من انتظام حياكة تفاصيله النفسية والعقلية والإنسانية بهذا الشكل المعقد، حيث الغوص فى نفسية وتفكير معاق بدءا من عينيه المُحلِّقتين فى سماء لا يراها غيره، حتى حركات قدميه المُشتَتة بمستوى أعلى فى تشنجاتها الاعتيادية ردا على اختراق الرصاص لجسده، مرورا بنبرات صوته المستعان بها فى تجسيد مشهد يقتحمه فرح عارم وألم غامر فى نطاق بضعة ثوانى متهالكة، حيث استطاع أن يعبر بها إلى تأثير يحرر الزمن الذهنى والعاطفى للمشاهد.

وقد اثر فيَّ جليا اختياره لكيفية رده على تحذيرات صديقه "حبيشة"، حيث ذهب له مسكر باحثا عنه لحمايته بين طرقات الرصاص، بصوت أجش منطلقا من الحنجرة مكتفيا بصداه فى أركان الحلق، مصاحبا إياه تكرار لهذا الصوت مع ضحكة ارتسمت على أرجاء وجهه المعبر عن الفرحة العارمة ببلاهة، والمؤثر هنا هو انه كان من الطبيعى والأسهل أن يستخدم هذا الفنان أدائه المُتقَن فى التعبير عن الإعاقة بالرد على حبيشة باسمه أو بغيرها من التعبيرات الكلامية، إنما كان الطريق الأصعب هو اختيار تعبير السهل الممتنع هذا، والذى يعرفه جيدا من قد تعامل مع هؤلاء المعاقين، ويدرك كيف يعبرون بآهات جوفهم عن انفعالاتهم، فقد كان بهذا الصوت المقصوف ردة فعل طاعنة التأثير فى من تأمل فعلها، وكان تأثيره فى اعماقى كرنين قطعة معدن فى بئر عميق.

فكم كان هذا المشهد صادقا ومعبرا على المستوى التمثيلي والانسانى، وقد كانت لحبكته التعبيرية عمق دراسي واستيعاب متأجج بتلك الحالة، وأرى انه ليس مجرد تدريب على تمثيل ولا تعليم اكاديمى له دخل فى هذا العمق الانعكاسي، إنما ربما تفاعل نفسي عميق مع بشر تلك الحالات.

الأوسكار ليست ببعيدة

يتشابه أسلوب حمزة الادائي فى هذا الدور كثيرا مع حرفية أداء الفنان الانجليزى دانييل دي لويس (Daniel Day-Lewis)، الحاصل على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل، عن أداؤه فى الفيلم الأيرلندى "قدمي اليسرى" (My Left Foot)، والذى أُنتِجَ في عام 1989م، وتدور أحداثه حول قصه حقيقية عن حياة الفنان كريستى براون (Christy Brown)، الذى ولد معاقاً بشلل دماغي، وقد شق طريقه للنجومية عبر رسوماته التي انتشرت فى العالم من خلال رسمه بقدمه اليسرى، والجدير بالذكر أن تأثير المشكلة الإعاقية التى قد جسدها كلا من حمزة ودانييل على الجسد وطريقة الكلام، تتشابه أعراضها فى تعبيرات كل منهما بشكل ليس بقليل.

وأنا لست من هواة عقد المقارنات كمن يُقيَّدون فى مبدأ "عقدة الخواجة"، فهى ليست مقارنة من حيث مقدار الموهبة بين فنان مصرى وعالمى، ولا تطلع منى بتلك المقارنة للارتقاء بحديث عن مستوى فنان مصرى موهوب لأشبهه بفنان اجنبي، إنما اذكرها هنا لكى الفت النظر إلى تمكن وحرفية فى الأداء فى موهبة من أرضنا، لديها القدرة على الحصول على جائزة عالمية بهذا القدر.

ومن الجدير بالملاحظة والذكر هنا أن كلا من الممثل المصرى والانجليزى قد قدما دور المعاق باختلاف نوع الإعاقة، مع التشابه فى تعقيدات التعبيرات، فى نفس السن العمرى (31 تقريبا)، وذلك بالرغم من اختلاف التجهيزات البيئية سواء الفنية أو غيرها، التى أهلت ودفعت كل منهما للتمكن من جودة التعبير فى دوره، مما يشير إلى القدرة الإبداعية لحمزة ويشيد بتميز موهبته.

مسكر بؤرة ضوء على كوازيمودو

ربما موهبة تستفز الأقلام والأفكار، الحبكات والجوائز أيضا!

فلم يغب عن ذهنى تصوره فى حالة درامية أشبعها إبداعا مختلف ممثلى العالم، وهى رواية احدب نوتردام.

فأجد أن بإمكانه أداؤه بل وانتظر إبداعه فى هذا الدور، فأرى انه بدون شك باستطاعته أن يُلقى شباك موهبته على دور كوازيمودو، "احدب نوتردام" بكل براعة، والذى يعد أشهر الشخصيات فى تاريخ الأدب فى هذا السياق الانسانى، من حيث الإعاقة الذهنية والجسدية معا، بل وسيضيف إليه بصمته الخاصة فى التعبير عن هذه الحالة المكتوبة ببراعة غاية فى الآدمية.

الفن مسئولية فنان وجمهور

وأخيرا، ليس من السهل أن تُعبِّر عن أعماق من خُيطت أفواههم، ولا من حُبست عقولهم فى حيز خلايا مُختزَلَة فى استيعاب مخ طفل، ليس من السهل أن تقدم فنا بشكل محترف، ولا أن تجعله يثمر فى تغيير مجتمعك، وتغيير من يراك على المستوى الفردى والاجتماعى، وليس من السهل أيضا أن يُقدِّر كل من ذهنك وعواطفك فنا ليس تقليديا، إنما من المستحيل أن يعبر من أمامك عطر موهبة حقة قد استنفذت كل طاقاتها الأمينة فى التعبير ولا تتأثر، ومن هنا يكون دور الفن بل دور الجمهور أيضا فى إعطاء فرصة لامتداد هذا الفن.

إنها الفرصة الحقيقة لتغيير المجتمع بالفن، وتشجيع وتشذيب الفن بالمجتمع.

حتى يبقى بإمكان كل من تأثر أن يُحيل تأثره إلى واقع مُفعَّل ايجابيا فى تفاعلاته مع هؤلاء المعاقين، بل ومع نفسه إن شعر بعجزه الذى يعيقه عن التعبير عن ذاته، ومن مثله ممن يعجزون كذلك، وذلك بتفهمه لذاته ولغيره ممن يتشابهون مع هؤلاء أو أولئك، فبقدر ما كان التأثير فنيا، بقدر ما كان التفاعل ورد الفعل من المشاهد، حتى وإن كان تأثر بطئ التعبير، فلابد وأن هذا القدر من الإنسانية المعروضة والمكشوفة على الشاشات، أن تتلامس مع بقايا الإنسانية فى كل شخص فينا، فتربح ارض هذا المجتمع مساما جديدة لبذور تغيير صالحة.



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هاتوا الأحجار وجربونى
- من أنت فان جوخ؟!
- أيها السكارى بأوهامكم
- غناء الفنان *طونى قلدس* فى درب السلام
- الحب والألوان تشكيلات إنسانية فى لوحات المستشرقين وعرض عن ال ...
- نجيب محفوظ وإلهام الفرعون
- عودة عرض *عن العشاق*، الحلم الذى يحتاجه الجمهور
- هل كانت ستلقى العذراء مريم مصير اللاجئات لمصر اليوم؟!
- *الفراديس* لهشام نزيه، الوجه العربى للسيمفونية العالمية *كار ...
- ما هو الزنا الذى لا طلاق إلا لعلتهِ؟
- الفنان طارق لطفى يتوحد مع شخصية حمزة فى عد تنازلى
- مَن إنسانيتهم تتوجع لأجل مسلمى غزة وتتجاهل مسيحىِّ العراق
- أحقا مُت يا صديقى؟!
- فى إعلان بيبسي *يلا نكمل لمتنا* نقاوة توأِد تعصب الجهل
- تلعنون من يموت انتحارا؟!
- بمناسبة ما يحدث لمسيحىِّ مصر والعرب والعالم
- فى مجتمعنا .. غير القابل للتنوع
- إنسان الروح
- هنا احنا زى علامات التنوين
- ربما المومسات أكثر شرفا منه


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيرينى سمير حكيم - *حمزة العيلى فى مسكّر* .. حينما يتحدث الفن عن المبكومين