أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - فقه فاسد أم فكر شرير (أهل الذمة!)














المزيد.....

فقه فاسد أم فكر شرير (أهل الذمة!)


هبة عبده حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4595 - 2014 / 10 / 6 - 08:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتب ابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية كتاباً ضخماً أسماه "أحكام أهل الذمة" بناه بالكامل على العهدة العمرية (التي اتفق الأولون والمحدثون على صحتها وإن اختلف البعض حول منطوقها)... الوثيقة-العهدة هي النص الذي كتب لعمر بن الخطاب موجهاً لنصارى (مسيحيي) الشام (إيلياء = بيت المقدس)، وشرَط عليهم الآتي: الا يُحدِثوا (يبنوا) في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يُظهِروا شِركاً، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يَظهِروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين. فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق. هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.

قراءة النصوص القديمة (بما فيها النصوص الدينية) ووضعها في سياقها التاريخي ونقدها هو أمر معتاد قام به العديد من الباحثين التاريخيين والكتاب في الغرب والشرق لقرون خلت، ولكن قراءة هذه الوثيقة بالذات (وأعترف أنني لم أكن قد قرأتها من قبل وإن كنت قد سمعت بها) كان أمراً ثقيلاً على نفسي ليس فقط لما هو مكتوب فيها والذي في آخره دعوة للرحيل عن الوطن إذا لم تعجب "أهل الذمة" شروط العهدة، بل لأن لفظ "الذميين" أو "أهل الذمة" لازال مستخدماً من قبل الأصوليين الإسلاميين في عالمنا العربي على اتساعه، بل أن قادة الأحزاب الإسلامية في مصر مثلاً يقولون ما يفهم منه أن نصوص هذه الوثيقة جائزة الآن وقابلة للتطبيق وبناءً عليها (وعلى غيرها من النصوص التراثية والدينية) نسمع أصواتهم العالية التي تمنع وتحرّم "الذميين" من ارتقاء المناصب التنفيذية العليا (كرئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية) على أساس عدم مساواتهم بالمسلمين (وليعد من رغب إلى كتاب ابن القيم الجوزية)... لزام عليّ أن أقرر هنا أن الأحزاب الدينية ممنوعة في مصر بحكم المادة 8 في دستور مصر 2014 الذي كنت قد اقترعت بالموافقة عليه رغم وجود المادة 2 فيه والتي تقول بأن دين الدولة هو الإسلام، على الرغم (أيضاً) من أنني لا أعرف وأعتقد أن المشرع نفسه ليعرف كيف يكون لكيان اعتباري (كشركة أو منشأة مثلاً) ديانة، ولكن هذه قضية ديناصورية أخرى ليس هنا مجالها.

لا أعتقد أن ذائقة أي شخص يتمتع بقدر ضئيل من صفات الإنسانية تسمح له بقبول مثل هذه الأمور الآن... نعم قد تكون هذه وأبشع منها قد حدث في أزمنة غابرة ومن المؤكد أنها كانت مقبولة على اعتبار أنها شروط المنتصر ولكننا الآن في القرن الحادي والعشرين والبشرية قد تطورت والعلم قد أثبت أننا نشأنا من معين واحد مبدأه في إفريقيا. إن أفضل ما آتتنا به الحضارة الحديثة بعد حروب ضارية هو إعلان مبادئ حقوق الإنسان واحترام الحريات الشخصية والممارسات الديمقراطية، إن مصر ومعظم الدول العربية على حد معرفتي قد وقعت على هذه الإعلانات بما يعني أنها ملزمة بموجب القانون الدولي بمراعاة احترام جميع سكانها مهما اختلفت دياناتهم وعرقياتهم وأهواءهم وعقائدهم... ليس هذا فقط فمن المعلوم والمتفق عليه بما لا يقبل الجدل أن التقدم الشخصي والتطور المجتمعي يكون مرهوناً بموقف الشخص أو الجماعة أو الدولة من الأقليات ومن المرأة... لقد سمعت لفظة "ذميون" تتردد بسهولة تجرع الواحد منّا لشربة ماء، في حين يجب أن نجزع لأنها كلمة مقصية مهينة غير إنسانية ولا تليق بدولة لها عمق حضاري كمصر، كما أعتقد أننا أفراداً ومجموعات يجب أن نرفض هذا الإقصاء غير الإنساني بمنتهى الحسم وإلا فمآلنا ثقباً كونياً أسوداً.



#هبة_عبده_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقه فاسد أم فكر شرير (اقرأ...)
- فقه فاسد أم فكر شرير (كأنهم لؤلؤ منثور!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (الطاعة أولى!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (اسألوا أهل الذكر!)
- فقه فاسد أم فكر شرير (المنصورون بالرعب!)
- نكاح العقل!
- في ملكوتك
- نون
- مفتاح الفرج
- ماتقتلنيش
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- زمانان لشجرة المانجو العتيقة (قصّة)
- جان دارك أفريقيا
- سوق الحلاوة
- لنهدمنّ الأمم
- واضربوهن!
- بين معارك 1926 ومذابح 2014، نحن شركاء بالجهل مرّة وبالعلم مر ...


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - فقه فاسد أم فكر شرير (أهل الذمة!)