أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - علاء عبد الهادي - في الهوية القومية والهوية الفردية















المزيد.....

في الهوية القومية والهوية الفردية


علاء عبد الهادي

الحوار المتمدن-العدد: 4563 - 2014 / 9 / 3 - 12:07
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في الهوية القومية والهوية الفردية
دكتور علاء عبد الهادي*

بداية‏,‏ أنتج النظام الرأسمالي في العصر الحديث‏,‏ مفاهيم ارتبطت به‏,‏ ودعم انتشارها العالمي عبر الإعلام المنظم‏,‏ مثل مفاهيمه عن الديمقراطية‏,‏ أو الحرية‏...‏إلخ‏.‏ ويتمثل أعظم انتصار أحرزه هذا الإعلام في‏ ‏ الاستفادة من الظروف التاريخية الخاصة للتطور الغربي‏,‏ من أجل تعريف محدد للحرية قد صيغ في عبارات تتسم بالنزعة الفردية‏ ..‏

يشير عدد من المفكرين الغربيين إلي الصلة القائمة‏ ‏ بين نزع مركزية التراكم العالمي‏,‏ وتفتت الهويات‏ ,‏ حيث قام التشجيع العالمي للفردية‏,‏ مجتمعا من التعددات الثقافية الهائلة‏,‏ وذلك بسبب مجموعة متضافرة من العوامل مثل الهجرات الواسعة‏,‏ والشتات السكاني‏,‏ وضعف الروابط القومية‏,‏ والانفتاح المرئي‏,‏ وغيرها‏,‏ وهي عوامل كانت حاسمة في التحرك نحو ظرف صناعة واسعة للآخر علي مستويات عديدة بدءا من الآخر المحلي إلي الآخر الشرقي‏,‏ والغربي‏,‏ والأسود‏,‏ والأصفر‏,‏ والعربي‏,‏ والمسلم‏...‏إلخ‏.‏

ربما نتفق فيما يرتبط بمحيطنا العربي‏,‏ علي أن جزءا من التطور اللاحق للعولمة‏--;--‏ ذلك الجزء المتعلق بأمريكا‏,‏ وحلفائها الغربيين بخاصة‏,‏ كان راجعا إلي فقدان أمريكا لصورة الآخر بعد انتهاء الحرب الباردة‏,‏ وربما يرجع هذا إلي أن أمريكا قد فقدت جزءا من التحامها المرتبط بهويتها الذي كان يرعاه وجود أخر في صورة تهديد أو عداء‏, ‏ فكان أن خلقت عدوا جديدا هو العالم الثالث‏ ,‏ علي حد تعبير نوم تشومسكي‏(1928),‏ فاستبدلت بالصراعات ذات الطابع الاقتصادي السياسي‏,‏ الصراعات ذات الطابع الاقتصادي الثقافي‏,‏ بحيث أصبحت الثقافة ساحة نزال أيديولوجي للنظام الرأسمالي العالمي الجديد‏.‏

كما لعب‏_‏ في الآن ذاته‏-‏ ما يطلق عليه الاحتفال للهوية الفردية الذاتية‏,‏ المرتبط ضمنا بالتنظيم الاجتماعي العقلاني في الدولة الحديثة‏,‏ دورا رئيسا في التأسيس العالمي لشكول متنوعة من الأقليات ذات الهويات المحدودة‏,‏ فردية كانت‏,‏ أو جماعية‏.‏ فلم يعد في مكنة أية دولة احتكار عملية التنشئتين الاجتماعية‏,‏ والثقافية‏,‏ كما كانت من قبل‏,‏ حيث تواجه دبلوماسية الدول الآن‏,‏ تنظيمات عالمية‏,‏ وشبكات دولية‏,‏ يحل فيها العمل الفردي محل النظام المؤسسي‏,‏ هذا فضلا عن أن تنوع الإغراءات الدولية‏,‏ التي يتعرض إليها الأفراد‏,‏ وتعددها‏,‏ يحررهم جزئيا من وصاية الدولة‏ ,‏ علي نحو يدعم الهوية الفردية في ارتباطها باليومي المعيش‏,‏ وفي تخليها التدريجي عن رابطها القومي‏,‏ أو المجتمعي‏.‏

ربما نتفق‏-‏ إذا ما نظرنا إلي الفردية من الجانب الفكري الحديث‏-‏ علي أن‏ ‏ الفردية هي الأساس الخلقي الجماعي للمجتمعات الحديثة‏ ,‏ كما يذهب إلي ذلك إميل دوركايم‏(1858-1917).‏ وبالرغم من اعتقادنا في أن الانتماء الفردي‏,‏ أو الانتماء الجزئي القائم علي الولاءات المختلفة إلي جماعات جزئية‏,‏ أو فرعية عديدة‏,‏ لا يفضي بالضرورة إلي التعصب ضد الهوية القومية‏,‏ فإننا نشهد الآن انهيارات مؤثرة في الثبات الذي تمتعت به طويلا الهويات الثقافية الوطنية في تاريخها الممتد‏,‏ وذلك بصفتها معتقدا اجتماعيا‏,‏ وسياسيا‏,‏ ذلك بعد أن قام الاهتمام المعاصر بالهويات الفردية‏,‏ والهويات الجزئية‏,‏ بنقل مختلف تجليات الهويات العالمية وآدابها وثقافاتها‏,‏ اتفاقا واختلافا‏,‏ تباينا واندغاما‏,‏ إلي مختلف أرجاء البسيطة‏,‏ من خلال تدفقات هائلة‏,‏ وشديدة التفاوت والاختلاف في آن‏,‏

علي نحو تغيرت فيها الثوابت القديمة لمفهوم الهوية‏,‏ ففي سياقات الهويات الفردية المنفصلة‏,‏ تصبح لكل ثقافة هوية‏,‏ بعد أن أصبح الاختيار الذي يمكن أن يتبناه المرء لمتخيله عن هويته أكثر اتساعا بما لا يقارن‏,‏ بذي قبل‏,‏ فنتاج التدفق الثقافي الهائل بين الثقافات‏,‏ نتاج رحب‏ ,‏ معبأ بفضاءات لانهائية هجينة‏,‏ تتنامي علي نحو حاد‏,‏ وتضاعف علي الدوام قيام الهويات الفردية‏,‏ في داخل الهويات القومية‏,‏ بصفتها هويات مرتبطة باختيارات أفراد‏,‏ أو بانتماءات محدودة إلي جماعات نوعية‏,‏ أو مجموعات صغيرة‏,‏ وذلك وفق ما يرتضيه كل فرد لنفسه من ثقافات متداخلة‏,‏ وهو ما أضعف من قوة الرابطة المشتركة بين الفرد‏,‏ وبين مختلف أفراد مجتمعه الوطني‏,‏ أو القومي‏,‏ فأصبحت مساحة الآخرية متسعة إلي حد بات يقرب الأنا القومية في تعدداتها ذات الثوابت المشتركة‏,‏ إبان سيادة الدولة القومية‏,‏ إلي من تسميه‏ ‏ آخر‏ .‏ ربما كانت أحداث‏,‏ مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر الأخيرة‏,‏ دليلا علي مانذهب إليه علي المستوي العربي‏,‏ وربما كانت أحداث العنف المتكررة بين مشجعي مباريات الزمالك والأهلي دليلا آخر علي المستوي القومي‏..‏

هكذا‏,‏ واجهت النزعة القومية في العقود الثلاثة الأخيرة‏,‏ تحديات متزايدة‏,‏ تتمثل هذه التحديات في ميل الهوية الآن إلي الارتباط بالانتماءات ذات النطاق الضيق‏,‏ أو المحدود‏,‏ سواء علي المستوي الإقليمي‏,‏ أو غير الإقليمي‏,‏ وذلك في ظل تقلص فعالية القدرة التكاملية للدولة‏,‏ وهذا ما أفقدها جزءا من معناها في النهاية‏.‏

علي الجانب الآخر‏,‏ أشعل الخوف علي الهوية‏,‏ حدة الدعوات المطالبة بالتمسك بها‏,‏ والقانون الذي نؤكده هنا هو أنه كلما تناقصت ثوابت متخيلنا عن هويتنا القومية زاد عدد أعضائها‏,‏ وذلك علي الرغم مما يبدو من الوهلة الأولي من أن قلة ثوابت هوية ما قد تسير بنا في اتجاه التجزئة‏,‏ فالأمر علي خلاف ذلك تماما‏,‏ ذلك لأن هذه الثوابت القليلة ستضم فضاء اوسع من الهويات علي المستوي الكلي‏,‏ ويظل موضوع الحفاظ علي الهوية القومية في عصر العولمة وتحديات ظرفنا الحضاري المعيش‏,‏ رهين سياسات المقاومة‏,‏ ورهين قدرتها علي التأثير علي ثقافة المركز‏,‏ والحد من هيمنتها علي الفضاءات الثقافية الدولية بخاصة‏.‏

من خلال هذا الطرح يصبح التساؤل عن ثوابت ما قليلة تتسع لمتخيل هوية عربية يمكن رسم حدودها‏,‏ واستثمارها‏,‏ علي المستوي السياسي بخاصة‏,‏ تساؤلا مهما يحتاج إلي إجابة‏,‏ وهذا ما قد يدفع بمفهوم الهوية إلي بعده المرتبط بالتوظيف والفائدة‏,‏ وذلك من خلال رحلة البحث في الفضاءات الممكنة التي يمكن فيها توظيف هذا المتخيل‏(‏ الهوية‏)‏ علي الجانب الاجتماعي من جهة‏,‏ ثم استثماره علي المستوي الدولي من جهة أخري‏,‏ وذلك إذا ما سعت مجموعة من التكتلات القومية الكبري مثل‏ ‏ العرب‏,‏ والهند‏,‏ والصين‏ ...‏إلخ‏.‏ لإنجاز توازن في الخطابين الثقافي والعلمي المعاصرين‏,‏ من أجل تفكيك مركزيته الغربية‏,‏ وهو ما يصعب تحقيقه إلا من خلال اشتراك أكبر عدد من الخبرات الإنسانية والتاريخية المختلفة فيه‏,‏

من أجل هذا جاءت إشارتنا إلي أهمية البعد القومي العربي التكاملي‏,‏ وأهمية توظيفه‏_‏ علي المستوي البراجماتي‏-‏ في علاقته بمتخيل الهوية‏,‏ ففي ظل عولمة تنتمي سياساتها إلي ثقافة لها أصول غربية متقاربة‏,‏ تقوم‏-‏ بشراسة‏-‏ بفرض هيمنتها علي الثقافات الأخري‏,‏ يصبح البحث في علاقة الثقافة بالهوية ضرورة‏.‏ ربما كان الاختيار الصحيح الآن قوميا‏,‏ ولا يرجع ذ لك في رأيي إلي أسباب عقدية بقدر ما يرجع إلي فهم ضروري لطبيعة الحراك العالمي الآن‏,‏ الذي لاوجود فيه إلا للتكتلات الكبري‏,‏ فالانتماء إلي الخيار القومي انتقل الآن من دافعه العقدي إلي دافعه البراجماتي‏.‏

يقول ابن عربي‏ ‏ إذا فرقت الأشياء تمايزت‏,‏ ولا تمتاز إلا بخواصها‏,‏ وخاصية كل شيء أحديته‏,‏ فبالواحد تجتمع الأشياء‏,‏ وبه تفترق‏ ,‏ فالواحد أو الفرد هو الذي يضع المسافات‏,‏ ويزيلها‏,‏ ذلك لأن المسافة التي تفصل بيني وبينك‏,‏ هي ذاتها التي تفتح طريقا بيننا‏,‏ وأجمل من هذا كله ما يعبر عنه المثل الشعبي العربي عن الفرق بين حمل الفرد‏,‏ وحمل الجماعة‏,‏ حين يقول‏--;-- ‏ حمل الجماعة ريش‏ .

*(شاعر ومفكر مصري)



#علاء_عبد_الهادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترجمة الآلية وتأثيراتها 2-2
- الترجمة الآلية وتأثيراتها 1-2
- الإيقاع في قصيدة النثر 3 /3
- الرقابة بين حريتين؛ الجميل والقبيح
- الإيقاع في قصيدة النثر 2 /3
- الإيقاع في قصيدة النثر 1 /3
- قراءة ميتا- نقدية عن كتاب -في الواقعية السحرية- لحامد أبو أح ...
- حق الأرض وحق الإنسان
- هل نحتاج إلى وثيقة جديدة لحقوق الإنسان!
- حول الهوية والثقافة
- تهافت الخطاب النقدي في كتاب زمن الرواية- جابر عصفور نموذجًا ...
- الترجمة وفكرة الأصل
- كرة القدم والهوية
- الترجمة, والثقافة العربية
- الثورة المعلوماتية, والنموذج الثقافي الأميركي؛ التكنولوجيا ب ...
- التدفق الثقافي: في عولمة الثقافة (4)
- الصورة واللغة: في عولمة الثقافي (3)
- سيادة أنماط الإنتاج الرأسمالي: في عولمة الثقافي (2)
- الإنسان الكوني وتهديد فضائه الفيزيائي: في عولمة الثقافة (1)
- النكوص على العقبين: عودة إلى زمن الرواية


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - علاء عبد الهادي - في الهوية القومية والهوية الفردية