أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - عزت مصطفى .. الموت نظيفا














المزيد.....

عزت مصطفى .. الموت نظيفا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4557 - 2014 / 8 / 28 - 16:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سوف لن اقول في الرجل ما يقوله عادة أصحاب المراثي فهو بالنهاية واحد منا نحن الذين وجدنا أنفسنا جزءا من مرحلة تاريخية تحكمت فيها العقائد والايديولوجيات وقضية الحتميات التاريخية, فصار تاريخ الفرد لا يمكن فصله عن تاريخ حزبه, حتى بات يُحسب عليه ما يُحسب على حزبه وعقيدته, دون محاولة التفتيش عن اي موقف قد ينبئنا أنه كشخص, له ما له, وإن من بين الرجال من يكون له شخصيا وجودا متميزا وسط عموم الحالة المؤدلجة.
إن من الصعوبة تبرئة الشخص لصالح تخطئة الحالة, فالشخص هو جزء من منظومة تؤسس له شكل تعبيره الشخصي عن الحالة السياسية المنتمي لها. وفي الأحزاب الشمولية غالبا ما يتراجع سلوك الفرد لصالح السلوك الجمعي, بحيث تنعدم فرص الحديث عن اشخاص خارج الحديث عن أحزابهم السياسية وعقائدهم الفكرية.
لكن قاعدة تعويمية كهذه لا تلغي حقيقة أن هناك أفرادا خارجين على النص من خلال مواقف تجعلهم اشخاصا تاريخيين. وتمنحني قضية الدكتور عزت مصطفى وقضايا أشخاص آخرين في المقدمة منهم (ملا) البعث عبدالخالق السامرائي إيمانا بأن أشخاصا كهؤلاء كانوا نجحوا أيما نجاح في موقعة الخروج الشخصي على النص العام المتعنت.
في الجانب المقابل كان صدّام مثالا شخصيا مختلفا, لكن هل يمكن القول أنه لم يكن بعثيا, أو أنه كان سرق الحزب من رواده وأصحابه الحقيقيين, كما يجري تصويره في بعض الأحيان. لا أعتقد أن ذلك صحيحا بالمرة, لأن صدام أيضا لم يكن ولد من فراغ, وما كان بإستطاعته أن يختزل الحزب في شخصيته لولا أن ثقافة الحزب التنظيمية والنظرية كانت خدمته بالإتجاه الذي جعله بالنهاية (بطلا فردا وإنجابا تاريخيا وفارسا من عهد البطولة !). وكان قد قُدِرَّ لصدام أن ينتصر على غريميه, عبدالخالق حسين السامرائي وعزت مصطفى العاني, ليس بسبب إستباقيته للقضاء على الخصوم وإنما أيضا بسبب الثقافة البعثية النظرية والتظيمية التي مكنته أن يكون (دكتاتورا ثوريا).
وهل يختلف البعثييون في ذلك عن غيرهم من أحزاب الحتميات التاريخية التي تلتزم بنظرية المركزية الديمقراطية ؟ كلا بكل تأكيد فالرحم الثقافي التنظيمي الذي انجب ستالين هو نفسه الذي أنجب صدام, وجعلهما بقوة الشرعية الثورية قادِرَين على حسم معاركهما ضد المنافسين بسهولة مثلما وفر للمصفقين لهما فرصة مكيجة الموقف بمساحيق لم يكن بمقدورها مطلقا إخفاء تجاعيد الضمير.
والإدعاء الذي يقول أن صدام كان سرق الحزب وإستولى عليه من البعثيين الحقيقيين ليس صحيحا بالمرة, فالبعث كان حزبه أيضا, بل لعله كان حزبه أكثر مما كان حزبهم, بدليل أنه كان إنتصر عليهم بوسيلة لم تعتمد على مسلحي القبيلة فقط وإنما إعتمدت بداية على ثقافة جعلت المؤتمرين في قاعة الخلد يصفقون له في موقف كان تقدمت فيه قوة العقيدة على قوة العسكر, وقد حدث ذلك عام 1973 حينما أتهم السامرائي بالمشاركة في ما سمي وقتها بمؤامرة ناظم كزار وتكرر المشهد عام 1979 يوم أتهم خمسة من قادة الحزب بالتآمر مع حافظ الأسد إسقاط نظام الحزب !!.
وإذا كان قد حُسب للسامرائي أنه ذهب ضحية وقفته المبكرة والحازمة ضد هيمنة القبيلة ونهج التفرد فإن ما سيكتب لعزت مصطفى انه ذهب ضحية تغليبه لقناعاته الضميرية التي إعتقد بصحتها حينما كلف برئاسة المحكمة الخاصة للمشاركين فيما سمي وقتها بقضية خان النص*
والناس المتميزون مواقف قد يكتب لهم من خلالها ان يعبروا عن الجوهر الشخصي المتغلب في لحظة الصدام مع العام المهيمن, وهكذا فعل (عزت مصطفى العاني) حينما كلفه الحزب برئاسة المحكمة الخاصة التي شكلت لغرض محاكمة أشخاص من (الشيعة) كانوا تحدوا قرار السلطة حين أرادوا تسييس الشعيرة وجعلها مناسبة للصدام مع النظام البعثي.
ولم يكن موقف العاني متعاطفا مع رجال الشعيرة تلك, ولا مع طريقة التعبير عنها, لكنه كان يرى أن التصدي لها يجب ان لا يتم من خلال القمع المفرط, معتقدا أنه بحكم مخفف سوف يرضي الحزب وضميره في نفس اللحظة.
وما كان غريبا بعدها أن يصدر قرارا بعزله عن القيادة, وإعفائه من مسؤوليته كوزير للصحة ثم تعيينه طبيبا مقيما في الأرياف بنية إذلاله.
ولقد ظل الدكتور مصطفى بعدها صامتا كل الوقت لإعتقاده أن موقفه ذاك كان كفاه حاجة الحديث.
وحينما سقط غريمه بعد الإحتلال فهو لم يهرع كما الآخرين لتسويق مأثرته وبيعها في سوق السياسة الملوثة.
وفي هذا فقد أصاب مرتين, مرة حينما قال الحق, ومرة حينما حفظه من التلوث.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
خان النص منطقة تتوسط بين مدينتي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لولا علي لهلك عمر (3)
- قريبا من التاريخ قريبا من السياسة .. لولا علي لهلك عمر (2)
- الوهابية التكفيرية اشد خطر على السنة العراقيين مما هي على ال ...
- والعبادي أيضا دَعْشنوه وسَعْدنوه
- الرهان على البيشمركة
- بين سكين داعش وسيكارة التحالف الوطني
- تغيير المالكي .. أين المشكلة ؟
- هزيمة ما قبل الهزيمة
- في حرب العراق ضد داعش.. هل العراق بحاجة إلى اسلحة متطورة
- خطبة الوداع
- الطبعة العراقية لنظرية المؤامرة
- فؤاد معصوم رئيسا لدولة فاقدة العصمة
- الشيعة والسنة والكورد وحوار حول قدسية الجغرافيا وقدسية الإنس ...
- المكونات والأقليات
- 14 تموز .. ثقافة جلد الذات
- لعلي حينما أعشق
- حينما يكون عدو عدوي .. عدوي
- كركوك, هل ستكون كويت البارزاني
- الدولة الكردية وقضية الثابت والمتغير في الموقف التركي
- الأحزاب الإسلاموية وقضية الوطن العراقي الواحد


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - عزت مصطفى .. الموت نظيفا