أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مصطفى مجدي الجمال - رؤوف عباس وخطى مشاها سريعا














المزيد.....

رؤوف عباس وخطى مشاها سريعا


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 17:42
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


حينما جلست بين يدي رؤوف عباس أول مرة انتابنى قدر من الوجل. ولم لا؟ فعندما كنت طالباً بالثانوي قرأت لهذا المؤرخ العظيم مقالات ودراسات أثرت فى فكرى ووجدانى أيما تأثير. أما عن الفكر فقد كانت كتاباته جزءاً مهماً فى تشكيل وعيى الشخصى بالتاريخ، وأنه ليس تاريخ الحكام والساسة فقط، وإنما يصبح التاريخ ذا معنى إذا ارتبط بالرؤية الاجتماعية- الاقتصادية- الثقافية، وكم كان رؤوف عباس بارعاً فى تقديم هذه الرؤية المتضافرة!
وبالنسبة لتشكيل وجدانى فقد أسهمت كتابات رؤوف عباس فى إفهامى أن نضالات العمال والفلاحين والبسطاء هى من أهم عوامل صنع التاريخ والحاضر والمستقبل، رغم أنف بعض المتاجرين ببضاعة التاريخ ومزوريه.
بعد دقائق من جلوسى ومجموعة من الأصدقاء لأول مرة بين يدى المؤرخ كنا نحن الذين نتحدث وهو الذى ينصت باهتمام، ولكنه عندما تحدث بهرنا ليس فقط بعمق معرفته بالماضى ونفاذ بصيرته إلى الحاضر، وإنما أيضاً بخفة ظله وروحه المنبسطة وحكاياته المذهلة التى تتداعى ولا تنتهى، حتى أنك من الدهشة والحب السريع جداً لهذا الرجل لا تفاجأ بدموع البهجة تطفر من عينيك. فأنت أمام عالم جليل غيور على الحقيقة، ومثقف مهموم بأوجاع الفقراء ومستقبلهم، ومواطن مصرى بسيط بكل معنى الكلمة.
وبعد عدد قليل من السنوات شعرت أننى صديق مقرب من رؤوف، رغم فارق السن والحكمة والمقام، ولكنى أدركت سريعاً أن كل من حوله كان يشعر أنه صديقه الأقرب. وهذه هى العبقرية الفذة فى شخص رؤوف عباس.
كان الرجل من أهم أعمدة مدرسة التاريخ الاجتماعى فى مصر، وله فى هذا إسهامات كبيرة أتمنى على الجمعية المصرية للدراسات التاريخية (التى كان رئيسها ومؤسس مقرها الشامخ بمدينة نصر) أن تجمع التراث المتناثر للراحل الجليل، وتتيحه مُجمعاً للباحثين والشباب، وسيكون هذا هو التكريم الحقيقى له.
لم يكتف رؤوف عباس بالجهد الأكاديمى والمعارك العلمية والفكرية، وإنما نشط بقوة أيضا فى الحركات الاحتجاجية، وكتب فى السنوات الأخيرة سلسلة من المقالات خطيرة الشأن تناول فيها الأوضاع السياسية بمصر. ومن أهم ما لاحظته على كتاباته أنه لم يغرق فى الثنائيات أو التناقضات المصطنعة التى دأب المثقفون على التيه فيها، فهو لم يجد أى تناقض بين عروبته ومصريته، أو بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم والتنوير، كما علمته دروس التاريخ البليغة أن الاستعمار حريص دائماً على تخلف مصر وتبعيتها، وأن الديمقراطية طريق مضمون للتحرر والتقدم والعدالة.
وقد لا يعلم الكثيرون أن الأصدقاء عبد العال الباقورى وإيمان يحيى وأحمد غزلان وآخرين فى صالون النديم الذى أسسه معهم، هم الذين لعبوا الدور الأكبر فى تحريض رؤوف عباس على كتابة ونشر كتابه الخطير "مشيناها خطى" والذى أصدرت منه دار الهلال عدة طبعات. وإلى جانب مشوار حياته القاسى الذى حكاه بفطرية وصراحة تذكرنا بـ"أيام" طه حسين، تطرق إلى وقائع مذهلة عن زحف الفساد إلى الحياة الجامعية، وهو ما عرض الراحل العظيم لخمس عشرة دعوى قضائية كسبها جميعاً، والأغرب من كم الدعاوى القضائية هذا أن رؤوف لم يذكر أصلاً أسماء بعض من أقاموها ضده.
أخيراً.. كان من الملاحظات الشخصية لى أن هذا الرجل فارع الطول كان يسير معنا فى شوارع القاهرة المكتظة والفوضوية بسرعة كبيرة تجعلنا نلهث كى نلحق به، وكنت دائماً أتساءل عن سبب هذه العادة، فوجدت السبب فى كتابه "مشيناها خطى". فهذا الرجل الذى تحدى طفولة وشباب شديدى البؤس والقسوة كان يقطع القاهرة كل يوم من أقصاها إلى أقصاها على قدميه ذهاباً إلى المدرسة ثم الجامعة، لأنه ببساطة لم يكن يملك أجرة الحافلة أو الترام.
لم يكن رؤوف عباس من المهرولين فى مشيتهم وإنما كانت خطوته واسعة جداً. وهكذا قطع حياته الحافلة والعاصفة، ولا نزال نحن نلهث وراءه.
طبتَ حياً فى قلوبنا وذاكرتنا يارؤوف.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوار الجزيرة
- لا وطنية بدون العداء لأمريكا وأتباعها
- الاستقلال عن التسلط وفزاعاته
- الكراهية العربية المتبادلة مكسب صهيوني مجاني
- وطنيون لأننا نريد التحول الديمقراطي والاجتماعي
- لا تجعلوا انتخابات الرئاسة تفقد الثوار وحدتهم
- صحافة آخر زمن
- انتخاب رئيس أم الانتصار لمنهج ثوري؟
- تثقيف خالٍ من الكهنوت والتسطيح
- تداعيات الذاكرة على هامش سقوط بغداد
- نداء شبه أخير
- اضحك مع نزع الملكية الفكرية
- الكاريزما من الانقلاب إلى الصندوق.. درس شافيز
- عن شعبوية شافيز وغموض السيسي
- من كتيبة المجهولين- اليساري بالسليقة
- مستقبل مغامرة السيسي
- لا تكرروا خطيئة التحالف مع الشاطر إخوان
- فريق رائع
- من غير لف ودوران
- دليلك إلى القيادي الشرير


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مصطفى مجدي الجمال - رؤوف عباس وخطى مشاها سريعا