فهم معاصر لتفيذ حد السرقة

عبد الحكيم عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 4541 - 2014 / 8 / 12 - 16:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

فهم معاصر لتفيذ حد السرقة.
السلام عليكم ورحمة الله:
عندما كتبت مقالي بعنوان - احكام وشروط قطع يد السارق في الشريعة الاسلامية-http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=427765 كان الغرض من كتابته هو ايصال رساله مفادها انه ليس كل من يلتزم بالنص القرآني لتنفيذ الاحكام التي وردت في القرآن , انه ليس بالضرورة على صحيح الاسلام, ولايعني ان من يلتزم بحرفية الايات القرآنية ,انه هو المترجم الحقيقي للاسلام, قد يأتي رجل دين او مرجع اومفتي ويقول ان قطع يد السارق تكون من الكتف , ويستند الى ان الاية تقول قطع اليد واليد ليست الكف حصرا ويقول انه على صحيح الاسلام, لانه يلتزم بالنص القرآني.
آيات القرآن حكم عام شامل ولكن لها ضوابط واحكام وشروط لتنفيذها كما اي قرار تصدره اي حكومه لاينفذ الا بعد ان يقوم المختصون القانونيون ببيان احكام وشروط ومنازل تنفيذ القانون وكما اي دستور فهناك مايسمى بالمحكمة الدستورية او المحكمة الاتحادية والتي تتكفل بتفسير بنود الدستور واليات تنفيذ فقراته. والله عز وجل بين ذالك في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة.
اذا هناك بيان لاآيات القرآن الكريم وحذ الله من التعجل بفهم آيات القرآن وهناك ايضا اية في هذا الفهم, ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )
نجد في تفسيرآيات القرآن الكريم أثر تركيبة رجل الدين او الشيخ او المرجع او المفتي النفسية واضح جدا على مايفسرونه من آيات أو مايفتونه من فتاوى,
فنجد المفتي ذو التركيبة النفسيه المتشدده الاقصائية ,يكون تفسيره لاآيات القرآن تمتاز بالتشدد والاقصاء وعدم الليونه وعكسه من يكون يحمل تركيبة نفسيه رحومه عطوفة , تكون تفسيراته لاآيات الله وفتاويه بعيدة عن التشدد مليئة بالرحمة متسامحة, وهنا تكمن الاشكالية والاختلاف في الفقه الاسلامي, رغم أن الكثير من الايات القرآنية حثت على العفو والمسامحة ومنها بسم الله الرحمن الرحيم:
" وأن تعفوا أقرب للتقوى " .سورة البقره
وان تعفوا وتصفحوا هو اقرب للتقوى .سورة التغابن
{وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين }
اذا لماذا يتجاهل بعض المشايخ والمراجع قاعدة العفو والتسامح التي اقرها الله ورغب فيها وحث عليها
قد يقول البعض ان رسولك مافعلها ,نقول ان رسولنا صلى الله عليه وسلم اطلعه الله على عواقب وغيبيات لايمتلكها مشايخنا ولامراجعنا وعلى كل رجل دين ان لايقارن نفسه بالرسول عندما يصدر اي فتوى وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ الحدود لذالك نجد الشريعة الاسلامية وضعت شروط واحكام لتنفيذ هذه الحدود على من ينفذها او من يطبق الحدود ان لايتجاوزها بحجة انه الافهم للايات القرآنيه وبحجة أن الايات القرآنيه واضحة وصريحة لاتحتاج الى تفسير كما في حد السرقة او حد الزنى فنجد اليوم البعض من المشايخ بمجرد ان يأتوه بسارق يبادر الى تنفيذ الحد وبسرور بالغ ظنا منه انه يطبق شرع الله(بالاول نفذ حقوق المواطن على الدولة الاسلامية) ام أن الدولة الاسلامية جائت حصرا لتنفيذ شرع الله واحكامه حصرا, بدون ان تقدم لمواطنيها الامن والامان والعيش الكريم والعفاف.
والحصانة من الوقوع في المعصية والفاحشة.
لنعود لعنوان المقال(فهم معاصر لتنفيذ حد السرقة)
يجب ان يدرك فقهاء الاسلام اليوم ان لكل عصر او زمن ظروفه واسلوب حياة ونمط عادات وتقاليد تختلف عن عصر الرسالة وما تلاها وعليه ان لايغادروا هذا الفهم وعليه ان يفسروا الايات وفق مفاهيم وعادات وتقاليد وظروف هذا العصر ومنها تنفيذ الحدود التي اقرتها الشريعة الاسلامية
نأتي للاية القرآنية ,بسم الله الرحمن الرحيم(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
ناتي لمعني فأقطعوا_ معناها في اللغة المنع يعني الغرض من القطع هو منع السارق من تكرار السرقة, ولم تكن هناك وسيلة واسلوب في زمن الرسالة وماتلاها من اسلوب للمنع غير قطع اليد
ولكن اليوم هناك اساليب اخري يمكننا معها منع السارق من السرقة مرة اخرى , وهي مثلا الحبس أو الغرامة الثقيله أو وضعة في مؤسسات اصلاحية, توفير فرص العمل له التي معها يصبح قادرعلى الكسب
فعندما نقول مثلا قاطع طريق فهل هذا يقوم بحفر الطريق. وعندما نقول قطع المصروف عن الابن عقوبة له فهل نقوم بتقطيع النقود وعندما نسمع ان دولة ما قطعت المساعدات عن بلد ما معناها انها قامت بتقطيع المساعدات بالسكين او بالسيف
وذا كان الهدفين او الوسيلتين الاولي بقطع يد السارق هي لغرض منعه من السرقة
والوسلية الثانية بحبس السارق واصلاحه وتوفير له سبل الرزق تصلات الى ذات الغاية فما المانع من ان نعتمد اسلوب جديد في معاقبة السارق بدل من قطع يده وجعله عالة على المجتمع ويعاني من تأثيرات نفسيه اكثر تعقيدا في حال قطع يده وقد تحوله الى مجرم اكثر اجراما واكثر انتقاما قبل ان تقطع يده
فليس هدف قطع اليد هو الذي تسعى اليه الشريعة بل هدفها المنع واذا تحقق المنع فما المانع من ان يكون تنفيذ او حد السرقة باسلوب مغاير واكثر رحمة واكثر تسامحا كما دعنا لذلك الله عز وجل خاصة لمن يقوم بالسرقة للمرة الاولى وان يهدد في حال تكرار السرقة بقطع العيد وكما يقال لقد اعذر من انذر وان يعتمد الفقهاء مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم(((ادرؤوا الحدود بالشبهات)( ((ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم)) بمعنى لاتنفذوا الحدود على الشبهة
ولكم التحية

#عبد_الحكيم_عثمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات