أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - تامر عمر - تأملات ميتافيزيقية 1 - فى أصل وجود الإنسان














المزيد.....

تأملات ميتافيزيقية 1 - فى أصل وجود الإنسان


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4537 - 2014 / 8 / 8 - 17:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يُعرف فى الثقافة الإسلامية أن إرادة الفرد عند الله شىء جليل وعظيم، بدليل أن الله سبحانه قد ترك للفرد حرية إطاعته أو عصيانه، وحتى الإيمان أو الكفر به. حتى أن الشيطان نفسه، له إرادة محترمة عند الله، والدليل على ذلك أن الله إذا أراد للشيطان ألا يمارس عصيانه وإغواءه للناس لما تركه يفعل، لكن الله قد شاء أن يحترم إرادات مخلوقاته حتى العاصى منهم والمارق، وصولاً إلى إبليس ذاته، رمز العصيان وأيقونتة.
ويُقال لك أن مكانك فى الآخرة مرهون باستخدام إرادتك، فلو أطعت الله كان مكانك الجنة، ولو عصيته فمصيرك جهنم، وأن الشر إذا وقع منك فما ذلك إلا لاحترام الله تعالى لإرادة عباده، حتى لو اقتضت تلك الإرادة ممارسة الشر وإنزال الضرر بالغير (لحين يوم الحساب فى الآخرة بالطبع).
من هنا، وحسب المفهوم الدينى، فأنت - بالتأكيد - حر فيما تفعل، وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل. فقط جرب أى شىء يخطر على بالك وستجد أن الله لا يمنعك. فإذا أردت خيراً فستفعل، وإذا أردت شراً، فأيضاً، ستفعل.
ولا أكتمك سراً، فأنا سعيد بتلك الفكرة، ليس لأنى من هواة ممارسة الشر والإيذاء، ولكننى سعيد بها لأسباب تتعلق باحترامى العميق لإرادة الإنسان. وفى اعتقادى، فكلما اتسعت مساحة احترام إرادة الإنسان فى مجتمع ما، كلما دلّ ذلك عندى على رقىّ المنظومة الثقافية والقيمية التى يتمتع بها المجتمع الذى يعيش فيه هذا الإنسان. ومن هنا، تأتى أسباب سعادتى من هذا التصور الدينى لإحترام الله لإرادات مخلوقاته فى سلوكياتهم.
لكننى دائماً أساءل نفسى: إذا كان الله قد احترم إرادة الإنسان فى سلوكياته (على أن يكون حسابه فيما بعد فى الآخرة)، فهل احترم الله إرادتنا - من الأصل - فى أن نأتى إلى الدنيا أو لا نأتى؟ عندما تطرح هذا السؤال على أحد المشايخ، ففى الغالب ستكون إجابته كالتالى: "بالفعل، لقد اخترتَ أن تأتى إلى الدنيا بمحض إرادتك، ولم يجبرك الله سبحانه على الوجود فيها. فأنت قد اخترت وقررت أن تكون أحد المخلوقات على هذا الكوكب، ليس ذلك فحسب، بل إنك اخترت أيضاً أن تكون مخلوقاً عاقلاً، والعقل مناط التكليف والحساب، ومادمت تفعل الخير وتترك الشر فمصيرك الجنة، فاهدأ واطمئن".
لكننى فى الواقع لا أستطيع أن أطمئن. فهذا الإختيار وهذا القرار من جانبى، والذى أقررت فيه وأردت عن عمد - وبعد دراسة مفترضة وتفكير سابق - أن آتى إلى الدنيا، هذا القرار أنا، ببساطة، لا أتذكره!! هل يتذكر منكم أحد هذا القرار وذاك الإتفاق؟ بالطبع لا. إذن، فالسؤال لا يزال قائماً أمام العقل الدينى ينتظر الإجابة: نحن يا مولانا لا نتذكر أى شىء عن هذا الإتفاق وهذا القرار الذى اتخذناه، فكيف بالله عليك تريد أن تقنعنا بأنه قد حدث؟
يقول لك مولانا محاولاً الإجابة: "لأن هذا الإتفاق كان فى عالم آخر هو عالم الغيب، ولهذا السبب أنت لا تتذكر منه شيئاً". وأقول أنا: ولو، كان من العدل والإنصاف أن أظل متذكراً هذا القرار، حتى أظل باستمرار واعياً لفكرة إرادة الحياة، وحتى لا يأتى يوم أتذمر فيه من حياتى، إذ أن هذه الحياة قد وُجدت بناء على قرارى وإرادتى.
وعْى الإنسان المستمر وذاكرته الممتدة الموصولة بين عالمى الغيب والشهادة مهمان جداً فى الفكر الدينى. والمثال على ذلك أوضح من الشمس. ففى الآخرة (وهى غيب وعالم آخر غير عالمنا)، وعندما يحاسبنا الله على أفعالنا، فسنتذكر كل خير فعلناه وكل شر اقترفناه، فذاكرتنا يومئذ ستكون امتداداً لنفس الذاكرة التى عشنا بها فى الدنيا فى عالم الشهادة، وذلك أمر منطقى والعكس غير منطقى. ففى يوم القيامة، لو وقفت أمام الله ناسياً ما فعلته فى الدنيا فليس للحساب معنى. وإذا أنا نسيتُ فعلاً ما فعلته فى الدنيا أثناء حسابى أمام الله فى الآخرة، فسأزعم له - صادقاً - أننى لم أقترف هذا الشر أو ذاك، هذا ببساطة لأننى قد فقدت ذاكرتى. وبما أن الله يحاسب الضمائر والسرائر - وليس بالشواهد والقرائن كما يفعل القضاة فى الدنيا - فسيكون ضميرى مرتاحاً بالتأكيد، فأنا قد فقدت ذاكرتى وليس بوسعى الإعتراف بأى شر اقترفته!!
مسألة اختلاف عالم الغيب عن الشهادة لا يجب أن يُنسينا أى قرار اتخذناه هنا أو هناك. فهنا، فى الدنيا، يجب أن أتذكر هذا القرار الشخصى الواعى، الذى صدر منى فى عالم الغيب بالوجود فى الدنيا والتعرض لمتاعبها وآلامها. ذلك هو العدل والمنطق كما أراه، ولا أرى أى سبب وجيه لنسيان هذا القرار. فهل تراه أنت كذلك؟



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجاب وتشيئ المرأة
- هل حسم الإسلام مسألة مصير السيد المسيح حقاً؟
- ما هى اللغة التى حدث الله بها آدم؟
- أنظر كيف يهدم العقل العلاقات الإنسانية الطيبة؟
- هل نحن حقاً لا نحتاج إلى الأنبياء فى زماننا؟
- نحن .. المكتوب علينا ألا نشهد المعجزات
- هل الدين هو مصدر الأخلاق؟
- هل إختار المعاق عقلياً إعاقته؟
- ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟
- لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟
- لماذا لم تدون شعوب العالم القديم معجزات الأنبياء؟
- لماذا لم يظهر الأنبياء إلا فى منطقة الشرق الأوسط؟
- لماذا إختار الله أن يعذب العصاة عذاباً جسدياً؟
- فرعون .. المجنى عليه!!
- قبل الإختلاف على حكمها .. ما هو معنى -الردّة-؟
- ألغاز سفينة نوح
- أين يختبىء يأجوج ومأجوج؟
- أخلاق آدم والعصر الحجرى
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - تامر عمر - تأملات ميتافيزيقية 1 - فى أصل وجود الإنسان