أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - إعلام الحروب















المزيد.....

إعلام الحروب


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 4521 - 2014 / 7 / 23 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إعلام الحروب
بات الإعلام يقوم بمهمات فرق عسكرية جيدة التدريب والتسلح.والحرب الإعلامية حرب نفسية تتبع السياسة وتقوم بمهام عسكرية؛ والحرب مواصلة للسياسة، ولكن بوسائل مختلفة. السياسة الموحدة تنتج إعلاما موحدا وهذا ما تعمل إسرائيل بمقتضاه تقليديا منذ دخولها في الصراعات المسلحة؛ اما السياسة المرتبكة فينجم عنها إعلام مرتبك يضخ بوهن ومصداقيته مشكوك فيها.
دأبت الدعاية الإسرائيلية في اوقات الحروب على تركيز المعلومات في جهة واحدة هي الناطق العسكري. كلمته تتردد في جميع القنوات والمنابر محليا ودوليا . في تقرير بعث به المراسلون في غزة إلى صحيفة واشنطون بوست ونشر في المساء المتأخر ليوم الأحد 20/ 7 حول جريمة حي الشجاعية يلاحظ القارئ أن المسئول الإسرائيلي اشترط عدم ذكر اسمه، إذ أورد في تصريحه إشادة بمقاتلي حماس(محاربون أفضل مما توقع الإسرائيليون، مدربون جيدا ومزودون بأسلحة جيدة ويصوبون بدقة الأسلحة الخفيفة والثقيلة، بما في ذلك المورتر ). إلى جانب ذلك ترفق الصحفيان في تبرير التكتم على مصدر الخبر "بسبب البروتوكول العسكري" . تجنب الصحفيان الإشارة إلى ان إشادة المسئول بمقاتلي حماس يكذب النظرية الإسرائيلية القابعة خلف الرواية الإسرائيلية عن حروب إسرائيل كافة، والحرب شكل آخر للسياسة بوسائل أخرى: الطرف الأخر شبح، هوام سابح في الفضاء أو صراصير داخل زجاجة- جزء من الكل الفلسطيني- ، كما قال (روفائيل إيتان) رئيس الأركان الأسبق، او بشر غير حضاريين لا يحترمون الحياة.وهذا محور الرسالة الإعلامية للعدوان الأخير على غزة.
المراسلون الأجانب يعرفون بالخبرة أنهم غير محصنين ضد إجراءات إسرائيل الزجرية. إذ لن يجدد تصريح العمل لمن يستقل في تصنيع الخبرونقله. فقد سحبت فضائية إن بي سي الأميركية مراسلها امين محي الدين، المصري المولد. شاهد بعينه الأطفال الأربعة على الشاطئ يصرعهم صاروخ . وقال انه لعب معهم قبل استشهادهم. صور الحادث وعممه ليسحب الصحفي في اليوم التالي من غزة ويستبدل بآخر يجهل المنطقة ويجهل حيثيات الصراع. فهل تم سحب المراسل بضغط من إسرائيل؟ ام ان الوكالة تطوعت بموجب تنسيق مسبق. الحادثة تكذب حرية الإعلام في ما يسمى " العالم الحر"؛ وحدة الرسالة الإعلامية ، خاصة زمن الحرب، تقدم على حرية الإعلام .
الناطق الإعلامي او الناطق السياسي ( ونتنياهو في المقدمة) يتلاعبون بالمعلومات لتقديم رواية مقنعة. ولدى المقارنة نجد دعاية إسرائيل تتلاعب في الوقائع لكي تبني عليها أحكاما منطقية وتتوصل إلى استنتاجات مقنعة للمتلقي. اما في صحيفة نيويورك تايمز فنجد التعسف المبتذل والتحيز المفضوح . افتتاحية نيويورك تايمز (19 تموز) تبريرية مباشرة وعنصرية صارخة : تبخيس حيوات الفلسطينيين مقابل رفع قيمة الحياة في إسرائيل. كما انها تتعسف في تأويل التصرفات لدى الطرفين: حماس، بصواريخها، ترمي الى "إرهاب " المواطنين في إسرائيل بينما إسرائيل ترمي لمجرد إنجاز أهدافها العسكرية من خلال إسقاط آلاف الأطنان من القنابل على أبناء الشعب الفلسطيني. هكذا على المكشوف !
لم تتطرق افتتاحية النيويورك تايمز إلى تهديد نتنياهو في 30 حزيران بعد العثور على جثث المختطفين الثلاثة. فقد هدد حماس باقتلاعها من جذورها وتدمير بنيتها التحتية. هذا التهديد أُغفِل كليا لنفي القصدية والتدبير المسبق لمجازر غزة . كما أغفلت الرسالة الإعلامية معارضة نتنياهو الشرسة للوفاق داخل الموقف الفلسطينية وتشميل حكومة الوفاق الوطني ، وهو ما جاهر نتنياهو بمواجهته.
وتم إغفال مواقف نتنياهو التي دشنت الأحداث الدموية اللاحقة لدى إعداد الملصقات التي دأبت على توجيهها الدعاية العسكرية في إسرائيل، حيث جرى التركيز على أين تخزن حماس صواريخها ، والجواب في بيوت المدنيين .ومن ثم يتم تبرير كل الجرائم المقترفة بقصد وسابق تخطيط. يقضي المنطق أن البيوت مساكن ، بينما في غزة غدت مخازن ، من المشروع مهاجمتها بالصواريخ.
في ملصق نجد" إسرائيل تستخدم الأسلحة لحماية المدنيين ، وحماس تستخدم المدنيين لحماية الصواريخ". يترتب على هذه الواقعة المفبركة أن الفلسطينيين برابرة يجهلون المبادئ الأولية للحياة البشرية والقانون الدولي. باتت البيوت والجوامع والمشافي والمدارس أهدافا مشروعة لأنها غدت مخازن أسلحة.
والمنطق المترتب ان حماس تخبئ اسلحتها داخل البيوت وهو امر غير شرعي ، وإسرائيل تضرب بالصواريخ أهدافا عسكرية، وهو امر مشروع.
هنا يكمن الفارق الحضاري بين الإسرائيليين والفلسطينيين.الفلسطينيون لا يشكل قتلهم انتهاك القانون الدولي، كما ورد في ملصق أعده رئيس اركان حرب الجيش الإسرائيلي: " حتى ونحن ننفذ ضرباتنا، فإننا نتذكر ان هناك مدنيين في غزة، حولتهم حماس إلى رهائن". وعندما يغدو البشر دروعا محتملة، عندما يمكن ان يغدو كل مدني رهينة فإن جميع المدنيين لدى العدو يغدون قابلين للقتل.
هذا بينما القانون الدولي دقيق في صياغته؛ اذ يحظر استخدام السلاح إن كان ينطوي ذلك على "مجرد احتمال قتل مدنيين" . كما أن بنود ميثاق جنيف تطالب بحماية المدنيين في حالة الحرب.

يمضي نتنياهو على قاعدة استثناء إسرائيل من المعايير المألوفة دوليا. فهو يزعم أن حروب إسرائيل خارج أراضيها ليست كحروب الآخرين، هي حرب دفاعا عن الوجود. وحيث أن الصحافيين الإسرائيليين لا يعضون ، حسبما كتبت صحيفة " تايمز أف إسرائيل"، فهو يغير أهداف الحرب ؛ إذ يتراجع عن إزاحة حماس من السلطة ونزع سلاح غزة،لأسباب بعضها معروف وأخرى تقبع في تلافيف العقل الاستراتيجي للمخططين الإسرائيليين..
الإعلام الإسرائيلي يتعمد التركيز والتكثيف مصدر قوة الرسالة الإعلامية. والوقائع التي تجتزئها الرسالة الإعلامية تغدو الواقع الوحيد من بين ملايين الأحداث ، وتشرّع الرؤية السياسية لصاحب الرسالة . تنفرد المؤسسة العسكرية في فرز واختيار ما يعزز توجهها من بين ملايين الوقائع والأحداث. في كل ما يتعلق بالصراع يصدر فقط عن المؤسسة العسكرية رأي يعمم على جميع القنوات والمنابر الإعلامية؛ فتجد المتلقي أمام الشاشة على مدار الساعة يتلقى الرأي الواحد عبر شتى النشرات الإخبارية او التحليلات الإخبارية او الأبحاث والدراسات الخ. يتحول المتلقي إلى ناطق بلسان الحكومة متعصبا في موقفه معبأ دوما للتنفيذ. وهو لن يمارس في يوم من الأيام نقد ما يتلقاه او يلقى إليه ، إلا بعد كارثة تصدم الوعي، مثل انهيار ألمانيا في نهاية الحرب العالمية الثانية. وبهذه التربية بات الجمهور الإسرائيلي عنصريا متزمتا لا يأبه بآلام الآخرين ويرى في الآراء المضادة انحرافا عن الحقيقة. وفي العدوان السابق، عام 2012 كانت تسيبي ليفني وزيرة خارجية، وانفقت عدة ملايين كي تفرض على كل مسئول في العالم، بما في ذلك الناطقون بلسان هيئات حقوق الإنسان ، أن يورد في تصريحه عن الحرب عبارة " من حق إسرائيل وواجبها الدفاع عن امن شعبها". وبالفعل نجحت في مسعاها وبات كل ما يخرج عن المقولة في أي تصريح سوء تقدير او خطا مقصود، لايصدق.
هكذا لا تصدر مواقف التأييد للعدوان الإسرائيلي جميعها عن تواطؤ أو انحياز . اجل ، هناك تواطؤ بالطبع،وهناك مقتضيات التحالف الاستراتيجي؛ لكن يبقى نصيب من الدعم الحاصل للعدوان الإسرائيلي حصيلة نشاط الآلة الإعلامية، تقنيتها وحسن تنظيم أدائها ، حيث تتفوق على الإعلام المضاد.
الحالة الفلسطينية اللامتوازنة والممزقة بين اتجاهين متنافرين حد التناحر تقابل حالة إسرائيلية موحدة ومنسجمة ذات تأثير محلي ودولي هائل ؛ وتجد مطبخ الناطق الإعلامي يعج بخبراء علم النفس والمستشرقين وخبراء الاجتماع والإعلاميين والعديد من اهل الخبرة في مجالات عدة. لا يعرفون في إسرائيل الارتجال ، سواء في الممارسة العملية او في الإعلام.. الأداء السياسي الموحد يسفر عنه اداء إعلامي موحد. التواصل الاجتماعي في إسرائيل يتم على ثلاثين لغة عالمية وبموقف موحد. وهذا مجرد مثال. فهل نتوصل إلى الأداء السياسي الموحد اولا كي نوجه رسالة إعلامية متناسقة ذات قوة دافعة؟!
الانقسامات السياسية في العالم العربي انعكست بشكل سلبي على القضية الفلسطينية، خاصة على برامج التواصل الاجتماعي. وتجد الكتابات العربية تشاتما او توافقا لا فرق؛ بينما يجري اغفال مضمون الرسالة الإعلامية وضعف الاهتمام بالجبهة الخارجية . وهذا عكس ما يتم على جبهة الإعلام الفلسطيني حيث خليط الآراء ومزاجية الانتقاء وارتجالية المواقف ، واحيانا اعتبارات الكيد وتحصيل المغانم التافهة. النزق والانفعالية لا يتركان المجال للتأمل والتصرف بعقل هادئ وحاضر للإحاطة بشتى الاحتمالات ثم التقرير بناء على فحص واختبار البدائل.
تمضي إسرائيل طبقا لتقاليد الغرب في دمج السياسة والميديا. نجد الميديا يمتلكها أصحاب الملايين ممن يوثقون العلاقات مع الأحزاب و القوى السياسية المتنفذة . نجد موردوخ على سبيل المثال يمتلك شبكة ميديا تضم أهم الصحف وفضائية فوكس نيوز وصحيفة التايمز اللندنية الخ. كما نجد البي بي سي تعين مستشاريها من بين المحافظين الجدد في اميركا، ونجد الحركة الصهيونية واللوبي الإسرائيلي والمحافظين الجدد يتوزعون على مراكز ابحاث وشبكات تلفزة وإذاعات وصحافة ومجلات ودور نشر ومراكز اكاديمية يحاصرون من خلالها الرأي الآخر ويضيقون عليه المنافذ ويتغلغل إعلامهم في توجهات الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة. بات للتكنولوجيا أهميتها وتأثيرها في مجال السياسة.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور التحالف الإجرامي
- جنرال الحرب الإعلامية يموه فشل الصهيونية
- ثقافة التحضر تنقض الأبارتهايد الإسرائيلي
- من القاتل ومن المستفيد؟!
- مكائد إسرائيل وتحالفها الاستراتيجي تحت المجهر
- العلم في الصغر
- حكومة وفاق وطني تحت حراب الاحتلال
- مركزية دور التربية النقدية في التحول الديمقراطي
- الماركسيون والديمقراطية .. الدروب ليست سالكة
- الماركسيون والديمقراطية
- إسقاطات توحش الاحتلال الإسرائيلي
- يوم الأرض ووحدة النضال والمصير في المنطقة
- مكافحة الأمية الدينية- إلإصلاح الديني2/2
- مكافحة الأمية الدينية- إلإصلاح الديني
- المرأة والدبمقراطية والثقافة
- الصهيونية تعاونت مع النازية -2
- الصهيونية تعاونت مع النازية واضطهاد اليهود يخدم أهدافها
- العقل والضمير ضد تلفيقات الصهيونية
- الجرح النازف ماديا ومعنويا.. انكشاف الخرافة تحت وهج التضامن ...
- شطب القضية الفلسطينية نهائيا


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - إعلام الحروب