أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - بمناسبة الذكرى السادسة والخمسون لثورة 14 تموز: (1-3)















المزيد.....

بمناسبة الذكرى السادسة والخمسون لثورة 14 تموز: (1-3)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4510 - 2014 / 7 / 12 - 19:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بمناسبةالذكرى السادسة والخمسون لثورة 14 تموز: (1-3)
عبر الثورة ودروسها
لقد تضافرت وتفاعلت في زمن الجمهورية الأولى، عديدٌ من العوامل والظروف على خلق مناخ زمني تكاثرت فيه وتكالبت الصراعات السياسية والمحاولات الانقلابية، وأصبح العنف المادي المتبادل سيد الموقف، بعد انحسار النقاش والحوار والسجال الفكري، حتى أمسينا ضحايا بعضنا البعض الآخر، بقدر ما نحن ضحايا أفكارنا وممارساتنا عن الأنا والآخر. ودخلت القوى الاجتماعية الحية (وحتى الواهنة) في خضم الصراع العنفي عبر الأحزاب السياسية، التي سبق ان كانت مؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني، وتلك التي انبثقت للوجود بعد الثورة. لقد انشطرت عمودياً ساحة الصراع السياسية في عراق الجمهورية الأولى إلى قطبين متقابلين بل ومتناقضيين:
الأول: تمحورت فيه وتخندقت القوى المتضررة من ثورة 14 تموز أو/و مسيرتها اللاحقة، وضم مجاميع متباينة من حيث التوجهات الفلسفية الفكرية و آفق التصورات المحتملة للعراق القادم، إذ ضم عديداً من أحزاب التيار القومي على تعددها، و كان حزب البعث، نواته الاستقطابية المركزية. كما ضم بعض تيارات القوى الدينية (الشيعية والسنية) وكذلك بقايا الاقطاعية والعهد الملكي والأرستقراطية التقليدية، وخاصة أغنياءها، في المدينة والريف والضباط المغامرين وغيرهم.
الثاني: فقد تمركزت فيه قوى الثورة، المنظمة وغير المنظمة، والتي شملت أغلب القوى السياسية والاجتماعية التي كانت تنادي بأولوية عراقية العراق، والتي مثلها التيار الوطني المستقل، الأوسع كماً، والديمقراطي (الحزب الوطني الديمقراطي) واليساري الراديكالي الأكثر تنظيماً، وكان مركز هذا القطب يتمحور حول عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي والكثير من القوى الكردية.
لقد تميز وآل الوضع آنذاك إلى تحالفات سياسية متحركة غير ثابتة من جهة، كما أن بعضها لم تكن منطقية وبعيدة عن الموضوعية في تصوراتها وماهيتها من جهة ثانية. إذ فقدت بوصلتها الحقيقية المتطابقة مع المرحلة وضروراتها ومتطلباتها، وتناقضت مضامينها مع الرغائب التي كانت تصبو إليها هذه الاحزاب والقوى. وجمعت هذه التحالفات، من جهة ثالثة، بين متناقضات كانت بعضها ذات طبيعة تناحرية، وفلسفاتها كانت مختلفة لا يجمعها جامع بتوجاهتها البعيدة، على الأقل. إذ يصعب تصور:
- إلتقاء العلماني (الجمهوري) من التيار القومي مع القوى السلفية؛
- بين الحركة القومية العربية المتحررة في جوهرها مع قوى الماضي من أنصار الملكية؛
- بين بعض أجنحة التيار الليبرالي الحديث النشوء وشيوخ العشائر والقوى التقليدية؛
- بين دعاة الاستقلال الوطني والتحرر الاجتماعي والمراكز الرأسمالية الغربية؛
- بين قوى اليسار وعدم تمكنها من بعث روح التحالف الواسع مع التيارين الوطني والقومي (بشقيه العربي والكردي)؛
- بين بعض من قيادة الحزب الوطني الديمقراطي وإنعزاليتها عن الحكم الذي يمثله طبقياً؛
- بين قوى اليسار عامةً وصراعاته الفعلية مع التيار القومي الكردي ؛
- بين الحركة القومية الكردية وتحالفاتها مع أعداء تطلعاتها التحررية، داخلياً وخارجياً؛
-كما لم تستطع البرجوازية الوطنية أن تلعب الدور الوسيط الحيوي للعلاقات المتبادلة بين الطبقات الاجتماعية. في الوقت أن المرحلة وظرفها الموضوعي ألقت على عاتقها مثل هذا الدور.. أنه كان دورها وزمان استنهاض ذاتها وتحقيق التتنمية العامة وفق منظورها. لكنها ضيعت فرصة تاريخية منشودة نتيجةً: لتخلفها الموضوعي في إستيعاب هذه الضرورة وفهم قوانينها وأوالياتها (ميكانزمياتها ) ومكونات ممارستها، وذاتياً بسبب قصور الطبقة وتشوه ولادتها وبالنتيجة عدم تبلورها، كذلك الطابع الأنوي/الذاتوي الذي كسى ممارسات قيادتها (وتحديداً الزعيم الوطني كامل الجادرجي) ومكوناتها الفكرية التقليدية إلى حدٍ بعيد. هذا التخلف البنيوي يسري على كافة الطبقات والفئات الاجتماعية وقواها السياسية المناظرة.
، وتأسيساً على ما ذكر، أعتقد، أنه كان هنالك خلل وظيفي كبير لدى الاحزاب السياسية برمتها ، سواءً في خطابها السياسي ذي العناوين النضالية الكبيرة، أو في بنيتها العقائدية، أو في هيكليتها التنظيمية الخالية من البعد الديمقراطي، والنافية للتنوع في الآراء والمانعة من الجدل الداخلي حول القضايا المصيرية، مما أفقدها القدرة على التكيف مع الواقع المخالف، أو الاتفاق على قواعد عمل لممارسة اللعبة السياسية ضمن الاقرار بالأخر المعارض، مما أوقعها جميعها في النرجسية التي تمثلت في الطاعة المطلقة للقادة الذين يختصرون قواعد الحزب ومثله خاتمة المطاف، في شخص سكرتيره (كشكل متطور من العلاقة الأبوية البطريكية)، المقترنة باليقينية المركزة لعقيدة الحزب وبالتالي نمذجة مثالية للسلوك الاجتماعي للعضو الحزبي.
كما تجلت النرجسية في مفهوم (وحدانية التمثيل) ذات البنية الشمولية [...المؤسسة على حقائق متعالية، غير قادرة على استيعاب تنوعات المجتمع، أو احتضان تلوناتها وتبني تطلعاته، فالمجتمع لا يحكمه التجانس ولا توحده عقيدة ولا يجمعه تصور مشترك، وهو بذلك لا تعبر عنه أحزاب ذات هيكلية عقائدية متناسقة أو أحادية التوحيد لفقدان البنية التي تؤهله أن يطل على المجتمع كله.
وضعية هذه الاحزاب، ألغت دورها الجوهري كوسيط بين الرأي العام والسلطة، وكحلقة وصل بين ممارسة الحكم وتطلعات المجتمع...غياب هذا الدور أفقد الاحزاب قدرتها على مواكبة الحدث المجتمعي. وأعجزها عن وضع برامج أو مشاريع تعالج قضايا المجتمع الشاملة... ] في ظروف معقدة كما كان في العراق آنذاك.
هذه الظروف وما نجم عنها أجبرت الزعيم قاسم أن يلعب بشكل متميز دور الوسيط للعلاقات المتبادلة بين الطبقات الاجتماعية وتحجيم صراعات مصالحها. كما حاول في الوقت نفسه إشراك قيادات مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية وقياداتها الحزبية في تحقيق هذه الصيرورة، ورفض ان تترك له وحده. لقد استوعب (هذا العسكري) أهم الحلقات المركزية للمرحلة، في الوقت الذي تخلف فيه القادة السياسيون عن فهم جوهرها، ناهيك عن فهم ذاتهم الحزبية وحراكها المستقبلي .
الهوامش:
1- مستل من ثلاثية كتابنا الذي تحت الطبع والموسوم : الانقلاب التاسع والثلاثون - عبد الكريم قاسم في يومه الاخير، دار الحصاد ، دمشق 2014.
2- حمّل الاكاديمي (الكردي السوفيتي) آشيريان، الزعيم قاسم وزر عدم إتفاق الطرفين، عندما قال: لقد عمل النظام الدكتاتوري كل ما في وسعه من أجل عرقلة تعاون ولقاء القوتين السياسيتين الكرديتين في البلد وهما الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الكردستاني اللذان كان يشدان وراءهما جماهير غفيرة... ]، الحركة الوطنية الديقراطية في كردستان العراق 1961 - 1968 تعريب لاتو - رابطة كاوا للمثقفين اليساريين الاكراد، بيروت 1978، ص 70. إلا أن المؤلف تناسى طبيعة العلاقات القلقة التي كانت قائمة بين الحزبين فيما يخص طبيعة حكم الزعيم قاسم، حيث أنطلق الأول من موقف (كفاح - تضامن - كفاح) في حين وقف الثاني، بعد عام 1961 موقفاً غير موضوعي بحيث تحالف حتى (مع الشيطان) حسب تعبير البارزاني الأب، مع أعدائه الاستراتيجيين، في الداخل والخارج، منهم داخلياً ما كان مع انقلابيي شباط، وخارجياً نظام شاه إيران، بغية إسقاط الحكم الوطني.
ولذا يشير البروفسور كمال مجيد إلى أن شاه إيران أدرك: [... أن الهجوم على العراق عبر شط العرب، سيؤدي إلى خرق الحدود الدولية المعترف بها من قبل الطرفين، بل إلى حدوث نقمة شعبية بين عمال النفط الايرانيين قرب الحدود. كما كان بإمكان عبد الكريم قصف مصافي عبادان، مثلما فعل صدام فيما بعد. فلهذا قرر الشاه التركيز على أكراد العراق في الشمال واستخدامهم لإسقاط عبد الكريم مع الاستمرار في المطالبة بنصف شط العرب. بدا الاكراد عصيانهم ضد مخفر الشرطة على الحدود لكسب أفرادها إلى جانبهم وللاستيلاء على ما يمكن من الاسلحة. لكن المورد الرئيسي للمال والسلاح كان من قيادة السافاك الايراني التي أشرفت أيضاً على إيواء المشتركين في العصيان وتدريبهم داخل الاراضي الايرانية... ] النفط والاكراد، مصدر سابق، ص 45. ويشير ذات المؤلف في ص 37 إلى أنه: [... قد ورد في التقريرالرسمي الذي قدمه السناتور أوتيس بايك، رئيس لجنة الاستخبارات الامريكية في مجلس الشيوخ (تم نشر خلاصة التقرير في جريدة الغارديان البريطانية يوم 20/10/1990) قال بايك: ان الحكومة الامريكية انفقت 16 مليون دولار على تسليح ومكافئة مصطفى البارزاني في حملته التي كلفت الشعب الكردي 35 ألف قتيل... ]. ص37.
كما وقد نشرت الحكومة الأمريكية نص البرقية التي بعثت بها السفارة الأمريكية في بغداد، إلى وزارة الخارجية في واشنطن بتاريخ 20 أيلول 1962 التي نصت: "... زار السفارة موظف من الحزب الديمقراطي الكردستاني، معروف أنه مسؤول بغداد في 18 أيلول 1962، وبتوجيه من الملا مصطفى وناشد الولايات المتحدة بقوة أن تساند الحركة الثورية للأكراد. وقال أنها تحتاج إلى المال الآن. وربما ستحتاج إلى السلاح لاحقاً, وادعى أن أغلب الشيوعيين في الحزب الديمقراطي الكردستاني قد صُفّوا، ومن بقى منهم سيزاح قريباً.
بالمقابل أن يعد الملا مصطفى ب:
1- تطهير الحركة من كل مشبوه؛
2- التعاون مع العناصر العربية العراقية المحافظة، والعودة بالعراق إلى حلف بغداد، إذا ما رغب الأمريكان؛
3- تزويدنا في الحال بمعلومات كاملة عن التطورات السياسية الداخلية أو العسكرية في كردستان أو المنطقة العربية في العراق. وإن هذا العرض يشمل الأكراد في سوريا وإيران إلى جانب العراق.
وإن الأكراد ، كما قال، يقيمون صلات وثيقة وودية مع الإيرانيين في بغداد وطهران . وإن الإيرانيين وافقوا على عدم التدخل بشأن عبور الحدود، أو إيقاف المساعدات المقدمة للثورة من أكراد إيران، وهذا ما سر الملا مصطفى لكنه يرغب في الدعم المادي من إيران أيضاً. ويقول المسؤول : إن الملا مصطفى يعتقد أن اقتراح منح الأكراد حكم ذاتي في إيران هو اقتراح جذاب بالنسبة للشاه. وإن للأكراد علاقات بالجمهورية العربية المتحدة ( صداقة ولكن بدون مساعدة) وكذلك مع السفارة السوفيتية في بغداد. والأكراد لا يرغبون في ( حرق كل الجسور) مع روسيا، ما لم يحصلوا على وعد من حكومة الولايات المتحدة على دعم حركتهم. وقال أنه شخصياً يستلم ألف دينار شهرياً من السفارة السوفيتية لبعض المؤيدين للشيوعيين داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني. ولكن الأموال تذهب إلى مالية الحزب. والملا مصطفى لا يعتبر هذا المبلغ الصغير مساعدة للحركة. وقد طلب الأكراد المساعدة من الكويتيين، لكن هؤلاء رفضوا ( وقد أكدت السفارة البريطانية هذه المعلومة) وإن الأنجليز، كما يقول، نصحوا بعدم إعطاء المال للثوار، وقد أيدت إسرائيل إستعدادها لدعم الأكراد في أوربا. لكن هؤلاء رفضوا، ليس لأن الأكراد ضد إسرائيل، وإنما هم يخشون أن إسرائيل قد تعمد إلى فضح المعلومات، وسيلحق هذا ضرراً بالحركة في البلاد العربية.
ويقول المسؤول عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن الملا مصطفى يعرف أنه بعد سقوط قاسم – والذي يعتقد أنه وشيك- أن السوفيت سيرغبون بتزويدهم بالمال والسلاح، لكن الملا مصطفى يرغب في التعاون مع الغرب، بدلا من التعاون مع الاتحاد السوفيتي( الذين لا يثق بهم) على أية حال، فإن الأكراد ويجب أن ينالوا الحكم الذاتي أو يتهيأوا إلى الإفناء، وقبل أن يسمح الأكراد بهذا، فإنهم سيرحبون بالمساعدة من الاتحاد السوفيتي أو من الشيطان نفسه. ويقول المسؤول الكردي أخيراً إن سياسة الحكومة الأمريكية تجاه الثورة الكردية لم تتغير، وإذا ما تغيرت سيتصل بالملا مصطفى في الحال ...". Foreign Relation of the United States. vol. xv111.1962+1963.pp.116-117
مستل من عزيز سباهي، عقود من تارخ الحزب الشيوعي العراقي،ج.2،ص.514.منشورات الثقافة الجديدة. دمشق 2003.(التوكيد منا-الناصري)
وعليه تتضح من هذه البرقية تعاون بعض القيادات الرئيسية في الحركة الكردية آنذاك مع القوى القومية وغيرها لإسقاط حكم قاسم. في الوقت نفسه حذرت جريدة طريق الشعب السرية في أحد أعدداها في نهاية أيلول 1962 من مغبة الدعوة الصريحة لتدخل أميركا في شؤون العراق الداخلية والمنسوبة إلى الملا مصطفى، والتي طالبته بتكذيبه كما جاء في مقالات جريدة نيورك تايمس.
3- ولو نظرنا إلى هذه الحالة من ناحية سيسيولوجية فإننا "... لا نغالي إذا قلنا إن ما حصل بعد ثورة 14 تموز من صراعات دموية بين الشيوعيين والقوميين واحدة من تلك (الحروب) التي كانت تقع بين القبائل العربية، مثل حرب (داحس وغبراء) بين بني عبس وبني ذبيان وحرب البسوس بين بني تغلب وبني بكر وأستمرت أربعون عاماً، بسبب ناقة. فالمبادئ والآيديولوجيات في وقتنا التي استوردها العراقيون من الخارج لأحزابهم حولوها إلى عصبية آيديولوجية وحزبية محل العصبية القبلية. فالقشرة الخارجية حضارية (شيوعية-قومية) ولكن يختبئ تحت تلك القشرة الخارجية الخفيفة ذلك الإنسان البدوي بكل قيمه وأعرافه البدوية، متهيأً للقتال والثأر والانتقام وما شاكل باسم الوطنية والقومية وا{يديولوجية. لقد أعتنق هؤلاء الحزبيون هذه الآيديولوجيات الحديثة، إلآ أنهم في قرارة نفوسهم كانوا بدواً ومارسوها كممارستهم للقيم البدوية على طريقة القبيلة الجاهلية الأولى. إن أعمال العنف بعد ثورة تموز كانت أشبه بتلك الحروب التي دارت رحاها بين القبائل البدوية ولكنها تحدث بقوالب الحداثة، فتقع في المدن بدلاً من الصحراء، وتحت شعارات آيديولوجية حديثة حضارية وأسباب سياسية بدلاً من قتل ناقة! ومقالات تحريضية نارية في الصحف بدلاً من المعلقات، فكما يقول نزار قباني: لبسنا ثوب الحضارة والروح جاهلية...". د. عبد الخالق حسين، ثورة 14 تموز، ص. 144، مصدر سابق.
وفي الوقت نفسه يشبر الكاتب فاضل العزاوي إلى ذات الظاهرة بالقول: " ... ومن بنية القبيلة أنتقلت روح العصبية إلى الأحزاب السياسية ومن بينها الأحزاب الثورية التي يفترض إنها ضد كل قبيلة، فقد إستبدل الناس قبائلهم القديمة بقبائل الأحزاب السياسية الجديدة التي تملك هي الأخرى شيوخها ومجالسها الخاصة بها تماماً مثل كل القبائل الأخرى. ومثلما لا يجد ابن القبيلة نفسه إلا في قبيلته، أصبح المرء لا يجد نفسه إلا في الحزب الذي ينتمي إليه. أما بقية الأحزاب فهي بالضرورة قبائل أخرى قد تدخل في حرب ضدها أو تتحالف معها طبقاً لما يقرره شيخ القبيلة ومجلسه الخاص به..."، الروح الحية، ص. 38، مصدر سابق. كذلك ينظر إلى د. سليم الوردي، ضوء على ولادة المجتمع العراقي المعاصر، الكتاب 15 من سلسلة : كتاب الصباح الثقافي، جريدة الصباح بغداد 2009.
4- راجع قانصو وجيه، الخلل الوظيفي في الأحزاب العربية المعاصرة، جريدة السفيراللبنانية بتاريخ 01/08 /2000.
وعلاوة عما ذكر من خلل وظيقي لاحزاب العالم الثالث السرية خاصةً، فنرى من جانب آخر ما يلعبه ذات العمل السري للأحزاب من التأثير على التركيبة الفكرية والنفسية لمنتسبيها "... ففي داخل الأحزاب السرية، تذوي شخصية الفرد وتجف، وبالتالي يفقد حريته، ونادراً ما تمارس الديمقراطية داخل الأحزاب، بسبب الإضطهاد والخوف الدائم من العدو المؤامرة. ونادراً ما أحتضن حزب سري آراء وتوجهات مختلفة، فكل خلاف، هو إنشقاق، وكل انشقاق مؤامرة. ونادراً، ما كان لحزب في العراق، ما عدا الوطني الديمقراطي، موقفاً مستقلاً وقراراً سياسياً مستقلاً، نابعاً من خصوصية الحالة العراقية وطموحات سكانه، ونادراً ما تغير قادة الأحزاب السرية والمعارضة، بسبب الانتخابات داخل صفوفها، فهم لا يتغيرون إلا بالوفاة أو بالطرد تحت ظروف استثنائية. والتنظيم السري، يتعسكر، وتسوده قيم وتقاليد دكتاتورية عسكرية، تحت ذرائع حماية أمن الحزب ووحدته. وفي عهود الإرهاب والأوكار، والسجون، يكون التوتر النفسي، والثأرية والإحباط، والخوف من الآخرين و التشكيك بهم، سمات غالبة على شخصية المناضل. ومع مر الزمن، يتحول الحزب إلى هدف بذاته، فهو الأمان والملجأ والحامي، والحرفة، وحامل ايديولوجية المستقبل... وفي الأحزاب، يسود ضيق النفس وقصره، والشعور بالمسؤولية التاريخية عن مصير الآخرين، والتسلح بالعنف للدفاع عن النفس، وإستعماله لضمان عدم العودة ثانية إلى السجون والأوكار الحزبية ...". هاني الفكيكي، مجلة الموسم، العدد 102، ص. 618، مصدر سابق.
5- كتب باقر إبراهيم الموسوي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي آنذاك، حول ذات فكرتنا، بالقول:
[... كان من الصحيح ومن المهم، أن يطمح الحزب الشيوعي وكذلك الاحزاب القومية والدينية واللبرالية إلى تطور الوضع وفقاً لبرامجها، وبعد أن يبحثوا بما هو مشترك بينها. ولكن لنا أن نتساءل اليوم، هل أن اللجاجة والسعي الملح، من قبل الجميع لأن يكون ذلك التطوير عن طريق استلام السلطة، بل وحتى الانفراد بالسلطة، هل كانت هي الحل؟ وهل قدم ذلك (الحل) خدمة للعراق أم تسبب في تأخيره؟... ان عبد الكريم قاسم بعقليته الوطنية واخلاصه لمثله الوطنية والاجتماعية أسهم في تحقيق تلك المنجزات، كقائد للثورة ولعملية التطور... أليس في نزعة قاسم التي أتينا عليها اعلاه ما يماثلها أمس واليوم، لدى الغالبية الساحقة من القادة الثوريين والقوميين والشيوعيين والاسلاميين؟ ألم تكن العقلانية في المطالب التي تعرض كأهداف للنضال آنذاك لازمة ومطلوبة؟] جريدة القدس العربي الدولي، في 31/07/ 1995 لندن.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتلجنسيا العراقية وصيرورة التكوين والتأثير حوار مع الدكتو ...
- الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر
- أوجه الكمال في كمال**
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي صور من مقاومة ال ...
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي صور من المقاومة ...
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي (2-2) مقاومة ان ...
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي (1-2)
- خطة انقلاب شباط 1963 وواضعوه 1 (3-3):
- - خطة انقلاب شباط 1963 وواضعوه (2-3):
- - خطة انقلاب شباط 1963 وواضعوه (1-3):
- الثقافة الجديدة وجديد الثقاف
- جوانب من ثورة تموز و شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم
- قوائم التيار الديموقرطي وتعديل مسار العملية السياسية
- قراءة في رواية التيس الذي انتظر طويلا
- عامر عبد الله - مثقف عضوي
- الابداع والهم النضالي - ابراهيم الحريري نموذجا
- إعادة ترميم صورة الزعيم تعقيب الباحث عقيل الناصري
- القطار الأمريكي 1963 وسباق المسافات الطويلة (الأخيرة)
- القطار الأمريكي 1963 وسباق المسافات الطويلة (7)
- القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (6)


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - بمناسبة الذكرى السادسة والخمسون لثورة 14 تموز: (1-3)