أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -ما وراء النهر- طه حسين















المزيد.....

-ما وراء النهر- طه حسين


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4500 - 2014 / 7 / 2 - 18:15
المحور: الادب والفن
    




"ما وراء النهر"
طه حسين
تتحدث قصة "ما وراء النهر"عن قرية يعيش أهلها في شظف من العيش، يعملون لخدمة صاحب القصر وعائلته، فأصحاب القصر يستأثرون بكل الخيرات دون أهل القرية، تنشأ علاقة حب بين "نعيم" ابن صاحب القصر وبين "خديجة" فتاة من أهل القرية، يقوم أخ "خديجة" بقتل أخته لتجاوزها الواقع الاجتماعي الاقتصادي، وكأن عملية القتل كانت ـ إشارة ـ من الكاتب على أن من يحاول أن يتجاوز الواقع الاقتصادي الاجتماعي سيكون مصيره الموت، لأنه حاول أن يتجاوز الواقع، ويتدخل في شؤون الطبيعية، التي وجدت أصلا بتفاوت الطبقات في المجتمع، ومن هنا نجد دعوة ـ غير مباشرة ـ من الكاتب على إبقاء الحياة كما هي وعدم العمل على التغير في طبيعتها.
في هذه القصة حاول الكاتب أن يطرح موضوع الصراع الطبقي، الذي يعد سمة العصر في ذاك الوقت، فطرحه طه حسين من منظور المثقف الذي يتهرب من قول الحقيقة كاملة، تهربا من تكدير العلاقة مع الأطرف المتنفذة وصاحبة القول الفصل، من هنا نجده تعمد ان يؤكد على خروج المكان من مصر تماما، من خلال إصراره على الحديث الطويل عن الربوة التي تجري فيها أحداث القصة، حتى أن هذا التوضيح كان يشكل ثقلا على النص وعلى الكاتب معا، مما جعل من تلك التعليلات مغالا فيها، فكانت كالزائر ثقيل الدم على القصة، "وأكاد اعتقد بأن هذه الربوة لا توجد على شاطئ النيل في مصر كلها" ص21، وقد أعاد الكاتب نفس المعنى في الصفحة 22 و23 و2 4، وفي الصفحة 25 قال أنها توجد في اسبانيا، طبعا من حق الكاتب أن يتصرف في عمله كما يشاء لكن طريقة التركيز على المكان بهذا الشكل جعل القارئ يتأكد بان المراد من هذا الشرح، خلق التبريرات والتركيز على خروج المكان من مصر، والذي يعد تهربا من مواجهة الواقع الاقتصادي المتباين بين الطبقات الاقتصادية ، كما انه خلق شعور لدى القارئ بأن الكاتب يتهرب من الواقع وأنه غير قادر على المواجهة ـ النظام ـ، من هنا كان النص في واد والواقع في واد آخر، كما جعل القصة مجرد قصة، ليس لها مكان في الحياة الواقعية.
انعكس على التهرب من خلال إدارة أحداث القصة، فقد جعل طه حسين العلاقة بين بطل القصة ـ الشاعر ـ من جهة، وبين نعيم أبن رءوف، ورءوف صاحب القصر، علاقة اقرب إلى الصداقة منها إلى الصراع، فكان بها الطرح يمثل الواقع الاقتصادي والفكري الذي ينتمي له الكاتب.
المنطلق الفكري لواقع الكاتب كان ملازما له، فهو يرى هذا التباين الاقتصادي مسألة طبيعية في الحياة، فيقول : " فالجمال لا يستقيم إلا إذا جاوره القبح، والنعيم لا يكمل إلا إذا جاوره الجحيم" ص26 " من خلال هذه المقدمة التي تتعلق بالمنظور الفكري المجرد، ينقلنا الكاتب إلى مفهومه عن الواقع الاقتصادي الاجتماعي فيقول : "أن الحياة مزج من الخير والشر، ومن النعيم والبؤس، ومن الجمال والقبح، ومن السعادة والشقاء، وأن تمايز الأشياء وتفاوت الأحياء أصل من أصول الوجود، فلولا الفقر ما كان الغنى، ولولا البؤس ما كان النعيم، ولولا الانخفاض ما كان الارتفاع،، ولولا الضيق ما كانت السعة" ص27، إذن الواقع الاجتماعي الاقتصادي يفرض وجوده على الكاتب، فيتكلم حسب واقعه، فهو أسير هذا الواقع ولا يمكنه أن يتجاوزه، لكي لا يكون هناك تناقض بين حديث الكاتب وواقعه.
هناك فقرات تجاوز فيها طه حسين ذاته الطبقية ـ كمثقف ـ وانحاز فيها إلى الفقراء : " وأهل هذه القرية هم الفلاحون الذين يزرعون هذه الأرض ويستغلونها ويستخلصون خيراتها لسادتهم، يقدمون إليهم كل هذه الخيرات ويعيشون على ما يساقط منها هنا وهناك وعلى ما يتفضل به عليهم سادتهم من الفتات، لا يملكون شيئا، ليس لهم أمل في أن يملكوا شيئا، لا يكادون يملكون أنفسهم، وليس لهم أمل في أن يستقلوا بملك أنفسهم، هم أحرار في ظاهر الأمر يذهبون ويجيئون ويستيقظون وينامون، لكنهم رقيق في حقيقة الأمر" ص32، بهذا الوصف كان أهل تلك القرية يعيشون، فهم من خلال علاقة الإنتاج هذه، اقرب إلى البهائم منهم إلى البشر، هم جزء حيوي وأساسي من واقع الحياة التي رسمها الكاتب، فحديثه عن واقع أهل القرية ـ رغم انه يمثل حقيقية مرة ـ إلا أن فكرة الكاتب عن الحياة وتلازم القبح والجمال، والخير والشر، والنعيم والشقاء، افرغ هذا الوصف من مضمونه الطبقي، من خلال عدم وجود ـ تفكير ثوري ـ عند أهل القرية، يرفض هذا الحال، "هم أحرار كالعبيد، وعبيد كالأحرار، ليسوا راضين ولا ساخطين، لأنهم لا يعرفون الرضا ولا السخط" ص33، بهذا الواقع رسم لنا طه حسين أهل تلك القرية، هم جزء من واقع طبيعي، فلا مجال لتغيره أو العمل على أحداث تغير فيه، لان التغير سيجعلهم يسخطون أو لا يكونوا راضين، فبقاءهم بهذا الحال يشكل نعمة لهم، من هنا تم تفريغ الطرح الطبقي من مفهومه الثوري، وتم تلبيسه ثوب الواقع الطبيعي المنسجم مع ذاته ومع واقعه.
وطرح القصة يمثل ما يسمى في الماركسية (الانترجسا) والتي تنظر إلى الأحداث من منظور متعالي عن المجتمع، وبعيد عن الواقعة الاشتراكية، يحاول الكاتب تسوية هذه المسألة عندما تحدث على لسان الشاعر فقال: "إنكم تستذلونهم وتستغلونهم، وتضطرهم إلى البؤس وتفرضون عليهم الحرمان، ...حتى إذا آتى جهدهم ثمره وانتهى عناؤهم إلى نتيجة، أخذتم خير ما تثمر الأرض على أيديهم فآثرتم به أنفسكم واستمتعتم بنعيمه" ص54، هذا الحديث دار مع نعيم، أبن صاحب القصر، لكن الحدث لم يكن أكثر من طرح مجرد، لا يحمل أي مضامين للتغير أو التطوير، وكأنها حوار مع الذات أكثر منه حوار يحاول صاحبه أن يجد له حلولا.
وقد تأكد هذا الطرح للمثقف الشاعر حين قال: "ما دامت الحياة مسيرة لي كأحسن ما يكون اليسر فلا على أن أكون سيدا أو عبدا ولا علي أن أكون عزيزا أو ذليلا" ص86، إذن الموضع طبقي، لكنه من منظور المثقف، وليس من الطبقة صاحبة الشأن، ومن هنا كان الكاتب يحاول أن يتناول موضوعا طبقيا لكن ليس من المنظور الماركسي، المحارب من قبل النظام، بل من منظور الإصلاح وطرح الموضوع بشكل مجرد، بمعنى إن كان له لحل أم لم يكن، وكان بمجرد طرحه، قد أخلى الكاتب مسؤوليته الأخلاقية والأدبية، والحل عند أصحاب الحل.
هناك إشارات في النص تشير إلى أن كاتبه كفيف، من خلال استخدام الأفعال المتعلقة بالكفيف، وتجنب الأفعال التي توحي بالمشاهدة، فمثلا يقول الكاتب : "ولكني لم اسمع قط عن ربوة كهذه الربوة" ص21"ولكني لم اصف الربوة حق وصفها" ص26 المتمعن في الأفعال التي استخدمها الكاتب يجد بأنه تجنب ذكر فعل الإبصار أو الرؤية أو المشاهدة واكتفى بالتركيز على فعل السمع والوصف، كإشارة ـ غير مقصودة من الكاتب على انه كفيف.
أخيرا نذكر بان القصة من إصدارات دار المعارف ، مصر، عام 1981
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة والتجزئة
- -سأكون بين اللوز- حسين البرغوثي
- خلط الاوراق
- في انتظار المخلص
- رواية -عين الدرج- عباس دويكات
- الفرق بين الحالة السورية والحالة العراقية
- رواية -نجمة النواتي- غريب عسقلاني
- -هواجس الاسكندر- أكرم مسلم
- -يد في الفراغ- احمد النعيمي
- رواية -الأم- مكسيم غوركي
- عشتار ومأساة تموز
- نظام القرابين في المجتمع السومري
- عقيدة تموز
- البيضة والتمساح
- -في رداء قديم- نسمة العكلوك
- -رسائل قاضي اشبيلية- الفرد فرج
- -|الجبل الخامس- بين الدين والعصر، الصراع وتحقيق الذات باولو ...
- جدلية التطرف
- المناضل والمجاهد
- -عمدوني... فأعدوني اسما- جيروم شاهين


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -ما وراء النهر- طه حسين