|
أُحرث وأدرس لبطرس..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4497 - 2014 / 6 / 29 - 10:33
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
أُحرث وأدرس لبطرس.. يميل بعض المؤدلجين جدا وحتى النخاع إلى عرض الماركسية ، والتجربة الإشتراكية من منظور نظري فقط ، وما زالوا يُناقشون "القضية " ، وكأن أحزابا ماركسية – لينينية لم تصل إلى السُلطة بعد ، وكأن حلم الطبقة العاملة ما زال بناء نظام إشتراكي بناء على "التحليلات " والطروحات النظرية لستالين أو غيره من المُنظرين . وما زالوا يتعاملون مع النصوص بخشوع ألعابد في معبده والناسك في صومعته . الأجدى بكل من يتصدى لمناقشة التأسيس النظري ، لدولة الطبقة العاملة ، أن يدرس واقع التطبيق وتأثيره في حياة الطبقة العاملة والصراع الطبقي . إنها نفس الطبقة العاملة التي حكمت بإسمها الأحزاب الماركسية – اللينينية ، هي ذاتها التي حطمت جدار برلين وتاقت للوحدة مع شقيقتها الرأسمالية ،وهي نفس الطبقة العاملة التي خرجت لتدعم بوريس يلتسين وتتحدى الدبابات التي خرجت بأمر قادة الجيش والحزب للإنقلاب ، بعد إستقالة غورباشوف ، وهي التي خرجت في مظاهرات ضخمة تأييدا لفاتسلاف هافل في براغ ، وهي ..وهي ..في كل بلدان منظومة الدول الإشتراكية .التي إنهارت تحت أقدام الطبقة العاملة ، ويا لمُفارقات ألقدر!!. لم تستطع عقود من حكم الاحزاب الشيوعية ، أن "تُقنع " الطبقة العاملة بأنها (أي الأحزاب ) تُمثل طموحات الطبقة العاملة ، لا ولم تقتنع الطبقة العاملة، بأنها تحكم نفسها بنفسها ! لقد كان الوقت الذي حكمت فيه الاحزاب الشيوعية كافيا ، بل وأكثر من كاف ، لتُثبت بأنها من الطبقة العاملة وإليها ، وأن الطبقة العاملة تعيش حلمها التاريخي وتسير حثيثا نحو المجتمع المثالي ، المجتمع الشيوعي .. لقد حكم ستالين دهرا ، فماذا حصل ؟ ثم أليست القيادات العسكرية ، هي وليدة عهده و"عبقريته "؟ وكذلك غيره من الزعماء والقادة ، الذين زعموا بأنهم ممثلون للطبقة العاملة ، ويسعون الى خلاصها من قيود الاستغلال ، فماذا كانت النتيجة ؟ نعم ، لا يُمكننا إنكار التأثير السلبي للحروب والتدخلات ، لكن ألم تخُض الدول الرأسمالية الحرب مع "ممثلي الطبقة العاملة " والحاكمين بإسمها ؟ ثم من الذي ضحى بكل ثمين في المعركة ضد النازية ؟ أليسوا هم العمال والفلاحين وأبناؤهم ؟ إن هؤلاء الذين حملوا على كواهلهم مهمة الحرب والبناء ، وجدوا أنفسهم ك "الأيتام على مائدة اللئام " ، فعلا لا مجازا .. ثم هل يتقرر مصير التاريخ وحتميته بمؤامرات تُحاك في الظلام ؟! وتنتهي الحرب ، ويُقارنُ العامل في الدولة الإشتراكية وضعه مع اخيه في الغرب ، ليكتشف بأن وضعه متدن قياسا بأخيه !! مهما كانت عوامل الفشل ، فالأحزاب الشيوعية ، اليسارية والإشتراكية مُطالبة اليوم بدراسة التجربة الإشتراكية ، إبراز محاسنها ، مساوئها وأخطائها ، لا ألتباكي على "الحليب ألمسكوب " ! مما أدى بالطبقة العاملة أو لنقُل كافة الجماهير للخروج لإسقاط هذه الأنظمة . أما الإختباء وراء تبريرات واهية ، كالمؤامرة الإمبريالية ،وخيانة بعض القوى الداخلية لحرف مسار "الحتمية التاريخية " ، فهذه مجرد قراءة سطحية لما جرى . فإذا أحست الجماهير بأن نظام الحُكم يمثلها ،فإنها ستخرج دفاعا عنه ، ولنا في مثال "شافيز " الذي تعرض لإنقلاب عسكري وأعتقله الإنقلابيون بدعم وتحريض الولايات المتحدة ، رأينا كيف خرجت الجماهير وحررته وأعادته الى السلطة ، واليوم وبعد أن لم تتحقق للجماهير طموحاتها في فنزويلا ، فنظام الحكم يتعرض لهزات !! وفي تجربة اليسار الجنوب – أمريكي ، خير مثال ، فرئيس الاوروغواي ، يعيش كأي مواطن ويعتبر نفسه خادما للشعب والفقراء ، ولا يدعو أحد إلى عبادته وتقديس الحزب الطليعي ، كما حدث مع القادة المعصومين المقدسين ! لذا ، يجب وفي رأيي المتواضع ، تجاوز القراءة في النظرية لتجربة الحكم في الدول الإشتراكية ، والبحث عن مؤامرات ،بل البدء بدراسة هذه التجربة بناء على ما قدمته للطبقة العاملة ولجماهير الكادحين في بلدانها . فلا يستطيع كتاب تنظيري مهما بلغ من قوة التحليل ،أن يُقنع عاملا بأن وضعه هو الأفضل على وجه الكرة الأرضية ، وهو يرى وضع إخوته من العمال في "جهنم " الرأسمالية ، أفضل من وضعه بدرجات . ووضع الطبقة العاملة في الدول الإشتراكية ،ومقارنة بالغرب الرأسمالي ،هو كوضع ذلك الأجير الزراعي الذي يزرع ، يحصد ، ويدرس السنابل ، ولا يحصل في نهاية الموسم إلا على فتات لا يسد رمقه ، فأجاب حين سأله صديق عن وضعه ، قائلا :" أُحرث وادرس لبطرس .." ، وبطرس هذا هو صاحب الأرض . فذهب قوله هذا مثلا ، فالعمال في النظام الاشتراكي ، كانوا "يحرثون " و" يزرعون " لبطرس ، لكن من هو هذا البطرس ؟؟ فهمكم كفاية !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللغة والوعي
-
رمضان : ذكريات ، أزمات وحروب .
-
ألمرأة في فتاوى أليهودية الأُرثوذكسية ..
-
-علاج- الإلحاد..
-
الإسلام ألسياسي وفن ألمراوغة ..
-
ألأُنثى بين التبخيس والإستغلال في ألثقافة ألعربية ..!!
-
-ومن ألحب ما قتل- ..مُهداة للأستاذ محمد حسين يونس .
-
ألعائلة المثلية :جدلية أخلاقية ..
-
بين ألكيفية وألماهية ..
-
داعش تكشف العورات وتُمزق الأقنعة ..!!
-
ألتحرش ألجنسي : جدلية الإنتقام أو فكر ثقافي جديد ؟!(4)
-
ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة :ألخوف الإجتماع
...
-
ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة :(ألبهمنة) ( 2)
-
ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة (1)
-
المثلية بين البيولوجيا والتنشئة ..
-
المثلية ، السياسة والدين ..
-
-يعيش - الإحتلال ..!!
-
ألأخلاق وألسياسة..
-
إسرائيل : ما بين -عاهرة - وقديسة - !!!
-
حزيران بين -ألمسيحية - الإسلامية و- المسيحية -اليهودية ..
المزيد.....
-
مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج
...
-
أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل
...
-
مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر
...
-
على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي
...
-
هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟
-
م.م.ن.ص// -جريمة الإبادة الجماعية- على الأرض -الحرية والديمق
...
-
تمخض الحوار الاجتماعي فولد ضرب الحقوق المكتسبة
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 554
-
الفصائل الفلسطينية ترفض احتمال فرض أي جهة خارجية وصايتها على
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
المزيد.....
-
كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رؤية يسارية للأقتصاد المخطط .
/ حازم كويي
-
تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا
...
/ جيلاني الهمامي
-
كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع
...
/ شادي الشماوي
-
حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين
/ مالك ابوعليا
-
بيان الأممية الشيوعية الثورية
/ التيار الماركسي الأممي
-
بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا)
/ مرتضى العبيدي
المزيد.....
|