أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كمال سبتي - كنّا طَوالَ مُعارَضَتِنا الدّكتاتوريَّةَ وما زِلْنا: بلا حَركةٍ سياسيّةٍ نقيضةٍ حقّاً















المزيد.....

كنّا طَوالَ مُعارَضَتِنا الدّكتاتوريَّةَ وما زِلْنا: بلا حَركةٍ سياسيّةٍ نقيضةٍ حقّاً


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1268 - 2005 / 7 / 27 - 08:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-
هذه وجهة نظر لا تسرّ أكثرنا إن قرأها قراءةً انفعالية متسرعة..أو متحزبةً لحزبٍ مّا.
فكلنا لا نقبل أن نتساوى والدكتاتورَ ونحن ضحاياه. فليأخذ ممّا أقول غايةً أسعى إليها في كتاباتي عادة وهي أن نتخلى عن تعصب فارغ لفضائلنا التي هي ليست فضائلَ "حقّاً" ولا تُحسَب في المآثر العقلية المتجاوزة كلَّ بالٍ بل هي كلُّ بالٍ ابتلينا به.
أحسَبُ وتَحسَبون معي أنَّ الشعوب تلد في اللحظات الحرجة من تاريخها حركاتٍ سياسيةً وثقافية في ردِّ فعلٍ آنيٍّ أو مختمرٍ منذ وقت..
الأمثلة كثيرةٌ كُثْرَ شعوبِ الأرض.
وأحسَبُ أنَّ الشعبَ العراقيَّ لم يلد حركةً نقيضةَ الدكتاتورية التي حكمته طويلاً..
كانت الأحزاب المعارِضة مفتوكاً بها من قبل الدكتاتورية الحاكمة شرَّ فتكٍ ومقدّمةً شهداءَ بررةً في نضالها ، لكنها كانت أحزاباً دكتاتورية أيضاً..شبيهةً بالنظام "شَبَهاً يقلّ حيناً و يكثر حيناً آخَرَ"في التاريخ الشخصيّ وفي الفكر التوتاليتاريّ..
أيْ بقولٍ فصلٍ لا يعني نهاية وجهة النظر هذه :
في تلك الفترة التي امتدَّتْ خمساً وعشرينَ سنة تقريباً منذ تَسلَّمَ صدامُ السلطةَ ، أو التي امتدَّتْ أكثر حين نرجعها إلى ما قبلَ عامِ تسلّمِهِ السلطةَ ..لم يستطع العراقيون المعارضون أن يخلقوا فيها نقيضَ النظام الحاكم معرفيّاً وروحيّاً.

***

قادَ جرائمَ الدكتاتوريّةِ المرتكَبةَ ضدَّنا وعيٌ سياسيٌ منتَج من قِبَل العقل السياسيّ العراقيّ نفسه والذي صنعته وتعتمل أفكارُها فيه حتى هذه اللحظة الأحزابُ العراقية التي تقود الحكومةَ الآن في بغداد وتشغل مقاعدَ الجمعية الوطنية.
أيْ في تفسيرٍ مدوٍّ : أنَّ العقل السياسيّ الذي أنجبَ صدّاماً وحزبَهُ هو نفسه الذي كان يعارض صدّاماً وحزبَه وهو نفسه الذي يحكم فترةَ ما بعد صدّام وحزبِهِ في المشروع الديمقراطيّ "الأميريكيّ".

***
ماذا لو أنَّ أميريكا انسحبت الآن ؟
هل يُبقي العقلُ السياسيّ العراقيّ المشروعَ الديمقراطيّ الأميريكيّ للحكم قائماً ؟
أم أنَّ مشروعاً دكتاتوريّاً "عراقيّاً" للحكم سيقفز إلى هذا العقل فوراً ؟

***

هربنا من العراق لأنَّ الحكم كان دكتاتوريّاً ولأن الدكتاتور كان يقمع حرياتنا الأساسية ، ففضحناه في كتاباتنا أمام العالم ، وفي فعاليات أخرى..
غير أنَّ غيرنا كان هرب من العراق أيضاً..لأن الدكتاتور كان متحرراً : بناته يلبسن بناطيل "الجينز" والخمر مباح و الموسيقى ودور السينما والمسارح أيضاً..إلخ
في مؤتمر مبكر للمعارضة العراقية في مدريد عام 1992 ضحكتُ من تلك المفارقة التراجيدية التي سمعتها من جماعتنا الذين سيصبحون قادة الجمهورية العراقية الإسلامية الحالية..
نحن هاربون من دكتاتور قامعِ حرياتٍ وهم هاربون من متحرر منحلّ!
وقد ثأروا الآن منه.." لا مِنّا"!
وهاهم يقيمون جمهوريتهم الإسلامية في بلادنا وإنْ رَغِمَتْ أنوف وهاهم يكتبون لنا دستوراً ظالماً..
كان دكتاتورنا وضعياً و "وضيعاً" فجاءنا دكتاتورون سماويّون يردون على أية محاججة عقلية بـ "قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز"!

***
هؤلاء إسلاميون.. يشكلون التيّار السياسيّ الأول في الشارع العراقيّ..كما قالت الانتخابات.
يعارضهم بعثيّونَ منشقونَ عن الدكتاتور وقوميّونَ "علمانيّونَ" يشكلون التيّار السياسيّ الثاني في الشارع العراقيّ..كما قالت الانتخابات أيضاً.
والتيار الثاني سلفيّ النزعة وقوميّ يتجه اتجاهاً يمينيّاً في أكثر أحواله وإن كان فيه تكنوقراط ينحو منحىً علمانيّاً.
لم أعرف في كلِّ حياتي عن هذا التيار الثاني سلوكاً معرفيّاً وروحيّاً نقيضَ الدكتاتورية حقّاً.
وغير هذين التيارين ثمة تجمعات وأحزاب وشخصيات..حصلتْ على مقاعدَ خمسةٍ أو ثلاثة أو مقعدين اثنين أو مقعد واحد..
لم يقنعني أحد فيها بأنه بديلُ الدكتاتور معرفيّاً وروحيّاً.

***
لم نشهد ولادةَ حركة تبزّ الحركاتِ السياسية العراقية التقليدية في تبنيها الحريةَ حقيقةً لا ادعاءً وفي نبذ العنف وتعريف المواطنة تعريفاً عصريّاً منطلقة من مبادىء منظمة العفو الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان..مثلاً.
أيْ : حتى الآن لم يولد نقيضُ الدكتاتورية.
وهذا أمر قبل أن يَعيبَ الحركةَ السياسيةَ العراقية فإنه يَعيبُ شعباً لا يلد حركةً نقيضةَ كلِّ من كان سبباً لمآسيه الطويلة معرفيّاً وروحيّاً..

-2-
كنتُ أسمعتُ إخوةً عراقيين وجهةَ نظري هذه من طريق البالتوك فعارضها بعضهم- مثلما توقعت- مستنكراً ما جاء فيها أشدّ الاستنكار. وفي المقابل تبنّاها مِن بين مَن تبنّوها كاتب شاب كان في ما مضى نصيراً مقاتلاً في جبال كردستان..
كان النصير الجبليّ السابق يتحدث عن الحداثة والحرية وكانت الدموع تترقرق في عينيّ وأنا أتذكر سنواتِنا البعيدةَ في البلاد الأمّ : نتأبط كتبنا في مقاهينا الأدبية وفي اتحاد الأدباء وفي كلياتنا التي نُفصَل منها لنساق إلى الخدمة العسكرية الإلزامية وفي أماكن فنية وثقافية أخرى ولا موضوعَ لنا غير الحديث عن الحداثة في مواجهتنا الدكتاتوريةَ وأدبَها الرثَّ في فترة هي من أشدّ فترات التاريخ العراقيّ حَلْكاً وأكثرها تغييباً بسبب ارهاب الأحزاب.
كان زميلنا - الشجاعُ مقاتلاً والشجاع متبنياً في ما بعد طريقَ الحداثة والحرية- يخرج من المسطرة الحزبية فيشق لنفسه ولمستمعيه طريقاً شاقاً آخرَ في هذه الحياة.
وكانت الدموع تترقرق في عينيّ وأنا أرى الحداثة العراقية تهدم الأسوار الحزبية العالية.
المثقفون الهاربون من الدكتاتورية والخارجون من الأحزاب - وجُلّهم بقصصٍ شجاعةٍ ومنتفضة- ومن شاء حسن طالعه ألاّ يدخلَ أيّاً منها هم حاملو مشعل الحداثة والحرية الذي سيبدد ليلَ العراق الطويل.
والقول هذا في المقطع الثاني هو أمل يُضادُّ وجهةَ النظر الأولى و Autoresponse "رد ذاتيّ" من الكتابة نفسها على تراجيديا المقطع الأول.




* ترد مفردة "نقيضة" في المقال مؤنثَ مفردة "نقيض" ليس إلاّ و "صفة" في الحالات كلها ، بلا أية إحالة إلى المصطلح الفلسفيّ "الكانتيّ" الذي يحملها اسماً أو إلى المصطلح الشعريّ المعروف الذي يحملها اسماً أيضاً والذي اشتهر أيّامَ نقائض جريرٍ والفرزدق أو إلى أيّ معنىً آخرَ لها. والهامش لا وجوبَ له لولا الخشية من وقوع التباسٍ لغويٍّ مّا في ذهن بعض الإخوة القراء الكرام.



25-7-‏2005‏‏
هولندا



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محسن الخفاجيّ : عمرٌ متوقفٌ في بوكا و اسمٌ يكبُرُ كلَّ يوم
- كلُّ شويعرٍ مناضلٌ صنديد
- أميريكا..اِذهَبي وضاجِعي نفسَكِ بقنبلتِكِ الذَّرِّيَّة
- القاص السجين محسن الخفاجي
- بِساطُ السُّكْر
- المَغيب
- الخليفةُ والنَّبيّ
- موتُ عقيل علي
- الإِمام
- دعوة اتحاد أدباء العراق إلى اعتراضٍ قانونيٍّ
- من أجل احترام آدميّة الشاعر عقيل علي
- خيمياءُ جابر وجعفر
- لا لقتل الطلبة العرب في العراق
- أقولُ لقاتلي العربيِّ : أنتَ شَهيد
- تغييبُ مثقفي العراق
- وبغدادُ فيها للمشاةِ دروبُ
- حول نشيد حزب المؤتمر الوطني العراقي
- وداعاً عبد كاظم..وداعاً أيها الرياضي الكبير
- تشظّي الصّوتِ الشّعريِّ الأوّل
- قراءةُ قصيدةِ سامي مهدي : رحلة الطير


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كمال سبتي - كنّا طَوالَ مُعارَضَتِنا الدّكتاتوريَّةَ وما زِلْنا: بلا حَركةٍ سياسيّةٍ نقيضةٍ حقّاً