أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الصبي المسحور














المزيد.....

الصبي المسحور


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4475 - 2014 / 6 / 7 - 20:21
المحور: الادب والفن
    



في الجمعة الماضية التقيت بجارتي التركية قارئة الفنجان فوق احدى أرصفة شوارع مدينة (ملبورن) والتي كانت تسكن سابقاً في البناية التي قضيت بها بضعة سنوات. فتذكرت بعض من نبؤاتها التي أخبرتني بها حول مغامراتي وانكساراتي وقد استرجعني أطراف حديثها عن حكايات الفنجان الى عرافة مدينتي القديمة حيث الناصرية ... مملكة الغبار والملح وفراتها الابدي الذي كان يرتل أحزانه فوق تضاريس الفجيعة.
...
كانت العرافة تبوح بنبؤاتها في فضاء الغرفة وهي تنفخ بالجمر ثم تهمس في ملامح وجهي أمي .. "ان ولدك ممسوس بالعشق ومسحور له".
انه ولهان .. احملي "يافاطمة" مبخرة الحرمل وطوفي بها حول رأسه كل ليلة وعلقي الادعية والحروز والتمائم والآيات وأحجار أم سبع عيون فوق جدران البيت ... كي يخرج الجن من صدر ولدك و يبطل سحر المرأة التي أوقعته بهذا الحال.
انتاب أمي القلق والحزن وهي كانت تدثر جسدي المرتجف بالبطانيات وتتهجد بتعويذاتها كي يبرح شيطان السحر من بدني النحيل.
...
كانت العرافة السمراء التي هجرت قبائل الغجر المتنقلة وجاءت لتستقر في المدينة بعد أن وقعت بغرام جندي وسيم تزوجها فلم يمر شهر العسل حتى اختفى الزوج دون أن يعلم أحد بمصيره . فكانت هنالك شائعة يتردد صداها في المدينة ، تقول بان زوج الغجرية توارى عن الانظار حين التحق الى رابيته العسكرية فوق احدى جبال كردستان.
وقد داهمته دبة أثناء بحثه عن ثمار الجوز والبلوط الجبلي فوق سفح (شيخا دار) ثم أختطفته الى مغارتها السرية بعد أن لحست قدميه بلسانها الطويل كي تشلهما عن السير
وكي يبقى أسيراً داخل المغارة ولايتمكن من الهرب خلف الجبل.
وقد أصاب رفاق الجندي المفقود القلق والفزع لاسيما بعد أن فتشوا عنه دون العثور على اي شيء يدلهم اليه,

لكن الغجرية كانت تخبر الجميع بانها سوف تجلب زوجها المختطف من مغارة الدبة قريباً وتأتي به الى المدينة مرة أخرى .
...
الساحرة كانت تقرب بجسدها المفعم بروائح المسك والعنبر الى وسادتي وهي تهمس بشفاهها المخضبة بالديرم في اذني بتوسل وهو تمسد فوق شعري بكفيها المعفرتين بالحناء والمليئتين بالوشم والخواتم "قل ياصغيري مااسم أم الفتاة " كان جسدي يتصبب عرقاً وأنا أشعر بنشوة دفء أصابع العرافة التي كانت تداعب وجهي وشعري وتنحدر بهما نحو رقبتي .. وهي تكرر السؤال ماأسمها وماأسم أم الفتاة !!!؟؟؟ وكانت تمسك بورقة وغصن شجرة متفحم صغير قرب موقد النار كي تدون أسم أم الفتاة وتلقي به بين السنة النار.
لاأحد كان يصدقني حتى العرافة .. ان الفتاة كانت في أخيلتي وهذياني فقط وهي مثل الملاك الذي يتوهج في سماء روحي فأخر صريعاً لتلك الصدمة وأنا أشعر بالوهن والحمى والهذيان .
قلبي المحموم بالاوهام وهو يتعقب ضياع ظله .. ويرسم نبضاته وإنحناءاته مثل قوس قزح تحت قبة السماء .. خر صريعاً مضرجاً بنزيف العشق بعد أن أغتالته رؤيا لعبور فتاة الحلم نحو ناصية الروح .
...
في اليوم الاخر أخذتني أمي الى جارتنا (الطشاشة) وقارئة الكف أم غايب .. وكان أهل المحلة ينعتونا بهذا الاسم لانها كانت امرأة عاقر، وضاربة الودع المعروفة بصدق نبوأتها في أنحاء المدينة.
كنت أجر بأذيال عباية أمي بجسدي العليل الذي كان يرتدي دشداشة مقلمة.
وبعد أن استقبلتنا الطشاشة أم غايب جلبت سلة الخوص المليئة بالاحجار والتعاويذ واصداف المحار والقواقع .
كانت فتاحة الفال تعبث بالحصى والاصداف بكفيها المرتجفتين وهي تتلوا بأدعيةٍ لم أفهم طلاسمها .
ثم القت بنظرة غريبة وتأملت داخل السلة .. وبعد انتظار لبضعة دقائق كان القلق والاستغراب يعلو ملامح الطشاشة . ثم أنبأت أمي بعد أن أشارت الى حجر في طرف السلة أثار فضولها من ضمن مجموعة الاحجار الاخرى!!

" أن ولدك سوف يتغرب كثيراً وسوف يغادر حبل سرته المدفون هناك مابين زقورة أور وضفاف الفرات والى الابد.
وسوف يهاجر قسراً الى صحراء الربع الخالي ويبقى سنوات طوال منفياً بها .. ثم يهاجر الى جزيرة بعيدة جداً لن تحدها الابصار تحيطها غياهب
البحار تسمى بجزيرة ( الواق واق).
تأثرت أمي بكلام العرافة ولطمت على وجهها واحتضنتني بقوة وخوف
والطشاشة لم تزل تسترسل بكلامها .. سوف يبحر ولدك بقاربه الضائع بمحاذات الكثير من الضفاف والجزر والامصار فلا يطيب للقارب المتعب أي مرسى .. لكن في نهاية المطاف ستخرج موجة من أعماق طلسم القدر فتأخذ قاربه الى ضفة كي تمطر فوقها غيمة الحلم المنتظر.
توسلت أمي الى أم غايب كي تقول المزيد وأنا لم أكن أفقه بما كانت تهذي به جارتنا قارئة الفال . لكني شعرت بالاسى وأنا أرى أمي وهي تذرف بدموع الوجع وتغطيني تحت عباءتها وكأنها تحاول أن تحميني من نبؤات العرافة وقساوة العالم . مثل بجعة وهي تحمي أفراخها في عاصفة تحت جناحيها.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقهى أبو سعد
- عزلة الراهب كياتسو
- أعياد ملونة من أقاصي الذاكرة
- رقصة الفراشة في شرنقة النار
- أمنيات النسيان فوق رصيف ذاكرة
- وليمة الظل
- الحرب وزمن السفلة
- الجدة علاّهن
- حكايات الرمل والنمل
- مذكرات الانتفاضة والمنفى
- الفنان سعد محمد موسى وريث الحضارة السومرية
- تجليات في مبخرة العشق
- ابتهالات في ليلة عشق
- تنفيذ عملية إعدام لعاشق ٍ متهم بجريمة حب
- الارنب والقمر
- أمنية متأخرة تطرق الباب
- صهيل الفرس المفجوعة فوق التل
- تعويذة الفيروز
- توني الخياط
- حكايات من الطفولة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الصبي المسحور