أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الجدة علاّهن














المزيد.....

الجدة علاّهن


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 19:50
المحور: الادب والفن
    


الجدة علاّهن
سعد محمد موسى
العجوز الزاهدة عاشقة غزل الاصواف كانت تبدو بجسدها النحيل والمنزوية بخجل وكآنها تشبه المهاتير غاندي وهو يمارس هوايته في غزل الاصواف والقطن في صومعته هنالك في بلاد الهند.
كانت الجدة ترتل صلواتها دائماً في الغرفة الطينية ومسبحتها التي لم تغادر أصابعها المعفرة بالوشم والطيبة.
في طفولتي كنت عادة ما أشاهدها وهي تغزل الصوف وترتل الغفران والتسامح في صلواتها فوق سطوح الجدران الطينية.
وهي تلقي بالخيوط الصوفية في قدور نحاسية كبيرة يغلي بها الماء ثم تضع مساحيق الاصباغ وتحرك خيوط الصوف بواسطة عصا خشبية كي تكتسب لون السائل الملون . كانت الابخرة الملونة تتصاعد من حوش الدار المفتوح الى السماء.
ثم تجفف بعدها تلك الخيوط فوق سطح الدار وتحت اشعة الشمس . وتغزلها مرة اخرى على شكل كرات حسب الوانها قبل اعطاءها الى الحائك الذي ينسج منها البسط والسجاد.
...
كانت الجدة تمنح الى الوان الصوف أسماء لم أسمع بها من قبل
مثل (العكَروكَي) ويعني الاخضر .( البهاري) هو رمز الاصفر. ( دم الغزال) يرمز الى الاحمر الصارخ. (الادعم) يعني اللون البني. والبناووّش هو اللون الازرق.
...
كانت الجدة ترتدي (الهدم البدوي) الاسود ذو الملمس الخشن المنسوج من وبر الابل وهي عباءة كانت تختلف عن عباءات نساء أهل المدينة المنسوجة من خيوط البريسم والحرير.
ان تداعيات تلك الناسكة الى فكرة الموت كان اكثر من انتماءها حظوة الحياة, وهي غالبا ماترتاد المراقد المقدسة والمقابر . حتى ان تعلقها الى الموت بات قداس وانتظار . مما عزا بالجدة أن تشتري قطعة ارض صغيرة بما ادخرته من نقود قليلة كي تحجز قبراً لها!!!
كانت الجدة علاهن تزور وتتفقد قبرها الوهمي وهي توقد الشموع وترش ماء الورد وترتل الادعية فوق ارض الموت في مقبرة السلام حيث صحراء النجف .
...
يبدو أن العراقيين هم الشعب الوحيد الذي يحتفي بالموت أكثر من إحتفاءه بالحياة
وربما كانت هذه المراسيم هي امتداد الى اعتقادات السومريين وتفكيرهم المستمر بفكرة الماورائيات وخشوعهم الى عالم الفناء.
فهم يحسدون أمواتهم أيضاً .
في الحرب العراقية الايرانية كان الكثير من الجنود يودعون اصدقاءهم القتلى في الحرب العبثية بحسدٍ لانهم تخلصوا من العذاب وكابوس الموت اليومي.
...
ومازال العراقيون اليوم يتألمون أيضاً وسط فجائع الانفجارات ومجانية الموت اليومي ولعنة الطائفية وهم يترحمون على ضحاياهم متحسرين بقولهم (الله رحمكم من هذا العذاب وأخذكم الى الموت)

فهل يوجد هنالك شعب آخر فوق هذة المعمورة يشعر بخسارة وجوده أكثر من خيبة الشعب العراقي !!!؟؟؟



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات الرمل والنمل
- مذكرات الانتفاضة والمنفى
- الفنان سعد محمد موسى وريث الحضارة السومرية
- تجليات في مبخرة العشق
- ابتهالات في ليلة عشق
- تنفيذ عملية إعدام لعاشق ٍ متهم بجريمة حب
- الارنب والقمر
- أمنية متأخرة تطرق الباب
- صهيل الفرس المفجوعة فوق التل
- تعويذة الفيروز
- توني الخياط
- حكايات من الطفولة
- تعويذات الدرويش
- بستان الاب مرزوق
- احتراقات في خلوة
- الاقدام الحافية تتعقب القافلة
- صلاة غيمة في محراب فضاء
- تجليات في إيقونة القدر
- سورة العشق
- شنيشل وذاكرة النهر والمدينة


المزيد.....




- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الجدة علاّهن