أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - في معنى تحديد الهوية














المزيد.....

في معنى تحديد الهوية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 11:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يمكن تحديد هوية مجتمع وأمة أستنادا إلى رؤية نظرية دون أن يكون لها واقع عملي وهذه حقيقة يجب الاخذ بها حتى بمرارتها ,هوية الأمة تكتسب من خلال منهجها في الحياة وطريقة تعاملها مع الذات ومع الخارج وكيفية استيعابها للعلاقات الوجودية التي تربطها مع المحيط,إنها سلسلة من العلاقات والرؤى تفرض نفسها ويمكن استنباطها من خلال القراءة الكلية لحركة المجتمع والأمة وبالتالي الخيار في تحديد الهوية خيار يعتمد على ملاحظة هذا المجتمع والأمة لسلوكها الحضاري بالواقع وليس مجرد دراسات يقوم بها البعض بناء على افتراضات يسعى للتأكد من وجودها , هوية الامة والمجتمع هوية عمل وإرادة وليست أنتقاء ومزاج,كلما كان الفعل الحضاري باز لهذا المجتمع وقادر على فرض وجوده من خلال الرؤية المباشرة كلما سهل على المتتبع قياس معيارية يستند بها لتحديد الهوية ,أما أن نرسم حدود الهوية وفق منظور إرادي ونطلب من العالم أن يقر بهذه الهوية أظن من الصعب أن تجد في عالم اليوم من يقتنع ويؤمن بذلك.
البحث عن الهوية للمجتمع من الإشكالات المستعصية لليوم وقضية مهمة من قضايا الفكر والثقافة العربية وحتى للكثير من الثقافات التي تشترك معها في الوشائج والروابط الحضارية,عندما يتفاخر البعض اليوم بالأجداد لا بد ان يعرف أولا من هم هؤلاء الأجداد أهم العرب الذين خرجوا طلائع وقادة أم المسلمون الذين تواصلوا في البناء الحضاري أم الخليط الثقافي والفكري الذي جمعهم البعض للبعض , يتفاخرون بالرازي وابن سينا والبخاري باعتبارهم اعلام فكر وثقافة لكنه عندما يتكلمون وخاصة اذا كنت في الجهة الثانية منه فكريا وعقائديا اما ان يتهمك بالشعوبية أو بالعنصرية أو أنك غير عربي ونسي انه من يفتخرون بهم ليسوا عربا بالضرورة لأنهم فاقد الهوية اصلا , هذا السجال هو الدائر اليوم بين العرب وشركائهم الحضاريون الفرس وغيرهم من الأمم التي تداخلت وجوديا ومعرفيا , تراهم مثلا يدعون ان عماد الحضارة الاسلامية هم الفرس وآخرون أخرجوا معينهم وصهروه في هذه البوتقة اما العرب فكانوا عالة عليهم ونسوا ان من جمع العرب والفرس هو الاسلام وسماحة الدين , الكل لا يريد ان يعترف ان الفكر انساني لا يمكن ان يكون خصيصة لأمة دون غيرها وحتى الامم التي تميزت بعطاءات خاصة لا تخلوا من التأثر والبناء على روافد خارجية من أمم سابقة أو مجاورة وبالتالي فالهوية الجامعة هي هوية العطاء والتجديد والتأصيل لا الهوية العنصرية الضيقة.
بين المجتمعات المتصاهرة ثقافيا حدود ولكن التداخل العضوي والمؤثر في صياغات المعرفة والفكر أكبر من هذه الحدود ,لذا لا يمكن أن نجد اليوم أمة أو مجتمع خالص تماما ومتطابق حرفيا بين هويته الثقافية وهويته القومية,وهذا يؤشر لنا أن معنى تحديد الهوية على اسس ثقافية يبدو سهلا طالما أن المعيار هنا مطاط وقابل على البسط والمد,لكن البحث لا يريد ان يختار هذا المحدد,يريد أن يبحث عن مؤشر يعط للمجتمع والأمة شخصية مميزة ليس من خلال هذا المقسم البسيط بل يريد أن يتبنى صياغة يمتزج بها ما هو إنساني مشترك بالخاص دون أن يلغي عوامل التواصل مع الآخرين.
مثلا عندما نقول فكر عربي أو ثقافة عربية لا بد أن نعط لهذا المفهوم ذائقة ذهنية ترشدنا إلى جملة من الخصائص منها ما هو تأريخي وبيئي وثقافي وأيضا معرفي له علاقة بالوعاء الذي يمكن ان نصب به خلاصة الفكر ونعني به اللغة العربية التي لا بد أيضا أن نحرجها من المنطق البصري وتحريرها من قيود سيبويه كي تتفاعل مع الهوية الحضارية للفكر العربي,هذه الميزة التي يجب ان بسعة المثقف العربي كما تسعى المؤسسة القيادية له على تجذير الشعور بروحيتها وتعويد الحس الثقافي والفكري العربي على أن هويتنا هي هوية ملونة تستند إلى ركيزتين أساسيتين هما العمق الحضاري وليس التاريخي والوسطية وليس التوسط التي فرضتها البيئة والطبيعة الإنسانية,الفكر العربي ليس روحيا خالصا ولا ماديا متخلي عن جوهر الإنسان الملتصق بعالم الروح,وسطيا في خياراته يقبل التجديد والحداثة ويتعامل معها على أنها منجز إنساني لا بد أن يسخره ويستفيد من منهجيته في المعالجة لكن لا ينسى ان هذه الحداثة والتجديد لم تولد من فراغ حضاري بل هو تراكم إنساني مر الزمن مع عقل الإنسان على بلورة ملامح الحاضر المتجدد.
الركيزتان يمنحان الفكر قيمة ويرسمان للهوية وجود صادق وحقيقي يقود إلى التخلص من العنصرية القومية ويحافظان على المنطق الواقعي لنا كعرب,فلسنا شعبا نقيا ذا أصول واحدة , وليست لغتنا جوهر ثابت لم يختلط ولا يخالط روح لغات ومناهج لغوية,نحن أمة وسط وأمة نتاج ظروف ومتغيرات صاغت ملامحها الكثير من التفاعليات الحضارية الإنسانية دينية وأخلاقية ومعرفية تشعبت جذورها في محددات زمنية ومكانية متنوعة وأستفادت في صياغة وجودها من منابع وروافد عدة , كما هي أيضا ساهمت وصاغت وأردفت ثقافات وفكر وخصائص أمم أخرى,هذا واقع المنطق التأريخي والحضاري ولا عيب فيه,العيب أننا ننكر ونستنكر الكشف عن مصادرنا الثقافية والفكرية ونتغنى بمساهماتنا كأننا أمة تعط ولا تأخذ.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتصار الفلسفة
- العودة الى معنى الخلاص الحضاري
- مختارات في الحب
- العقل والفعل التاريخي في التغيير
- المسلمون والنظرية الفكرية (الميزان)
- سرياليات
- حماية الأسرة العراقية في زمن ضياع العراق.
- من يقتل العراق ؟.
- أهمية تجريد الفكر العربي من الإسلاموية شرط أساسي للتحرر
- تجديد الرؤيا تجديد العقل الديني والعلمي
- العلم وضروريات التعلم
- النداء الأخير قبل الرحيل
- الحمامة والغراب ...... صراع الموت والحياة ...أديب كمال الدين ...
- شذرات من الفكر الاجتماعي والأجتماعي الديني
- مكافحة الكراهية والتطرف
- (مشروع مقترح قانون)
- دور الهوية في تحديد مسارات الحركة التاريخية للمجتمع
- مفهوم الخرافة في الفكر الفلسفي الأفتراضي
- من مهمات الفكر العربي
- فكرة الزعامة وأنحراف الزعيم


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على بيان -حماس- بشأن مفاوضات وقف إط ...
- الجنائية الدولية: ضغوط سياسية وتهديدات ترفضها المحكمة بشأن ق ...
- أمطار طوفانية في العراق تقتل 4 من فريق لتسلق الجبال
- تتويج صحفيي غزة بجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة
- غزة.. 86 نائبا ديمقراطيا يقولون لبايدن إن ثمة أدلة على انتها ...
- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...
- رسالة هامة من الداخلية المصرية للأجانب الموجودين بالبلاد
- صحيفة: الولايات المتحدة دعت قطر لطرد -حماس- إن رفضت الصفقة م ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - في معنى تحديد الهوية