أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - ذكريات خارجة عن القانون














المزيد.....

ذكريات خارجة عن القانون


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 17:47
المحور: الادب والفن
    



هناك في ركن منعزل في محل تجاري غريب، لا يبيع سوى السلع المتميزة التي يستحيل تواجدها في المحلات التقليدية، ليس هذا فحسب، بل يطالب مدير محل الغرائب الجريء من الراغبين بعرض سلعهم بالتوقيع على تعهّد صريح بعدم التراجع أو محاولة مقاضاة المحل لتبعات مصيرية محتملة في المستقبل المنظور والبعيد.

شاهدت طرفًا بشريًا مبتورًا لسبب أو لآخر مجمّدًا في قارورة زجاجيّة، معروض للبيع بسعر معقول، ورأيت عصا مدرّس مكسورة كتب عليها مذكّرة تفيد بأنّها قد حطّمت فوق رأس مدرّس رياضيات انتقامًا من تلميذ عانى طويلا من سطوة المدرّس، أشار عليه طبيب نفساني بالانتقام من مدرّسه، وقد يكون الطبيب قد عنى في حديثه طريقة أخرى للانتقام كالتفوّق في هذه المادة على سبيل المثال، لكن الفتى فهمها بطريقته الخاصّة، ولم يجد طريقة أسرع وأسهل سوى تكسير العصا التي نالت منه فوق رأس المدرّس.
أجمل ما رأيت ولم أتمكن من شراءه "تلك الشعرة المتينة المستأصلة من جسد حصان عربيّ أصيل، مضمّخة بدم فتاة شابّة، أصيبت في حادث سير، عرضها الوالد بسعر باهظ. أنا من عشّاق الموسيقى وأعرف بأنّ هذه الشعرة تصلح لصنع عود فريد من نوعه، صوته قادر على شقّ الأصيل، محمّلٌ بذكرى وجدانية لابنة لم تحفر في ذاكرتها بصمات الحبّ ولوعة العشق. لماذا طالب بهذا السعر المرتفع؟ قد يكون الرجل محقًا، وتبقى الفرصة ضئيلة ليوافق مجنون غيري على دفع هذا الثمن.

كم تبلغ من العمر؟ ربّما تجاوزت منتصف العشرينيات، شعرها كستنائيّ، بشرتها تميل للسمرة، جميلة وحالمة. تركت صورتها الصغيرة على طرف حقيبتها المعروضة للبيع، لكنّ ما لفت نظري دفرتان، تصفحتهما، توقّعت براءتهما وبياضهما، لكنّني مخطئ في توقّعاتي. قرأت نوتة لأغنية لم يلحّنها موسيقار بعد، أغنية لم تعانق حنجرة مطرب. في الدفتر الثاني خربشات أنثوية عابثة وصريحة حدّ الخجل. وفي الزاوية العليا من الحقيبة قرأت جملة "هل تمتلك الجرأة على حبّي". دون إضافة علامة استفهام أو تعجّب، كأنّ تساؤلها بديهيّ، وتشكّ تلك المرأة بوجود رجل يجرؤ على مبادلتها الحبّ وفق مفاهيمها الخاصّة.

أدرك صاحب المحلّ ذو الشعر الأجعد حيرتي البالغة، تقدّم منّي مرحّبًا.
- لدينا خيارات كثيرة يا عزيزي.
- نعم، أنا في حيرة من أمري.
- وهناك إمكانية للمقايضة أيضًا، هل أعجبك شيء من مقتنياتي؟
- كلّ شيء يعجبني في هذا المتجر.
- أنت مخطئ، هذا ليس متجرًا. على أيّة حال، يمكنك التعبير عن ذاتك بأريحية، تحدّث، انفجر ضاحكًا أو غاضبًا، ابكِ، غنّ إذا شئت. لا تتقوقع على ذاتك يا صديقي، جميعنا هنا أصدقاء وغرباء كما ترى.
- أعجبتني شعرة الحصان.
- لكنّها باهظة الثمن.
- أقايض!
- ماذا تملك مقابل هذه الثروة يا رجل؟
- اطلب ما تشاء مقابل شعرة الحصان.
- لدينا غرفة عمليات للحالات الطارئة يا غريب، نستأصل كلّ شيء.
- أتنازل عن جزء من أحلامي. ضحك صاحب المتجر، نظر إليّ مطوّلا وقال.
- أنتَ كاتب، أليس كذلك؟
- كيف عرفت؟
- وقد تكون موسيقيًّا أيضًا، أريد بصمات قلبك، يمكنني الحصول عليها بطريقتنا الخاصّة، لن تشعر بأيّ ألم، لكنّك قد تفقد القدرة على العشق دون هذه البصمات، عليك أن تعرف تبعات هذه المقايضة. لم أفكّر طويلا ووافقت على الفور، كنت على ثقة مطلقة من أنّ الموروث الجينيّ المودع في تلك الشعرة الأصيلة الظمئة لحبّ جامح ستعيد لي بصمات قافلة من الأفئدة الخاوية المتصحّرة.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرياحُ وحدها تربطني بالمتاهة
- لا خيانة بعد اليوم
- موناليزا
- إمبراطورية الرعب
- حجرةٌ للحياةِ والموت
- عشاءٌ برفقة الأنبياء
- الحلزون الحكيم
- مجنون حتّى إشعار آخر.
- الزمن المفقود
- أنا أبله - هي تملك ثديين كبيرين
- أزمة الإنتماء لدى المثقف العربي
- ذاكرة متلبّسة بالدهشة
- الكيلومتر الثلاثون
- سارقو الحيوات
- لا مبرّر
- قطارٌ آبق
- المطارُ المغدور
- ساقا المتوفّى طويلة – أتسمحين بنشرهما؟
- حوارٌ بنّاءٌ موثّقٌ بأعيرةٍ ناريّة
- ذاكرة معطوبة


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - ذكريات خارجة عن القانون