أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - رحلة في أعماق الكون المرئي من المنبع إلى المصب















المزيد.....



رحلة في أعماق الكون المرئي من المنبع إلى المصب


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 23:45
المحور: الطب , والعلوم
    


رحلة في أعماق الكون المرئي من المنبع إلى المصب
د. جواد بشارة
[email protected]
من نحن، ومن أين جئنا، وإلى أين نحن ذاهبون؟ كل من بحث في أمر الكون المرئي أو المنظور لا بد أن يطرح مثل هذه التساؤلات الجوهرية ويتعاطى معها على نحو ما سلباً أو إيجاباً. يستند العلماء في سعيهم للإجابة عليها على معطيات وبنى وفرضيات ومعادلات رياضياتية معقدة وصعبة آملين التوصل إلى فهم أعمق ومعرفة متينة وإدراك أوسع لمعضلة الأصل سيما ما يتعلق بماهية الأصل الكوني ومن أين خرج وكيف انبثق. كل العلماء يحاولون أن يستوعبوا لماذا وجد الكون المرئي؟ وما هي أصوله وجذوره ومنابعه؟ كيف يعمل؟ ومماذا يتكون، هو ومن فيه بما فيه نحن البشر؟ وكيف قيض للمادة الجماد أن تفرز أو تولد كائنات حية ووعي، كائنات واعية وذكية ومفكرة ، أي تمتلك عقلاً متطوراً ووعياً وتفكير منطقي؟.
علينا أن نعترف أن كل الثقافات والحضارات طرحت وتناولت ذات الأسئلة وحاولت الإجابة عليها كل بطريقته الخاصة . ومن بين تلك الطرق التي تميزت بها حضارتنا البشرية المعاصرة، هي " العلم " من خلال تطوير منهجية علمية لدراسة الطبيعة وقوانينها وتقديم إجابات متميزة عن بعض تلك التساؤلات الوجودية.
كانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تعود إلى زمن الإغريق، حوالي خمسة قرون قبل الميلاد، ومرحلة كوبرنيكوس وبطليموس، بيد أن المساهمة العلمية الحقيقية بدأت في القرن السابع عشر الميلادي وبالتحديد منذ عهد غاليلو وكبلر.
ثم تقدم العلم بخطى حثيثة وجمع بين الخيال والمشاهدات والنتائج المختبرية والتجارب العلمية مستنداً إلى أدلة وبراهين علمية لا تقبل السجال. واليوم برزت فكرة يمكنها أن تشكل خطوة نحو فهم أفضل وأعمق للقوانين الجوهرية للكون المرئي أو المنظور، ولكن، ولأسباب عملية تتعلق بالمستوى العلمي والتكنولوجي الحالي للبشر، من الصعب توفير وتقديم دليل علمي قاطع لا يقبل الدحض على صحة هذه الفكرة وصلاحيتها، ألا وهي فكرة أو فرضية التناظر أو التماثل الفائقsuper symétrie ولكن من الممكن، في العقود القليلة القادمة، مع التقدم والتطور العلمي والتكنولوجي المأمول والمتوقع، سيتمكن العلماء من تقديم الدليل العلمي، التجريبي والمختبري لها. وهي فرضية علمية جادة ورصينة وأنيقة تتيح لنا فرصة للكشف، على نحو أكثر مباشرة، عن القوانين الأكثر جوهرية للطبيعة رغم وعورة الطريق التي يسلكها العلم للتوصل إلى الحقائق.
لا بد من الغوص في جوهر المكونات الأولية لفهم الطبيعة، وكشف الجزيئات أو الجسيمات الأولية ، والقوى الجوهرية، والقوانين التي تسير الطبيعة وتتحكم في عملها. فالجسيمات والقوى والقوانين هي العناصر الثلاثة الأساسية الضرورية لمعرفة وإدراك وفهم العالم الطبيعي.
عندما انتقل البشر من المرحلة الحيوانية الغريزية إلى مرحلة الإنسان العاقل اكتشف أن عالمه المادي مكون من جزيئات أو جسيمات أولية لا متناهية في الصغر، وإن عليه التعامل معها وأن يتآلف معها ويطوعها، وذاك منذ أكثر من ألفين وخمسمائة سنة حيث قدم العلماء والفلاسفة الإغريق النظرية الذرية وأوجدوا فرضية الجزء والكل ، والبدء من أصغر جزء إلى مجموع الأجزاء، ومكنتهم من التعرف على تركيبة العالم المادي. ثم صارت تعرف تلك المكونات الأولية بالجزيئات أو الجسيمات الأولية. وبعد ذلك نجح الإنسان في التعرف على خصائصها وصفاتها وميزاتها، وبعد ذلك توصل إلى معرفة التفاعلات التي تحدث فيما بينها لتشكيل بنية أو هيكيلية للكون المرئي وفق جملة من المعطيات والقوى المؤثرة التي تحركها.
تطبق قوى الطبيعة الجوهرية على كل أنواع الجزئيات أو الجسيمات وعلى رأسها أول القوانين الطبيعية التي اكتشفها اسحق نيوتن وصاغها في معادلات رياضية ألا وهو قانون الجاذبية أو الثقالة. واليوم استخدمت وما زالت تستخدم قوانين نيوتن خاصة بعد جمعها أو ربطها بقوانين أخرى لصياغة نظرية فيزيائية أكمل وأشمل سميت بالنسبية الخاص والعامة لآينشتين، وإلى جانبها النظرية الكمومية أو الكوانتية، وهما الدعامتين الرئيسيتين للفيزياء الحديثة.
وبات مفروضاً على الجميع معرفة وفهم هذه النظريات ومعادلاتها الرياضية كمنهج، ومن ثم اختبار صلاحيتها وإثباتها.كما بات من الضروري القيام بحسابات وقياسات لوصف وشرح سلوك الجزيئات أو الجسيمات الأولية وتفاعلاتها تحت تأثير بعض القوى الجوهرية للكون المرئي.
يمكننا اليوم تطوير صياغاتنا للنظريتين النسبية والكمومية أو الكوانتية ونحن في طريقنا للتوصل إلى النظرية القصوى أو النهائية للطبيعة إلا أن هذا الأمر ليس ممكناً ولا حتى محتملاً في الوقت الحاضر، ولا حتى في المستقبل القريب، إلا أنه ممكن وغير مستحيل في مستقبل منظور قد يكون بعيداً نوعاً ما، أي بعد بضعة قرون.
لقد تم اختبار صحة وقابلية العديد من المعادلات اللوغارتمية والجبرية وثبت أنها صالحة وبالتالي يتعين علينا معرفة تلك القوانين ولماذا هي موجودة ولماذا بهذا الشكل وبهذه الطبيعة . وبالرغم من القصور والعجز التكنولوجي والمعرفي أو الابستيمولوجي الذي نعاني منه حالياً، إلا أننا نؤكد أن معلوماتنا الحالية توفر لنا إمكانية صياغة وشرح وتفسير واختبار الكثير من النظريات ومن بينها نظرية التناظر أو التماثل الفائق،ونظرية ما قبل الانفجار العظيم. فقوانين الطبيعة الجوهرية الحالية تبقى هي ذاتها في أي مكان في الكون المرئي وإن سرعة الضوء في الفراغ تبقى ثابتة ومحددة بحوالي 300000 كلم/ ثانية وهي سرعة ثابتة لا تتغيركما تخبرنا نظرية النسبية الخاصة والعامة لآينشتين. وهذا ما يعتقده العلماء على الأرض من خلال تجاربهم ومشاهداتهم ونظرياتهم وحساباتهم العلمية والمختبرية ولكن من الناحية النظرية فقط، إذ لم يتسن لأحدهم أن يذهب إلى تخوم الكون المرئي ويغوص في مجراته البعيدة ليلمس صحة هذه المسلمات العلمية التي تخص ثبات القوانين وثبات سرعة الضوء في الفراغ.
ولذلك يتعين علينا مراجعة المسلمات والثوابت والفرضيات والمفاهيم والتأكد من صحتها وصلاحيتها ليس فقط في محيطنا القريب في منظومتنا الشمسية فحسب بل في تخوم الكون المرئي وما بعده.
ولكن إذا تعاملنا مع مفاهيم مثل قبل وبعد، وفوق وتحت، فهذا يعني أننا نفترض أن للكون المرئي شكل هندسي ما، والسؤال هو ما هو هذا الشكل، أي ما هي طوبوغرفيا الكون المرئي؟ وهل هناك وجود لهذا الشكل في لحظة الولادة في الانفجار العظيم، أي عند مستويات بلاك les échelles de Planck؟ وهل بقي هذا الشكل الكوني في المستوى اللامتناهي في الكبر ؟ تشير المشاهدات التلسكوبية والحسابات الرياضية إلى أن للكون شكل ذا إنحناء إيجابي، وعليه علينا اعتماد النموذوج الطوبولجي الأكثر بساطة وسهولة للادراك، مما يعني أننا يجب أن نعتبر الفضاء الكوني ثلاثي الأبعاد المكانية، ومحدباً وليس منبسطاً، منذ لحظة الانفجار العظيم إلى اليوم، وإن سطح هذا الشكل الدائري في حالة حركة دائمة. تخبرنا أحدث النظريات الفيزيائية وأهمها في الوقت الحاضر، وهي نظرية الأوتار الفائقة la théorie de supercordes، أن هناك عدد لا متناهي من الأوتار المتذبذبة، كأوتار آلة الكمانن ولكن في مستوى لامتناهي في الصغر هو طول بلانك la longueur de planck حيث تعتبر تلك الأوتار بأشكالها المختلفة الكينونات الأولى التي سكنت الكون البدئي. من المستحيل على العلماء اليوم قياس أي شيء في تلك المرحلة لا على الصعيد المكان ولا الزمان. لأن آخر ما تمكن العلماء قياسه هي أبعاد وثوابت بلانك وهي:
ثوابت بلانك les constantes de planck
نلاحظ اليوم أن العديد من الثوابت الفيزيائية الهامة تحمل اسم العالم الألماني العظيم ماكس بلانك Max planck، وذلك تكريماً للدور الكبير الذي لعبه ماكس بلانك في اكتشاف هذه الثوابت. هنا تجدر بنا الإشارة إلى ما يعرف بـ "نظام واحدات بلانك le système des unités de planck Planck -Units System " حيث يتم تحويل الواحدات الأساسية: الطول، الكتلة، الزمن إلى مقابلاتها من طول بلانك، وكتلة بلانك، وزمن بلانك.
1- ثابت بلانك Planck Constant - le constant de planck
ثابت بلانك، (ويأخذ الرمز h)، عبارة عن ثابت فيزيائي أساسي نَتج عن الصياغة الرياضية للميكانيك الكمومي أو الكوانتي، الذي يقوم بوصف سلوك الجزئيات أو الجسيمات الأولية والأمواج عند المقاييس الذرية وما دون الذرية، بما فيها الجانب الجسيمي للضوء، وهو غير الصفة الموجية للضوء. قام الفيزيائي العظيم ماكس بلانك بتقديم هذا الثابت في العام 1900 ضمن صياغته الدقيقة لتوزع الإشعاع الصادر من جسم أسود، أو ماص مثالي للطاقة الإشعاعية.
تكمن أهمية ثابت بلانك في هذا السياق من خلال طرحه لفكرة أنّه يتم امتصاص، أو إصدار أو السماح بالعبور للإشعاع، مثل الضوء،عند مقادير طاقية محددة ومنفصلة، أو كموم، يتم تحديدها بواسطة تردد الإشعاع وقيمة ثابت بلانك.
تساوي الطاقة E لكل كم من الكموم، أو لكل فوتون، ثابت بلانك h مضروباً بتردد الإشعاع، الذي يُرمز له بالرمز الإغريقي v، أو باختصار E=hv وهذه هي معادلة بلانك الشهيرة.
نلاحظ وجود نسخة معدلة لثابت بلانك ويُرمز لها بـ h ولكن موضوعاً أعلاه إشارة خط، وهو ما يُسمى بثابت بلانك المُعدل ويساوي ثابت بلانك مضروبا بـالعدد pi، وهو الثابت الذي يعرف أيضاً بـ "ثابت ديراك le constant de -dir-ac - -dir-ac Constant". على سبيل المثال، كمية الحركة الزاوية لالكترون مرتبط بنواة ذرة تكون مكممة ولا يمكن لها إلا ان تكون أحد الأضعاف الصحيحة لثابت بلانك المعدل.
وحدة قياس ثابت بلانك هي الطاقة مضروبة بوحدة الزمن، وهي كمية تُعرف بالحركة. غالباً ما يعرف ثابت بلانك على أنه الكم الأساسي للحركة. تقدر قيمته بـ 6.62606957*10^-34.
2- طول بلانك Planck Length – longueur de planck
يُمكن تعريف طول بلانك على أنه أصغر بُعد نظريّ يُمكن الحصول عليه في الفيزياء، وهو يُمثّل أصغر مجال يمكن أن تكون عنده قوة الجاذبية (بمفهومها الكلاسيكي) قادرة على العمل.
يُمثل طول البلانك الجذر التربيعي للجداء التالي: [G.h.2.pi/c^3] حيث يمثل (G) ثابت الجاذبية العالمي، و(h) ثابت بلانك، و(c) سرعة الضوء.
يأخذ طول بلانك قيماً من مرتبة (10^-35) من المتر، أي أصغر من أبعاد البروتون بحوالي 20 مرتبة عشرية، حيث تُقدر أبعاد البروتون من مرتبة (10^-15) من المتر.
لا يوجد أي إثبات تجريبي ومادي على أي جسيم أو مادة موجودة تمتلك طولاً يُعادل طول بلانك، وأهميته لاتزال محصورة في الدراسات النظرية، خصوصاً في النظريات الحديثة مثل "الأوتار الفائقة la théorie de supercordes - SuperString Theory" حيث يقدّر العلماء المختصون بنظرية الأوتار أن طول الوتر - الوحدة الأساسية في النظرية - من مرتبة طول بلانك.
3- كتلة بلانك Planck Mass - la masse de planck
يتم تعريف كتلة بلانك على أنها كُتلة الجسيم الذي يكون طول موجة كومبتون Compton Wavelength له مُساوياً لطول بلانك.
يُمكن حساب طول بلانك على أنه الجذر التربيعي للمقدار التالي: [h.2.pi.c/G] حيث (h) هو ثابت بلانك، و(c) سرعة الضوء و(G) ثابت الجاذبية العالمي.
تأخذ كُتلة بلانك قيماً من مرتبة (10^-8) كيلوغرام، وهي تكافئ طاقة تعادل 10^19 غيغا الكترون فولط، وفي حين أن مُسرّعات الجسيمات الحالية تمتلك طاقة قصوى من مرتبة 10^3 غيغا الكترون فولط، فإنه لا يمكن أبداً الحصول على تجارب مخبرية لجسيمات تمتلك كتلة بلانك.
بكل الأحوال، ووفقاً لنظرية الانفجار العظيم، فإن الجُسيمات التي تمتلك كتلة تعادل كتلة بلانك قد ظهرت في بداية نشوء الكون، إلا أن مناقشة هذا الأمر يتطلب وجود نظرية جاذبية كمومية قوية.
4- زمن بلانك- le temps de planck Planck Time
يتم تعريف زمن بلانك على أنه الزمن اللازم لفوتون من أجل أن يقطع مسافةً تعادل طول بلانك، ويمكن حساب زمن بلانك على أنه الجذر التربيعي للمقدار: [G.2.pi.h/c^5] حيث (G) ثابت الجاذبية العالمي، و(h) ثابت بلانك و(c) سرعة الضوء.
وحسب المعادلة السابقة فإن جذر بلانك سيأخذ قيماً من مرتبة 10^-43 من الثانية الواحدة، وهو زمن نظري من المستحيل حالياً الوصول إليه.
ووفقاً لنظرية الانفجار العظيم، فإن ما حصل منذ الانفجار العظيم حتى الوصول لزمن بلانك يتطلب أيضاً نظرية قوية في الجاذبية الكموميةla gravité quantique ، وبالمقارنة مع أصغر قياس زمني فيزيائي تم إنجازه في عام 2010، حيث تمكن العلماء من قياس زمن يصل إلى 1.2x10^-17 ثانية، فإنه لا يزال أكبر من زمن بلانك بـ 3.7x10^27 مرة.
اتفق معظم علماء الفيزياء أن الزمن الواقعي توقف عن الوجود في حقبة بلانك فالفيزياء النظرية تنهار أمام جدار بلانك le mur de planck وتعجز عن الربط والجمع بين اللامتناهي في الكبر الذي وصفته نسبية آينشتين واللامتناهي في الصغر وهو العالم الذي تتكفل بدراسته ميكانيك الكموم أو النظرية الكوانتية. فما الحل؟ يعتقد بعض العلماء الشباب أن الزمن في مرحلة بلانك قد تشوه جراء الانطواء الحاد للكون على نفسه وانضغاطه في نقطة لا متناهية في الصغر حتى تحول إلى جسيم لا متناهي في الصغر، وإن هذه العملية هي التي أدت إلى شطر الزمن إلى اتجاهين متمايزين حيث لم يعد هناك أي نظام أو تماثل ، وهما الاتجاه الواقعي والاتجاه الخيالي، و لا يوجد سوى محركات رياضياتية moteurs mathématique خاصة عندما نبلغ المستوى أو الحد الأقصى لطاقة الكون والتي يمكن أن نسميها بطاقة بلانك L’énergie de planck، وهي تساوي مائة مليار المليار المليار المليار الكترون/ فولت électronvolts . ولا ننسى أن التناظر أو التماثل الفائق le supersymétrie يوحد الجسيمات الناقلة للقوة ، والتي نسميها البوزونات bosons، مع الجسيمات النقالة للمادة ،والتي نسميها الفيرميوناتfermions . وبالتالي فإنه في داخل هذا التيار الفائق التماثل أو التناظر courant supersymétrique، نجد أن كل ما يشكل الواقع الوليد يكون موحداً من الناحية المبدئية. والأمر المهم في هذا الدفق الفائق التناظر أو التماثل، المنبثق في بداية الزمن، توجد آليات تعمل على خلق التركيب والتعقيد التكويني ، وبصور تدريجية ، وهي آليات رياضياتية محضة لا يعرف ماهيتها سوى علماء الفيزياء وعلماء الرياضيات، وهي كائنات أو كينونات رياضياتية بحتة يسميها العلماء "الجبر الفائق لصوفيوس لاي super-algèbres de Lie"، على إسم عالم الرياضيات النرويجي صوفيوس لاي Sophus Lie وهو عضو الجمعية الملكية في لندن الذي اكتشف المجموعة الجبرية الرياضياتية التي اقترنت بإسمه les groupes et algèbres de Lie وهي أدوات وبنى رياضياتية وجبرية instruments et structures mathématiques et algébriques متقنة تسمح بوصف التناظرات أو التماثلات الفيزيائية الكبرى les grandes symétries. وهذه الكائنات الرياضياتية هي التي أوجدت التركيبات الزمكانية المعقدة la complexité ، أو بعبارة أخرى القوى الجوهرية الأربعة المتميزة عن بعضها البعض، بعد أن كانت متحدة في وحدة واحدة، والتي أدت فيما بعد إلى ولادة الجسيمات الأولية التي تكون أساس المادة. فقبل حصول الانفجار العظيم وظهور القوى الجوهرية الأربعة، وقبل ظهور الجسيمات الأولية، كانت هناك كائنات رياضياتية على غرار مصفوفة الشفرة الجينية التي تسمح للخلية الأولية التي نشأة كأساس وأصل للكائن الحي. والتي يمكننا تسميتها بالشفرة الكونية أو الكوسمولوجية التي قادت تطور الكون المرئي برمته.
البحث عن قوانين الكون المرئي الظاهرة والخفية
تتجسد الملحمة العلمية المعاصرة في محاولة البحث عن النظرية العلمية الموحدة والجامعة والوحيدة التي تجيبنا عن كافة تساؤلاتنا والتي حلم بها آينشتين طيلة حياته العلمية. وتمثلت في محاولة الجمع بين المستوى الميكروسكوبي ، المجهري وما دون الذري، والمستوى الماكروسكوبي، الذي نعرفه ونلمسه في حياتنا اليومية ويمتد إلى آفاق الكون المرئي الرحبة، ومن ثم صياغتها في معادلة رياضية واحدة ، أو بعبارة أخرى، محاولة التوفيق بين قوانين فيزياء اللامتناهي في الصغر " أي الكموم" ، وواجهتها الفيزيائية وهي النظرية المعيارية، واللامتناهي في الكبر، أي الكون المرئي بما فيه من محتويات، من ذرة الرمل إلى المجرات ونجومها وكواكبها وغازاتها والتجمعات المجرية والسدم وغيرها" أي النظرية المعيارية النسبوية لنماذج البغ بانغ أو الانفجار العظيم ، وواجهتها نظرية النسبية الخاصة والعامة. ومن المنتظر من هذه النظرية النهائية أن تصف مكونات الوجود المادي بكل أبعادها وما يحصل فيها من تفاعلات جوهرية، أي سبر غور الطبيعة وكشف حقيقتها وأسرارها وقوانينها حسبما قاربتها نظريتي الأوتار الفائقة ونظرية التناظر أو التماثل الفائق les théories de supercordes et supersymétrie، اللتان جاءتا تتويجاً لنظريات الفيزياء المعاصرة وعلى رأسها نسبية آينشتين وميكانيكا الكموم أو الكوانتوم. يتطلب الخوض في ذلك بالطبع البحث في عالم الجسيمات أو الجزئيات الأولية بكل أشكالها من البوزونات والفيرميونات والهيدرونات، والمادة السوداء والطاقة المعتمة أو الداكنة والمادة المضادة وغيرها من الألغاز الكونية الغامضة.
لم يختر علماء الجسيمات أو الجزئيات الأولية ، مهمة سهلة، فهم يتعاملون مع دقائق أو جزيئات دقيقة ومواد ليس بوسع أحد أن يراها بالعين المجردة ولا حتى بالميكروسكوبات المتاحة حالياً نظراً لصغرها المتناهي. كما يهتمون بتفاعلاتها المتبادلة، وهي تفاعلات جوهرية وعددها أربعة: الجاذبية أو الثقالة، وهي الأقل كثافة وشدة بكثير من الثلاثة الباقية، وبعدها يأتي التفاعل الكهرومغناطيسي ، وتفاعلين نوويين لا يحدثان إلا على مستوى ميكروسكوبي ما دون ذري ، الأول هو التفاعل النووي الضعيف الذي يسير ويدير ويتحكم بالعمليات الإشعاعية radioactif ، والآخر التفاعل النووي القوي أو الشديد الذي يربط بين البروتونات والنيوترونات ويؤمن تماسكها باعتبارها مكونات النوى الذرية.
وبالرغم من صعوبة مثل هذه المهمة إلا أنها لم تمنع علماء الجسيمات أو الجزيئات الدقيقة الأولية من تحقيق نجاحات ملموسة وأحياناً قفزات باهرة وعملاقة خلال القرن العشرين عبر تجارب وجهود بحثية هائلة ومضنية، وتوصلوا إلى اكتشاف وتصنيف عدد كبير من الجسيمات أو الجزيئات الأولية ، ومن ثم أثبتوا إبان سنوات الثمانينات من القرن المنصرم، أن التفاعل الكهرومغناطيسي والتفاعل النووي الضعيف ، بالرغم من تباينهما الظاهر، إلا أنهما ليسا مستقلين أحدهما عن الآخر. ففي الماضي البعيد للكون المرئي أو المنظور ، كانا يشكلان معاً قوة واحدة انفصلت عن بعضها فيما بعد بفعل التضخم والتوسع والتغير الحراري.
كانت حصيلة الاستخدام الذكي من قبل العلماء لأطروحة التناظر أو التماثل الفائق استنتاج هيكيلية أو بنية التفاعل بين جسيمين أو جزيئين من خلال خصائصهما التناظرية أو التماثلية فقط. وبدا الأمر في نهاية المطاف، كما لو أن التحولات غير المتنوعة التي تتركها الجزيئات أو الجسيمات هي الأكثر أهمية وجوهرية وأساسية من الجزئيات ذاتها ، عندها لم يبق أمام العلماء سوى تشخيص التماثلات أو التناظرات المرتبطة بالتفاعلات الكهرومغناطيسية والنووية الضعيفة لوضعهما وجمعهما أو ربطهما بإطار رياضي واحد أي توحيدهما رياضياً mathématiquement ومن ثم توسيع وتعميم هذه الطريقة لتطبيقها على التفاعل النووي القوي أو الشديد، وكانت النتيجة المستخلصة مذهلة وقوية جداً حيث تم ربط وتوحيد التفاعل النووي الشديد بالاثنين السابقين، أي الكهرومغناطيسية والنووية الضعيفة، والتوصل إلى صياغة رياضية تجمع التفاعلات الجوهرية الثلاثة. وكانت هذه النتيجة هي التي أوصلتنا لما نسميه اليوم بالنموذج المعياري modèle standard في فيزياء الجسيمات أو الجزيئات الأولية الدقيقة، والذي تم اختباره واثبات صحته بدقة في مصادمات ومسرعات الجسيمات أو الجزئيات الأولية ، وهي منشئات عملاقة ومكلفة جداً وقمة في مكوناتها التكنولوجية مثل LHC الموجود على الحدود السويسرية الفرنسية بالقرب من جنيف.
كانت تداعيات هذا الاكتشاف والتوحيد للقوى الجوهرية الثلاثة، مهمة جداً لأنها سمحت لنا أن نؤكد على أن القوى الكونية ليست مجرد مكونات ينبغي إدراجها على نحو عشوائي في النظريات الفيزيائية إلى جانب الجسيمات أو الجزئيات الخاصة بل تبدو وكأنها نتائج لخصائص التناظر أو التماثل التي تخضع لها أو تطيعها تلك الجسيمات أو الجزيئات.
وبفضل النموذج المعياري بات بوسع الفيزيائيين شرح وتفسير سلوك الجسيمات أو الجزيئات الأولية الدقيقة في مستوى يعادل 10-18 من المتر، أي مليار من جزء من مليار من المتر. ولكن في المستويات الأدنى من هذا يدخل مبدأ النظرية المعيارية للجسيمات أو الجزئيات الأولية في تصادمات، وتتعطل المعادلات الرياضية، ويغدو الأمر بأمس الحاجة لفيزياء جديدة يتعين عليها الأخذ في الحسبان الجاذبية أو الثقالة، التي ألقيت جانباً أو أهملت في النموذج المعياري الجسيمي ، في حين يحدث العكس في النموذج المعياري النسبوي حيث يهمل التفاعل النووي الضعيف والشديد أو القوي ولا يأخذ في الحسبان سوى الجاذبية أو الثقالة. من هنا تبرز الصعوبة في عملية التوحيد، و يتعاظم حجم التحدي أمام العلماء، ولكن الأمل موجود في نظرية التناظر أو التماثل الفائق التي وضع خطوطها وأسسها الأولى العالم الفرنسي بيير فايت Pierre Fayet حيث تقوم هذه النظرية بإقامة جسر بين المادة وتفاعلاتها إذ تم وصف القوى الجوهرية والجزئيات أو الجسيمات الأولية بطريقة متشابهةsimilaire ، بيد أن هذا التساوي غير ممكن إلا في حالة مضاعفة كمية المادة في الكون المرئي أو المنظور. فلكل جسيم أو جزيء معروف هناك جسيم أو جزيء قرين أو شريك تناظري أو تماثلي فائق partenaire super symétrique مما يضاعف عدد الجسيمات أو الجزيئات الأولية، وهذا يعني أن التناظر أو التماثل الفائق يتجاوز حدود النموذج المعياري محققاً خطوة جديدة في الطريق الطويل نحو توحيد القوى الجوهرية للكون المرئي.
كان هدف التوحيد للقوى الجوهرية للكون المرئي رهاناً شبه ميتافيزيقي في البدء، لأنه كان يسعى للفهم الكلي والتام والشامل للكون المرئي أو المنظور إنطلاقاً من عنصر أولي أو مبدأ وحيد. ومن ثم ، مع مرور الوقت، تحول إلى نوع من برنامج علمي طموح تبنته الفيزياء الحديثة التي تعمل على كشف وتشخيص الأشياء والمكونات الأولية وعزل القوانين الجوهرية لتحديد خواصها ، ومن ثم التوصيل والربط فيما بينها إلى أن يتم توحيدها رياضيا وتقديم الوصف الأكمل والأشمل الذي يمكننا التوصل إليه في الوقت الحاضر لهذا الكون الذي نعيش فيه وندرسه. وليس مصادفة إذا كانت النجاحات الكبرى في حقل الفيزياء قد فسرت، إما بكونها ناجمة عن دمج للمفاهيم أو التقريب بين الأطروحات المتمايزة. وتتوجه الأنظار في العقدين الأولين من القرن الواحد والعشرين نحو تحقيق هذا الهدف وتنعقد الآمال في قدرة العلماء على توحيد الرؤى الفيزيائية بشأن فرضية التناظر أو التماثل الفائق كونها نظرية أنيقة جداً لكنها قد لا تكون كافية لأن ما هو جميل وأنيق ليس بالضرورة مصيب وحقيقي. ومع ذلك يجب إخضاعها للاختبار والتجربة في مصادمات ومسرعات الجسيمات أو الجزيئات الحديث والمتطورة والعملاقة لإثبات صحة توقعاتها وتنبؤاتها .
الوجود المادي ومعضلة الزمن في الكون المرئي
في يوم من الأيام، في بدايات القرن المنصرم، القرن العشرين، صرح آينشتين أن الزمن مجرد وهم تعودت عليه حواسنا، وتبعه كثير من العلماء رغم عدم هضمهم لهذه الأطروحة وتقبلوا مفهوم مبسط للزمن لايعدو كونه سهم أو اتجاه من الماضي نحو المستقبل مروراً بالحاضر، وبالتالي هو ليس سوى وهم ناجم عن التقلبات والتحولات والحركات التي تملأ العالم المادي، وهو صورة أخرى غير مألوفة للمكان ، و لا وجود لما شاع بين الناس للزمن المطلق . وبعد مرور قرن يأتي عالم أمريكي هو لي سمولن Lee Smolin ليقول أن الزمن موجود وليس وهم. ولقد فاجأ صاحب نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية لي سمولن في كتابه الأخير المعنون :" الزمن يولد من جديد Time Reborn – Le Temps Renait " الوسط العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية عام 2013 إذ أن هذه المقاربة الجديدة للزمن من شأنها إنقاذ الفيزياء من الجمود الذي وقعت فيه مؤخراً والمساعدة على صياغة نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية la gravité quantique التي ستمثل الخطوة الأولى حسب سملون للتوصل إلى النظرية النهائية الشاملة والجامعة والموحدة لكل نظريات الفيزياء.
كان الزمن وما يزال يشكل معضلة للفيزيائيين منذ إطاحته من عرشه على يد آينشتين إلى عودته متوجاً على يد لي سمولن حيث استمرت الفيزياء استخدام مقاديره وقيمه الرياضياتية رغم عجزها عن تحديد وتعريف ماهيته بدقة علمية قاطعة ونهائية. فهو موجود وبإمكانه أن يحدد لنا تأرخة أحداث، وتحديد مدد أو مديات، وفهم حقيقة وقوع حدثين في آن واحد، أي وضع نوع من التعاقبية أو التسلسلية للأحداث التاريخية التي تحدث في عمر الوجود. النقطة الأهم في هذا الطرح الجديد هو أن الزمن نفسه يمنعنا من السفر للماضي أو للمستقبل، مما يمنع أي فرد، لو قيض له أن يعود للماضي ، من قتل جده ومنع ولادة أمه وبالتالي ولادته هو منها ، في حين هو موجود لأنه هو الذي يقوم بعملية قتل الجد وهذه مفارقة. بينما لا تمنع نظرية النسبية ، نظرياً على الأقل، إمكانية السفر عبر الزمن والعودة للماضي أو الذهاب للمستقبل. فالزمن وفق هذا المفهوم الجديد يحمي مبدأ السببية principe de causalité الذي يحتم أسبقية السبب للنتيجة والعلة للمعلول، وهو نفس المفهوم الذي تبناه إسحق نيوتن الذي قال بأن الزمن سيرورة تمضي على نحو متسق ومنتظم ومتماثل ومطلق يمتد من الماضي إلى المستقبل، وهو نفسه موجود في أي مكان في الكون، أما الزمن الحسي أو الحدسي فهو ذلك الذي نتشاطره بيننا جميعاً والذي يوائم الحياة اليومية. فالزمن من وجهة نظر غاليلو مثلاً هو علاقة بين شيئين وليس شيئاً موجوداً على نحو مستقل، مما يعني أن الزمان والمكان متداخلين وليسا جوهرين منفصلين.
ويعارض العالم آلكسي دو سان أورس Alexis de saint-ours من مختبر العلوم الفلسفية والتاريخ في جامعة باريس ديدرو هذا الطرح، آخذا بالاعتبار المستوى ما دون الذري في فيزياء الجسيمات، حيث يقول :" في الحقيقة إن الزمان والمكان ماهيتين أو جوهرين متمايزين substantiels وهما بمثابة مسرح أو حلبة أو محتوى أو بعبارة أدق هو وعاء بلا جدران تحتل الأشياء فيه أماكنها وتتوالى فيه الأحداث . فالجسم المادي الموجود بداخله لا يغير شيئاً من صفات وخصائص المكان والزمان مثلما يكون الحال عندما يتم نقل الأثاث داخل غرفة والذي لايغير من حجم الغرفة أو زوايا الجدران فيها، وبالتالي لو كان الزمان والمكان متداخلين فسوف لن يكون هناك محتوى بل فقط أشياء وأجسام مادية وإن وهم الزمان والمكان المعطى لنا ناجم عن العلاقة القائمة بين تلك الأشياء أو الأجسام المادية. وهكذا، لو نقلنا أو غيرنا مكان طاولة تبعد مترين عن مدفأة فإن الفضاء القائم بينهما لن يبقى ثابتاً بسبب عدم وجود المحتوى أو الوعاء الافتراضي ولو أخرجنا الأثاث فلن يعد هناك شيء موجود، لا زمان ولا مكان، فبدون الأحداث والعلاقات بين الأشياء، أي الحركة، يختفي الزمن لأننا لايمكننا تحديد تاريخ لحدث إلا بالمقارنة بآخر أو بعلاقته بحدث آخر . هذا ما لخصه آينشتين بوصفه للزمن في نظريته النسبية العامة. فتوزيع الكتل يغير بلا توقف الزمكان، وإن الزمان والمكان غير صحيحين إلا محلياً أو موضعياً وفق تواجد الأشياء وعلاقاتها ببعض وما تقوم به من حركات، إذ أن كل شيء في الكون يتحرك ، وبالتالي فإن التجديد الثوري الذي أضفاه آينشتين هو إختفاء الزمن وإن استمرار شعورنا بوهم الزمن هو نتيجة لجهلنا تفاصيل العالم وإدراك أسراره. كما يقول آينشتين ومن يتبعه من العلماء. يتمرد لي سمولن على هذه المسلمة التي دامت حوالي القرن من الزمن لأنه يريد أن يخرج الفيزياء من مأزقها الذي وقعت فيه فهو يعتقد أن نسبية آينشتين لم تأخذ بالاعتبار المستوى ما دون الذري échelle subatomique الذي وصفته بدقة الفيزياء الكمومية أو الكوانتية وإذا رغب العلماء في صياغة نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية ، في العقود القادمة، فلا بد لهم من كسر هذا الحاجز النظري الآينشتيني بغية التمكن من الجمع بين النسبية العامة والفيزياء الكمومية وتوحيدهما. لذلك يعتقد لي سمولن أن النجاح في الوصول إلى هذه النظرية الفيزيائية الجديدة يتطلب عودة الزمن لا سيما في مجال علم الكون الكوسمولوجيا الذي يميزه عن باقي علوم الفيزياء ، لأن من سمات علم الكون هو وصف الكون بشموليته وكليته أي برمته في حين إننا نطبق عليه فيزياء تصلح فقط لجزء فقط من الفضاء ونهتم بقطعة محددة من الزمكان حيث تتكون الطبيعة فيه من جملة من الجسيمات ذات خصائص مستقلة عن الزمن. وهذا ما قادنا للطريق المسدودة في الفيزياء السائدة اليوم ولا بد من إعادة ولادة الزمن إذ أن قوانين الفيزياء لم تتمكن من البقاء ثابتة لا متغيرة منذ لحظة ولادة الكون إلى اليوم، وبذلك يلتقي لي سمولن بما سبق أن تقدم به في السنوات الأولى من القرن العشرين علماء فطاحل كانوا على خلاف مع آينشتين من أمثال العالمين بول ديراك ونيلس بور Niels Bohr,Paul -dir-ac إلا أن هناك عدد من العلماء المعاصرين مترددين ويشككون في صحة هذا الطرح وصلاحيته ويتساءلون: أي زمن نختار؟ هل هو الذي يمر بالقرب من الشمس أم ذاك الذي يمر بالقرب من ثقب أسود؟ والمعروف علميا، حسب آينشتين، أن الزمن يتمدد ويتقلص ويتباطأ كلما اقترب من الثقب الأسود أو كلما زادت سرعة الشيء المتصل به ويصبح صفراً عند وصول الشيء إلى سرعة الضوء، لذا من الصعب إعادة النظر والتخلي عن السمة النسبية والمحلية للزمن كما حددها آينشتين وبنيت عليها الفيزياء المعاصرة.
كان الإغريق يعتقدون وينظرون بوجود زمن لا نهائي ذو بعد واحد مستقل عن أية ظاهرة يمكنها أن تقيسه، أي لا يوجد بالنسبة لهم زمن يعود القهقري أي ما يسمى بالعد العكسي للزمن ولا وجود لزمن متوازي. وأقصى ما قدموه من وصف أن الزمن يتمتع ببنية رياضية مثل المسافة بالنسبة للمكان، والمقصود بهذه البنية هي المدى الزمني أو المدة durée.
هيمنت هذه الأطروحة لقرون طويلة لغاية بداية القرن العشرين. ففي سنة 1922 جاء آينشتين في زيارة إلى باريس والتقى بأمير الفلاسفة آنذاك وهو هنري بيرجسون الذي كان ينظر حول مرور الزمن والتدفق الزمني، أي الزمن كمعطى آني للوعي، وهي الصيغة المنمقة للفهم العام للزمن باعتباره مدة. وبعد النقاشات بين العالم والفيلسوف، بقي كل منهما متمسكاً بموقفه وبقي الزمن حبيساً بينهما، بين الزمن الفلسفي والزمن العلمي ، الزمن كما يدركه الفيلسوف والزمن كما يدركه العالم الفيزيائي. بيد أن الصحافة لم تفهم شيئاً مما دار بينهما ولم تقتطع سوى جملة مشوهة من الحوار بين الرجلين وضعتها على لسان آينشتين وهي :" الزمن غير موجود " في حين إن ما قاله آينشتين حينذاك بالضبط هو :" بالنسبة لنا نحن الفيزيائيين بالأعماق،فإن الفصل والتمييز بين الماضي والحاضر والمستقبل لا يحتفظ سوى بقيمة الوهم مهما كانت شدته. فالزمن لا بداية له ولا نهاية ولا حركة. فهو ليس شخصاً وليس له كينونة. فنحن لا نراه، بل نرى تأثيراته، وهو ليس بعداً ولا معطى. فلو كان بعداً لأمكن قياسه على نحو تقليدي بعلاقته بالظواهر مثل حركة الأجرام السماوية التي هي من تأثيرات الزمن، أو الأصح الزمكان، لكن الزمن نفسه لا يخضع لأية مقاربة أو تعاطي من أي نوع كان.
في ربيع عام 2006 جاء العالم البريطاني الفذ ستيفن هاوكينغ Stephen Hawking في زيارة إلى باريس بمناسبة افتتاح مختبر الجسيمات الفلكية والكوزمولوجيا في جامعة باريس السابعة وتقديمه للمكتبة الوطنية في فرنسا مختارات من النصوص الرياضية الكبيرة التي حققها وعلق عليها ستيفن هاكوينغ. وكان هذا العالم الإنجليزي المتميز أول من اخترع مفهوم الزمن الخيالي.، وعلينا ألا ننسى أن الأعداد الخيالية هي وراء كل التقدم التكنولوجي الذي نشاهده ونتمتع به اليوم ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين فالهواتف المحمولة والسمارتفون أو الهواتف الذكية والحواسيب أو الكومبيوترات المكتبية أو المحمولة والتلفزيونات والمحطات الفضائية والستلايت أو القمار الصناعية والألياف الضوئية وغيرها ما كان يمكن أن تظهر وتتطور بدون الأعداد الخيالية. لذلك ، وخلال مؤتمر صحفي نظم لستيفن هاوكينغ طرح عليه سؤال: هل يمكن لستيفن هاوكينغ أن يعتبر الزمن الخيالي الشكل الأكثر جوهرية للزمن الواقعي الذي نعرفه؟ بعد صمت أجاب هاوكينغ المشلول عبر حاسوبه الذي يترجم أفكاره إلى أصوات عبر نظام تفكيك الشفرات الذي يتيح للعالم الإنجليزي العبقري التواصل لغويا مع العالم الخارجي، :" نعم يمكننا اعتبار ذلك" .
يمكننا مقارنة الزمن الخيالي بزمن خالي من المدة أو بالزمن المتجمد حيث تكون فيه اللحظات والماضي والحاضر والمستقبل متداخلة فوق بعضها البعض ومنطوية على بعضها البعض. من الصعب تصور أو إدراك ذلك، لكنه ستيفن هاكوينغ قرب الصورة للأذهان وضرب مثالا مألوفا شبهه بالزمن المتخيل أو الخيالي ، وهو بكرة الفيلم السينمائي التي يمكنها أن تعطي فكرة عما يمثله الزمن الخيالي. فالشريط الملفوف على البكرة يحتوي على صور ولقطات ومشاهد الفيلم وكل قصته وأحداثه والحال إن هذه القصة تتواجد في حيز مكاني هو شريط الفيلم الملفوف على البكرة. فطالما كان الشريط ملفوفاً ومحفوظاً في علبته فإن الفيلم لا يوجد في الزمن الواقعي، رغم وجود سيناريو الأحداث لكنه غير مدرج في سياق المدة فهو كله بمجموعه قابع في الزمن الخيالي ولا يدخل الفيلم في الزمن الواقعي إلا عندما يوضع على جهاز العرض ويعرض أمام الجمهور فيكون قد دخل في زمنين، وهما: زمن أو مدة العرض وزمن وقوع أحداث الفيلم التي قد تستعرض حوادث قرون عديدة في ساعتين. عندها ستخلق هذه العملية ، أي عملية الانتقال من الزمن الخيالي إلى الزمن الواقعي، الذكرى وانتظار المستقبل.
وغالباً ما يلجأ علماء الفيزياء إلى مفهوم الزمن الخيالي لشرح وتفسير بعض الظواهر الغامضة مثل تأثير النفق L’effet tunnel ، وهي ظاهرة فيزيائية سنأتي على عرضها وشرحها لاحقاً، والتي خلالها تبدو بعض الجسيمات وكأنها تقفز لحظياً وآنياً من نقطة إلى أخرى دون أن تندرج تلك القفزات في الزمن الواقعي. وليس هناك ما يثير الدهشة لدى بعض العلماء أن يكون هذا الزمن الغريب والمدهش ـ الخيالي ـ أكثر من مجرد آلية مصطنعة للحسابات المعقدة والمركبة، فهو يتضمن شيئاً عميقاً لم يفهمه أو يدرك أبعاده أحد بعد. فالزمن الخيالي يحتوي في جوهرة وماهيته الحقيقية سراً يستعصي على الكشف وأمراً غامضاً يمكنه أن يعطي فكرة ولو مشوشة عن أصل الكون المرئي. فالزمن الخيالي يخفي أكثر الأسرار قيمة وجوهرية تتعلق بولادة الكون المرئي وما قبلها. فالأمر يتعلق باللحظة التأسيسية الأولية التي انطلق منها الكون المرئي وهي اللحظة صفر وهي تختلف كلياً وجوهرياً عن أية لحظة زمنية أعقبتها، ولشدة غموضها يتساءل البعض هل هي موجودة بالفعل؟ هل هي لحظة متخيلة كما وصفها اللاهوتي سانت أوغسطين على طريقته الخاصة عندما وصفها باللحظة الواقعية لكنها الخالدة والأزلية ؟ وبالنتيجة كل شيء يدور حول هذا المفهوم الغرائبي في الفيزياء. فالتساؤلات عن الأصل والبداية للزمن ليست بعيدة عن هذا المفهوم الميتافيزيقي الذي يبدو مبتعداً عن الحقل العلمي الفيزيائي ، وهو الأمر الذي يسمح بالتساؤل هل للكون المرئي معنى، ويضع الله والعدم في حيز واحد، ومهما كانت التساؤلات صعبة وحساسة لكنها مسموحة. وسوف تبقى المسألة مطروحة على العلماء لعقود طويلة قادمة لأنه في الإجابة عليها يقبع الشرح بشأن الأصل الحقيقي للكون المرئي والمنظور. فستيفن هاوكينغ سبق أن صرح قبل أكثر من عقدين من الزمن وبالتحديد سنة 1989، في خاتمة كتابه موجز تاريخ الزمن :" لو اكتشفنا أو توصلنا إلى نظرية كاملة وشاملة وجامعة وموحدة فسوف يتعين عليها أن تكون في يوم ما مفهومة، في خطوطها العامة، من قبل كافة البشر وليس فقط من قبل حفنة من النخبة من العلماء والمتخصصين، وسوف يكون بوسع الفلاسفة والعلماء والعامة من الناس المشاركة في المناقشة حول مسألة معرفة لماذا يوجد الكون ولماذا نحن موجودون. وإذا عثرنا على الإجابة فسوف يكون ذلك بمثابة الانتصار الأقصى والفائق للعقل البشري عندها سوف نتعرف على تفكير الله" ـ علينا بالطبع أن نأخذ المعنى المجازي لكلمة الله هنا لأن ستيفن هاوكينغ ملحد ويعتقد أن الكون ليس بحاجة إلى خالق لكي يوجد. قد تكون اللحظة قد حانت اليوم لنتساءل علمياً حول بداية العالم المادي الذي نعيش فيها وماذا كان يوجد قبله ومالذي سوف يأتي بعده. وبعد التدقيق في آخر النظريات العلمية السائدة اليوم والتي تدرس في الجامعات ويعمل في إطارها آلاف العلماء والخبراء، وهي نظرية التماثل أو التناظر الفائق La théorie de Supersymétrie ونظرية الأوتار الفائقة La théorie de Supercordes ونظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية la gravité quantique والنظرية أم La théorie M La ونظرية كل شيء théorie de Tout التي تجاوزت في خطوطها العامة حدود المعرفة العلمية، والمبنية كلها على دعامتين أساسيتين للفيزياء المعاصرة وهما النسبية العامة والخاصة لآينشتين وميكانيكا الكم أو الكوانتوم، والتي توصلنا إلى حقيقة باتت شبه بديهية ومتفق عليها بين العلماء وهي أن الكون المرئي الذي نعيش فيها هو جزء من كون أوسع وأكبر ، هو الكون المطلق المكون من عدد لا متناهي من الأكوان Univers multiples، وإن الانفجار العظيم الذي حدث وتسبب في ولادة كوننا المرئي ليس حدثاً فريداً من نوعه بل متكرراً وعادياً مبتذلاً يحدث في كل لحظة كونية، و يؤدي كل بيغ بانغ أو انفجار عظيم منها إلى كون آخر إما مشابه أو مختلف عن كوننا المرئي ويسير وفق قوانين فيزيائية ذاتية، إما تكون مشابهة لقوانين كوننا المرئي أو مختلفة عنها كلياً، وهي الصيغة التي عرفت بالأكوان الفقاعات des Univers – Bulles كفقاعات رغوة الصابون، وليس كوننا المرئي notre univers observable إلا واحد منها، أي هو ليس أكثر من إمكانية كوسمولوجية من بين عدد لامتناهي من الإمكانيات ولكل منها واقعها الخاص، تكون متشابكة ومتداخلة أو متوازية تخضع لقوانينها الخاصة بها، باختصار إن كوننا المرئي ليس هو البداية ولن يكون حتماً هو النهاية. وباعتقادي أن الكون المطلق الممتد من اللامتناهي في الصغر إلى اللامتناهي في الكبر يمكن أن يتكون من مجموعة من الأكوان – الجسيمات Univers - particules، فمثلما أن كوننا المرئي مكون من جسيمات لامتناهية في الصغر، وإن أصغر جسيم مكتشف فيها هو البرانات والأوتار التي هي دون الكواركات في الحجم، إلا أن هناك كينونة أصغر في كل جسيم تشبه ، إن لم تكن هي ذاتها ، النقطة الأولية التي سمتها الفيزياء بالفرادة singularité وهي أصغر من مكان بلانك، وتختزن في جوهرها مادة مكثفة إلى ما لانهاية وكتلة لانهائية ودرجة حرارة مهولة وبأعداد لامتناهية لا تعد ولا تحصى وكل واحدة من هذه الفرادات – الأكوان ، يمكن أن تتعرض لتقلبات كوانتية fluctuations quantiques وتصادمات تقود إلى تفجرها كما حدث لفرادة كوننا المرئي وما أعقبها بعد الانفجار العظيم، من توسع وتضخم وتفاعلات قادت إلى تكون الغازات والمجرات والنجوم والكواكب والحياة، فهناك قبلها وبعدها مليارات المليارات المليارات من الحوادث المشابهة والأكوان المتعدة ، حيث في داخل كل كون منها مواد وطاقات ومكونات تتدرج هي الأخرى من اللامتناهي في الصغر إلى اللامتناهي في الكبر ففي كل فرادة في اللامتناهي في الصغر هناك كون كامن، وكلها تعوم في الكون المطلق الحي العاقل الذي لا بداية له ولا نهاية ولا حدود، وهو في حالة حركة دائمة وخلق دائم عبر آلية الدوران والتذبذب والتقلبات الكوانتية، داخل الزمن الخيالي الذي يسبق الانفجار العظيم، والذي يولد لنا الزمن الواقعي الخاص بكل كون بعد حدوث البغ بانغ أو الانفجار العظيم الخاص به.
وهكذا فإن نظريات الخيال العلمي بالأمس هي النظريات العلمية اليوم ونظريات الخيال العلمي اليوم هي النظريات العلمية في المستقبل .



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقابلة مع د. إسماعيل قمندار
- الحياة ظاهرة كونية وليست أرضية فقط ؟
- الشرق الأوسط في إعصار لعبة الأمم
- حكايات الكوانتا الغرائبية
- الموجود والمفقود في الكون المرئي
- التشققات الكونية
- مفردات الكون المرئي الجوهرية: الصدفة أم الضرورة، الشواش والع ...
- التشيع والدولة: رجال الدين أمام اختبار الحداثة
- دردشة في باريس بين جواد بشارة و الباحث الفرنسي المتخصص بالإس ...
- المليشيات المتشددة في سوريا: الدروس العراقية والليبية
- قراءة في الجذور التاريخية للانقسام الشيعي السني في الإسلام ر ...
- المحطات الخفية في رحلة الكون المرئي
- الجولة ما قبل الأخيرة لمباراة العلم ضد الدين:
- حرب المخابرات سترسم ملامح الشرق الأوسط الجديد
- لبشر وكائنات السماء الأخرى في الكون المرئي : معضلة الاعتراف ...
- مهمة التلسكوب الفضائي بلانك تلقي ضوءاً جديداً على صيرورة الو ...
- برهان شاوي بعيون باريسية
- رؤية بانورامية موجزة لتطور النظريات الكونية من بداية القرن ا ...
- صيرورة الكون المرئي وماهيته من الأصل إلى الكل الحي
- البنية الهندسية لهيكيلية الكون الكلي


المزيد.....




- شركة الاتصالات الفلسطينية تعلن انقطاع خدمات الإنترنت جنوب غز ...
- استعلم الآن “scww.com.eg” رابط أسماء المقبولين في وظائف شركة ...
- إزاي تتخلص من القلق ليلة الامتحان.. نصائح الطب النفسي
- مدينة العلوم الصينية.. رُبع مليار دولار لمصارعة قواعد الفيزي ...
- كم خطوة تمشيها علشان تتجنب أمراض القلب والسكر والسكتة الدماغ ...
- شركة الاتصالات الفلسطينية تعلن انقطاع خدمات الإنترنت جنوب غز ...
- غرّة ذي الحجة ويوم عيد الأضحى هذا العام.. اختلاف أم اتفاق؟
- المياه العكرة تحمي السواحل في مناطق المد والجزر
- كيفية التحقق من سرطان الثدي .. وأعراض لا تعرفينها
- مش قابلها.. الخلطة النفسية لمذاكرة المواد الصعبة


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - رحلة في أعماق الكون المرئي من المنبع إلى المصب