أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد داؤود - الانسانوي















المزيد.....



الانسانوي


احمد داؤود

الحوار المتمدن-العدد: 4422 - 2014 / 4 / 12 - 12:13
المحور: الادب والفن
    



(1)



صديقي لا تسألني من انا؛ مثلك ممن انجبتهم الطبيعة .يقول البعض باني اتيت نتيجة لعملية جنسية بين والدي ووالدتي .والبعض الاخر ينسب عملية انجابي لمن يسمونه الله .ومع اني لا اتبني ايا من الرأيين الا اني احترمهما .ومع ذلك اقول عن نفسي انسان وكفي .قد اكون سئ وقد اكون خلاف ذلك ولكن ذلك ذلك يعود لي بالمقام الاول .
مثلما قلت لك سابقا انجبتني الطبيعة ولكن البعض ينسبني لله .شخصيا لا اؤمن به واراه هلاما واكرهه كثيرا.هذا الله الذي ينسبوني له لا اجد ما يميزه عني كما اني اعتقد باننا نخلق الهتنا من العدم ونصبغ عليها كلما هو طيب وخير اماما هو خلاف ذلك فننسبه لذواتنا اوما نطلق عليه اسم الشيطان او قل عزازيل .

عزيزي قد تندهش كثيرا مما اقول .قد تتهمني بالجنون او بالاكتئاب .قد اكون كذلك ولكني صادقا فيما اقول..لا ادرك الكثير عن امي او والدي.كلما ادركه انهم انجبوني وجعلوني اختار طريقي وسط الزحام .وها انا بعد عقود من الزمان اجد الطريق الذي يلائمني .البعض ينظرالي الطريق الذي اخترته بعين الاحتقار ولكني لا امقتهم .فهم اناس ومن حقهم ان يعبرواعن ارائهم .فانالست سوي انسان يخطئ ويصيب .

كان معلمي يقول لي احترم اراء الناس ،معتقداتهم ،افكارهم واتنماءاتهم .وها انا اطبق ما قاله .لذلك ساحترم رأيك ..اعتبرني مجنونا،لوطيا ،سحاقيا ،ارني كما تراني .ولكن المهم هو الا اتاثر بما تقوله .

اعرف بانك تريد ان تعرف الكثير عني ،والدي ،اخوتي .ولكني اقول لك بان الكل اخوة لي .يهودا كانوا ام مسلمين او مسيحين او لا دينين..نعم الجميع اخوة لي .كل ذي عقل او من هو خلاف ذلك طالما هو انسان.

اخوتي من والدي يظنوني انطوائيا ..في بعض الاحيان اراهم يتهامسون فيما بينهم ويضحكون .نعم يضحكون ؛ يعتقدون بان قوة ما تسكنني ،قوة ما تجعلني انطوائيا ،قوة ماتخرج الحكمة من فمي ،وتقسرني لاكتب مثل هذه الاشياء التافهة .

ولكن انا هو انا غض النظر عما قيل .قد اكون كاذبا ان قلت انهم مثلي ..هم يختلفون كثيرا عني..هم اناس جيدون ،قلوبهم بيضاء ..لا يحملون غلا لاحد .هم يحلمون بعالم يعمه السلام والطمانينة . احيانا اقول لهم بان مثل هذه الاحلام طوباوية واحيان اخري اجد ذاتي اشاطرهم مثل تلك الاحلام .

قد تسألني ياصديقي عن مؤهلاتي .حتما ساخبرك .دخلت ما قالوه لنا مدرسةوتخرجت مما يسموها جامعة ..هي جامعة للجنسين فقط وليست جامعة علم وفكر .تعلمت من الحياة اكثر مما تعلمته منهما .نعم علمتني الحياة كيف افكر ومتي اتكلم واصمت .بينما علمتني الجامعة كيف اردد افكار الاخرين كالببغاء.علمتني كيف ارضخ للظلم والقهر .علمتني كيف اصمت في حضرة كبار رجالات الدولة والارزقية وسارقي قوت الشعب .

نعم ..لقد علمتني الجامعة حياة الهروب ودفن الراس في الرمال ومع ذلك يقولون عنها جامعة .مثلما قلت سابقا هي جامعة للجنسين وليست جامعة علم وفكر .اميل كثيرا لاصدقاء الشارع وامقت من يظننوني صديقا لهم بالجامعة .ومع ذلك احترم كثيرا ذلك الذي يسمونه نمري..هذا الابنوسي ذو الانف الشامخة ولا انسي صديقي الاخر ركسونا الذي اراد ان يصبح روائيا .بعض مثقفاتية الزمن الابله يعتبرونه سكيرا ومجنونا مثلي ولكني اكن له الكثير من الاحترام .نعم هو الذي فتح اعيني لهذا العالم ..هو الذي علمني كيف اكتب .لقد ادخل موهبة الشعر بداخلي .كنت اكتب بعض النصوص الشعرية .كنت اعتبر نفسي شاعر الانثي الاول الي ان اخرجني شخص ما من هذه الكبوة .

ركسونا ونمري كانا ايضا صديقا خمر .كنا نثمل حتي ننسي هذا العالم البائس الملئ باشباه البشر.كنا نذهب الي المحاضرة ثملين حتي ان احد المحاضرين منعنا من دخول محاضرته .بل وتوعدنا بالحرمان من دخول الحرم الجامي اذا ما واصلنا بهذا النهج الذي قال عنه سيئا . كانت معظم الطالبات تحاولن الابتعاد عنا ..يقولن بانا اناس محبطين ويائسين . كنا نجلس وحيدين في مؤخرة قاعة الدرس ..لا احد قربنا ..ريحة الخمر تفوح منا ..البعض يظننا لا نستوعب شيئا ومع ذلك تجئ محصلتنا النهائية في الامتحان افضل منهم .

لا تسألني عن طفولتي ،انها مليئة بالكوارث . حينما كنت في السادسة كنت اتناول مادة السلسيون المسكرة .وعندما بلغت العاشرة ضربت والدي بالفاس لانه اراد ان يمس قدس الاقداس امي . كنت مصادما .اقراني في الحي كانوا يخشوني كثيرا .يعتبروني عدوانيا ومنحرفا .كانت امهاتهم يحزرهن مني .يخافون من ان اتسبب بضياعهم .كانوا يسموني الفتي الضال .شخصيا اعترف باني اوافقهم الراي ولكن مع ذلك نجحت في اجتياز طريقي وسط كل زحام العالم .

اكره السلطة والتسلط .اري كل حكام العالمي فاسدين وظالمين .كنت كادرا للعنف .كنت استهدف رجال الشرطة والامن واضربهم بالحجارة ..نعم انهم يستحقون ذلك .كانوا يحرمونا من حقوقنا الاساسية التي اقرتها الطبيعة .كانوا ينتهكون كرامتنا ويتدخلون فيما لا يعنيهم .

اناهض الظلم .لا احب السياسة ولكن البعض جلعني ارتاد مضمارها ؛هؤلاء الذين يسرقون قوت الشعب ..المنتفخة كروشهم ..الذين يمتلكون السيارات الفارهة ويرتدون افضل الازياء ..هؤلاء الذين يملئون ادمغة الشعب بالعدل والسلام بينما ينتهكون كرامته في ذات الوقت ..هؤلاء الذين يغتصبون القاصرات .نعم اكرههم كثيرا .لا ادعو الله ان ينزل عليهم كسفا من السماء ولكني ساعلم اليفع كيفية مقاومتهم.

لا اتبني رايا سياسيا بعينه .فانا مع كلما هو جميل وايجابي .اناهض الظلم اينما كان حتي لو كان صادرا من الذي تسبب بوجودي .انا مع العدل والسلام ،مع التعايش السلمي ،مع الحضارة والمعرفة . البعض يظنني شيوعيا ولكني اكره الشيوعية .انا مع الانسانية ،مع حقوق الانسان ،انا امراة ،انا رجل ،انا لوطيا ،سحاقيا ،ملحدا ،يهوديا ،مسلما ،ابيضا ،اسودا،بوذيا ،لا دينيا ،انا هو انا وانت هو انت .

لست طينا ولا ان امي خلقت من ضلع .انا عقل وانت كذلك .لست ابنا لادم ولا ان هذا الاخير ابا لي . لا اعرف حواء وكلما اعرفه انهما نتاج اسطورة شعبية خاصة باحدي الامم السابقة . امي هي تلك التي انجبتني وابي هو ذاك الذي تسبب بوجودي. قد اكون اخا لك في الانسانية ولكني لست اخا لك في الاعتقاد او التوجه .

حبيتي ليست من هذا العالم مثلما ان البعض يظنني كذلك .حبيتي التي اعرفها تسكن في مخيالي ولا مكان لها في هذا العالم البائس .كل تجاربي العاطفية فاشلة ..تعلقت مرة بزميلة لي في الجامعة ولكنها رفضتني .فعلت ذات الامر مع اخري ولكنها صدتني .

لا اميل للنساء كثيرا .ومع اني شبق الا اني امقت الحب . الحب في حد ذاته شي جميل وايجابي ولكن التجارب الفاشلة جعلتني اكرهه .وهذه المشكلة تحسب علي وليست للحب .

مارست الجنس مع كثيرات ..تذوقت اجنبيات وبيضاوات .جربت الكثير ولكن الي الان لم اجد مايسد رمقي . امراة واحدة اظن بانها تشبع رغباتي ؛ليست جميلة ولا قبيحة، ولا طويلة او قصيرة ، لابيضاء ولا سوداء .هي انسان .لا اقول باني احببتها ولكنها استطاعت ان تجعل من هذا القلب القاسي قلبا لينا .لا اعرف ماذا اقول غير ان قلبي تعلق بها .

هذا انا يا صديقي ..بسلبياتي وايجابياتي .لا الزمك بتقبلي ولكني اريدك ان تاخذ ما اقوله بعين الاعتبار .قد تسالني لماذا اخبرك بكل هذا الترهات ..اخبرتك لاني اريد ان اخبرك بما حدث لي .لست الها ولا ان قوة ما تقبع في السماء ارسلتني .اناانسان مثلك .راودني حلم ما لذلك اريد ان تشاركني اياه .











(2)

مثلك يا صديقي عرفت الله من خلال عشيرتي . كانوا قبل ان يعبدوا الاله الحالي يتخذون من الجبل الها .ولكن بعد تعرضهم لما اسماه البعض بالغزو الثقافي تخلوا عن الههم وتماهوا في ذات الله الجديد.ما يميز الاول عن الثاني هو انه كان حجرا .اما هذا الاخير فقد كان قوة غفلة حسب ما وصفه البعض .لهذا الاخير عدة اسماء وصفات ؛منها انه الغفور الرحيم والشديد العقاب مع ان هاتان الصفتان لا تجتمعان ابدا . كما انه المنتقم والجبار .قلت لك عرفت هذا الله من خلال عشيرتي .فانا من اسرة متدينة لذلك طبيعي ان اولد متدينا مع اني لم اختر ديني بمحض ارادتي وانما فرض علي فرضا .فان عبدوا فرجا عبدته وان امنوا بحجرا امنت به .

كان معلمي يقول لي بانه لا يوجد اله واحد بينما كانت عشيرتي تلزمني للايمان بفكرة الاله الواحد الذي كانت تسميه الله .هذا ال_الله_ الذي عبدته قسرا لم ادرك عنه الكثير سوي ان امي قالت لي بانه من خلقني وهو من ينزل المطر وياتي بالرياح ويحرك كل هذا الكون .قالت عنه الكثير .قالت بانه يرحم الضعفاء والمساكين ويجازيهم بالنعيم الارضي وانه من يحاسب المستبدين والظالمين مع اني لم اري في حياتي مسكينا رحمه او مستبدا انزل عليه كسفا من السماء . قالت امي عن الله كل تلك الاشياء الايجابية .ولبلاهتي صدقتها .امنت بانه من خلقني وانه من ينزل المطر وحتي لو مات شخصا ما بسبب الملاريا اعتقدت بان الله هو من قتله .

بسبب اوامر والدي الصارمة اصبحت متدينا .كنت اصلي الفجر باكرا ومالم افعل ذلك كنت اتعرض للعقاب البدني القاسي .اخبرني اهلي بان الله غفورا رحيم بعباده .البسوه ثوب العفة والقداسة .الزموني بتطبيق كلما يصدر منه حتي لو كان الامر ضد ارادتي .قالو لي بانه يراقبني ويسجل كل حركاتي .كنت اندهش لكل ذلك .فمن انا حتي يضيع الله وقته بمراقبتي ..فانا لست سوي طفل عاجز عن فعل اي شي ..لست قويا بمافيه الكفاية ..كنت اضحك واستغفر ثم اداوم صلواتي .

اخبرك ياصديقي بكل صدق ؛كنت متدينا ..كنت صالح بالمعني الديني لا الاخلاقي .كنت امارس كل طقوسي الدينية .اقضي اليوم جائعا تقليدا لاحد الصالحين .كنت اغضب حينما ينتقد شخص ما ديني او الهي ،كان ديني هو كلما عندي ..هو حياتي ومماتي ..كنت كل ذلك الي ان قابلته . لا اعرف عنه الكثير . هو كهل يبلغ من العمر الثمانين عاما .كان متدينا مثلي .كان يرفض تناول الخمور ويكره المضاجعة .كان يسمي محبي الجنس بالزناة والفاسقين . اخبرني بانه كان ينتمي لاحد الجماعات الدينية المتشددة . كانوا ينوبون عن الله في الارض .كانوا يضربون الزناة ويرجمون الزناة .قال لي انه كان يعبد الها مات مصلوبا .ولكن بعد تجربة مربها اصبح من اكثر المناهضين لفكرة الدين والله .لم يخبرني عن فحوي التجربة لكنه قال لي باني سامر بذات التجربة في يوما ما .

سخر ذاته من اجل نشر الوعي والاستنارة الي ان لاقي حتفه مسحولا . نعم سحلوه لانه رفض الايمان بالهتهم ،لانه رفض الخضوع والعبودية .قال لي ذات يوم بان الانسان الذي صنع الهه من العدم قادرا علي ان يكون الها .اخبرني بان الانسان ليس في حوجة لاله .انه بحاجة للاجتهاد .وقال ايضا ان الذين يتمسكون بفكرة الاله هم اناس عاجزين وجبناء.. انهم يهربون من مواجهة الحقيقة ..انهم يفضلون الذل مع السلام علي الحرية مع المواجهة .لم يطلب مني الايمان بفكره .ولم يقسرني لترك الهي .دعاني للتامل والتفكر .قال لي ان الانسان لا يحتاج لمن يرشده ويدله للصواب ،فالصواب يكمن في ذاته . واضاف قائلا: لاتفعل الخير خوفا من العقاب الالهي وانما افعله لارضاء ضميرك الانساني .قال لي انه يشك في وجود حياة اخري ..يشك في الخلود والجنة والنار .

كان يتعرض لابشع انواع الاحتقار من افراد مجتمعه بينما يتحاشي اقرانه مجالسته .كان يجلس وحيدا .يملأ فراغه دوما بقراءة كتاب ما يتكلم عن الالهة .يقولون بان مؤلف هذا الكتاب لاقي ذات المصير الذي لاقاه معلمي؛الموت سحلا. كان يحب الحوار ويكره الجدل الذي يسميه عقيما . قابلته ذات نهار قائظ .كان يدافع عن شاب اتهمه افراد مجتمعه باللواط بل كانوا يهمون برجمه . سال الشاب عن صحة ما يقوله الناس عنه .رد الشاب بالايجاب واضاف قائلا .بانه يحب الشذوذ ولكنه لم يقسر احدا لممارسة هذا الشي معه .تفهم الكهل وضعه وقال للناس بانهم لايمتلكون حق القاء العقوبة عليه طالما انه لم يقسرهم او يكرههم .بل واضاف دون استحياء : هذا الشاب يمارس الشذوذ بفرجه لا بفرجكم انتم .لكنهم قالوا له ان الله دعاهم لعقاب كل من ياتي بسلوك غريب .قال لهم ان الله لا يامر بعقاب الانسان لفعل يمسه هو ولا يمس الاخرين .لكنهم عادوا وقالوا اذا تركناه قد يتسبب في اتلاف ابنائنا .قال لهم اخبروا ابنائكم عن مساؤي الشذوذ ودعوهم يختاروا نمط حياتهم . لم يسمعو كلامه .رجموا الشاب واتهموه بالجنون والوقوف ضد عادات وتقاليد اهل المنطقة .

في بادي الامر لم اضع ما قاله بعين الاعتبار .بل واعتبرته مهرطق وضال ؛كيف يامر بايقاف حدود الله ،الا يستحق اللوطي الرجم ،هل كان الله ظالما عندما امر بذلك . لم يتحمل عقلي الصغير مثل تلك التساؤلات .كما انني احسست بان الدنيا بدات تضيق علي . صليت ركعتان .فقد اخبرني اهلي بانه متي ما تاتيني الوساوس او متي ما يجيئني الشيطان علي ان اصلي ركعتان فهما كفيلتان بطرد الشيطان وكل وساوسه . ولكن الامر لم ينجح معي . فكرت في مقابلته . ذهبت الي منزله البعيد عن منازل الناس الذين يتحاشونه كثيرا . انهم يخافون من ان يتسبب في اخراجهم من الصراط المستقيم . ذهبت اليه فوجدته ممسكا بكتاب ما .القيت عليه التحية .حياني دون ان يلتفت اتجاهي . قضيت معه اكثر من خمسة عشر دقيقة دون ان انبس ببنت شفة ولكنه مد الكتاب تجاهي وطلب مني قراءته .امسكته وتفحصته ووجدته يتحدث عن اسطورة ما تسمي ملحمة جلجامش .سالته عن فحوي ذلك .قال لي انها اسطورة قديمة ترجع لاحدي الامم ولكنها اصبحت جزء من النص الديني السائد. لم افهم ماقاله .ولكنه حينما ادرك ذلك قال لي انها قصة النبي نوح ...مؤسسي الاديان اعتمدوا علي تلك الاسطورة لانتاج قصة النبي نوح . ماذا ؟ اصبت بالدهشة .كيف يتجرا هذا الغبي باتهام انبيائنا الكرام باقتباس نصوصهم المقدسة من الاساطير .يبدو ان هذا الشخص مجنون .نعم مجنون.انه يقول عن قصة النبي نوح التي وردت في الكتب المقدسة بانها مستمدة من اسطورة قديمة .ياله من زنديق .الافضل لي ان اغادر ..سيعاقبني الله ..نعم سينزل علي كسفا من السماء اذا ما جالسته لدقيقة اخري . وخوفا من العقاب الالهي شرعت بالرحيل واستاذنته لفعل ذلك . الا انه قابلني بابتسامة وقال لي : لا تخف من العقاب الالهي ..هذا الاله عاجزا عن قتل ذبابة ناهيك من ان ينزل عليك كسفا من السماء .

استغفرت مرة اخري ورحلت دون ان اقول له اي شي . لم اقابله مرة اخري الا بعد مرور ثلاثين يوما ..لقد مضت كل تلك الفترة دون ان اقابل هذا الذنديق ..اشكرك ايها الله لانك انقذتني منه .هذا الفاجر يريد ان يضلني ..يريد ان يبعدني من الصراط المستقيم ..ياله من حاقد ..لان الله ابتلاه بالكفر يريد ان يجعلنا جميعا كفارا .كنت اردد هذه الكلمات في راسي الي ان قابلته مرة اخري .لم اكن ارغب بمقابلته ولكن الاقدار هي ما تجمعنا بمثل هؤلاء الناس .وجدته هذه المرة يدافع عن امراة يقال بانها زنيت .قال للناس الذين حوله بان الرجم عقوبة غير انسانية كما انهم لايمتلكون الحق في رجمها .قالو له ان الله امر بذلك .قال لهم ان الله لم يامر برجم الانسان بحجة انه مارس الجنس خارج اطار الزواج.واضاف بان مثل هذه الاشياء تشوه صورة الله ان كان موجودا ..هنا ثار غضب الناس واتهموه مرة اخري بالهرطقة والجنون بل وقاموا برجم المراة .

اوقفته هذه المرة وسالته :لماذا تامر بايقاف الاوامرالالهية .قال لي انه لم يامر بايقاف ما امرنا الله بفعله وانما امر بايقاف ما جاء به الناس ونسبوه زورا للاله . اصبت بالدهشة مرة اخري ..ياالهي كيف يكون حد الرجم فكرة انسانية ...هذا الدجال سيصيبني بالجنون ..اللهم القي عليه كسفا من السماء ...اللهم دمره ...اللهم نكد حياته .لم يحدث شي. لم يهتم كثيرا لدعواتي . طلب مني ان ازوره في المساء . وصلت منزله حوالي الساعة السادسة . وجدته مرة اخري يقراء كتابا يتحدث عن التناقض بين ما ورد في الابحاث العلمية والكتب المقدسة ..سالته :هل تصدق هذه الترهات .طلب مني ان احكم بذاتي ايهما هو الصواب ..ان الارض ممدة ومسطحة ام مدورة ..سبعة سموات وسبعة ارض ام سماء وارض واحدة ...الارض مركزية الكون ام الشمس ...

ساقتل هذا الفاجر .قلت في نفسي ذلك .كيف يتجرأ هذا الحقير بقول هذه الاشياء ..انه يمس الذات الالهية ...لقد تجاوز حدوده ..لقد وجب القتل...ساخبر هيئة علماء المتدينين بمكان وجوده ...ساخبرهم بما قاله لي ...نعم الساكت عن الحق شيطان اخرس ...لو لم ابلغ عنه ساصبح مثله ..كيف ادخل ملكوت الله وانا اسمع ترهاته ..لقد اصبحت دجالا مثله ..الافضل ان اغادر . ولكن شيئا ما في نفسي جعلني اساله :

_ هل تؤمن بالله

_ لا اؤمن بالغيبيات

_ اذا انت ملحد

_سمني ما شئت ..فانا لا اهتم كثيرا بمثل هذه التصنيفات ..فمثلما تراني انت ملحدا وكافرا اراك انا كذلك ..انت ملحدا وكافرا بالعقل وانا بالله..لا فرق بين الاثنين .

حسبي الله ونعم الوكيل ؛انه يشبهني بذاته .كيف اكون ملحدا بالعقل ..من يؤمن بالله يؤمن بالعقل .فتحت له باب الاسئلة مرة اخري

_من خلقك

_انا اسعي الان للحصول علي اجابة منطقية لمثل هذا السؤال

_ من خلق الكون

_ الكون لم يخلق وانما جاء نتيجة تفاعلات فيزيائية

انه مجنون ..هنالك قوة ما تسكنه ..وجب الضرب ..الضرب في الاعناق ..ولكنه بادرني بالسؤال :كيف عرفت بان الله هو من خلق الكون ..ابتسمت وقلت له :هنالك قانون يقول انه لكل سبب مسبب ..اذا افترضنا ان خلق الكون سبب فلابد من مسبب ..وهذا المسبب هو الله ..

ابتسم بدوره وقال : بذات المنطق ..اذا قلنا ان لكل سبب مسبب فان الله في هذه الحالة سبب وهنالك مسبب ما ..فيا تري ما هو المسبب الذي تسبب بوجود الله ..اي بمعني اخر :من الذي خلقه .

ياالهي ..انه يقول بان هنالك قوة ما خلقت الله ..الله بجلالة قدره خلق ... ماهذا الهراء ..استليت سكينا وهممت بطعنه الا انه وكعادته قابلني بابتسامة وقال لي : اننا لا ندافع عن الصواب بالعنف ..فالصواب يدافع عن ذاته ،اما الخطا فيحتاج لمن يدافع عنه .رددت له بعض النصوص القرانية التي تامر بقتل من يمس الذات الالهية الا انه ابطل شرعيتها وقال بان الله لا يمكن ان يامر بقتل الانسان بسبب انتقاد وجه اليه .واضاف الا يستطيع الله ان يدافع عن ذاته حتي يمنح هذا الشرف للانسان .

نعم في هذا الكلام شي من المنطق ولكن الافضل ان اغادر ..غادرته دون ان اقول له شيئا .ذهبت الي المنزل شاردا مذهولا .اصبحت كالمجنون ..اكلم نفسي واردد بعض التساؤلات ..هل صحيح ما قاله هذا الشخص ..هل من العدل ان يامر الله بجلد ورجم من مارس الجنس ..هل هنالك سبع سماوات ومن الارض مثلهن ..هل الله خلق الكون ام انه جاء نتيجة تفاعلات فيزيائية ...من خلق الله ...استغفر الله العظيم . كيف اتجرا لقول ذلك ..لقد اصابني ما اصاب هذا الكهل ..لقد اصبحت في حكم المرتد ..

وضعت شكوكي جانبا وتوضات وصليت .صليت ركعتان ودعوت الله بالاستغفار .قرات سورة المسد ثلاث مرات ولكن كالمعتاد لم يحدث شي ..لم يهدأ بالي ولا سقط كسفا من السماء علي الكهل . قلت في نفسي لابد ان اوقف هذه المهزلة. كما اني الزمت نفسي بعدم الذهاب الي منزله مرة اخري . نعم اذا ذهبت صابح مثله ،ساصبح ملحدا خارجا عن الملة .وعقاب الملحد هو القتل في الدنيا والحرمان من النعيم الاخروي .ياله من عقاب ،لماذا ادخل نفسي في مثل هذه المتاهات .. اؤمن تسلم . نعم الايمان افضل من الكفر ..الايمان سينجيني من كل ذلك ..ساتمسك بايماني ..ان كان الله موجودا سيجازيني وان لم يكن كذلك فانا لست خسران ..ان تؤمن افضل من الاتؤمن ..اذا كان الله موجودا سيدخلني الجنة وساكون الرابح وان لم يكن موجودا فانا لست خسران ..في الحالتين انا الرابح بينما هو خسران لانه سيعاقب ويدخل النار ..دارت كل هذه الاشياء في راسي .

مضيت اسبوعا في غرفتي دون ان اخرج ..كنت اتكلم وحدي...كنت اتي بحركات لا اراداية . تجمهر افراد اسرتي حولي ..جاوء بشخص ما يطلق عليه الفكي . تلي علي بعض التعاويذ والنصوص الدينية .الزمني بشراب المحاية . وطلب من والدتي عدم مجالسة الناس .بل ودعاها الي تقييدي بالحبال اذا لزم الامر . ضحكت داخل نفسي وقلت لقد اصابني الجنون وكل هذا بسبب الكهل ..نعم لقد غضب الله مني . جاءتني اختي الصغري واخبرتني كيف ان الناس يتحسرون علي .قالت لي بان جارتنا حزرت ابنائها مني بل واخبرتهم باني ساقتلهم اذا ما اقتربوا مني . اما اخي الاكبر فتوعدني بالضرب المبرح في حال فكرت في الاعتداء علي الاخرين .بينما ظلت اختي الكبري تبكي باستمرار وتدعوا الله لي بالشفاء . اما بعض وجهاء الحي استغلوا ظرفي وقالوا لاقراني بانه غضب من الله وان كل من يفكر بمجالسة الكهل سيصبح مثلي .

اصبحت حديث كل الناس ؛النساء في جلسات القهوة ،الرجال في السوق ،الشباب في جلسات الكتشينة والبنات عند المشاط . لا احد يقف في جانبي او يبدي تعاطفه معي حتي التي كنت اواعدها قالت :يستاهل .

قلت اصبحت حديث الناس لما يقارب الشهر ولكن بعد مضي تلك الفترة وبسبب بعض العوامل نساني الناس . كما ان تاثير المحاية التي تصنع من المواد الكربونية الضارة اغلق شهية التساؤل والحديث في دواخلي كما انه تسبب في نحول جسدي بل واصبحت عاجزا عن الاتيان باي حركات غريبة . وهذا بدوره دفع افراد اسرتي الي اطلاق سراحي بل ومنحي بعض الحرية التي جعلتني اقوم بزيارة الكهل الذي تسبب بحدوث كل ذلك لي .


حينما زرته اشفق علي .بل وشجعني بكلمات قوية قائلا باني لست مجنونا .ولا ان هنالك قوة ما تسكنني . واضاف : يا بني لا تستسلم و لا تاخذ ما يقوله الناس بعين الاعتبار . واخبرني كيف ان مثل هذا الامر حدث معه .وقال انها مجرد صدمة نفسية ستقودني الي الطريق الصواب .نعم مايقوله صحيح . انها مجرد صدمة نفسية ناتجة عن اداركي لحقيقة ما كنت اؤمن به .

مرت شهور وتحسنت حالتي واصبحت اجالس الناس كما انهم اصبحوا يتخلون تدريجيا عن نظرتهم السالبة تجاهي . غبت كثيرا عن الكهل .وبدات ازاول اعمالي الاخري .ولكن حدث لي امر ما ؛اصبحت لا امارس شعائري الدينية والاغرب في الامر اصبحت غير مباليا كثيرا بموضوع الله والدين .صرت في موقع وسط بين الايمان والالحاد .او قل انسان فقط .هل هي الانسانوية التي قال عنها الكهل..هل اناس انسانوي ..كل انسانوي ملحد وكل ملحد بالضرورة انسانوي ..ربما انا لا دينيا او ملحدا ..ربما.. مرة اخري راودتني الاسئلة القديمة والح علي ضميري بان احدد موقفي :هل انا متدين ام غير ذلك .هل اؤمن بالله ، الجنة ،النار ،الانبياء ،الرسل ،الملائكة ..كلما ورد في الكتب التي قال عنها صديق مكدسة .

ذات يوم وبينما انا اشاهد احدي القنوات الوثائقية رايت ذئبا يلتهم شاة .وهنا ثارت ثائرتي بل وبدات التساؤلات تراودني :لماذا لم يخلق الله طعاما اخر للذئب غير الشاة ..اليس في هذا ظلم للشاة المسكينة .هي مثلي ترفض القتل فلماذا يسمح الله بالذئب بقتلها .انفتح ماعون الاسئلة في دماغي ..هل هذا يعني ان الله ضعيف ..هل صحيح هو الذي خلقنا و خلق الكون ..اذا كان هو الذي خلقنا فلماذا لا يبالي بمصيرنا ..شاة تقتل ،اطفال تنتهك كرامتهم ،نساء تغتصب ، شعوب باكلمها جائعة .لماذا كل هذا ؟.

يبدو ان مايقوله الكهل صحيح .هذا الله ضعيف ..ولكن كيف يعقل ان يكون الله ضعيف ..هذا كلام غير منطقي ..اذا افترضنا ان الله هو من خلق الكون فكيف يعقل ان يمنحنا معلومات كاذبة عنه كأن يقول بان الارض ممدة ومسطحة وان هنالك سبعة منها .يبدو ان هنالك اختلاف كبير بين الله الخاص بالكتب السماوية والله خالق هذا الكون . اه يبدو باني اصبحت ملحدا ،لقد اصابتني العدوي ،لقد اصبت بداء الكفر .فليكن طالما انها تساعدني في اكتشاف الحقيقة . لايهم ان كنت مؤمنا او ملحدا .المهم هو الا اؤمن بما يخالف العقل والمنطق.

لم ازر الكهل .ولم اخبره بما حدث لي .قلت في نفسي لابد ان اشق طريقي لوحدي. لابد ان احدد مصيري .احدد توجهي الفكري والعقائدي .انا هو الذي يحدد ما ان كنت ارغب في الايمان او الالحاد . ولا يحق لاحد ان يقسرني لاؤمن بما يتعارض مع توجهاتي .

فكرت مرة اخري في مقابلة الكهل الا ان اختي الصغري طلبت مني الذهاب والتقصي لان هنالك جلبة بالقرب من منزلنا . ذهبت الي مكان الجلبة فرايت الناس سكاري وماهم سكاري .البعض يبكي والبعض الاخر يرغد ويزبد ويصرخ فداءك يالله ..اقتلوا الذنديق . حينها علمت بان الكارثة وقعت . لقد سحلوا الكهل .لا اعرف معني السحل ولكنهم قتلوه وقطعوا كل اطرافه ..ادخلوا ذكره في مؤخرته .لقد طبقوا شرع الله . هذا هو مايريده الههم .

كيف ستصير حياتي بعد موته ..لقد فقدت مرشدي .نعن احتاج مرشدا ...احتاج لمن يدلني للصواب فانا غارق في ظلام الجهل والتخلف .انا حائرا بين الالحاد والايمان ..اذا ما تركت الدين اي المذاهب اعتنق .جربت الكثير من المذاهب والافكار لكنها لم تشبع رغباتي .احتاجك يامرشدي .دلني للصراط المستقيم .لست قوي غفلة لكنك معلم . نعم انت من ينير لي شعاع الوعي والاسنتارة . لا اريد ان اجعلك الها .لا اريد ان اقدسك . انا لست صنما ...انا انسان ذي عقل ..استطيع ان اميز بين الخطأ والصواب ولكني في ذات الوقت احتاج الي معلم ليس كمعلي المدارس ولكن معلم مثلك ..اخ في الانسانية .

ساعديني ايتها الطبيعة .قفي في جانبي ..لا تتركيني اتوه . كان قلبي يردد كل ذلك .بينما عقلي يقول لي هو انسان مثلك وصل لهذه المرحلة بالتفكر والتامل . هو ليس الها ..لاتقدسه ..لا تجعل منه صنما ...استفد من خبراته ولكن لا تعطه اكثر مما يستحق .قد يكون معلم ولكنه ليس شعاعا .ليس قوي غفلة ليخرجك من الظلمات الي النور .انت الها في حد ذاتك ..الهك يكمن في دواخلك ...تحرر يا كبرو من قيود الزمان والمكان وطر كما طار من سحل ..لا تعبد الها واحدا ..لا تظلم احدا ...لا تقتل اخا .. فكر وتامل ...ساعد كل ذي مسغبة ...اطعم الجوعي والفقراء ...احترم الكبير والصغير ..لا تقسر احدا ...لا تنتهك كرامة اخا ...كل الناس اخوة لك ..كن مع الحق .انصر الضعيف .ناهض الظلم..انشر العدل والسلام ..احترم الهة الاخرين ..معتقداتهم وافكارهم و وانتماءاتهم .ساعد نفسك بنفسك ولا تنتظر هبة من السماء.


(3)

مقتل معلمي جعلني لا مباليا.اصبحت اتناول كميات كبيرة من الخمور .لماذا تسمح الطبيعة بقتل مثل هؤلاء .بينما تغض الطرف عن القتلة وتجار الدين .جزء كبير من اهالي المدينة اصابتهم السكينة .لقد سحل الدجال .نعم انه الشيطان بذاته .ولقد نجانا الله منه .هذا هو لسان حالهم .

اما انا فقد اصابتني الحيرة .اقضي يومي من بار لاخر .اتجرع الخمور وامارس الجنس .لا شي بخير في هذه الدنيا. انها ظالمة .تاخذ فقط ولا تعطي . لقد اخذت انسانا بينما تركت بقايا اناس .نعم تركتني وحيدا وسط ضباع تمتهن الالتهام مهنة لها . سلتهمني مالم اكن قويا . سترجعني مرة اخري الي عالم الله والدين المعقد .نعم ساصلي واقضي يومي جائعا .ساحرم نفسي من الجنس .واتربص بالزناة والفاسقين .ساعاقب كل من يتناول الخمور .ساربي ذقني واقتدي بسنة وشريعة اله المدينة .سافجر نفسي في فداك ياالهي .ولكن وبينما انا في هذه الدوامة خطرت في راسي فكرة .لماذا لا اذهب الي البار . حملت نفسي متثاقلا اليه .رايت الناس سكاري وماهم بسكاري . رجل وامراة يقبلان بعضهما .رجل اخر يكلم نفسه .في احدي يديه زجاجة خمر وفي الاخري قلم .يبدو انه يكتب شيئا ما .سالته :ماذا تكتب. رمقني بنظرة قاتلة وهمهم ببعض الكلمات . لم استوعب منها شي فقد لعبت الخمر براسه .سالته مرة اخري :ماذا تكتب . رمقني مرة اخري وقال انه يكتب عن الجنس والحب .بل واضاف دون خجل :انا شاعر الانثي الاول .

يبدو انه يسخر مني .ماهذه المهزلة .غادرته دون ان انبس ببنت شفة .توجهت الي الجانب الاخر من البار ..وجدت حسناء في العشرين .اقتربت منها وسالتها عن اسمها .لم تخبرني ولكنها قالت بانها من شرق افريقيا .وانها تعمل داعرة . ماذا: داعرة ..انها تبيع الجنس ...لماذا لاامارس معها الجنس .سادفع لك كم تريدين . ابتسمت وقالت ما تملك . منحتها اربعين جنيها .امسكت بيدي واخذتني الي غرفتها . انها عبارة عن كوخ من الزنك يتوسطه سرير خشبي .وحمالة ملابس مليئة بالالبسة الداخلية . خمسة عشر لباسا داخليا ..يا لها من داعرة . مضت فترة طويلة منذ ان مارست الجنس ..ولكني عاجزا الان امام هذه الصغيرة ..احتسيت زجاجتا خمر. وهنا ازدات شهوتي ..رايت الصغيرة وكانها ملاك جاء من عالم اخر ...عيون سوداء..ومؤخرة كبيرة ..انها تزداد جمالا ...لا ادرك هل هي جميلة حقا ام ان الخمر هو من جعلني اعتقد ذلك ...قلت في نفسي :دعك من الغزل واجعل قضيبك يعمل. شرعت في مضاجعتها ولكنها قالت لي :بان الجنس هنا دون مداعبة ..كما طلبت مني استخدام الواقي الذكري .يا الهي سادخل قضيبي دون ان اداعبها ..تبا لك وتبا لكل داعرات هذا العالم .رفضت ممارسة الجنس ولكن حينما رايت مخبا الاسرار اذدادت شهوتي مرة اخري ..امسكتها ..قبلتها عنوة ..وادخلت ذكري داخل جهازها التناسلي ..وقذفت فيها كلما بداخي .ولكن المفاجاة ان الواقي الذكري تمزق .احتجت ولكنها ابدت رضاها مني . جلست اكثر من خمسة عشر دقيقة ثم شرعت مرة اخري في مضاجعتها ولكن دون الواقي الذكري.. احسست هذه المرة بالتعب ..ولكني احتسيت زجاجة خمر اخري ..قالت لي :الا تخف من ان يصيبك مرض ما ..ابتسمت وقلت لها : لا يصيبنا الا ما كتبه الله لنا ..كنت اتلكم دون ان ادري ما اقول ..فقد لعبت الخمر براسي ..كماان هذه الصغيرة جعلتني اعيش خارج حدود الزمان والمكان .

بعد نصف ساعة اصابني الاعياء ..لقد خارت جميع قواي . لم اتمكن من مواصلة المبارزة ..قلت في نفسي :انسحب لتقاتل مرةاخري ..هذه الصغيرة شبقة وانالا استطيع ان اشبع جميع رغباتها . استاذنت بالرحيل .ابتمست وسمحت لي بذلك . قبل ان اغادرها رايتها تغسل جهازها التناسلي وتهم باستقبال داعر اخر . خرجت من البار وذهبت الي المنزل. نمت دون تفكير . في الصباح استيقظت باكرا لكن ضميري بدأ يؤنبني . كيف تمارس الجنس مع داعرات ...لقد اصبحت فاسقا ليس من ناحية دينية ولكن اخلاقية .نعم انت لست اخلاقيا ..تستغل حاجة المراة للمال وتمارس معها الجنس ..اه ماهذه الترهات ..المشكلة لا تكمن في ذاتي .. لماذا لا يمنحهها الله عملا اخر غير الدعارة ..ولماذا يجرمني ويحرمني من ممارسة الجنس ... اه ادعك من كل ذلك .

الزمت نفسي بعدم فعل ذلك . ولكني ادركت بان حاجات الطبيعة لابد ان تلبي . ينبغي علي ان احب .شرعت في البحث عن حبيبة . تعلقت في بادي الامر بزوجة احد اقربائي .هي صغيرة في السن .يكبرها زوجها باكثر من عشرون عاما .قالت :بانها لا تحبه ..انهما مختلفان في كل شي ...لا يشبع رغباتها العاطفية . يخرج صباحا وياتي ليلا ..حينما ياتي لايفكر في شي سوي تجريدها من ملابسها وفعل فعلته القبيحة . انجب منها طفللا . قالت لي ايضا بانها زوجت قسرا ..فهي لا تحبه ..استغل حوجة اسرتي للمال واخذني منها عنوة .

اعجبت بها كثيرا .اصبحت اقابلها باستمرار .احكي لها عن الامي وتحكي لي .اصبحنا تقترب اكثر فاكثر. جاءتني ذات يوم واخبرتني بانها تحبني .. وفجاة دون ان احس رايتها تقبلني .اخبرتها بانها زوجة شخص اخر ولا يحق لي ان افعل معها مثل هذه الاشياء ..ولكنها اصرت بل وطلبت مني ممارسة الحب معها.قضيت معها اكثر من ساعة ..فعلت بها كل ما هو قبيح .لبيت جميع رغباتها ولبت كل رغباتي .اصبحنا تنقابل كل يوم .صارت زوجة لي .نعم انها زوجتي الغير شرعية . اذا كان الله عادلا سيجازيني لاني ادلخت الفرحة في قلبها .كان قلبي يقول ذلك .بينما ضميري الاخلاقي يؤنبني .ليس من العدل ان تمارس الحب مع زوجات الاخرين .هل تقبل ذلك لنفسك .هل تسمح لزوجتك ان تضاجع الاخرين . كن اخلاقيا ياصديقي . ماهذا التفسخ . انت عاقل .. ماذا سيكون مصيرها طفلها حينما تطلق بسببك ..ستتسبب في ضياعها وتفكيك اسرتها ...اخبرها عن مساؤي هذا الحب ..انت لا تحبها ..انك تستغلها ..تضحك عليها ...الخطأ لا يعالج بالخطا..حتي لو زوجت قسرا عليها ان تضحي من اجل طفلها . اوقف هذه المهزلة يا كبرو .بعد جهد اخبرتها بكلما يعتريني . قلت لها يجب ان نكون اصدقاء . بكت واتهمتني بالاناناية وحب النفس . قالت لي باني استغليتها ونلت ما اريده . واضافت :انت لست رجلا ..انت وحش شهواني ..

تركتها تمضي وذهبت اشق طريقي لوحدي .يا الله ..اه انا لا اؤمن بك ..ايتها الطبيعة ساعديني ..لا تدخليني في مثل هذه المتاهة مرة اخري . نعم الافضل ان امارس الجنس بالمال من ان اضاجع زوجات الاخرين .لا تفعل للاخرين ما تكرهه لنفسك .احترم مقدساتهم ..لا تمسها ..كن اخلاقيا .

عدت مرة اخري لحياة البارات ؛ الخمر والجنس مقابل المال . ولكن ضميري بدأ يؤنبني مرة اخري ..انت تفعل اشياء غير اخلاقية .الخمر والجنس مقابل المال اشياء غير اخلاقية ..الخمر يضر صحتك ويدمر عقلك اذا هو غير اخلاقي ..الجنس مقابل المال احتقار للحب والانسانية..اذا هو الاخر فعل غير اخلاقي .ابتعد عنهما ..ابحث لك عن حبيبة . نعم حب ولبي حاجات الطبيعة .

شرعت للمرة الثانية في البحث عن فتاة ..هذه المرة وجدت فتاة تصغرني بكثير ..هي في السابعة عشر .جميلة وبريئة ..لا تعرف الكثير عن الجنس ..ولكنها تعرف القليل عن الحب . كانت تقرا لنزار قباني ..وتستمع لاغاني الحب والغزل ..ومع ذلك فهي صغيرة ..انها قاصر ..هل تمارس الجنس مع قاصر ..انه اقرب للاغتصاب ..اعقل يا كبرو وكن اخلاقيا .. ابتعد عنها ليس خوفا من الله وانما راحة للضمير والبال .. هي مثل اختك الصغري ..هل تقبل فكرة ان يمارس شخص ما الجنس مع اختك القاصر ..اه ما هذه الترهات ..تبا لك ايتها الطبيعة .


هذا تطور ملحوظ .اصبحت اخلاقيا بعد ان كنت متدينا ومتزمتا ..يا الهي ...كم هو محقا ذاك الذي قال باننا نستفيد من تجارب الحياة ..هل يعقل ان يصبح كبرو المتزمت انسانا اخلاقيا . انتشيت بموجة الاخلاقية التي انتابتني .وقلت في نفسي :حان الوقت لان اتخلي عن كل هذه الاشياء السلبية . نعم لا تخطأ ولكن هذه هو المحال بذاته . كيف اكون انسان بلا خطأ ومن طبيعة البشر الخطأ .لا تقيد نفسك يا كبرو بمثل هذه الاشياء ..دع الامور تسير لوحدها .اذا اخطأت اصلح واذا ما اصبت استمر .انت لست الها ..انت مجرد بشر تخطأ وتصيب .دعك من كل هذا وابحث عن رفقة جيدة . نعم ابحث عن اصدقاء جيدين واخلاقيين . في بادي الامر وجدت بعض الاصدقاء ..اه هم ليسوا اصدقاء ..انهم شلة انس ..يكبروني جميعا ..يقضون وقتهم في الحديث عن عورات الاخرين ..هم جيدين ..لا يحتسون الخمور ولكنهم غير اخلاقين ..اكثرهم ورعا هو ذاك الذي انجب طفلا من فتاة ورفض الزواج منها بحجة انها داعرة ..هذا الطفل الان في الملجأ بينما والدته محتجزة باحدي مستشفيات الامراض النفسية . اكثرهم فسقا هو ذاك الذي تزوج اربعة نساء عملا بسنة اله المدينة .

جالستهم ولكني احسست بانهم كالبراميل الفارغة .هم لا يضيفون لي شيئا ..هم متدينين لكنهم غير اخلاقين ..انهم ينتهكون حرمات الاخرين ..يتحدثون عنهم بالسوء في غيابهم . نعم يتزوجون النساء ويصلون ولكنهم ينتهكون المعاني الانسانية السامية .الافضل ان اغادرهم . صادقت اناس اخرين ولكني وجدتهم محبطين ويائسين .انهم يقرؤن لنيتشة وديكارت ولكنهم لا ينفذون ما يقولانه . يعرفون عن الثورة والتحرر وحقوق الانسان لكنهم يفضلون العزلة ..يقولون عن الناس بانهم فاسدين وانهم بحاجة الي اصلاح .ولكن حينما يحين الوقت يتقاعسون عن القيام بادوراهم .هم يتحدثون ويتحدثون ولكنهم لا ينفذون .يدعون الي اصلاح المجتمع والعالم ولكنهم لا يطبقون ما يؤمنون به علي ارض الواقع .
ماهذا ياكبرو ..الم تجد من يوافقك في التوجه .اانت من كوكب اخر ..اصحي من غفوتك ..اعقل ..اما ان الناس فاسدين ام انت ..بيدو باني انا الفاسد ..بعض الناس جيد والبعض الاخر خلاف ذلك ولكن هذا لايعني بانهم جميعا سيئين او فاسدين ..لا تخلط الاشياء ببعضها ..ولا تظلم الناس ..دعك منهم وعش حياتك .انت لست الها حتي تصنف الناس ..هل منحتك الطبيعة حق التقسيم .انت مثل كل الناس تخطأ وتصيب ..اه يا كبرو انت بحاجة الي راحة .انت بحاجة للسكينة .لماذا لا تختلي بذاتك .نعم اهجر الناس عسي ان تخرج بمايفيد البشرية . ولكن احزر من ادعاء النبوة .لاتذهب وتاتي للناس نبيا .لا تقل لهم ما قاله بعض الناس .لاتحدثهم عماوراء الطبيعة .اخبرهم عما هو واقعي ..مادي ومحسوس .قل لهم انه لا يوجد عالم . العالم هو هذا العالم الذي اكتشفه العقل الانساني . حثهم للاخلاق والانسانية .حثهم للتكاتف والتازر ..لاتقسرهم او تكرههم.

اخترت منزلنا القديم الواقع خلف المدينة مكانا للعزلة .جمعت اغراضي وههمت بالرحيل .رفضت امي في بادي الامر ولكنها احترمت اراداتي وسمحت لي بالرحيل .قالت لي لا تعود كما كنت .ارجع باحسن الاحوال .تلت بعض التعاويذ .ومنحتني زجاجة مليئة بالمحاية .قالت :توكل علي الله ومنحتني مصحفا لتلاوة القران اذا ما راودتني اي كوابيس اخري . ابتسمت وغادرتها .وصلت المنزل ليلا .اخذت الفانوس .ووضبت الغرفة ونمت . لم يحدث ما يعكر صفوي .بالعكس فقد انتابتني موجة فرح غامر .صحيت باكرا ..صببت الشاي وشربت ..بحثت عن شي لا قراءه ولكني لم اجد .اخذني الشرود ولكن فجاة اطل علي شبح الكهل .فزعت ولكنه طمأنني وقال لي :هذا انا يا كبرو ..لا تخف .قلت له لكنك مت .قال لي :امثالي لايموتون ..نحن كالنجوم تنير الطريق للناس .لم اشأ محادثته .لكنه بادرني بالحديث قائلا: اعرف ما يحيرك ..انت تبحث عن نظام جديد .الدين لم يشبع رغباتك ولا المذاهب الوضعية فعلت ذلك .انت الان في خواء روحي وفكري .ولا تعرف كيف تملأهما .قلت له : ولكن ماذا افعل .قال: لا تجهد نفسك في اشياء لا طاقة لك بها ، دع الامور تسير لوحدها .قلت له :لقد مررت بذات التجربة التي امر بها ولكنك حتما وجدت الطريق المناسب لك فيا تري ماهو هذا الطريق.قال : لا طريق او وجهة معينة اسلك .انا انتقي الافضل دائما .لا تهتم كثير بطرق ووجهات الاخرين او حتي توجهاتهم الفكرية والعقائدية وانما شق طريقك لوحدك ..انت من يقرر اي الطرق تسلك .اسلك ذاك الطريق الذي يتماشي مع توجهاتك .

ولكن قبل ان انبس ببنت شفة مرة اخري غادرني شبه الكهل .نظرت في المجهول وبدات اسأل نفسي .ما معني ان يحدد الانسان الطريق الذي يتماشي مع رغباته ..ما معني ان ننتقي الافضل ،ماهو الافضل ،ما تراه انت كذلك قد يراه غيرك خلاف ذلك ..هل انا كامل ...يبدو اني لم اخرج من هذه المتاهة الي ان تنتهي دورة الزمان .ساعود للمدينة ..ساخبر والدتي بما حدث لي .وضبت اغراضي وهممت بالرحيل الا ان صوتا ما قال لي اذهب الي منزل الكهل وستجد ما تبحث عنه .لم يهدا بالي .قلت سارجع المنزل وبعدها ساتسلل خفية الي منزل الكهل حتي لا يراني الناس . اذا ما راؤني سيقتلوني ..سيبيحوا دمائي ...هؤلاء الناس لا مهنة لهم سوي القتل .

0000000000000000000000000000000000


(4)

مكثت في المنزل حتي المساء ثم تسللت خفية الي منزل الكهل .هو ليس منزلا كسائر منازل الناس . انه عبارة عن كوخ صغير يقع في الشطر الجنوبي من المدينة . يبعد كثيرا عن وسطه وعن منازل الناس . كان الكهل يحب العزلة لذا اختار هذا المكان النائي منزلا له .لا احد يزعجه او يشغل باله . بعد سحله تعرض عدة مرات للسطو . معظم الذين سطوا عليه لا يعرفون قيمة الكتب التي فيه لذلك لم يفكروا في اخذها . وجهاء المدينة حذروا الشباب من الذهاب الي تلك الجهة . ونشروا اشاعة مفادها ان من يذهب اليها سيقابل ذات المصير الذي لاقاه الكهل . بحثت في كل ارجاء المنزل ولكني لم اجد ما يشبع نهمي سوي كتب ووريقات كتبت بخط اليد . كما وجدت لوحة جدارية كبيرة رسم فيها شخص يشبه الكهل كثيرا ..اسفل اللوحة كتب بخط اليد :القس يوحنا ..من مواليد منطقة كذا .. وجدت مرة اخري صحيفة كتب عليها عنوان عريض ..هيئة علماء المتدينين تكافئ القس قاتل الزنديق فلان الفلاني ..تحت العنوان صورة شخص تشبه الكهل كثيرا .تصفحت الصحيفة جيدا فوجدتها بتاريخ يعود الي ما قبل ميلادي . ياللغرابة هذا الكهل كان متدينا وقسا كما انه قتل احد الزنادقة ..ولكن يا تري من هو هذا الزنديق ..هل هذه هي التجربة التي مر بها...


عدت مرة اخري للوريقات فوجدتها تحتوي علي عبارات تحفيظية .كتب في احداها :ما تبحث عنه ستجده في داخلك .وفي اخري :الانسانوية ليست نظاما سياسيا وانما هي نمط حياة .ليس الله هو من يمتلك زمام امورنا وانما نحن .اعتمد علي ذاتك ولا تنتظر معجزة السماء . كل الناس اخوة .لا يمكن ان ندع عقائدنا وافكارنا تقف في طريق وحدتنا وتماسكنا .لا يهمني ما تعبد ولكن يهمني الا تقسرني لاعبد ما تعبده انت .

ما هذه الكلمات المبهمة ..دعني اطلع علي الكتب .انها مجموعة كتب تنتقد الاديان والالهة .كما ان هنالك اخريات تتحدث عن الفلسفة والادب والفن . جلست باحدي المقاعد وبدأت اتسائل .ماذا يقصد الكهل بكلماته المبهمة ..ما هي الانسانوية ..ما معني ان يجد الانسان ما يبحث عنه في دواخله ..انا ابحث عن شيئا ما هل ساجده بداخلي ...ما هذا الهراء . هذا الكهل ليس متدينا فما هو اذا. انه يقول بان الانسانوية ليست نظاما سياسيا وانما هي طريق حياة ..كيف يكون ذلك . دعني اعود للمنزل قبل ان يداهمني زوار الليل .

عدت الي المنزل والعرق يتصبب مني . القيت التحية علي افراد اسرتي وذهبت الي غرفتي دون ان اتكلم معهم .اصبح شغلي الشاغل هو الاجابة علي السؤال :ماهو النظام الامثل لي .هل يريدني الكهل ان اكون انسانويا ..ولماذا قال في احدي وريقاته ان الانسانوية ليست نظاما سياسيا ..هل هذا يعني انه يكره اختلاط الانسانوية بالسياسة ..دعك من هذا ..ما هي الانسانوية. جاءني صوت كصوت الكهل وقال لي : ان الانسانوية هي ان تكون انسانا فقط .واضاف :انها لا تتقيد بدين او اله بعينه. الانسانوي هو من يحترم معتقدات وافكار الاخرين . هو الذي يرفض الاحتكام للغيب والاسطورة .الانسانوي انسان متسامح يرفض العنف وكل المعاني السالبة .هو يدعو للخير والمحبة . الانسانوي هو من لا يفرق بين الانثي والذكر ،بين الابيض والاسود . هو الذي يعترف بكل الحقوق الانسانية من اعتقاد وتفكير وتعبير. انه يدعو لاعلاء كافة المعاني الانسانية السامية . هو لايؤمن باله .ولكنه لا يحتقر الهة الاخرين .الانسانوية تمزج بين كل الافكار والمعتقدات . تاخذ من الاديان افضلها ومن المذاهب الانسانية انقاها .هي تدعو للتسامح .هي ليست كما يصورها البعض . هي ليست داعية للتفسخ والتحلل . كل انسان في حد ذاته انسانوي .يولد الطفل انسانويا ولكن المجتمع والدين يلوثانه . انت يا كبروا كنت انسانويا ولكن من حولك افسدوك .نقي ضميرك .وكن ذو مبدأ حتما ستكون انسانويا.

مع اني فهمت جزء مما قاله الا اني لم افهم الجزء الاكبر .هل حقا انا انسانوي ..هاهاهاها...كل انسان يولد انسانوي . اذا انت انسانوي .تحمست كثيرا لفكرة ان اكون انسانويا وفكرت في نشر الانسانوية . نعم سانشرها .سابدأ بمدينتي ..الم يقل اله المدينة _ انذر عشيرتك والاقربين_ .

في اليوم التالي ذهبت الي جامعة المدينة ووجدت ان هنالك ندوة تتحدث عن الفهم الخاطي للنصوص الدينية وتاثيرها علي مستقبل الدين . جذبني العنوان . جلست في المقاعد الخلفية وبدات انصت لما يقوله احد المتحدثين . قال ما معناه ان الدين برئ مما يرتكب باسمه .واضاف :ان الفهم الخأطي لنصوصه هو من شوهه. ودعا للتفريق بين تعاليم الدين وممارسات المدتينين . كما انه اكد بان الانسانوية وكل اعلانات حقوق الانسان قد ابتكرت من تعاليم ديننا الحنيف .بعدها فتحت فرص للمشاركة . اغلبية الذين شاركوا وجهوا جل نقدهم للمتدينين بينما البسوا الدين ثوب البراءة . رفعت يدي فسمح لي مدير الندوة بالمشاركة . لم يكن يدرك عني شيئا.يظنني من المطبلاتية .قلت لهم ان المشكلة ليست في المتدين وانما في النص الديني .وعددت له النصوص التي تحرض لاعلاء معاني العنف والكراهية . واضفت :مالم يمنح الدين للمتدين الشرعية لما فعل هذا الاخير كل هذه الاشياء السيئة. وطلبت منهم انتقاد الدين بدلا من الاكتفاء بانتقاد المتدين كما اكدت بان الانسانوية فكرة انسانية ولاعلاقة لها بالاديان.

اختلفت وجهات نظر الحضور حولي ؛ اليساريون والحداثيون اتهموني بعدم احترام معتقدات الاخرين بينما اكتفي المتشكيين بالابتسام والضحك .اما المتدينين فقد ثارت ثائرتهم واستلوا سيوفهم وتوجهوا نحوي الا ان الطبيعة تكفلت بحمايتي .خرجت من الباب الخلفي وسط صيحات الاستهجان .ذهبت الي البيت وتواريت عن الانظار .وفي اليوم التالي ادركت بان السلطات سمعت بامري بل وامرت بابعادي من المدينة . اما هيئة علماء المتدينين فقد اصدرت بيانا اتهمتني فيه بالردة . وامهلتني يومان او ثلاثة للعودة . ومالم افعل ذلك سيطبق علي حد الردة . حينها علمت باني غير مرغوبا فيه . لذلك شرعت في الرحيل .تكفل بعض المتشككين باخراجي من المدينة .بعد اسبوع من ركوب الخيل والسيارات وصلت الي قرية ما في احدي البلدان المجاورة .وجدت اناسها مسالمين .يتجولون عراة .يعبودون الحجارة . يؤمنون بالكجور والارواح . كانوا لايؤمنون باله مدينتي . معظم افراد القرية لا يأبهون كثيرا لموضوع الدين والله .انهم يحبون الحياة . يقضون جل حياتهم بين الزراعة والرعي .فكرت في نشر الانسانوية وسطهم ولكن صوت ما اخبرني بانهم ليسوا مهياؤن لذلك .صادقت احد افراد القرية اسمه مادي.هو ابن السلطان . كان لا يؤمن باي اله .ولا يؤدي اي طقوس وشعائردينية . امدني بمجموعة متاع قال لي انها ستساعدني في السفر . شكرته وغادرت في امل العودة اليها مستقبلا .بعد جهد وصلت الي اكبر مدن تلك المنطقة . وجدت سكانها متاثرين كثيرا بالثقافات الوافدة .البعض عبد اله العرب والاخر عبد اله النصاري .بينما تخلوا في ذات الوقت عن كافة معتقداتهم وافكارهم واصبحوا يوصمونها بالتخلف والوثنية . قضيت ما يقارب الثلاث شهور بعدها عدت الي قرية مادي . ولكن حدث مالم يكن في الحسبان .تغيرت القرية عن بكرة ابيها .وانقسمت الي جزئين متحاربين .جزء يعبد اله العرب وجزء يعبد اله يقولون بانه وافد . جاءني مادي برفقة اخ له قال لي ان اسمه عبدالله اما هوفقدغير اسمه الي محمد . ضحكت من كل قلبي وادركت بعدها بان القرية قد تلوثت .اثناء جلوسنا مر بجانبنا مجموعة شباب يرتدون الازياء العسكرية وهم يرددون بعض العبارات الدينية .سالت مادي عن وجهتم . قال لي بانهم ذاهبون الي الجهاد..جهاد الكفار والمشركين . لم يكن مادي يدرك الكثير عني لذلك حاول استمالتي الي جانبه .سالني اي الالهة اعبد . قلت له باني لا اعبد الها بعينه . انا مع الحقيقة والمنطق .استغفر الهه .ثم قال :يبدو انك في صفوف المشركين .قلت له :انا لست في صف احد ،انا مع الانسان غض النظر عن معتقده ودينه .قبل ان اتم حديثي معه جاء احد وجهاء مدينتي واخبر مادي عن هويتي . بل واتهمني بالعمل مع اعداء الله .

فكرة ان اكون لا منتميا اثارت مادي كثيرا ..فقد كان يعتقد بان الانسان اما ان يكون مع الله او ضده .ان يكون الانسان لا دينيا فهذا بالضرورة يعني انه ملحدا وكافرا .وبهذا الاساس امر صديقي السابق باسترقاقي .وضعني في حظيرة مليئة بالاسري الذين للدين الاخر .مكثت لما يقارب الشهران .كنت اتعرض لابشع انواع الاحتقار .كانوا يطلبون منا التطهر من النجاسة .بل ويخيرونا بين الدخول في الدين الجديد او القتل .شخصيا كنت افضل الخيار الاخير .فانا ميت بكل الاحوال .غير ان بعض رفاق الاسر فضلوا الخيار الاول . تطهروا واعلنوا تدينهم لقد قطعوا الجانب الامامي من ذكورهم .كوفئوا بعدة امتيازات. وسمح لهم بامتلاك الرقيق وملك اليمين .احد اصدقائي في الاسر بعد تخليه عن ديانته السابقه ودخوله في الدين الجديد اصبح من اثري الاثرياء .فقد كان يشن الحملات والغزوات ضد عشيرته السابقة بل وياسر اخوته السابقين .

بعد مضي شهر نجحت احدي المنظمات الانسانية في اطلاق سراحنا ..ولكنها تاجرت بنا ايما تجارة .كما استغلت حالتنا السيئة لتشويه صورة الطرف الاخر . جاءني مدير المنظمة وطلب مني قول ما لم يحدث لي ولكن حينما اعتزرت له اتهمني بالعمالة والجبن والارهاب .واخبر سلطات المدينة بهويتي بل وحزرهم مني واكد لهم بانه مالم يتم ابعادي من المدينة سكون خطرا علي قاطنيها .

امرت السلطات بترحيلي الي مدينتي الام . ولكن هذه المرة الي صفوف الثوار الذين اطلقوا علي انفسهم حركة تحرير المدينة .بعد عدة ساعات من التحليق وصلت الي حيث يقبعون .اخذني احدهم الي قائدالثورة . انه في الاربعينات .ذو بطن كبيرة .اظنه يتغذي علي الثورة .علي دماء الابرياء . عرفت من البعض لاحقا انه يمتلك عقارات وفنادق باحدي الدول الاجنبية . رحب بي . واخبرني عن الاسباب التي جعلتهم يلجأون الي خيار الكفاح المسلح .قال لي انهم تعرضوا للظلم والاضطهاد . وان حكومة بلادهم ظالمة ومستبدة . واضاف ايضا بانه كان رمزا من رموز تلك الحكومة الا انه فضل تأييد المسحوقين والمهمشين .في نهاية الامر طلب مني الانضمام الي ثورته ..نعم ثورته ..فهو القائد والامين العام .هو الثورة والثورة هو .كنت مضطرا للانضمام اليه .فمالم افعل ذلك ساتعرض للقتل . كنت ادرك بانه يرغب في المتاجرة بي .انه يريد ان يوحي للناس انها ديمقراطية بدليل انها تضم احد اكبر زنادقة المدنية .وللتمويه اكثر عينني انا التافه قائدا ميدانيا لاحدي الفصائل. كنت مجرد كومبارس . لايشار ولا يستشار . تاتيني البيانات لاقراءها ..القائد هو من يضع الخطط وينفذها . كانت صور القتلي تستفزني ..فلماذا يتقاتل هؤلاء الناس . انهم يقتلون ابناء الناس بينما ابنائهم يقطنون في اكثر المدن امنا . انهم يتاجرون بالشعب . لافرق بين قادة الثورة وقادة السلطة الحاكمة . كلهم واحد .قد تكون الفئة الدنيا من الثوار صادقة الا ان الفئة العليا كاذبة ومستبدة . المهم بعد سنين من الاقتتال وموت ملايين الابرياء تم توقيع ما اسموها باتفاقية السلام .عدت الي حضن الوطن مرة اخري .دخلته غازيا وبطلا بعد ان كنت دجالا وزنديقا .قائد الثورة عين نائبا اولا للقائد الكبير .بينما عينوني موظفا باحدي الوزارات الهامشية .كانت الاموال تاتيني من كل حدب وصوب . اما الحرية فقد كانت بعيدة كل البعد عني . كان قائد الثورة شكاكا وانانيا . اصبح لا يثق في الافراد الذين ينتمون للعشائر الاخري . اصبح يحابي عشيرته علي الاخرين بل وبدأ بالتخلص من لا يشاطره اويتفقه معه في الانتماء الاثني . وبما اني احدهم فقط تم فصلي بحجة العمالة والارتزاق.


فكرت في الهجرة .ولكني ادركت بانها فكرة سيئة . لا تختلف بلاد المهجر عن وطني كثيرا ..انهم يمنحونك حرية ممارسة الجنس وتناول الخمور ولكنهم بالتاكيد سيحرمونك من كثير من الحقوق . نعم لا تستطيع ان تدلي برايك .ساكون مجرد اجنبيا تافها ..بربريا ..نعم سيصموني بالتخلف والرجعية . الافضل ان امكث بهذا الوطن البائس ..الم يقل احد اليائسين بان الفقر والذل في الوطن افضل من الغني في الغربة .عدت مرة اخري الي حياة البارات والخمور .نسيت الانسانوية وكل المبادي الانسانية السامية التي تعلمتها من الكهل .اصبحت مثل اي شخص .مجرد كائن مستهلك . لايقدم اي شي للبشرية .لكن ضميري اصبح يؤنبني . الح علي بضرورة مواصلة الطريق . نعم لابد ان انهي ما بداته وهو نشر الانسانوية .يجب ان اصلح هذا العالم الفاسد .

...............................



(5)

الجامعة هي افضل مكان لاقضي فيه يومي .اخترتها بمحض اراداتي .كنت اذهب اليها صباحا واخرج منها ليلا . فقد كانت تغلق ابوابها عند العاشرة مساءا .معظم طلابها هوائيون . لا يعرفون شيئا عن السياسة والفكر . انهم يحبون الجنس والغزل ..يحبون الثرثرة ..يقضون يومهم ما بين قاعة الدرس وجلسات الانس . لا يعرفون شيئا عن جيفارا وماركس .يدركون الكثير عن تاريخ وطنهم المزيف . يقولون عنه بانه عربي واسلامي مع ان هنالك حضارات اخري قبلهما .يبغضون الثقافات الاخري .بل ويوصمونها بالتخلف والرجعية .يحبون الغناء .يهتمون دوما بالازياء وقصات الشعر .كل شي فيهم مختلف عني . انهم لا يشبهوني .لا اطلب منهم التشبه بي .ولكني اريدهم اكثر وعيا .كنت افكر في اختراقهم .ولكني اادركت بان الوقت لم يحن بعد . فعيون السلطة في كل مكان . انها تتربص بي .نعم ستجدني اذا ما فكرت في فعل اي شي .الجامعة مع انها دون الطموح الا انها مكانا جيدا لقضاء اوقات الفراغ . اركان ومنابر الحوار والنقاش هنا وهناك . هذا منبر الاسلامين وذاك منبر الشيوعيين . لا فرق بينهما . انهما يتفقان في الاصول والثوابت ويختلفون في اقل الاشياء تفاهة . كنت اميل للشيوعين مع انهم الاكثر عداءا لي . انهم بقايا اليسار المهتري . انهم كالبصل المعفن .كان منبرهم هو الاكثر انتقادا للسلطة . انهم ينتقدون وينتقدون . يقولون عن رئيس الحكومة ظالم ومستبد . يتهمون الحزب الحاكم بالفساد . انهم ينتقدون ولكن لا شي علي ارض الواقع . واذا ما سالتهم يقولون لك بانهم يفتقرون للاليات .

السلطة هي المستفيد الاكبر ..نعم هي المستفيد .معارضة ضعيفة وشعب جاهل .هذا بالتاكيد يعني مزيدا من التسلط .كنت اجالس قادة اليسار .ولكني لم اجد ما يميزهم عن قادة اليمين .انهم ممثلي الله في الارض .في منابرهم يحدثونك عن العدل والديمقراطية وحقوق الانسان اما واقعيا فهم خلاف ذلك .زعيم المعارضة يحي نضالات الطبقة العاملة ويشتم الراسمالية والمفارقة انه ينتمي للطبقة الاخيرة . المعارضة والدين في وطني هما المصدر الامثل للثراء .نعم احمل سلاحا وانتقد السلطة ..غدا سيعينونك وزيرا ..لكن تكلم عن العدل والسلام والحقيقة ..ستجد الاعدام مكافاة لك . المعارضة والسلطة في بلادي شيئا واحد .ان تكن معارضا فهذا يعني انك حكومة بصورة غير مباشرة .الزعيم الاكبر او من يسمونه رمز الامة كان يصادق جميع قادة المعارضة . يقولون بانهم في الليل اخوة وفي الصباح اعداء.

بعد خروجي من الجامعة كنت اقضي ماتبقي من يومي عند نعمة بائعة الشاي.كان مكانها ملتقي لكل اطياف البشر .السكاري والشواذ والمثقفاتية . كنت اميل كثيرا للفئة الاخيرة ..انهم يثرثون كثيرا .كان بعض المثقفاتية يعتبرني جاسوسا ولكن حينما قراو تاريخي اصبحو ا يكنون لي الاحترام .كنت معجبا كثيرا بمن يسمونه الحكيم .ومع اني اتبني رايا مخالفا لما يتنباه الا اني كنت احترمه كثيرا . فقد كان فصيحا ومقنعا ..بالمنطق لا تستطيع ان تقنعه ولكنك بالعنف تستطيع ان تفعل ذلك .هو لا يحب العنف ويبكي حينما يضرب الناس حمارا او كلبا .نعم انه من منصاري حقوق الحيوان ناهيك عن الانسان .يقول بان الانسان فوق كل شي . حاولت استمالته الي جانبي ولكنه رفض . ولكننا اتفقنا علي انشاء جمعية تتهتم بالثقافة والفكر . انضم الكثير من الطلاب الينا . كنا ندعو للتاسمح والحوار .كما كنا نناهض كل الافكار السالبة .في الندوات العامة كنا نناقش القضايا العامة اما في الخفاء فقد كنا نخترق عقول اليفع والسذج والطلاب . حررنا الكثير من عالم الغيب والاسطورة .بيد ان السلطة علمت بامرنا ..بل واصبحت تتربص بنا .في احدي الندوات الخاصة باليسار كان المتحدث يتكلم عن وجود الله .امسك بقارورة مياه وقال :اذا كان الله موجودا في كل مكان فهذا بالتاكيد يعني بانه داخلها . انفجر غضب الاسلامين المتزمتين .اتهموه بسب العقيدة والدين .بل ونشروا اشاعة مفادها انه احد اعضاء جمعيتنا . السلطة بدورها امرت بايقاف كل انشطتنا ومصادرة جميع ادواتنا .كما امرت باعتقال اعضائنا البارزين .لم يسلم الحكيم من ذلك .فقد داهمت السلطة منزله واقتادته الي جهة غير معلومة .اما ان فقد اخذوني الي مكان ما تحت الارض .وضعوني في زنازنة لوحدي .لم يهتموا بامري في اليوم الاول .ولكن في اليوم الثاني جاءني احد كلاب السلطة وقال لي ان شخصا ما اغتصب امي وقتلها .اما في اليوم الثاني فقد وضعوا كيسا في راسي واخذوني الي غرفة ما وقالوا لي انهم بصدد تنفيذ حكم الاعدام .لم اكن اكترث بمايفعلونه ..فهي مجرد حرب نفسية ..انهم يرغبون في تحطيمي وقتلي نفسيا ..بعد فترة انهارت صحتي ونحل بدني ..وحتي لا اموت داخل زنازينها اطلقت السلطة سراحي ..وطلبت مني عدم تناول اي مواضيع تمس الله والدين .

عدت الي المنزل منكسرا ..وبدات اسال نفسي لماذا يحدث معي كل هذا ..احد اصدقائي المتدينين اخبرني بانه غضب من الله . مع اني لم اكن متدينا الا اني اخذت ما قاله محمل الجد .نعم يبدو ان الطبيعة تريد ان تعاقبني ..يبدو ان الههم قادرا علي كل شي .ان كنت قادرا يالله فلماذا لاتعاقبني بصورة مباشرة ..لماذا تعاقبني بايدي الناس .انت جبان ..انت اناني ..ولكن بينما انا في هذه الحالة جائني صوت الكهل وطلب من التماسك .قال لي ان العالم قاسي وظالم ولكن المهم هوالا تنهار .

قلت في نفسي ساتماسك ..وسابدا بنشر الانساونية ..ولكن هذا المجتمع فاسدحتي النخاع ..سابدأ باليفع ..بدات بمجالسة ابناء خالتي الصغار ..كنت احدثهم عن الاخلاق والدين والعلم .ولكن خالتي وبختني بل وطلبت مني الابتعاد عنهم ..قالت لي ستضلهم ...ستبعدهم من الصراط المستقيم .

بتحريض من والدتهم ابتعد الصغار عني ..اه لقد زادت وحدتي ..انا وحيد وسط هذا العالم اعتبرني الكهل داعية للانسانوية ولكني فشلت في كل شي ..لقد خيبت ظنه ..اه انا فاشل ..فكرت في الانتحار ولكني وجدت بان الانتحار لايحل المشكلة .اه انا في حاجة لراحة.

.........................................................

(6)

انثتان هما اللتان تحركان قلبي .امي وفريال . لا ادرك الكثير عن امي .تحبني ككل ابنائها .كانت توليني الكثير من الاهتمام . تظن بان قوة ما تسكنني .تاتي لي بالمحاية وتقرأ لي التعاويذ .حدثني خالتي عنها .قالت لي بانها زوجت وهي صغيرة في السن . فقد كان ابي يكبرها بكثر من جيلين .قبل ان يتزوجها تزوج ثلاث نساء.غير انه طلقهن جميعا واستقر عندها في نهاية الامر كان ابي ككل رجال عشيرتي ممن يتزوجون باكثر من امراة .يقضون حياتهم من واحدة لاخري .يتزوجون المراة من اجل فرجها لا من اجل انسانيتها .ياخذون منها ما يشتهون ثم يتركونها لضباع اخري .ولكن امي نجت من ذلك .حيث لم يتمكن والدي من الزواج عليها ..والسبب في ذلك حسب اعتقادي يعود الي عجزه ..العجز الذي اعنيه ليس هوالعجز المادي وانما هو الجنسي ..فلو كان ابي قويا بما فيه الكفاية لكان تزوج عليها ..ومع انه لا يبادلها الحب الا انها صانته وحفظت نسله .لم تخنه ولم تفكر ذلك .اما هو فقد كان من كبار الخونة .ينتهز كل الفرص من اجل اشباع شهوته ..هكذا هم الرجال دوما ..تبا لهم ..كانت امي ككل نساء عشيرتي يحترمن الرجال بل وتقدسهن حتي انهن يركعن لهم في بعض الاحيان ..فالرجال في بلادي كالالهة ..يتزوجن ما طاب لهم من نساء ..اما النساء فهن خلقن لاشباع رغبات الرجال فقط ..انهن كوعاء الجنس .يفرغ الرجل فيهن كل ما في جعبته ..ومع ذلك يضربها ويعتبرها عورة وناقصة عقل .

هذه هي امي التي حركت قلبي ..اما الانثي الاخري فهي فريال .كلما قالته انها انسانة ..يقال بانها منبتة ..من ام مسلمة واب يعتنق المسيحية ..طلب افراد عشيرتها من والدلها اعتناق الاسلام ولكن حينما رفض ذلك وتمسك بديانته تم تطليقه من زوجته . هو الان في الشطر الاخر من البلاد . اما ابنته فقد فضلت العيش مع عشيرتها برفقة والدتها . قابلتها اول مرة حينما كنت اقود دراجة نارية ..طلبت مني ايصالها ...كانت رائحة الخمر تفوح منها ..ادركت منذ اول وهلة انها كانت بمعية رجل ..ضاجعها ومنحها المزيد من الاموال ..كانت ككل النساء اللاتي عرفتهن لاتتحدث كثيرا .سالتها عن اسمها ..قالت :فريال ..واضافت بانها تبيع الخمور البلدية . وانها مدمنة سجون . واشارت الي انها تكره عملها ولكنهامضطرة لذلك .

كنت احكي لها وتحكي لي .لم اضاجعها يوما مع اني اشتهيتها . لم اخبرها بحقيقة مشاعري ..كانت تعتبرني صديقا بينما كنت اعتبرها كزوجة او شريكة حياة .فكرت في الزواج منها ولكني ادركت باني لا اؤمن بالزواج بالمعني المتعارف عليه .

كانت تمنعني من شرب الخمر .وتقول لي باني انسان صالح وسادخل الجنة اذا ما تركت الحديث عن الله والدين .كل اصدقائها كانوا ممن يعتبرون شواذا في نظر المجتمع ؛ حسن اللوطي .كان كالمراة ...اقرانه في الحي يسمونه محمد بنية . لا يوبخهم ولا يلومهم . يقول بانه لوطي ولكنه لايسرق مال احد ولا يقتل اخر . ويضيف بانه لم يقسر احد لممارسة اللواط معه .كما انه يعتقد بان الطبيعة والمجتمع من تكفلا بخلقه هكذا .لذلك لا يمكن ان يلام علي ما يبدر منه من سلوك .كان يجلس كالنساء .ويتكلم مثلهن . ويضع المكياج علي وجهه. كان انسان رغم سلوكه الذي يعتبره البعض شاذا .حذره البعض مني وقالوا له باني ملحد الا انه تجاهلهم . طوال فترتي التي عاشرته فيها لم يقل لي ما يعتبر لواطا او شذوذا . اخبرني بان بعض كبار رجالات الدولة معجبين به .ويحاولون التقرب منه .قال لي بانهم يودون ملاطفته ..كما ان قال لي انه يفضل اللواط بالرضا علي الجنس بالاكراه .

اما بقية اصدقائها فقد كانوا مجرد سكاري . البعض يريدها والبعض الاخر يريد خمرها . كانت تدرك كلما يحدث خلف الكواليس .اعجبت بها لانها صادقة ..لا تتدثر بثوب التقية والايمان .انها انسانة بمعني الكلمة .ليست كبقية النساء اللاتي تمارسن الجنس خفية بينما يوحين للناس بانهن الهة . ومع ان المجتمع يعتبرها زانية وفاسقة الا اني اعجبت بها .

حاولت التقرب منها مرارا .بل واشتهيت مضاجتها .الا انها الحت لي بضرورة عدم فعل ذلك .قالت :دعنا نكون صديقين .استمرت صداقتنا لفترة طويلة ومع ذلك لم اتمكن من اخبارها بحقيقة مشاعري .لم استطع ان اقول لها احبك ..ولكني اعترف بانهاحركت قلبي .كنت اتعاطف معها كثيرا ...تعجبني وجنتاها ..شفتاها المنتفختان تثيران فيني الشهوة ، موخرتها المكتنزة تناديني باستمرار.هي جميلة ولكن اجمل ما فيها ضميرها النقي . هي فاشلة في الحب وانا كذلك ولكن مع ذلك لم ننجح في استثمار تلك النقطة .

كانت تدخل الفرحة في قلبي ..هي التي تجعلني اتماسك رغم الالام التي اعانيها .غبت عنها وحينما عدت اخبرني اصدقائها ان السلطات القت القبض عليها بجريمة قتل من الدرجة الاولي .ذهبت الي السجن وقابلتها .اعترفت لي بانها فعلت ذلك . قالت لي بانها ستقتل كل من يستغلها او يكرهها للجنس . اخبرتني بانها قتلت ضابط شرطة حينما اراد ان يغتصبها عنوة . كانت تحب المضاجعة . قبل ان تقتله كانت بمعية رجل اخر . كانت مكتفية جنسيا .فلو تمهل الضابط ليوم او يومان لكانت ضاجعته طالما انه لم يرغمها . ولكن حينما ارغمها نال الجزاء المناسب له .

حكم القاضي عليها بالاعدام . حيث كان ضابط الشرطة احد ابناء كبارات رجال الدولة .لذلك جاء الحكم قاسيا. بعد ما يقارب الشهران تم تنفيذ حكم الاعدام عليها . اخبرني من نفذ الحكم انها ماتت مبتسمة ككل الابطال والمسحوقين والشجعان .نعم فريال رفضت الظلم وماتت مبتسمة بينما انا اعيش جبانا .

مقتل ضابط الشرطة اثار الغضب في قلب والده الوزير الامر الذي جعله يشن حملة قاسية ضد كل السكاري والعاهرات والملحدين والشواذ .بل انه استغل نفوذه واغلق كل الاماكن التي يرتادها فئات مجتمع الخمر .بل واصبح يتربص بكل من يعتبر في نظره فاسدا وفاسقا .لم ينج من حملته بائعات الشاي وصانعات الخمور حتي الاطفال والشحاذين نالوا قسطا كافيا من الركل والشتم .


.................................................................


(7)

مرت الذكري السنوية الخامسة لموت المعلم دون ان احتفل . فقد كنت منكسرا .محبطا ويائسا.لم اقم بما اوكلني للقيام به .بالعكس فقد خيبت ظنه .واثبت باني فاشل وجبان .ولكن ذكراه ادخلت الامل في قلبي ودفعتني لمواصلة الطريق.نعم سانشر الانسانوية ..ساوطنها..اقترب موعد الانتخابات . جمعت مجموعة واصدقاء وتعهدنا بالمشاركة ..تم ترشيحي لاكون ممثلا لهم .كنا ندرك بان الانتخابات ليست نزيهة ومع ذلك قلنا نقوم بالواجب ونترك الباقي للطبيعة .ولكننا فشلنا .فقد نجح الحزب الحكم في خطف كل الاصوات .ولكنا منحنا فرصة المشاركة في الاستفتاء الخاص بالدستور ..جمعنا مجموعة بنود ومبادي وقدمناها للجنة الدستور منها حق الاعتقاد والتفكيروالتعبيروالانتماء والتوجه . كانت هذه الحقوق ستحظف حق حسن اللوطي او حقي انا الملحد او حق فريال المسكينة .ولكن اللجنة رفضت ما قدمناه لها .بل واتهمتنا بالخروج علي عادات وتقاليد المنطقة .بينما كثفت هيئة علماء المتدينين حربها ضدنا .واتهمتني شخصيا و للمرة للثالثة بالالحاد والكفر .واثارت كل طبقات المجتمع ضدي وقالت باني انفذ مخططات المعلم الذي سحل .جاءت بمجموعة وثائق تقول باني بصدد نشر الالحاد والكفر . اضطر قضاة المدينة وخوفا من سلطتهم الي اداتنا .وكان نصيبي هو الاعدام .ياالهي ساعدم .خرجت التظاهرات في اليوم التالي وهي تحي الحكم الراشد.وتطالب في ذات الوقت بقتل اليهود والنصاري .جاء وقت التنفيذ . ساقني شرطيا الي غرفة الاعدام.اوقفني فوق الكرسي ووضع الحبل فوق رقبتي .وما ان ازاح الكرسي حتي اخذتني غفوة .حينما صحيت وجدت كل افراد اسرتي حولي وهم يحمقلون صوبي .تحسست جسمي قليلا فرايته سليما ..لم يصبن اي مكروه ..اه انا حي ...لم اعدم ..كان مجرد كابوس.اخبرتني امي باني كنت احلم .. كنت ابكي واتكلم وحدي ..يومان وانا مغشيا عليه ..ظنت اسرتي في بادي الامر باني مت ولكنهم اكتشفوا باني حي .جاءت امي بمجموعة دجالين وطلبت منهم حمايتي مما اسمته بالساحق والماحق .بل وتلت علي مجموعة من التعاويذ قالت يانها ستحميني من الشيطان وتجعلني انوم مطمئنا .

بعد فترة تحسنت حالتي وادركت باني كنت في غيبوبة . في بادي الامر انتابني السرور حينما علمت ذلك .ولكن بعد ذلك بدأ ضميري يؤنبني ..بينما بدا عقلي يثير مجموعة تساؤلات عن ماهية الله والدين ..الكهل وفريال ..هل الله حقيقة ..ماهي الانسانوية ..لم اكن راغبا في مثل تلك التساؤلات ولكنها راودتني مرة اخري :لماذا لانكون انسانوين فقط ..لماذا نميز انفسنا علي اساس العقيدة والجنس والدين ...لماذا نقسر الاخرين ليؤمنوا بما يكون ضد ارادتهم ..لماذا ندين الدولة ..لماذا نحشر الله في صراعاتنا ..لماذا لا نحيده ...لماذا نصادر حقوق اخوتنا الاخرين..لماذا نظلم امهاتنا واخواتنا وبناتنا ...لماذا نجعل الله لو كان موجودا شريرا وانانيا ...لماذا لا نمنح اللوطي الحق في ممارسة اللواط ..لماذا لا نمنح عبدة الفرج الحق في عبادته ..لماذا لا نمنح محبي الجنس الحق في ممارسته ..لماذا نعبد الها واحدا ..لماذا نعتبر المراة قاصر ..لماذا نلقي عقوبات جسدية رادعة علي شاربي الخمر...لماذا نؤمن بدين بعينه ...لماذا نقسر امم باكملها لعبادة اله واحد ...لماذا ننصب انفسنا خلفاء لمن وراء السماء ...لماذا نلزم انفسنا بتعاليم وافكار صدرت من قرون موغلة في الرجعية والتخلف .

لست ملحداً ولا متديناً ..انا انسان ..ارغب في الحياة التي تلائمني ..لا اريد ان ارغم احدا ..ولااريد من احد ان يرغمني ..انا ارغب في عالم يعمه الحب والسلام ..لا يهمني كم عدد الهته ..لا تهمني الطقوس والشعائر والعادات والتقاليد ..تهمني كرامة الانسان ..تهمني كرامة اللوطي والسحاقية والزاني واللاديني ..تهمني كرامة الناس غض النظر عن انتماءاتهم اوتوجهاتهم ...لا ادرك الكثير عن الانسانوية ..الله والطبيعة ...لا اؤمن باي اله ...اؤمن بالعقل والانسان ..لست انسانويا بالمعني السياسي ..انا انسان ..مثلك احب الحياة ..وارفض الموت ..لست دجالا ولا شيطان ...اخترت طريقي بمحض ارادتي .اريدك ان تتقبله وتحترمه ..اريدك ان تعترف بانسانيتي .. لست دون البشر ..مثلهم جميعا ..احب واتنفس،اسعد واحزن ..فتقبلني ايها الانسان .



#احمد_داؤود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهدي الابن ..مابين مصلحة الذات والوطن
- عوائق تمنع المسلم من اكتشاف بشرية القران
- الي اصدقائي المسلمين
- من الذي خلق الاخر علي صورته ،الاله ام الانسان؟
- ازمة الاسلام
- الاستغلال السئ للدين ..محمد والمسلمين نموذجا
- هل الاسلام دين شمولي
- هل ساعود الي حظيرة الاسلام مرة اخري
- تبريرات واهية
- السر وراء نجاح الدعوة المحمدية
- ارادة الله هي ارادة الانسان
- ما خفي في الربيع العربي
- حول مشروع السودان الجديد
- الثورة لايمكن ايقافها
- الحرب هي الحرب غض النظر عن مكان اندلاعها
- باي معيار تم تفضيل المسلمين
- لا شي يُميز محمد عن الاخرين
- التجميل وحده لا يكفي
- اما الاسلام او العالم
- نحو تعريف افضل -للخير والشر ..الصواب والخطأ-


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد داؤود - الانسانوي