أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - طفولة وأنوثة وممثلة فرنسية














المزيد.....

طفولة وأنوثة وممثلة فرنسية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 20:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في طفولتنا دفعنا نعاس الفقر أن نسرق جيوب آبائنا الشبه خاوية لنحصل على أربعين فلسا هي ثمن تذكرة الدخول إلى السينما ..
كان مقررا أن نرى فيلم صوفيا لورين سقوط الإمبراطورية الرومانية لكن الفيلم أبدل قبل العرض بدقائق بآخر هو لروجيه فاديم وبطولة الممثلة الفرنسية برجيت باردو .
أشتد الصفير والاحتجاج وقُذفت الشاشة بقشور البرتقال وتلطخ وجه الحسناء باردو بزَبد الصرخات ، لكنها ما أن حركت وركيها وأرت الجالسين ما فوق الركبة حتى ساد القاعة صمت رهيب لتبدأ واحدة من أجمل سيمفونيات تخيل الجمال بذاكرة طفولية وليبقى هذا الأغراء المعجون بالعسل والسمن البلدي وقشطة ألكيري يتعلق بذاكرتي مثلما يتعلق القميص الأبيض على حبل مودة السطوح ليعلن قرب لقاء حبيب بحبيبته .
ذهبت تلك الأيام وأسطورة برجيت باردو ذات الجمال الفرنسي الذي يهيج حتى طوب الطين الجاثم في جدار غرفتي كأنه أثر سومري ، تحولت إلى شيخوخة هرمة لا تعتني سوى بالقطط والديكة والكلاب التي ملَ من تربيتها أصحابها .
أنا كبرت أيضا كما تكبر خواطر الجنود لحظة دنو الأجل المحتوم برصاص الصولة ، لكن صورة المرأة الترفة والمعجونة بأنوثة الخلق ونعومة كؤوس ثمالة الملوك ولمعان شعرها الذهبي كدموع أمهات فاقدات فلذات أكبادهن في حرب برزان ظلت عالقة بمخيلتي كما يعلق العجوز صور الشباب الذي تمناه أن يعود يوما ليخبره بما فعل المشيب …
يمكننا أن نتصور المرأة في كينونة الحلم جسدا يمتشق خيالينا للحظة الود ويمارس معه لعبة من لُعبِ الحرب ، الكر والفر ، المهاتفة السلكية ، الرسائل المتبادلة ، لقاءات الغرام ، وغيرها هناك حرب لمواددة انفرادية أي لا يلتقي فيها الجسدان ولا تتبادل عواطف الرسائل ، بل ثمة شعور غير متبادل ، هو يشتهيها في خلسةٍ ، وهي تودهُ دون أن يعلم .
هكذا تدخل المرأة في لب المعنى . كائن يعتمر الفقه الحسي قبعة ، وبها يغازل فحولة الذكر ، ومن الفحولة يتصبب عرق رغباتنا ، ومن العرق تنصبب قصائدنا .
أدرك في جوهر المرأة معنى التكميل ، وأتصور النوم الأول ، ودبيب خطوات الحزن على الأرض قبل أن تنمو أول وردة ، فأسعى لتبيان كشف الماهية الوجودية لسلطة هذا الكائن على القادم الذي فينا . ضرع ثدييها ، تنهيدتها ونحن في الحجر أطفالا رضع ، ابتسامتها ونحن نعود إليها من أول يوم مدرسي في حياتنا ، دموعها حين نأتي بنعوش الشظايا شهداءً من حروب لا نفهمها .
كل هذه المكونات لطبيعة وجود البشر تقترن أولا وأخيرا بهيمنة الروح والبوح لهذا البشر الذي خدع في لحظة حلم وخسر الجنة لكنه ربح تكوين جديد بدءاً من الألواح وانتهى في صعود المركبات إلى المريخ ودخول المارينز إلى بغداد .
أجد في المرأة ما لا أجده في الإناث الباقية من تكوينات الطبيعة . ففي المرأة تجد الهديل وخفق جنحة الإوزة وطنين أجنحة النحلة وحفيف ورقة الشجرة ، ومنادمة الدجاجة للديك ومراوغة لبوة الأسد ولهاث أنثى الذئب وتقوس رقبة المهرة وأنحاء الغيمة باتجاه الأرض وحتى في النص الأدبي تحتل المرأة روح المعنى ومقدمة الكتاب وأرث النهاية . وستاندال يقول : عندما أجد المرأة في أول فصول رواياتي ،أرتاح أيما راحة .
أنا أيضا مرتاح وأنت تتدلي من نافذة هذا المقال مثل غصن لبلاب غادره الخريف ليمسك شموع الربيع بأصابع باردة ، تفجرين لهفتك في فكرة أن أكون لكِ وتكونين لي ، وفي هذا امتزاج لحالة أن نكون معا في الطريق الأبدي لصناعة الحياة الحلوة تلك التي كان سقراط يتمناها حين ترتفع ثرثرة زوجته لتطالبه أن يقف حافيا على ثمار العنب ويعصره بقدميه ليصير خمرة تقدمه نذرا لأوليمب الذي جاء أليها في واحدة من أطياف الخيال وأمرها بتقديم الكأس بمصاحبة عزف الموسيقى والغناء فكان على الفيلسوف مرغما أن يعصر الكرم بقدميه ويغني أغنية أخذتها من بعده تينا جارلس وهي تقول :
لك سكرة العنب يا حبيبي
فضمني إليك مثلما ضم يولسيس موج البحر إلى أحضانه
واحملني بحنان نسائم البحر
مثلما حمل هركليس الكرة الأرضية ..
تذكرني هذه الأغنية بهوس الرغبة لاقتناء جمال المرأة كأي تحفة غالية الثمن أرى من خلالها رقاد الزمن على سطح الوجود فالمرأة هي ابتكار معرفي ليس لقدرتنا على أن نبدع ونشتهي ونريد بل أن كل تحول لا تلامسه أنامل امرأة لا يعد تحولا وإن كان فيبدو باهتا .
وهن وحدهن من توجه إليهن كاسترو في أول خطاب له لثورته عندما قال : انتن سر ثورتنا وإيقاع حياة كوبا القادمة .
عالم المرأة . عالم للون والسحر وهي تعبر في رؤى التكوين شكلا مكملا للحياة الحلم ، فهي العاشقة والمربية والملهمة وهي أول هاجس سكن الذاكرة البشرية لصناعة الإلوهية حين صنع الدمى على شكل نساء وسجد لها مفترضا أن الخصب الذي تصنعه المرأة بالإنجاب هو الحياة كلها .
والآن هل يكفي أن تقول لامرأة : أنت رائعة ومن ثم تذهب بعيداً .
أعتقد أن هذا لا يكفي . ورغم هذا ثمة من يقول أن باستطاعتي أن أفعل .حينها يكون قد حقق انتصارا ولكن مع أمرآة مغفلة . فالمرأة القوية ماسكة سحرها بيديها وروحها لن تستسلم بسهولة .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقراء الانتخابات القادمة
- المندائي الأول ...والشيوعي الأول
- الشيوعيون العراقيون و ( اللاين ناشونال )
- رأس العباس ( ع ) وتفجيرات الأعظمية....!
- شعراء العالم في سوق سيد سعد*
- مجموعة قصصية
- وقائع معركة أم الطنافس ........!
- يولسيس المندائي ...!
- موسيقى الأم
- دي موتر شبراغه *...( صوت أمي وشموع زكريا )..!
- سيمفونيات عيد الخليقة المندائية
- عصفور في قلادة واحدة من معدان الله..........!
- لاتخف ياكافافيس ..الآلهة والمانجو معك..........!
- أرسم وجه القمر وأرسم ثورا ونهداً............!
- الحلة البكاء ثانية ......!
- الموناليزا الماركسية بالزي الكردي
- تحت قبة الكهرمان
- غراميات دلمون اللندنية ...
- تأثيث العالم ..باللصوص والإرهابيين ...!
- شيء عن جنة دلمون ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - طفولة وأنوثة وممثلة فرنسية