أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - ثقافة الموبايل في المجتمع العراقي















المزيد.....

ثقافة الموبايل في المجتمع العراقي


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 23:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تغير العراق اجتماعيا بعد الاحتلال الأمريكي، وكان من الواضح أن التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال التي دخلت البلد كان لها أثر مهم في التأثير بالعلاقات الاجتماعية، ابتدأ من الستالايت والانترنيت والهاتف الخلوي (الموبايل) التي فتحت البلد على العالم الخارجي، وهذا الجهاز الأخير كان الأكثر تأثيرا من غيره على المجتمع العراقي، لان تعدد تقنياته اختزلت هذين الجهازين فيه، فنرى كل هاتف حديث متعدد التقنيات يحتوي انترنيت، وبضع قنوات ستالايت مع اختزل الراديو والألعاب الالكترونية، فأبرز ما اختلف هذا الهاتف عن سابقه هو الرسائل النصية والتنقل الحر اللاسلكي، عدا الملحقات كالساعة والتقويم والمنبه والحاسبة ثم دمج الكاميرا والفيديو ومشغلات الصوت و الفيديو ما جعله يكون أداة استهلاكية وإعلامية تعبر عن الواقع الاجتماعي والسياسي والطائفي.
بعد السماح بدخول شركات الاتصال وانتشار الشبكات بأنحاء العراق بفترة تشكلت ثقافة خاصة بالهاتف في المجتمع، فقد أصبح عدم امتلاك شخص هذا الجهاز مصدر عجب ونقد باستثناء كبار السن والأطفال، لأنه أصبح ضرورة عملية للفرد سواء للعائلة أو العمل أو الدراسة أو الأصدقاء للتواصل وانجاز المهام واختصار الزمن وتقريب المسافات، وما إن ظهر الهاتف حتى بدأ الحديث عنه يكون الشغل الشاغل بين الشباب فرحنا نسمع لأول مرة (سيم كارت، شبكة، موبايل، مسج) بعدما كانت المفردات التي تخص الهاتف الأرضي محدودة مثل (تلفون، بدالة، كاشف) وظهرت أسماء الأجهزة العجيبة (طابوگھ، أياد علاوي، صحفي، فراشة، شيخ زايد الخ) وكان الناس يتباهون به أول الأمر لان الذين يملكونه قليلون جدا ثم بدأت مرحلة الموديلات والأجيال المتطورة تتسارع وتنتشر هواتف ذات تقنيات متطورة كالكاميرا والفيديو والموسيقى والألعاب فيتكلم الناس على الجهاز قبل انتشاره بالسوق وما إن ينزل حتى يسارع الشباب لاقتنائه مهما كان الثمن غاليا! رغم علمهم إن الجهاز سينزل سعره للنصف بعد عدة أشهر! لكن الشغف على اقتناء الجديد وبيع القديم هو الذي يدفعهم لذلك حتى صارت الهرولة وراء الجهاز الجديد هوس أشبه بالمرض النفسي، وكنت اعرف شخصا يفتخر دوما انه امتلك وباع كل أجيال الهواتف وطبعا هذا الهوس هو ما تريده الشركات المنتجة التي تدخل الزبون في دائرة الاستهلاك المستمر.
أصبح رقم الهاتف من المستلزمات الأساسية في طلب المعلومات بدوائر الدولة يضاهي جنسية الأحوال المدنية، واغلب البرامج التلفزيونية والإذاعية ذات المشاركات الجماهيرية تعتمد على الهاتف في نجاحها عن طريق تحقيق مشاركة اكبر ورفع سعر الاتصال بالاتفاق مع الشركة، كذلك كل التعاملات التجارية والإعلانات أصبح رقم الهاتف والبريد الالكتروني أهم من عنوان تواجدها، خاصة إذا كانت عابرة للحدود، وهذا يعكس فاعليته التجارية، والمناسبات العالمية والدينية كعيد رأس السنة والأعياد والمناسبات الدينية تأثرت بالهاتف الخلوي، فبدل التهنئة المباشرة وجها لوجه، أصبحت الرسائل القصيرة (sms) الجاهزة للمناسبة ضرورية وواجبة بين الأصدقاء والأقارب بعد أن طبعت كتب خاصة لهذه المناسبات يتداولها ويتبادلها أصحاب الهواتف بينهم والشركة تقوم بدورها بإرسال هذه الرسائل لزبائنها عن طريق هواتفهم الخاصة مقابل مبلغ مقتطع من الرصيد، بحسب المناسبة الاجتماعية أو الموضوع المطلوب من الزبون، وأصبحت الرسائل النصية والاتصالات شبه بديلة عن الزيارات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء وللاطمئنان على أحوال الأشخاص صحيا وامنيا بعد أي حادث تفجير في شوارع العراق.
أصبح الهاتف الخلوي موضوعا رئيسيا بين الشباب يبدأ من السؤال عن نوعية الهاتف وتقليب محتوياته من أغاني وصور وفيديو ورسائل ونكات وتبادلها من هاتف إلى هاتف، فقد أصبح الهاتف الحديث الصنع والتقنيات العالية المتعددة كجودة الكاميرا وسعة الخزن ودقة الصوت وبرامج متطورة، وإبداله بجهاز أكثر تطورا بعد فترة زمنية مصدر للتباهي والغنى، في حين إن الطبقات الفقيرة تحصل على الجهاز الحديث بعد استعماله أو شرائه من شركة مقلدة له لرخص ثمنه. وهنا يبرز الدور الطبقي والاستهلاكي بالموضوع، وحتى الأغلفة والمحفظة التي تحمل الهاتف الخلوي خضعت للتغيير والتجديد الاستهلاكي كالهاتف وبعضها خصص للنساء وبعضها الآخر للرجال، أما الاتصال بذاته فصار له وظيفة أخرى غير التكلم؟ عبر قطع المكالمة بعد فترة وجيزة من الرنين وقبل أن يرد المستلم على المكالمة (المسكول) ووظيفته هي إشارة بين شخصين كأن يكون احدهما بلا رصيد ويريد الاتصال أو تنبيهه لوصوله لمكان ما متفق عليه معا، وهو أفضل إشارة سرية بين العشاق. وأصبحت العلاقة بين الأصدقاء أول ما تبدأ من تبادل رقم الهاتف خصوصا العلاقة الغرامية بين الرجل والمرأة، أما بطريقة مباشرة أو قصاصة ورق صغيرة أو بتقنية (البلوتوث) حيث يبدل أسم الجهاز برقم الهاتف، واستخدام خدمة الاتصال الليلية المخفضة السعر للتعارف والغزل أو الجنس الهاتفي، وتحديد مواعيد اللقاء، والذي ربما ينتهي بالزواج، بعد أن طورت تقنية نقل الصور والفيديو كالرسائل عبر الشبكة، بل أصبح الهاتف وسيلة للتعارف بديل عن فترة الخطوبة التي تكون فرصة للتعارف وجها لوجه، ومن اللأعيب السرية التي وفرها الهاتف للعشاق هي استخدام اسم مستعار للشريك وتخصيص إما نغمة مميزة خاصة به أو جعل الرنين صامت مجرد اهتزاز، وإن امتلاك أكثر من شريحة لجهاز واحد أو عدة أجهزة صار شائعا، فشريحة مخصصة للعمل وشريحة مخصصة للعائلة والمقربين، وشريحة للعلاقات الغرامية، حتى صدرت أجهزة تحتوي أكثر من شريحة واحدة، اختصارا لعدة أجهزة، كذلك إن الهاتف وسيلة ترفيهية لقتل الفراغ من خلال اللعب بالألعاب الالكترونية أو الاستماع للراديو أو الأغاني mb3 أوmb4 .
لقد أستخدم ألهاتف في تفشي الطائفية بين الناس ابتدأ من رنين المكالمة الذي يكون نشيد أو أغنية دينية أو دعاء لطائفة ما، أو النغمة التي تسمعها إذا اتصلت بالشخص الآخر من هاتفك، إلى محتويات الرسائل والصور والفيديو التي تصور طقوس وخطب لرجال دين تحريضية، وأفلام تسقيطية للآخر ومعجزات لطائفة ما، والميليشيات الطائفية استخدمت مقاطع الفيديو للترويج لعملياتها المسلحة وأهدافها، والهاتف نفسه كان الأداة الفعالة للاغتيالات عن طريق إعطاء المعلومات ومراقبة الشخص مباشرة، وكان أداة في تقنية صناعة القنبلة بربطه بها والاتصال بهذا الهاتف من مكان آخر لحضه مرور الهدف ما يؤدي إلى انفجارها، لهذا حُظر دخول الهاتف في الدوائر الحكومية، وأصبح التجسس على المكالمات أحد أهم التقنيات الحكومية لأخذ المعلومات وكشف المخططات وتحديد مواقع الجماعات الخارجة عن القانون أثناء الاتصال، لهذا نرى في مدخل كل دائرة غرف لتسليم الهاتف واخذ (باج) بدله لاستلامه عند الخروج.
والجانب الديني والقبلي تأثر بالهاتف الخلوي فالعوائل المحافظة دينيا وعشائريا أو التي تسكن في الأرياف تمنع نسائها من امتلاك هاتف أو تحدده بشروط صارمة مثل عدم الرد والاتصال بعد العاشرة ليلا، وعدم حفظ أي رقم لرجل غريب عدا الأقارب من الدرجة الأولى كالأب والأخ والزوج والعم والخال، وعدم الرد على أي رقم غريب وإعطاء الرد على المكالمة لرجل ما كزوجها أو أخيها، ويجب أن لا تعطيه لأي رفيق بالعمل أو الدراسة أو أي صديقة غير موثوقة، وإذا طلب احد رقمها من صديقتها يجب أن تستأذنها قبل أن تعطيه له، ويجب أن يكون هاتفها لا يحتوي رسائل أو صور أو فيديو جنسي مطلقا.
بصورة عامة أصبح الهاتف أداة إعلامية للتأثير والترويج الاجتماعي والسياسي والطائفي والتجاري والاستهلاكي، فكثير من الفيديوهات والصور تستخدم في الإشاعات والترويج أو فضح السياسيين والمشاهير، أو تصوير ونشر وقائع داخلية ذات تأثير طائفي أو سياسي (سلبا أو إيجابا) أو وقائع خارجية مسلية كالكاميرا الخفية أو غريبة كالحركات البهلوانية الرياضية والمغامرات المدهشة وتحطيم الأرقام القياسية الخ، وفي الوقت الذي أثر فيه الهاتف الخلوي بالمجتمع عكس الواقع الاجتماعي العراقي أيضا، فالهوس الجنسي كان واضحا في انتشار الصور والأفلام الجنسية القصيرة والجنس الهاتفي الليلي في هواتف الرجال والنساء، وتفشي أفلام الخيانات الزوجية والعلاقات الجنسية السرية بين العشاق في المجتمع العراقي، بسبب الفصل بين الجنسين، كذلك إن انتشار الأغاني والأناشيد والأدعية والخطب الدينية الطائفية أو المتعصبة عكس التأثير السياسي للمد الإسلامي الطائفي على المجتمع. وان رواج الأغاني الرديئة بواسطة الهاتف بين الشباب يكشف انحطاط ذائقة الجيل الجديد الذي هو محصلة انحطاط سياسي واقتصادي واجتماعي، وان تشغيل البعض لمحتويات الهاتف في الأماكن العامة، والتكلم بصوت عالي أثناء المكالمة يبين عدم احترامنا لخصوصية الآخر وطبيعة ذوقه. لقد عكس الهاتف بأمانة الانحطاط والتعصب الديني والفكري والأخلاقي وانعدام ثقافة التسامح والاختلاف والحوار، وهذا يعني أن مجتمعنا غير مدني محافظ. لقد أصبح الهاتف دال على خليفة الفرد الاجتماعية وتوجهاتها وانتماءاتها الفكرية والدينية والطائفية من خلال اختيار رنين المكالمة وصورة الخليفة الرئيسية للشاشة، وصور وفيديو ورسائل والأغاني التي تحدد توجهه السياسي والطائفي والديني والفكري، بحيث تستطيع تحديد خلفية الشخص من هاتفه فقط.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الفكر الطائفي السني الشيعي*
- مدخل نفسي وانثربولوجي لأسطورة الشيطان
- الطائفية الاجتماعية بالعراق*
- التحريف النفسي للاستبداد السياسي العربي*
- الطائفية الماسوشية بالعراق
- مدخل إلى علم اجتماع الشيعة
- متى يدخل إبليس الجنة؟
- فلسفة (بروس لي) وعبقريته
- فلسفة الإنسان
- مستقبل سوريا بعد الحرب
- (هذا أبو إسراء)!
- بين الفكر العملي والفكر الخرافي في المجتمع العربي
- مدخل اجتماعي ونفسي لظاهرة ألاعتقاد بالأشباح
- تسونامي الاحتلال الأمريكي للعراق
- ثقافة الخرافة في المجتمع العراقي
- ملاحظات على شخصية الكذاب مرضيا
- سلطة المرأة الظل في المجتمع العربي
- وسائل الاتصال الطائفية بالعراق
- مظاهرات الفلوجة بالعراق؟
- أسئلة حول الاديان السياسية؟


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - ثقافة الموبايل في المجتمع العراقي