أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - بين الفكر العملي والفكر الخرافي في المجتمع العربي














المزيد.....

بين الفكر العملي والفكر الخرافي في المجتمع العربي


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 23:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تستخدم الناس فكرها المنطقي والعملي القائم على السببية المادية في حياتها العملية سواء بالعمل أو للمصالح الشخصية بصورة عامة حيث أن الناس في السعي لمصالحها وكسبها للمال والجاه والنفوذ والمناصب والأملاك تستخدم الذكاء والتخطيط والتحايل والإقناع والكذب والتملق في سبيل تحقيق مآربها، وهذا أمر طبيعي، إلا أن هذه الأفكار المنطقية والعملية تتعطل تماما حين تنتقل من التعامل في الحياة العملية إلى التعامل مع المعتقدات الاجتماعية كالخرافات والأساطير والأشباح والسحر والمعجزات؟ وتستبدل السببية المادية بالسببية القدرية والسحرية والربانية؟ فما الذي يجعل الفكر المنطقي والعملي يعمل أو يتعطل أو لنقل يغير نهجه من السببية المادية إلى نقيضها حسب تغير الموضوع؟ وهذه مفارقة بالفكر كيف يسلك هذا السلوك المزدوج؟ وهذا السؤال الأساسي الذي انطلق منه لبحث هذه الإشكالية الفلسفية و النفسية، هل الخلل في ذلك التناقض هو الفكر أم البيئة؟ مبدئيا إن عقل الإنسان ليس مستقلا في تفكيره وأحكامه عن بيئته ومجتمعه ونفسيته وموروثاته فهو خاضع لهذه المؤثرات التي هي صنعت نمط تفكيره وتصوراته الخام، لهذا فحكمه على معتقداته لن يكون محايدا أو موضوعيا بل منحازا ومبررا لها بالعقل وبالعلم أحيانا؟ وحتى لو توصل إلى نفيها ولا عقلانيتها فإن للمجتمع ضغوط عقابية كالنبذ والاغتراب والتخوين والقصاص الجسدي، هذا عدا الصراع النفسي الذي يعيشه كل من يحاول تغيير عاداته ومعتقداته بين التطبع والعادة وبين التخلي عنها، وغير قليل من الناس تعرف أن هذه المعتقدات الاجتماعية بالية من الناحية العقلية لكنها لا تستطيع الإقلاع عنها بسبب التطبع الفردي والاجتماعي لها حد العادة، وليس سهلا على الفرد الخروج على الجماعة لأنه يخاطر بانتمائه، وليس كل ما هو مخالف للعقل يشترط التخلي عنه، فرغم علم الناس بمضار التدخين والكحول صحيا إلا أنها لا تتخلى عن إدمانها، وهذا سر بقاء المعتقدات الاجتماعية البالية وتوارثها من جيل إلى جيل، مهما تعلم الفرد وحاز أعلى الشهادات الجامعية، لهذا يفكر العربي بطريقة تختلف عن الأوربي، ويختلف هذا الأخير عن تفكير الأفريقي والآسيوي وهكذا، لان هذه المعتقدات تكتسب بالتلقين والتربية والتقليد والتطبع وليس بالدليل والبرهان، وكل ما لم يكتسب بالدليل لا يغيره الدليل المضاد أو ينفيه، وهذه القاعدة الأساسية للتمييز بين المعتقدات الاجتماعية و الحياة العملية التي على العكس تكتسب مهارتها بالتجربة والخبرة الفردية أو ُتعلّم من شخص آخر أو بتأثيره، وهي نشاط الفرد للحصول على المال وتحقيق مصلحته، ويظهر مما سبق إن كل ما يحقق للإنسان رغباته وفي صالح بقائه وتكاثره ينشط لديه قدراته العقلية المنطقية، ويبدوا أن صراع الإنسان مع الطبيعة في سبيل البقاء والتكيف والتكاثر على مر العصور هو الذي طور قدراته العقلية وأنتج التفكير المنطقي والعملي، بينما تشكل المعتقدات الاجتماعية هوية الإنسان وانتمائه الاجتماعي التي تبلورت من تأملاته بالطبيعة و تكيفه مع بيئته، وهذا احد أهم الفروق بين المجالين، حيث الأولى تصب لمصلحة الفرد في حين الثانية تصب في مصلحة الجماعة.
ويجب الإشارة إن الناس في استعمالها الفكر المنطقي والعملي لا تتبنى الأفكار المثالية الأخلاقية والدينية والقانونية، وإنما الأفكار التي تصب في مصلحتها حيث أن الناس في تعاملها مع غيرها تحكمها الانفعالات والمصالح والتنافس والأنانية والعادات الاجتماعية، ولا مجال للأفكار الأخلاقية المثالية إلا القليل ونظريا فقط، خصوصا حين يكون الشخص مظلوم لا ظالم، وتبقى هذه الأفكار الأخلاقية المثالية مجرد كلام نظري في أحاديث الناس لا في أفعالهم إلا نادرا وبسبب الخوف في كثير من الأحيان، لهذا من الطبيعي حين نرى كثير من الناس أفعالهم تخالف أقوالهم، لهذا دائما أقول إن الناس لا تسيرها الأفكار المثالية وإنما المصالح والعواطف والانفعالات والتقليد.
وهذا لا يعني عدم قدرة الإنسان على تغيير عاداته الاجتماعية لكن بشرط تغيير الظروف الحاضنة لهذه الأفكار السحرية والقدرية والخرافية التي تميز علاقتها بالإنسان بثنائية (التسلط والرضوخ) التي وصفها (مصطفى حجازي) في التخلف الاجتماعي، واستبدالها بتحسين الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية والخدمات وحرية التعبير والعدالة الاجتماعية، ومن غيرها لا يمكن أن نتوقع تكامل أو توحد بين التفكير العملي والتفكير الاجتماعي وارتقائهما في خدمة الفرد والمجتمع معا، وهذا التغيير يبدأ من النخبة السياسية ومدى الانفتاح الثقافي والتراكم الحضاري للمجتمع، فاليابان وألمانيا والصين استطاعت النهوض بعد انهيارها بفعل ارثها الثقافي الكبير.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل اجتماعي ونفسي لظاهرة ألاعتقاد بالأشباح
- تسونامي الاحتلال الأمريكي للعراق
- ثقافة الخرافة في المجتمع العراقي
- ملاحظات على شخصية الكذاب مرضيا
- سلطة المرأة الظل في المجتمع العربي
- وسائل الاتصال الطائفية بالعراق
- مظاهرات الفلوجة بالعراق؟
- أسئلة حول الاديان السياسية؟
- الحيل النفسية للفاسد إداريا وماليا في المجتمع العراقي
- محاكمة عزيز علي بالماسونية
- المنولوجات المفقودة أو النادرة الغير المدونة لعزيز علي
- ألكلمات والجُمل التي استبدلت بهمهمات في منولوجات عزيز علي
- المنظّرون السياسيون للفكر الشيعي التقليدي
- فلسفة عزيز علي
- الإسلام بين خطاب الحداثة والسلفية
- الإستبداد المقدس
- خاتمة كتاب (تأملات في الأديان السياسية)
- جدار المرحاض الحر
- بين مقتدى الصدر وصدام حسين
- فلسفة الخطأ الإنساني


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي بعد إعلان إحباط مؤامرة ...
- الرئيس الصيني يعتبر زيارة المجر فرصة لنقل الشراكة الاستراتيج ...
- جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا عالميا لمناهضة -الفصل العنصري الإ ...
- الاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة ويعتقل طلبة بنابلس
- بعد اكتشاف بقايا فئران.. سحب 100 ألف علبة من شرائح الخبز في ...
- رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا ...
- مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ ...
- ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي ...
- -توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال ...
- فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - بين الفكر العملي والفكر الخرافي في المجتمع العربي