أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - الرصاصة والزنبقة















المزيد.....

الرصاصة والزنبقة


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4371 - 2014 / 2 / 20 - 19:06
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة __ الرصاصة والزنبقة ..___

** وكما يحدث دائما . خرجنا معا , ذات نهار مشمس , كانت اصابع يديّنا مطبقة في التحام حميم , فاحس عبرذلك اللتحام بمجرى حار يتدفق من اصابعها ويسري في بدني . مجرى من نبضها مترع بالدفء والتوق , فتتملكني رغبة , رغبة في انّ تبقى اصابعنا ملتحمة للابد في عناق محموم , .. ولما تتصاعد رائحتها في الهواء الرطيب , اجدني ازداد توقا ولهفة لملامسة خدودها المورّدة , اتحسس طراوتها عبر شفتيّ . كنت اشعر بشعرها الفاحم المحلول وهو يخفق في الهواء , وهو يلامس وجهي , وهو يخيّم كظلال غيمة بليلة , يضاعف من قوّة لهفتي , لهفتي في لثم شعرها ووجّهها الشديد السحر والدهشة للغاية , الثمّها باصابعي , وبكامل يدي المشرعة في الفراغ الفاصل بيننا , اقبّلها باصابعي في الشارع , الشارع الذي بدا في تلك اللحظة الشديدة التوق واللهفة مخيفا للغاية ! , يوغل في مجرى مذهل من الخوف . حيث شهد الاسبوع المنصرم , احداث إبادة مهوّلة , ذهب ضحيتها اراهاط من النساء السافرات . طلبت اليّ انّ نبدّل مسارنا او طريقنا فأنعطفنا إلى زقاق يتفرع عن جادة سالكة تفضي إلى كتف النهر المكتظ بالاشجار الظليلة . مرّرنا ابان مسيرتنا الحافله بالهمس والشوق ولهفة المحبّين , بثلل وانفار من النساء , نساء متلفعات بوشاحات سود ملفوفة على ابدانهنَّ الضامرة , كنَّ يرومنَّ الصعود إلى الشاطىء . كما رأينا اثناء مرورنا النابض بدفء الاصابع نساءً في طور المراهقة اليافعة , وفي مقتبل السحر والجمال , يرفلنّ باثواب سود فضفاضة يدرجنّ محاذاة حيطان مريبة ! , وتحت سماء اليفة , سماء لما تزل ترسل نورها الأليف دافئا , ذلك النور الذي كان يزيد حبيبتي جمالا وسحرا وهو يغمرها بشعاعه , فكانت تزداد تألقا وسط وسط فضاء قاتم من النسوة اللواتي تخيّم عليهنّ غيمة من السواد .. كانت تزداد تألقا __كنجمة مضيئة وسط ليل حالك السواد __ بذراعيّها العاريتين وشعرها الطويل المحلول الملتمع في نو النهار , وقميصها الاخضر بكمّيه الفضفاضين , والمطبوعة على مساحته الشفافة ازهار وعصافير وزنابق وفراشات , لمحت إحدى الفراشات وانا اقودها برفق تحوم عند زنبقة مورّدة عالقة في كم القميص وسط الفضاء الاخضر , تحت الشمس , شاهرة جناحيّها المتألقين وسط المساحات المشغولة بالورود ...الورود المطبوعة في كلّ مساحة القميص المهفهف في الهواء فكانت تبدو الفراشات كما لو انها في رفيف متصل .
كان الافق يلوح من بعيد , يتخفى وراء اشجار النهر , فيما كانت السماء تنأى , والنهار يمشي بخطى متباطئة , لما لمحت الفراشات والعصافير , تضرم في اجنحتها النار ! فتغرق في مجرى حار من الدم , الدم الذي عفّر الازهار في القميص المدمى .. وفي لحظة شديدة الرعب والتعاسة . رأيت السماء تخرج عن مدارها .. والنهرى ينأى عن مجراه ..والاشجار تغادر كتف الشاطىء .. !! . وحبيبتي الحسناء تهوي صريعة مضرّجة بدمّها , والازهار والفراشات والعصافير تهوي هي الاخرى صريعة على صدرها ... فيضيق بي المكان وتضيق بي روحي .. ومن بعيد وعبر غشاوة من ضباب احمر مسدول على عينيّ . لاح ليّ جدار مخيف من اعقاب بنادق شاهرة فوّهاتها .. فبدت الاشياء تمور في تموّجات غائمة , مغلقة بسدود من الموت .. الموت الشاخص في الجهات كلّها . كما لو انه يتدفق من خوفنا .. فهجست بمدّيات مريعة من الخراب تنأى بي . فأمرّ كأني ميّت منذ قرون !! على تلك المسافة التي طويّنها معا او على تلك المسرّات الشحيحة التي طوينها معا .. فاشعر كأني مرّرت عبر تلك المسافة بروحي بذكرياتي باحلامي .. مرّرت قبل وقت ما . وقت كان حافلا بالمسرّات . فبدت ليّ بعيدة تلك الاحلام والروح والذكريات . موغلة في ازمنة سحيقة . كما لو انها طيف بعيد . طاف في ذاكرتي ذات وقت ما , ناء , .. فيضيق بي الزمان وينحسر المكان . فيمتلأ فمي بنكهة البارود , فاشعر باحلامي يعلوها الصدىء , كما لو انها كانت احلاما من خراب . خراب كان يتفشى منذ قرون بيننا .. ! فلم اعدّ اتذكّر سوى دوّي البنادق يغادر بي بعيدا , صوب مرافىء حافلة بالخوف والظلام .. فاتحسس عبر مخيّلتي في الصمت والظلام , طيف تلك اليد الحانية , يد امّي الميّتة قبل شتاءات لا تحصى !! كانت فيها الشموس شحيحة , ولكنها كانت ناضح حنينا , حنين امومة غاربة , تلاشت في خضّم تعاسة لا مثيل لها .. فلم اعد ارى منها ما يرمّم اوقاتي الشديدة الكآبة والخراب .. لم اعدّ ارى ما يبدّد سطوة الوحشة المخيّمة ظلالها القاتمة على روحي .. ما عدّت ارى ما يؤنسني في عزلتي ووحشتي ..العزلة التي ضربتها حول ايامي واشيائي , حبيبتي خلال رحيلها المفجع في ذلك النهار البربري الحافل بالسواد والنساء واصوات البنادق ورائحة غبار القرون ..
كانت شفتاها منفرجتين لما أز الرصاص , مشرعتين على رياح من الهمس والفراشات والعصافير والزنابق والورود والاحلام , كانت اصابعها لما تزل مطبقة على راحتي , لما أز الرصاص , كانت احلامها لما تزل خضراء ريّانة في مقتبل النمو , لما أز الرصاص ..كانت رائحة الحبّ والجمال تضوع من كلامها ونبرتها الخفيضة ومن بدنها الناحل ! .. كانت المسافة التي تفصلني عنها لما أز الرصاص مقدار شبرا , او خطوة بحجم الحلم والروح . شبر او خطوة بحجم السنين والذكريات كلّها .. انطفأ وهجها في لحظة شديدة اليأس .. في غفلة شديدة الرعب للغاية .. سمعت احدهم لما هويت حبيبتي مضرجة بالدم , دم العصافير والاحلام ودّمها , لما هويت بكامل الفراشات والورود .. سمعته يهتف عبر جدار متماسك من اكتاف النساء المتشحات بالسواد بكلام حانق ينضح سخطا ونقمة . كلام بذيء ينال من كرامة حبيبتي كونها سافرة .. كان شاخصا على مرمى خطوات . كالشبح ممحو الملامح , مقنّع بلثام او متلفع خرقة سوداء , مسلّحا بالرعب والبندقية والخرافة ,.. لم اقل شيئا , كنت مستغرقا في مجرى مهوّل من الرعب والذهول وانا ارى لحبيبتي الغاطسة في بحر عميق من الموت والصمت ..فتأخذني الدهشة , فامكّث مسمّرا في موضعي .. فتطوف في ذاكرتي ملامح النساء , كلّ النساء اللائي طالعتهنّ عبر سنواتي الشحيحة ! التي قضيتها في [ جامعة م ن ن ] فاجدني حائرا مضطربا , اتساءل : كيف حدث انّ نجونَّ بقية النساء من شراك الكهنة المراهقين الجدد .. ألأنهنّ كنّ متمترسات وراء سواتر متماسكة من السواد , او لائذات في محميّات طاعنة في العزلة والانزواء ........ ,,, ........... , .......... , / انتهت /



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهار الاخير
- ..... يحدث في زمن البكاء والنسيان ..
- عزف على وتر الخراب
- نوافذ الأباء والنساء
- دهشة
- منزل عند الضاحية البعيدة من الوجود */ قصة قصيرة
- نهارات سود
- شرخ في جدار الذاكرة
- تحت سماء محايدة
- الطفولة ليست بريئة دائما
- كلهم سيهربون
- نزوح صوب مرافىء الجوع والتيه


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - الرصاصة والزنبقة