أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - بوابات الماضي














المزيد.....

بوابات الماضي


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الجيش يهاجم الإرهابيين. هذا ماتقوله الحكومة ومصادرها الإعلامية والتعبوية. والجيش يحاصر المدنيين ويبيدهم، هذا ما يقوله المعارضون للحكومة وبعض المثقفين والإعلاميين. لا أثق بالحكومة ولا أستطيع أن اصدق معارضيها، اشك بهم جميعا. لكن هناك نقاط مبدئية يجب تأكيدها كمدخل للحديث. أي إساءة أو أذى يلحق بالمدنيين الأبرياء في أي عنف داخلي تكون الحكومة هي المسؤول الأول عنه. وهي ملزمة بصيانة حياة المدنيين الأبرياء مهما تكن النتائج. الفرد اثمن من أي مشروع سياسي أو نصر عسكري. وعليه، وبافتراض أن مايقال عما يجري في الانبار والفلوجة صحيح، فان الحكومة مدانة ومسؤولة عن الأذى الذي يصيب المدنيين هناك. وصمت المثقفين والساسة عما يجري هناك من أذى للمواطنين هو صمت مدان بكل المقاييس والاعتبارات.

المثقفون الذين يعارضون الحكومة يتحدثون عن الأحداث في الانبار بلغة مليئة بالشجن والتأسي وينتقدون، محقين، صمت مثقفي السلطة، لكن، وكما يفترض بهؤلاء أن يعرفوا أن المواقف لا تتجزأ ولا تنتقى، والمثقف تقع عليه مسؤولية إبداء مواقفه الإنسانية التي يفرضها عليه موقعه، كمنتج للمعرفة والرأي ومساهم في بلورة وعي المجتمع وإنضاج مواقفه، في كل مكان وزمان. وجريمة صمت المثقف هي نفسها في كل الظروف. ومنتقدو موقف مثقفي السلطة اليوم هم أنفسهم مثقفو السلطة في زمن حكم صدام حسين الشمولي الاستبدادي، وقد صمتوا حينها عن جرائمه بحق المدنيين العراقيين خصوصا الكرد منهم. هل نذكّر بالأنفال والكيماوي وما جرى من حوادث في الجنوب إبان أحداث عام 1991. وإذا كانت هذه الأحداث ملتبسة بسبب خلفية الحرب والتمرد والتوتر الذي رافقها، (علما أن مايجري الآن في الانبار قد يبرر بنفس الطريقة) اتساءل: أين كانت مواقف هؤلاء عندما صادر النظام الحياة السياسية واضطهد، بالتصفيات والملاحقة، الأحزاب السياسية ومثقفيها الكثيرين ذوي الحضور الفاعل في مشهد الثقافة العراقية كما جرى للشيوعيين العراقيين وكثير من المستقلين الديمقراطيين.

اقول، إذا أراد احد ما أن يبرر ذاك الصمت بالخوف فان ظروف اليوم، رغم مافيها من مظاهر حريات عامة، لاتقل خطورة على المثقف من ظروف عهد حكم الدكتاتورية البعثية، بل أن ظروف العراق الحالية هي أسوأ من تلك الظروف بسبب تعدد القتلة، ميليشيات وجماعات خاصة وعشائر وغيرها، بالإضافة الى تجييش المجتمع طائفيا وحزبيا وسياسيا، يعني خطر منفلت. وإذا كان المثقف في زمن صدام حسين ينال شهادة رمزية لبطولته فان ظروف اليوم قد تسلبه حتى هذا (الامتياز) وسوف يسجل قتله ضد مجهول وسيضطهد وسط بهجة المجتمع وإدانته له. وإذا كان الخوف سببا أو مبررا للصمت فهو، اي الخوف، كان دائما وأبدا يحدق بالمثقفين، بل يمكن القول انه بسبب هذا الخوف تكتسب المواقف جدارتها وأهميتها، فالمواقف تفقد قيمتها إن لم تتخذ في ظروف عصيبة وصعبة ومخيفة ( كلمة حق عند سلطان جائر) أي أنها تقال بالضبط حين يكون الوضع استثنائيا. هكذا دفع برتراندرسل، على سبيل المثال، ثمنا كبيرا بسبب مواقفه المدينة للحرب، فقد عُزل وهُمش وعومل بازدراء من قبل مواطنيه. ولكي لايكون كلامي تجريديا ومتجاوزا على الواقع فانا اقدر أن هناك فارقا بين خوف وآخر وبين ثمن قد يدفعه المثقف بسبب موقفه وآخر. ولكن لكل وضع وظرف طريقته وإمكاناته ليعبر المثقف فيه عن موقفه، ولن أتحدث هنا عن تضحية وما شابه، فهذه مرهونة بقدرات خاصة للناس.

ربما سيتذرع البعض بان مواقفهم كانت صامتة، فالصمت موقف أيضا، ولكن أما آن الأوان لهم الآن للحديث عن هذا الماضي وتصفية الحساب معه لتتضح الأمور، بسلبيها وايجابيها، وليقولوا لنا الآن، على الأقل من اجل أن يكتسب موقفهم الآني مصداقية، لماذا صمتوا وجبنوا مثلما يصمت غيرهم الآن ويجبن،. أو ليشرحوا لجمهورهم كيف احتجوا واعترضوا، إن كانت لهم احتجاجات واعتراضات، حتى وإن كان ذلك همسا، أو ليبرروا، ان كانوا مقتنعين، إن ما وقع من خراب وما كان من جرائم بحق المواطنين مبرر عقليا وأخلاقيا وسياسيا لتتبين الخيط الأبيض من الأسود. اليس لنا حق عليهم في معرفة رأيهم في تلك الحقيبة ورأيهم في أنفسهم فيها. أعرف أن بعض الكتاب والمثقفين حاول أن يدعي مواقفا بأثر رجعي سواء بأعمال فنية أو بإعلان مواقف، مثلما فعل الروائي عبدالرحمن الربيعي في روايته (نحيب البحيرة) التي حاول أن يجسد فيها سيرته الذاتية روائيا في حقبة الحرب العراقية الإيرانية محاولا أن يقنع القارئ والتاريخ انه كان رجلا صاحب موقف وموضع شبهة ونقمة من السلطات. لانعلم، ربما كان الأمر كذلك، وان كانت الأدلة الحياتية والتجارب لاتؤكد مثل هذا الأمر. ولكن لنفترض إن نظرتي التشكيكية للواقع في تلك الحقبة نظرة مغلقة ولا ترى بغير اللونين الأسود والأبيض، أليس من واجب مثقفي العهد ألصدامي، في هذه الحالة، تلوين الواقع لنا لنراه على حقيقته وتنتهي الظنون والافتراضات مرة واحدة والى الأبد.

التاريخ فعل وحركة متواصلة وحلقاته متصلة ولا يمكن لنا أن نفتح بوابات المستقبل ونضيء واقعنا الحاضر بماض مغلق الأبواب. افتحوا بوابات الماضي لنرى واقعنا بنور النهار لكي ننظر الى الأمام بحرية ولكي نحيا معا لا أن نموت معا.




#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوى التقسيم
- بارزان 1984
- البعث (العديوي)
- من يقرر صواب المواقف؟
- لمحة قصيرة عن تشكل رابطة الانصار الشيوعيين العراقيين
- للعراق رب يحميه
- ألإخوان يفترسون
- طقوس عاشوراء
- ماذا لو...
- لماذا يعترفون؟!!
- بورترية: علي العسكري.
- معادلة النزاهة والسلطة
- سروال المغاوجة ومحنة دكتور فارس
- أصوليتان تتصارعان ضحيتهما التاريخ
- حماية الديمقراطية في بلدان الربيع العربي
- مغالطة
- المخلوعون.. ومحنة ابن صالح
- العراق... رهين المحبسين.
- الاحتجاجات العراقية
- هؤلاء مختلفون


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - بوابات الماضي