أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - المريزق المصطفى - حقوق الانسان و الانتقال الديمقراطي















المزيد.....

حقوق الانسان و الانتقال الديمقراطي


المريزق المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 4344 - 2014 / 1 / 24 - 12:10
المحور: حقوق الانسان
    


حقوق الإنسان والإنتقال الديمقراطي
المريزق المصطفى
جامعة مولاي إسماعيل - مكناس –
لا أحد يشك في كون العامل الخارجي لعب دورا كبيرا في انتزاع العديد من المكتسبات الحقوقية ببلادنا، خاصة تلك المرتبطة بسنوات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. كما بات من المعروف جدا ما قدمه العديد من المخلصين و المدافعين عن حقوق الإنسان من جهود و متابعة و تضامن على مدى أزيد من ثلاث عقود القرن الماضي، من طرف حقوقيين من خارج المغرب و ضمنهم جمعيات مغاربة مهاجرين أو قاطنين بالخارج.
و لعل ما ميز الظرفية الزمنية التي أطرت تلك المرحلة، هو الحراك السياسي الداخلي الذي يعتبر عاملا أساسيا في تكوين النخب الحقوقية المحلية. ذلك أن ما لعبته الحركات الاجتماعية آنذاك كان هو المحرك الأساسي للعديد من المواقع الاجتماعية التي كانت تناضل من أجل التداول على السلطة و التوافق السلمي بشأن بناء المغرب الجديد من دون مغامرة و لا مقامرة. كما أن تلك الفترة من تاريخ المغرب السياسي، تميزت بدينامية عالية للأفراد و الجماعات من خلال تحركهم بين مواقع اقتصادية و اجتماعية و ثقافية مختلفة.
إلا أن درجة هذا الحراك لم ترق إلى مستوى الانتقال من مرحلة التوافق إلى مرحلة الانتقال الديمقراطي الفعلي. حيث تبين فيما بعد، أن مسار بناء الدولة الديمقرطية الحديثة، مسار معقد و شاق. و أن قضية التغيير هي قضية سياسية تستدعي جهود كل الفاعلين السياسيين و الاقتصاديين و المدنيين و المثقفين و رجال الإعلام و نخب الدولة، من أجل خلق ثقافة سياسية و آليات تفعيل و تطبيق الدستور.
و في غياب نقاش واقعي و موضوعي حول مصير هذا الحراك، و بعد فشل تجارب سياسية كثيرة للعديد من الديمقراطيين، اكتسحت نضالات المجتمع المدني و من بينها المنظمات و الجمعيات الحقوقية – التي تهيمن عليها النخبة – الساحة، و زاد من قوتها توسع النضال الحقوقي العالمي الذي يختار في العديد من المناسبات من يبرز معاناته!
وبما أنا العقود الأخيرة كانت عقود النضال الحقوقي بامتياز، حيث تخلصت بلدان عديدة من أنظمة شمولية أذاقت شعوبها الويلات و الحرمان السياسي و الاقتصادي في ظل دكتاتوريات عتيدة، و تمت معاقبة العديد من الجلادين و مقترفي الجرائم ضد الإنسانية، و تمت نصرة مبادئ الحق و الحرية و المساواة بين البشر في أقطار متفرقة عبر العالم؛ فإن الوضع الحالي أصبح يختلف نسبيا عن السابق، خاصة و أننا نشهد اليوم تحولا عميقا يتمثل في كون بعض الحركات المدافعة عن حقوق الإنسان أصبحت تحل محل المدافعين المحليين أو تجبرهم على أداء أدوار ثانوية من خلال عقد شراكات مشروطة و تمويل مشاريع حقوقية و تربوية موجهة، بل صارت أحيانا في نظر العديد من المتتبعين و المراقبين "استعمارا جديدا" يبيح التدخل المباشر في القضايا المحلية و يؤثر على خصوصيات دينامية الفاعلين و القوى الاجتماعية في وطنهم.
و غير بعيد عن هذا السياق، نبرز مثال الصين و الهند و البرازيل و بلدان أخرى التي نهجت نهجا مغايرا في تعاملها مع حركة حقوق الإنسان العالمية. حيث تولي هذه البلدان للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية أهمية قصوى، و في نفس الوقت تتمسك بمبدأ السيادة كأداة للحماية و كقيمة أخلاقية تنافسية. كما نستحضر – كذلك – النموذج الإسلامي التركي الذي يروج لحقوق الإنسان بطريقته الخاصة طمعا في بناء "الدولة العثمانية الجديدة"!
و قد مضى فلاسفة و كتاب و مفكرون و علماء الاجتماع و قانونيون و قتا طويلا لفهم مثل هذه الظواهر الاجتماعية في تفاعلها و تعاطيها مع الثقافة الكونية المستمدة من فكرة العدالة الاجتماعية و نظرياتها و تصوراتها التي واكبت تطورات و ابتكارات المؤسسات التي رافقتها. و على الرغم من أن مفهوم حقوق الإنسان مفهوم متحرك خضع دوما للمراجعة و التعديل، إلا أنه ظل لصيقا بفكرة العدالة الاجتماعية و بخصوصياتها الثقافية و التاريخية داخل و ما وراء الحدود. و ما تشهده الساحة الحقوقية الدولية من جدال و نقاش حول الدولة المدنية و الدولة الدينية، و تدبير الصراع بين الجمعيات الحقوقية ذات النزعة العلمانية و الكونية و المنظمات القائمة على أساس ديني، يؤكد هذا القول.
كما يمكن تلمس أشكال أخرى من أوجه الصراع بين الكوني و المحلي، خاصة في كيفية تدبير العديد من التحديات كتلك المرتبطة بالجنس و العائلة و الإرث و حرية المعتقد، و هي الأسئلة التي باتت تخترق المنتديات و الأندية الحقوقية العالمية و العاملين عليها في مجالات حقوق الإنسان.
و يعني ذلك، من جملة أمور أخرى، أن الجهود الرامية لعولمة حقوق الإنسان من خلال الأدوات الدولية و القواعد و المعاهدات و القوانين، باتت محط إنتقادات كثيرة تخص بالأساس دور شرعية المنظمات الحقوقية المحلية في ضوء المعاهدات الدولية و مدى تأثيرها على دينامية الحركات الاجتماعية و السياسية و الثقافية الوطنية.
و بالرجوع إلى الحالة المغربية، لابد من العودة للحديث عن الانتقال الديمقراطي الناشئ من منطلق احترام الاختلاف الايجابي الذي يقود إلى النضج و التكامل و الرشد، خاصة و أن الموضوع يستوجب الحديث عن مشروع مجتمعي مكتمل و أحزاب سياسية فاعلة و ذات مصداقية، و مجتمع مدني مستقل ماديا و إيديولوجيا عن الموروث المحافظ، القديم منه و المعاصر. لأن الهدف هو تحقيق الديمقراطية كنظام سياسي، اجتماعي يقيم العلاقة بين أفراد المجتمع والدولة وفق مبدأيْ المساواة بين المواطنين، ومشاركتهم الحرة في صنع التشريعات التي تنظّم الحياة العامة للناس.
ومن هذا المنطلق، بات جليا للجميع أن الحديث عن الانتقال الديمقراطي يعني الانتقال السلمي و التدريجي للتخلي عن نظام حكم سلطوي مقابل منظومة حكم أكثر ديمقراطية تعير للمؤسسات و القوانين الصادرة عنها كل الاحترام و التقدير، و تقوي أدوات ممارسة السلطة و تشجع على المشاركة السياسية، و تعمل على تتفعيل آليات التشارك و التكامل و التدبير الجيد للشأن العام المحلي و الجهوي و الوطني، و تربط المسؤولية بالمحاسبة، و تضمن الحقوق الأساسية للمواطنين بدون تمييز.
فعلينا إذن أن نبحث عن معيار جديد لملاءمة النضال الحقوقي مع النضال السياسي، و يبدو أن المعيار الذي يوحد كل القوى الحداثية- الديمقراطية، هو النضال من أجل المطالبة بالمساواة، و هو - كذلك – النضال من أجل عدالة منصفة توفر ما يكفي من الضمان للحرية.
بصورة أكثر عمومية، لا يعد النقد الموجه اليوم للحركات الحقوقية عداءا لها أو إنتقاصا من حراكها و ديناميتها، بل مشاركة و إسهاما في النقاش العمومي حول حقيقة إستقلال الحقوقي عن السياسي.
رغم إن النموذج الأقرب و الأرشد و الأكفأ منا، هو ما عاشته الضفة الأخرى في الربع الأخير من القرن 20 من تجارب إنتقالية محددة مثل ما عاشته اليونان و إسبانيا و البرتغال و بعض دول أمريكا اللاتينية في أواخر الثمانينات. حيث تطلبت الإصلاحات الاقتصادية و السياسية لبناء الديمقراطية عقودا من الزمن، ليصبح فيما بعد الإنتقال الديمقراطي إنتقالا حقيقيا، أي اقتصادي، اجتماعي، قانوني و مؤسساتي.
فما أحوجنا لنقاش جاد و مسؤول، ننزع عنه رغباتنا الذاتية و حساباتنا مع التاريخ و الجغرافية، لنساهم جميعا في بناء الديمقراطية التي شبهها الراحل الدكتورمحمد عابد الجابري في كتابه الديمقراطية و حقوق الإنسان بالأُم التي ترغب في مولود يخرج من رحمها، وبالتالي فهي "محكوم عليها أن تتحمّل غثيان الوحم ووخزات الجنين وتقلّباته، وأيضاً كل ما يلزم من الحمية والحيطة، وما يتلو ذلك من عسر الوضع، وأحياناً، ولربما هذه حالنا، ما يتطلبه ذلك من عملية قيصرية ". و أخيرا، فالديمقراطية - يضيف د. محمد عابد الجابري- ليست قضية سهلة و ليست انتقالاً من مرحلة إلى مرحلة، بل هي ميلاد جديد.



#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن أزمة الحوار الديمقراطي في المغرب
- سنة أمازيغية جديدة 2964
- بيان وطني علني رقم 1..
- في الحاجة إلى بعضنا... ..................................... ...
- بمناسبة مرور سنة 2013 : لماذا لا نعشق مكناس كما عشق -غارسيا ...
- الهدر السياسي
- مشروع قانون المالية 2014: - لا دين لا ملة-
- بنكيران و الجريمة السياسية
- بنكيران أصغر من دستور 2011
- الحركة الطلابية ليست إرهابية
- -إئتلاف مرضي- جديد
- من التنابز و الفذلكة إلى الحكومة رقم 2
- المسألة التعليمية في المغرب: من أجل بديل ممكن
- نبش في ذاكرة الصراع السياسي في مصر
- رسالة مفتوحة
- بيان الى الرأي العام الوطني
- جبهة المستقبل
- من أجل الحقيقة كاملة
- لا دين في السياسة و لا سياسة في الدين
- دفاع عن الحرية


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - المريزق المصطفى - حقوق الانسان و الانتقال الديمقراطي