أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الهاشمي - عندما تذبح الحرية














المزيد.....

عندما تذبح الحرية


حسن الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 22:09
المحور: الادب والفن
    


عندما تذبح الحرية
حسن الهاشمي
خرجت صباح اليوم في قضاء حاجة من حاجات البيت، فوجدت الشارع الذي فيه حاجتي والشوارع المجاورة مغلقة بوجه السيارات إلا من الراجلة فإنها تكتظ بالبشر حتى ليتعذر المرور، والمطلون من نوافذ البنايات الشاهقة أكثر من الواقفين على الأرصفة، فكأنهم مزارع بصل، والذين على الأرض يتدافعون بالمناكب، ويشرئبون بالأعناق، وكلهم يحاول الوصول إلى مقربة من السيارة المرتقبة، وأن تكتحل عيونهم برؤية طلعته البهية، والشرطة تدفع المتجمهرين في الصف الأول إلى الوراء، ولا يندر أن تلجأ إلى العنف وأحيانا الكلمات البذيئة.
ما الخبر؟ إن مسؤولا رفيع المستوى جاء المدينة زائرا، وعما قليل يمر موكبه من هنا، ذلك كل الخبر، وهذا ما قذف بتلك الجماهير من أوجارها، وأوقف دواليب أعمالها، لتحظى ولو بلمحة من رؤية طلة ذلك المسؤول الموقر!.
أما أن كل واحد منهم خُلق في أحسن تقويم، وأما إنهم يحملون تاج الإسلام على رؤوسهم، وبصمات الكرامة على أبدانهم، وسحر الطيب في قلوبهم وأحشائهم، وأما أن الأجدر بهم أن يتفرجوا على أنفسهم ليل نهار قبل أن يتفرجوا على مسؤول أو بطل أو مغوار، فذلك ما لا يخطر لهم على بال، لأنهم لم ولن يصلوا إلى حقيقة: من عظم الخالق في عينه صغر ما دونه أمامه.
ألا أغمضي عينيك أيتها الحرية، واخجلتاه من رسول الإنسانية، كيف تناسينا أو نسينا إن من أهم صفاته أنه يضع عنا إصرنا والأغلال التي كانت علينا، كيف ذهب عن بالنا إن رسول الرحمة قد أزاح عن صدورنا أثقال الوثنية والحقد والكره والتمييز الطبقي، وحطم أغلال العبودية والرق لغير الله تعالى إذ كان الناس وقتذاك مكبلين بها، هل هو تنصل عن قيم السماء؟! هل هو استبدال الأدنى بالأرقى؟! لا أدري وسأظل لا أدري رغما عن أنفي...
أيتها الحرية المذبوحة أشيحي بوجهك عن هؤلاء، ولا تأسفي لهم، ولا تعتبي عليهم، ولا تدينيهم بجهلهم، ولا تستبشري كلما تلفظوا باطلا باسمك المقدس، فشفاههم لا تنطق بما في قلوبهم، بل هم يضمرون في قلوبهم ما ليس في شفاههم، والذي يضمرونه الشوق إلى الماضي السحيق ماضي الجاهلية التعيس، الذي يضمرونه في قلوبهم الرق في أخس مظاهره ومعانيه، رق الإنسان للإنسان.
لذلك فهؤلاء الإمعة يمجدون اسم الحرية بشفاههم ويدوسون جسدها بنعالهم، ولقد رأيتهم اليوم بعيني يسحقون الحرية بأقدامهم سحقا، وسمعتهم بأذني يهتفون: ليحيى المسؤول! وأي مسؤول!...
والأدهى من ذلك إنهم يصفقون له وهم يعلمون قبل غيرهم أنه يسرقهم، يخونهم، يضحك على ذقونهم، يشتري العقارات في كذا دولة بأموالهم، وهم يعيشون الأكواخ والصفيح ويدرسون تحت العراء، يا لها من مفارقة مضحكة مبكية، أنت ترى السارق وفي نفس الوقت تصفق له وتنتخبه في صناديق الإقتراع!
أليس هذا معناه أنت تهتف بالحياة للرق وتهتف بالموت للحرية! فهم إذ يهتفون بحياة الرق لا يدركون أنهم بموتهم يهتفون، وهم يسيرون في موكب المسؤول لا يعرفون أنهم في جنائزهم سائرون...



#حسن_الهاشمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكيم يُلقم بحجر
- الحرب القذرة
- هرولة
- أين حكومتنا من شرائط الحكومة العادلة؟!
- هل الكتل السياسية تعمل للمصلحة العامة؟!
- الفقر آفة ينبغي استئصالها قبل فوات الأوان
- دوافع المهاترات بين الكتل
- لخيانة بعضهم... هل يجوز اتهام كل السياسيين بالخيانة؟!
- خلصوا كربلاء من الأزبال والأتربة؟!
- لتكن أرواحنا راقية
- سبيلنا إلى دولة المؤسسات
- صراع النوازع
- إشكالية العلاقة ما بين المكلف والفقيه
- كلا للمناصب الإرضائية والشرفية
- لولا الصدق
- أديم المعارف
- المظاهرات وثنائية الإصلاح والتخريب
- انتفاضة البحرين ليست أول قارورة كسرت في الإسلام
- الثقة بين التفاهم والتأزم
- نفسية المسؤول


المزيد.....




- إسبانيا: اعتقال الراهبة لورا غارسيا بتهمة تهريب الأعمال الفن ...
- الأمير مولاي رشيد: مهرجان الفيلم بمراكش منصة للحوار وإبراز ا ...
- كهوف الحرب وذاكرة الظلمات اليابانية الغارقة -تحت الأرض- في ق ...
- وفاة الممثلة الجزائرية بيونة عن 73 عاما
- إيران تحظر دخول غابات مدرجة على قائمة التراث العالمي بعد أن ...
- اكتشافات بجنوب شرق تركيا تشرح حياة البشر في العصر الحجري الح ...
- عمليات جراحية على نغمات الموسيقى: اكتشاف علمي يغير قواعد الت ...
- متاحف قطر تحصد جوائز مرموقة في النسخة الثالثة من جوائز قطر ل ...
- الألكسو تكرم ستيفاني دوجول عن ترجمة -حكاية جدار- وتختار -كتا ...
- تشييع الممثلة الراحلة -بيونة- إلى مثواها الأخير في مقبرة الع ...


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن الهاشمي - عندما تذبح الحرية