أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الهاشمي - لولا الصدق














المزيد.....

لولا الصدق


حسن الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 3327 - 2011 / 4 / 5 - 20:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل صدق الحديث يكون بلسما لجراحاتنا في أجواء صاخبة لوثتها بعض النفوس المريضة التي لا تزال تبث سمومها في الأوساط لتعكير صفو المحبة والتسامح التي يتحلى بها شعبنا الأبي حيث يفتخر بأنه يسير على نهج الإسلام العظيم المليء بالمناقب العالية التي فيها سعادتنا في الدارين، وعلى رأس قائمة تلك المناقب الصدق الذي هو مطابقة القول للواقع، وهو أشرف الفضائل النفسية، والمزايا الخلقية، لخصائصه الجليلة، وآثاره الهامة في حياة الفرد والمجتمع.
فهو زينة الحديث ورواؤه، ورمز الاستقامة والصلاح، وسبب النجاح والنجاة، لذلك مجّدته الشريعة الإسلامية، وحرضت عليه، قرآناً وسنةّ.
وقال تعالى: «هذا يومُ ينفع الصادقين صدقهم، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها أبداً». (المائدة: 119 ) وقال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه، وكونوا مع الصادقين». (التوبة: 119).
وكما جاء في الحديث الشريف: «لا تغتروا بصلاتهم، ولا بصيامهم، فإنّ الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن إختبروهم عند صدق الحديث، وأداء الأمانة».
من ضرورات الحياة الاجتماعية، ومقوماتها الأصلية هي: شيوع التفاهم والتآزر بين عناصر المجتمع وأفراده، ليستطيعوا بذلك النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، ومن ثم ليسعدوا بحياة كريمة هانئة، وتعايش سلمي، وتلك غايات سامية، لا تتحقق إلا بالتفاهم الصحيح، والتعاون الوثيق، وتبادل الثقة والائتمان بين أولئك الأفراد.
وبديهي أنّ اللسان هو أداة التفاهم، ومنطلق المعاني والأفكار، والترجمان المفسر عمّا يدور في خلَد الناس من مختلف المفاهيم والغايات، فهو يلعب دوراً خطيراً في حياة المجتمع، وتجاوب مشاعره وأفكاره.
وعلى صدقه أو كذبه ترتكز سعادة المجتمع أو شقاؤه، فإن كان اللسان صادق اللهجة، أميناً في ترجمة خوالج النفس وأغراضها، أدى رسالة التفاهم والتواثق، وكان زائد خير، ورسول محبة وسلام، وإن كان متصفاً بالخداع والتزوير غدا رائد شر، ومدعاة تناكر وتباغض بين أفراد المجتمع، ومعول هَدمٍ في كيانه.
ما أحوجنا ونحن نعيش زمن التغيير الديمقراطي أن يتحلى الجميع من رعية ومسؤولين بالصدق ولا شيء غير الصدق لنبني دولة المؤسسات التي نضمن من خلالها تطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع أفراد المجتمع بالحقوق والواجبات، وكذلك تبديد الثروة بشكل عادل ومنصف، وتكافؤ فرص العمل بين جميع الطبقات دون النظر إلى قومية أو مذهب أو دين إلا على أساس الكفاءة والنزاهة والإنصاف، ليأخذ كل واحد حقه دون غمط أو ظلم أو شرور.
إن صدق الحديث وأداء الأمانة ركنان أساسيان في إيمان الفرد المسلم، بهما يحلق في أجواء السعادة والرخاء وبدونهما ينحدر إلى مهاوي الإسفاف والضياع، وخير ما يقوّم سلوك المرء هو الثقة التي يكسبها المرء في المجتمع، ولولا الصدق في الحديث التي هي صفة مبرزة للرسول الأكرم حتى لقب قبل الرسالة وبعدها بالصادق الأمين، لولا الصدق لما بلغ أصحاب الرسالات ذلك المبلغ العظيم ولما وصلوا إلى مراتب الكمال في إبلاغ رسالة السماء إلى البشرية.
علينا بالصدق لكي نؤدي حقا ولو بسيطا حيال تعاملنا مع سائر طبقات المجتمع، حفظا لحقوقهم وصونا لكرامتهم وعلوا لشأنهم وتعزيزا للرفعة والعدالة التي ينشدون.
وعندما تؤكد الشريعة على إن النجاة في الصدق فإنها تركز على هذه القيمة الحضارية التي لو طبقناها على أرض الواقع وتعاملنا معها بكل صدق وإخلاص مع الأفراد والظروف المحيطة بنا لعبرنا طريق الأشواك إلى ساحل النجاة ضمن الظروف المتاحة التي باتت واضحة للجميع من دون مواربة ومن دون لف ودوران، أما إذا كانت مواعيد المسؤولين حبرا على ورق ومجافية للواقع، والهدف منها إغفال المواطن لتمرير أجندة شخصية أو حزبية أو ربما إقليمية من خارج الحدود فإنها لا محالة تتبخر وتتلاشى، ربما تنطلي مثل تلك الأكاذيب فترة ولكنها سرعانما تتهاوى على رأس مطلقيها وتجعلهم كعصف مأكول.
وما أحلى أن يكون المسؤول صادقا في وعده وأن يتطابق ما يقوله أو يصرح به على أرض الواقع، ليكسب ثقة الناس ويكون كلامه ذا مصداقية وتأثير على المستمعين، وإن تلكؤ بعض المشاريع ولأي سبب كان سواء قلة التخصيصات أو انعدام الأمن أو خيانة البعض للشعب والوطن وهو يعمل ضمن التشكيلة الحكومية فإن كل ذلك لا يسوغ الكذب، بل إن المسؤول الصادق والمتميز والحريص على سمعته ينبغي عليه أن لا يصرح بأي مشروع لاسيما إذا كان مفرغا من مقومات النجاح، لئلا تخدش مصداقيته ويصاب الجمهور تبعا لذلك باليأس والقنوط من المواعيد الكاذبة التي ربما تتفاقم وتضحى وبالا على مطلقيها.
وإذا تواطأ علية القوم على التزام الصدق، كان ذلك ضماناً لصيانة حقوق الناس، واستتباب أمنهم ورخائهم، وإذا تحلى كافة الناس بالصدق، ودرجوا عليه، أحرزوا منافعه الجمّة، ومغانمه الجليلة، أما إذا شاع الكذب في المجتمع، تدنت قيمُه الأخلاقية، وساد التبرم والسخط بين أفراده، وعزَّ فيه التفاهم والتعاون، وغدا عرضة للتبعثر والانهيار.
وليعلم الكذابون والأفاكون إن حبل الكذب قصير وإن مطلقيه يتهاوون إلى الحضيض عاجلا أم آجلا ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، والعاقبة للصادقين.



#حسن_الهاشمي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديم المعارف
- المظاهرات وثنائية الإصلاح والتخريب
- انتفاضة البحرين ليست أول قارورة كسرت في الإسلام
- الثقة بين التفاهم والتأزم
- نفسية المسؤول
- أوهام وحقائق
- الديمقراطية وإرادة التغيير
- أسرار السعادة
- عاشوراء وحقوق الإنسان
- صخرة صماء
- رجولة ما بعدها رجولة!
- تشجير
- هل ممارسات الوهابية تدل على إيغالهم في الدين برفق؟!
- أخلاقيات الطبيب أولا
- تأهيل السجون للمغرر بهم لا للمجرمين
- الديمقراطية بين سندان الأحرار ومطرقة الأشرار
- أيها السادة... لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى
- التصدي للحكم.. شروطه وانعكاساته
- المطلوب قضاء عادل ومستقل
- أخلقة الدوائر


المزيد.....




- ما الذي عطّل الإعلان عن وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- الاتحاد الأوروبي: لا نزال نريد اتفاقا مع أمريكا وسندافع عن م ...
- مغامر يحطم الرقم القياسي للمشي على أطول حبل معلق في النمسا
- الجيش السوداني يصد هجوما لقوات الدعم السريع في الفاشر
- 141 قتيلا في غزة خلال 24 ساعة في هجمات إسرائيلية
- هروب سجين فرنسي من محبسه بحيلة لا تخطر على البال
- تحذير طبي من تأثير جانبي -غير متوقع- لحقن التخسيس
- إصابة بزشكيان في محاولة اغتيال خلال هجوم إسرائيل على إيران
- الإعلام الإسرائيلي يرجح استقالة بن غفير إذا تم التوصل لاتفاق ...
- كيم يؤكد للافروف دعم كوريا الشمالية الكامل لروسيا في حرب أوك ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الهاشمي - لولا الصدق