أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الهاشمي - الديمقراطية وإرادة التغيير















المزيد.....

الديمقراطية وإرادة التغيير


حسن الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 18:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القائد الضرورة، قائدنا إلى الأبد، الملك المفدى، صاحب الجلالة، فخامة الرئيس، سمو الأمير، وقائمة الأسماء والصفات والنعوت تطول وتطول وكلها تشير إلى حقيقة واحدة وهي تكريس واقع الديكتاتور والحاكم المستبد الظالم على حال العباد والبلاد.
مستقى القانون في الدول الديكتاتورية هو رأي الديكتاتور، فالحاكم المستبد يفصّل القوانين بما يخدم سلطانه وحكمه وبما يوفر له الأرضية القانونية لحكم البلاد إلى آخر لحظة من حياته، ويسخر لذلك القضاة والمثقفين والمشرعين والإعلاميين، الذين يروجون لشخصه ويمجدون بحمده ويسيرون بركب هواه وما تمليه نزواته ورغباته، يعملون كل ذلك وهم يدركون إن موقفهم هذا بالتضاد مع مصالح العباد والبلاد، ولكن طمع الجائزة والمناصب والامتيازات قد يعمي أبصارهم، بل حتى بصيرتهم فتراهم في طغيانهم يعمهون.
الحاكم المستبد وبطانته الذين يصفقون له ويبررون لأعماله الشوفينية ويغطـّون على جرائمه الوحشية ويتسترون على نهبه الأموال واحتكاره الصفقات التجارية ويشيدون بمجده الغابر من قبيل حامي البلاد وناصر الضعفاء والمدافع عن العزة والكرامة... إلى آخره من الصفات المكذوبة التي هي أبعد ما تكون عن منهج الطغاة في واقع الأمر وميادين العمل، بل إنها شعارات يرددها المتملقون وما أكثرهم في زمن العهر السياسي والنفاق الاجتماعي للحصول على فتات خبز ورشفات ماء تتطاير من فم الديكتاتور وعائلته والمقربين منه، وما أتعسها من عيشة أن يبيع الإنسان ضميره ووجدانه من أجل دنيا غيره وليس من أجل دنياه، حيث إنه في واقع الأمر يعيش ذليلا حقيرا مسلوب الإرادة والاختيار!!!.
وطالما يستبد الظالم بحكمه ويتخذ من عباد الله خولا وخدما وعبيدا ومال الله دولا يتداوله في غيه وفساده وظلمه وإطالة حكمه الجائر، خلافا للحاكم العادل فإنه يتصدى لخدمة العباد وحفظ الأموال وتبديدها على مستحقيها وتطوير حالهم وبلادهم نحو الأفضل والأحسن، وهذا نبي الله عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا محمد أفضل التحية والسلام، قد ضرب لنا أروع الأمثلة فيما يجب عليه أن يكون الحاكم العادل في تواضعه وسمو أخلاقه ورفعته، إذ قال عليه السلام للحواريين: لي إليكم حاجة، فإن عاهدتموني على أن تقضوها لي قلتها لكم، فقال الحواريون: قضيت حاجتك يا روح الله، الأمر منك والطاعة علينا.
فقام عيسى عليه السلام وغسل أقدامهم واحدا واحدا، فقالوا: كنا أحق منك بهذا!! فقال عليه السلام، إن أحق الناس بالخدمة العالم، إنما تواضعت هكذا لكي تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم، ثم قال عليه السلام: بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل... وما أحلى أن يتحلى الناس مواطنون وحكام بهذه الخصال التي بها نسود على الأمم وبدونها نسقط.
إن الشعوب الحرة تعلم قبل غيرها إن الإنسان في النظام الديمقراطي هو الأصل في تشريعات الدولة، وحقوقه هي مستقى القانون بالاستقاء الحقيقي لا بالاستقاء المزيف كما في الديكتاتورية، حيث إن القانون في النظام الديمقراطي وضع لأجل الإنسان، فالقاسم المشترك في كل القوانين السياسية والاقتصادية والجزائية والشخصية والاجتماعية هو فائدة الإنسان إبقاء وإنماء، ولذا كان الناس في نظر الحكومة العادلة سواسية كأسنان المشط، كلهم راع وكلهم مسؤول عن رعيته، وإنهم مسلطون على أموالهم وأنفسهم، ومن استوى يوماه فهو مغبون، إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على إن الإنسان هو الأصل، ويجب على الدولة أن تراعي حقوقه في كل تشريعاتها وتطبيقاتها، هذا هو الأصل الأصيل الذي يجب على الدولة الديمقراطية الحقيقية الالتزام به ولا يجوز لها التخلي عنه.
الظاهر إن في سياسة الدولة الديمقراطية أمورا ثلاثة ينبغي أن تتوخاها في الهدف، هي: المساواة والعدل والإحسان، فالمساواة معناه التساوي، وقد يكون التساوي عدلا وقد لا يكون عدلا، بل قد يكون ظلما، فإذا ساوى التشريع العاملين في العمل كان تساويا وعدلا، وإذا أعطاهما متفاوتا كلا بقدر جهده كان عدلا لا مساواة.
فالعدل إذا ً على ما عرفوه هو إعطاء كل ذي حق حقه، وإدانة كل ذي جرم بجرمه، أما الإحسان فهو إعطاء المزيد من الحق بمقتضى الرحمة والعطف فيما لا يضر بحق الآخر، والعفو عن المسيء فيما لا يكون العفو سببا لبطلان حق، والإحسان فوق القانون، لأن القانون مجرد حفظ الحقوق والواجبات والإدانات، أما الإحسان فهو المراعاة لأجل تهدئة الجو المشحون، وإيجاد السلامة والوئام والمحبة.
والدولة في النظام الديمقراطي يلزمها مراعاة ذلك لتجعل من القانون واحة خضراء تحفها الرحمة والحنان وانعكاس ذلك على الإنسان، وهذا ما يوجب تقوية الروابط بين الدولة وبين الأمة، ويقدم الأمة إلى الأمام، ويدفعها بالحماس والهمة والطموح والآمال العالية إلى تقدمها، إذ العلاقة المتبادلة بالمحبة القائمة على الرحمة والود توجب تكريس الثقة والحرية والرفاه، وكل ذلك من مقومات التقدم، ومن المعلوم أن الاطمئنان والسكينة والاستقرار النفسي والفكري والاجتماعي من أهم مقومات بناء الحضارات.
إذن بناء الدولة الديمقراطية هو بناء للحضارة من أوسع أبوابها، حيث إن النظام الجماهيري الحقيقي يفسح المجال أمام جميع شرائح المجتمع - بغض النظر عن انتمائه القومي أو الديني أو المذهبي - لبنائه وتطويره، وتكون فيه فرص العمل والتعليم والتجارة والصناعة... متكافئة بين الجميع وليست مقتصرة على أفراد العائلة المالكة أو من يسبحون في فلكها!! ولا تزال الحضارة مشتقة من الحضور الفاعل لتطوير البلاد وإنعاش الاقتصاد ورفاهية العباد، فالحضور الشامل والكامل متوفر في الأنظمة الديمقراطية أكثر مما هو عليه في الأنظمة المستبدة، لأن في الأول الكل في خدمة الكل، وفي الثاني الكل في خدمة الفرد، وهكذا فإن مقومات النهوض الحضاري في الديمقراطية تكون متاحة ومتوفرة بالفعل وبالقوة وللجميع، في حين إنها مخدوشة في الديكتاتورية إن لم نقل إنها معدومة.
والأنظمة الديمقراطية نحكم بديمقراطيتها بما تعكسه من نتائج طيبة على أرض الواقع، وربما تكون أنظمة مركزية عادلة متقاربة بمعطياتها الديمقراطية أكثر من أنظمة تدعي الديمقراطية ولكنها بعيدة عن مدياتها الملموسة، علما إن العقل السليم لا يبرر ممقوتية التفرد بالسلطة بأي شكل من الأشكال.
فالشعوب الحرة الكريمة قد تصبر وقد يطول بها الصبر ولكنها في نهاية المطاف وعندما يأخذ الفقر والحرمان والبطالة والمرض وسحق الكرامة وغمط الحقوق منها مأخذا كبيرا حينئذ تنتفض على واقعها المزري وتسعى بأن تأخذ بنفسها زمام المبادرة وترسم بنفسها الحكم الذي تريد والحاكم الذي يلبي طموحها وينفذ مطالبها في التغيير والإصلاح والتطور، نعم إنها تسعى لطيي صفحة الديكتاتورية وليي ذراع الموالين لها وكسرها وتأصيل النظام الديمقراطي بدلا عن تلك العهود الظلماء التي عانت ما عانت فيها من ظلم وقهر وانتكاس وسقوط، ومن باب لا يصح إلا الصحيح، ربما الذي حدث في تونس الخضراء ومصر الكنانة ما هو إلا غيض من فيض لثورة الغضب والتغيير ضد الأنظمة الفاسدة والمستبدة، وما هو آت أعظم وأكبر، فاعتبروا يا أولي الألباب؟!.



#حسن_الهاشمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرار السعادة
- عاشوراء وحقوق الإنسان
- صخرة صماء
- رجولة ما بعدها رجولة!
- تشجير
- هل ممارسات الوهابية تدل على إيغالهم في الدين برفق؟!
- أخلاقيات الطبيب أولا
- تأهيل السجون للمغرر بهم لا للمجرمين
- الديمقراطية بين سندان الأحرار ومطرقة الأشرار
- أيها السادة... لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى
- التصدي للحكم.. شروطه وانعكاساته
- المطلوب قضاء عادل ومستقل
- أخلقة الدوائر
- الفساد آفة الديمقراطية
- أزمة الكهرباء مسؤولية من؟!
- التكافل مسؤولية الجميع
- استغاثة مرضى
- قوانين بحاجة إلى تغيير
- حق الفرد في النظام الديمقراطي
- أدلة الانتخاب بين الضرورة وسيرة العقلاء


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الهاشمي - الديمقراطية وإرادة التغيير