أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن الهاشمي - أخلقة الدوائر














المزيد.....

أخلقة الدوائر


حسن الهاشمي

الحوار المتمدن-العدد: 3068 - 2010 / 7 / 19 - 17:51
المحور: المجتمع المدني
    



مادمنا ندعي إننا على أمة الإسلام سائرون، وعلى إثر نهجه ماضون، لابد أن نتحلى بالأخلاق الإسلامية، التي هي بلا شك أخلاق إنسانية نبيلة مرموقة إنما بلغت ما بلغت من العلو والشرف بفضل سيرة الرسول والأفذاذ من ذريته وصحبه المخلصين، وطالما طفق الكتاب العزيز بوصف سيد المرسلين بالخلق العظيم، وطالما وصف الرسول بعثته بأنها جاءت لإتمام مكارم الأخلاق، والذي ينتسب لتك المدرسة لابد أن يقتبس منها ما يؤكد انتسابه هذا ولو بنسبة معينة، ومازالت الأخلاق الفاضلة تهتف بالإنسانية أن تتقمصها لكي ترتقي الكمالات ودونها خرط للقتاد.
ونحن في زمن الديمقراطية ظهرت في أوساطنا نقيضها من الارستقراطية حيث نرى بعض الموظفين في الدوائر الحكومية وهو يجلس على كرسي الوظيفة وكأنه سلطان مارد! وطالما يجتر الظلم من قوم عاد وثمود ويتكبر على المراجعين ويستضعفهم ويستهين بهم، ويتصور أنه يحسن صنعا وأنه في منأى عن لوعة المظلوم وسخط الرب، والغريب أنه ومع كل هذا الإجحاف مع أبناء جلدته تراه يدعي الانتساب لمدرسة الرسول الأعظم وكأنما لم يقرأ سيرته الوضاءة! والحال أنه كان قائدا لأمة الإسلام وليس موظفا بسيطا في دائرة من دوائر الدولة!.
وجاء عن أنس أنه قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، وعليه برد غليظ الحاشية، فجذبه أعرابي بردائه جذبة شديدة، حتى أثرت حاشية البُرد في صفحة عاتقه، ثم قال: يا محمد إحمل لي علي بعيريّ هذين من مال اللّه الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك، ولا مال أبيك، فكست النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ثم قال: المال مال اللّه، وأنا عبده، ثم قال: ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي؟! قال: لا. قال: لِمَ؟ قال: لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة، فضحك النبي، ثم أمر أن يحمل له على بعير شعيراً، وعلى الآخر تمراً.
هكذا كان سيد المرسلين المثل الأعلى في حسن الخلق، وغيره من كرائم الفضائل والخِلال، واستطاع بأخلاقه المثالية أن يملك القلوب والعقول، واستحق بذلك ثناء اللّه تعالى عليه بقوله عز من قائل: (وإنّك لعلى خلق عظيم).
ولأننا لسنا ضربا من الخيال، ولأن فلسفة الوظائف في النظم والدساتير إنما دونت لإسداء الخدمة للمواطن وليس للتحكم بمصيره وإذلاله والتعالي عليه، فإننا بحاجة إلى ثورة أخلاقية في دوائر الدولة ترجعنا إلى أصولنا وأخلاقنا وتراثنا، وعلى جميع الموظفين العاملين في الدوائر الحكومية التحلي بالأخلاق الفاضلة، والابتعاد عن سوء الخلق، والابتعاد عن الرشوة والابتزاز والتكبر والاستهانة بحقوق الآخرين، فالإنسان إذا لم يلاحظ نفسه يتحول إلى طاغوت! والخطاب موجه إلى المسؤول من رأس الهرم إلى آخر شخص في الدولة، نحن بحاجة إلى ثورة أخلاقية في المدارس والجامعات والأسواق... ولابد من وجود نظم وقوانين تحفظ حقوق المواطن وتصون كرامته وهيبته لاسيما إذا راجع إحدى الدوائر الحكومية .. إننا بحاجة ملحة للعودة إلى الأخلاق الفاضلة ..
المواطن العراقي بات اليوم يتأرجح بين التأزم السياسي ونقص الخدمات وجفاء المعاملة من بعض الدوائر الحكومية!! وعلى المسؤول أن يتحسس المعاناة التي يواجهها المواطن ولاسيما الفقير والمسن والمريض الذي يتقلب من أزمة إلى أزمة تزيده هما على همه وغما على غمه! والمسؤول مطالب بالذهاب إلى الأحياء الفقيرة والاستماع إلى مشاكل الناس ليقوم بحلها لا أن يجلس في برجه العاجي أو يتحكم بالمصائر والناس بحاجة إليه! فالتخفيف عن المواطن يتحقق بالمواصلة معه وتقديم الخدمات له ومعاملته بأخلاق طيبة لا فضة وببشر لا بعبس، طبعا ضمن ما يتيحه له القانون والأخلاق، وليعلم إن المسؤولية التي ترفع صاحبها إلى مصاف الأنبياء والعظماء هي تقديم الخدمة للناس لا التسلط عليهم وجرهم إلى متاهات المجهول.
ولا بدع فالأخلاق الفاضلة هي التي تحقق في الإنسان معاني الإنسانية الرفيعة، وتحيطه بهالة وضّاءة من الجمال والكمال، وشرف النفس والضمير، وسمو العزة والكرامة، كما تمسخه الأخلاق الذميمة، وتحطّه إلى سويّ الهمج والوحوش، وليس أثر الأخلاق مقصوراً على الأفراد فحسب، بل يسري إلى الأمم والشعوب، حيث تعكس الأخلاق حياتها وخصائصها ومبلغ رقيها، أو تخلفها في مضمار الأمم، وقد زخر التاريخ بأحداث وعبر دلّت على أنّ فساد الأخلاق وتفسخها كان معولاً هدّاماً في تقويض صروح الحضارات، وانهيار كثير من الدول والممالك: وإذا أصيب القوم في أخلاقهم*** فأقم عليهم مأتماً وعويلا.
حسن الخلق هو حالة تبعث على حسن معاشرة الناس، ومجاملتهم بالبشاشة، وطيب القول، ولطف المداراة، لا فرق في ذلك سواء أكان من الأب حيال أولاده وأهله أو من الموظف حيال مراجعيه أو البائع حيال المشترين، وكما عرّفه أحد عظمائنا حينما سُئل عن حدّه فقال: تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن.
من الأماني والآمال التي يطمح إليها كل عاقل حصيف، ويسعى جاهداً في كسبها وتحقيقها، أن يكون ذا شخصية جذّابة، ومكانة مرموقة، محبباً لدى الناس، عزيزاً عليهم، وإنها لأمنية غالية، وهدف سامي، لا يناله إلا ذوو الفضائل والخصائص التي تؤهلهم كفاءاتهم لبلوغها، ونيل أهدافها، كالعلم والأريحية والشجاعة ونحوها من الخلال الكريمة، والتي نأمل أن يتقمصها المسؤول في الدولة العراقية، ولا يحصل ذلك إلا من خلال انفجار قنبلة أخلاقية في دوائرنا لتقضي على كل فاسد متقطب الوجه وتبقي على كل صالح بشر المحيا والطلعة والخصال، هذا هو قدرنا طالما ننشد الدولة المدنية التي تحافظ على كيان البشر من النيل والانتهاك.



#حسن_الهاشمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد آفة الديمقراطية
- أزمة الكهرباء مسؤولية من؟!
- التكافل مسؤولية الجميع
- استغاثة مرضى
- قوانين بحاجة إلى تغيير
- حق الفرد في النظام الديمقراطي
- أدلة الانتخاب بين الضرورة وسيرة العقلاء
- نريدها ديمقراطية ويريدونها ديكتاتورية
- حقوق المرأة بين الفتاوى الظلامية والعدالة الإنسانية
- أين نحن من القضاء العادل؟!
- عولمة الديكتاتورية!!
- ديمقراطية بلا حقوق... الإنسان ضحية
- ديمقراطية انتقائية
- الحروب الجميلة...والجمهور السرابي
- ددولة الانشطار الديني
- الوعد الصادق..وهم يتبدد
- حسن نصرالله وسلطة العقيدة
- يوغسلافيا- العراق : الضربة المودبة والضربة المدمرة
- الجانب المظلم من الديمقراطية......


المزيد.....




- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسن الهاشمي - أخلقة الدوائر