أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - عالم بلا أصوات














المزيد.....

عالم بلا أصوات


فراس عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 13:22
المحور: الادب والفن
    


عالم بلا أصوات

جالساً على كرسيه المدولب امام مكتبه الصغير, الساعة تشير الى الثانية صباحاً, ضوء ساحر خافت يغطي غرفته, افكار مشوشة وشخصيات مشوهة تجول في خاطره أخذت تتبلور, تبرز ملامحها وتتوضح معانيها اكثر, كلمات سوداء مدنساً بها عذرية الورق الابيض.
فز وأنسكب فنجان القهوة من يده, أخذ يحدق ببياض الورقة , يقلب أوراق الدفتر يبحث عن شيء مفقود... أين ذهبت.. لماذا اختفت.
عاود الكتابة غاص في عالمه لساعات طويلة, فجأة رمى القلم مرة اخرى وأبتعد عن دفتره مذهولاً مرتبكاً يدعك عينيه بكلتا يديه, ينظر بريبة وحذر من بعيد.
بان له وجهها رفعت الخطوط بكلتا يديها للأعلى والاسفل, انزاحت كلماته وتجمعت مثل الملابس على حبل الغسيل بعد عاصفة هوجاء وتجمعت بأقصى أطراف الورقة...!
نفس الشكل والملامح التي تخيلها بعقله قبل قليل, ذات العيون الواسعة وتسريحة شعرها الاسود الطويل, لم تخف ولن تتفاجأ مثلما فعل ابتسمت فضحكت وسع فمها الصغير كأنها تعرفه من قبل.
أومأت اليه بيدها مستدعية, شبكت أصابعها الناعمة بأصابعه وسحبته بلطف وهدوء, أدخلت يده ثم جسده في الورق وتلاشى من الوجود, ولج عالمها الهلامي أبيض شفاف بخطوط سوداء وزرقاء.
الشمس, البحر, الغيوم, الازهار, الطيور, الاطفال, البنايات والشوارع, كلها من خطوط , عالم من خطوط. بلا وقت بدون أبعاد.
واقفاً بجانبها ينظر لجسمه مذهولاً لن يصدق ما ترى عيناه, ويمشي على ساقيه بدون عكازه ولا كرسيه المدولب الذي لم يفارقه منذ خمس سنوات مضت.
– ان الحياة شلال من المفاجآت منها ما هو سار ومنها ما هو مؤلم. خاطرته عن بعد دون همس بلا كلمات.
أخذته لغابات من أشجار السرو والسنديان طيور وعصافير تتناقل فوق أغصانها, تنتشر تحتها حدائق زهور توليب سوداء واسعة بأشكال متنوعة تتناقل فوقها فراشات زرق, وتسقيها جداول تنحدر من الجبال البعيدة, عالم جميل من خطوط.
تجولوا حتى وصلوا الى شاطئ بحر تغطيه طيور النورس, أمواجه من حبر أزرق تأتي مرتفعة من بعيد بلا هدير, اعتقد انها ستدمر المكان ما ان وصلت أضمحلت وتلاشت وأخذت تداعب اصابع رجليهما بلطف نعومة الحرير, بقيا هناك للمساء لحين أن احتضن البحر حبيبته الشمس بهدوء, والتحفها كأنها غائبة عنه منذ زمن بعيد, لم تعم العتمة حتى الليل هناك أبيض ...!
كان كونهم بلا أصوات يغرق بصمت مطبق , بدأ يتخيل كل أصوات الحياة الجميلة, زقزقة العصافير و حفيف الشجر, عندلة البلابل وزخات المطر, ضحكات الاطفال وهدير موج البحر. حذف من مخيلته فحيح الافاعي, نعيق البوم والغربان وأنين وجع الانسان, بدأ يسمع محيطه كما يحب ويرغب.
تمنى ان لا يصحو من نومه أذا كان يعيش حلم سعيد, شعر بسعادة غامرة في عالمه الأحادي اللون كان يفتقدها بحياته الملونة, رغب ان يتوقف الزمن وتبقى كل لحظات البهجة خالدة ابداً,.
- هذا العالم نتاج خيالك وابداع قلمك, كل كلمة تكتبها تتشكل هنا في عالمنا عالم من حبر بلا حدود بدون أبعاد.
تنهد طويلا - ليتني استطعت خلق عالمي بقلمي مثلما خلقت عالمكم.
– لكنكم تعيشون حياة الغاب ولم تتطوروا منذ الأزل, يأكل القوي فيكم الضعيف والبقاء للأقوى, عندما سيطرت الوحشية على الانسان فيكم فقد أدميته تحول لحيوان كاسر, وتبدلت حياتكم لجحيم مطلق.
حلقت معه من جديد بين الغيوم الزرقاء, أخذته لمكان آخر لعالم آخر, مكان مرعب افزعه وارهبه بحق حينما تبدل لون السماء لحبر أسود, كان أشبه بالمقبرة مكتوب فوق بابها الواسعة (مخلفات), كانوا اناساً مشوهي الوجوه, عيون بدل الاذان وبالعكس, بعضهم بلا ايدي وآخرون دون أرجل, بعضهم بلا أطراف, وهناك رؤوس بعين واحدة وآخرون بعيون ثلاث.
لاذ خلفها خاطرها بخوف من هؤلاء؟ -هم مخلفات كتاباتك..!
تكتبهم مشوهين غير مكتملين وتتركهم نصف أحياء بين الموت والحياة, تعذبهم تدمر حياتهم وكيانهم, أنت وقلمك من أوجدهم, عقلك خلقهم للوجود, عليك ان تعطيهم حقهم في الحياة, توصف اساريرهم كاملة كما هي بلا نقص, او تتركهم بلا وجود...! ها هم معوقون عاجزون يدفعون ثمن فعلتك الشنعاء.
بعد لحظات بوووووووم, تبخر البحر وذاب الشجر, اضمحلت الغابات والعصافير, بلحظة اختفت وتلاشت كل معالم الحياة, عادت الالوان مع عودة الاصوات..!
نظر للشباك من كرسيه المدولب الى غيمة دخان أسود تشبه فطر الغابات, كان عالمهم هادئ ساحر جميل, خالي من الاصوات. بلا ألم وخوف بلا قتل ودم خالي من الانفجارات...
صحا من الخيال عاد الى عالمه..
أمسك بقلمه من جديد....عاد لعالم الكلمات.



#فراس_عبد_الحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيال
- فنجان قهوه
- ابو العود
- قلم الكاتب
- صحوه بلدوزر
- السوق
- فتاه اللوحه.. لوحه الفتاه
- المقهى
- الشيخ والطفل
- ثوره الصمت
- من المسؤول
- دموع تحت الصفيح
- احذروا الحليم اذا غضب
- شيوعيا انا
- التغيير بات بأيديكم
- كابوس
- الشيوعي العراقي ..والانتخابات
- الشباب والربيع العربي
- الاشتراكيه ...حلم البشريه
- مفهوم الديمقراطيه و الربيع العربي


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - عالم بلا أصوات