أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - فنجان قهوه














المزيد.....

فنجان قهوه


فراس عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 01:21
المحور: الادب والفن
    



استيقظت مبكرا صباح هذا اليوم, بروده الغرفة دفعتها لإعداد فنجان قهوه, ازاحت الستارة عن النافذة المطلة على حديقة المنزل, ثم جلست على الطاولة القريبة منها, دموع السماء ومنظرها وهي تسيل بخطوط متعرجة على شباك غرفتها ذكرتها به. عندما التقته لأول مره وهي تقرا بكتاب في مكتبه الجامعة المستنصرية.
كان المطر غزيزا عندما جلس بجانبي وبدا بالحديث معي بعفويه وتلقائيه وكانه يعرفني من قبل, سألني عن موضوع الكتاب الذي اقرائه, قبل ان اخبره بانه كتاب مهم لرسالتي في الماجستير بعنوان(نشاه القصة القصيرة في العراق). بدت افكارنا متشابه منذ الوهلة الاولى عن بدايات كتابه القصة في العراق في مطلع القرن العشرين, وتشابهت آرائنا ايضا عن رواد القصة القصيرة, مثل خالد حبيب الراوي وعبد الرحمن الربيعي وجاسم عاصي واحمد خلف وغيرهم الكثيرين.
اعتدنا اللقاء كل يوم تقريبا في مكتبه الجامعة مع القهوة الساخنة, نقرا كتب الادب المختلفة كونه طالبا ايضا في المرحلة الثالثة في قسم اللغة العربية, شعرت به يتودد لي تدريجيا, ونشئ بيننا رابط خفي يشدني اليه لا اعلمه, قبل ان يصارحني بحبه ونيته الارتباط بي.
وكيف بدت ملامح الحيرة والقلق والخوف والشحوب على وجهي, لم استطع الرد بالقبول او الرفض. بعد ان سالت نفسي هل اخبره بالأمر الان, ام اترك الموضوع لوقت اخر؟
استمرت لقاءاتنا في الجامعة نختار مصادر رسالتي سوية, والتقينا في المطاعم والحدائق العامة صباحا وسافرنا لمكانات مختلفة لم اراها من قبل, ضحكنا كثيرا وتبادلنا قبلات الحب البريئة مثل الاطفال. لم يفارقني حتى بعد عودتي للمنزل عندما كان يحدثني بالهاتف لبدايات الصباح.
عشت معه اجمل لحظات الحب والحنان والألفة التي لم اشعر بها من قبل, لقد غير روتين حياتي القاتل واضاف لها الكثير, وكيف اصبحت اهتم بنفسي ومظهري اكثر من ذي قبل, بعد ان اشتريت مختلف العطور الفاخرة, والكثير من الفساتين والتنانير والبنطلونات الجديدة, اصبحت لا انسى الاهتمام بمكياجي وتسريح شعري قبل خروجي من المنزل كل يوم.
- هل اخبره عن الموضوع القديم الان ام اتركه للزمن؟ سالت خالتي التي سكنت معها قبل سنوات وبعد وقوع الحادثة. – انه مستقبلك وانت حره به لكونك ناضجه وتعرفين كيف تُسيرين حياتك.
في صباح اليوم التالي وانا انتظر وصوله بباب الجامعة كعادتي, وصل متجهم الوجه ويثور غضبا, ازلفني بنظره وشزرني بأخرى, سحبني من يدي بقوه الى كافتيريا الجامعة واجلسني في ركنها المنزوي صرخ بوجهي بصوت عال – لماذا كنتِ تخدعينني كل هذه المدة, الا تعلمي باني سأعرف عاجلا ام اجلا, كيف لم احس بكذبك ومكرك, ندمت على كل لحظه عشتها معكِ, وانا الذي احببتك من كل قلبي وكنت معك بغايه الحب والسعادة, لماذا لم تخبريني مسبقا بانك (مطلقه)؟ انك خائنه ولا تستحقين حبي, لا اريد ان ارى وجهكِ مطلقا بعد اليوم.
كان يصرخ بوجهي وعيوني مفتوحه على وسعها وانا صامته لم استطع النطق بحرف واحد من اثر الصدمة, قبل ان يغادر ويتركني وحيده والدموع تسيل على خدي بغزاره, انهارت كل آمالي واحلامي بلحظة, وقبل ان يسمع ردي او يعطيني فرصه للدفاع عن نفسي وتوضيح الامر.
اصبحت اتذكره مع كل فنجان قهوه, اشتاقت اليه كثيرا ووجهه لم يفارق بالي للحظة بعد ان تَملكَ كل احاسيس روحي وشعوري واستحوذ على احلامي ونسج خيالي, تذكرت آرائه ونقاشاته وكل ضحكاته وبسماته, كنت محتاجه لحنانه واشتهيت قبلاته الدافئه.
لماذا لم استطع ان اخبره بما حدث في الماضي, عندما كنا نسكن في الريف وبعد وفاه والدي, كيف زوجت لابن عمي الذي يكبرني بعشرين سنه, وانا لم ابلغ الثانية عشر من العمر بعد لكوني يتيمه, والزواج (ستر) للمراءة كما كانت تخبرني امي دائما.
واستمر زواجي الفاشل لأربع سنوات دون ان انجب له الاطفال, ثم تزوج بأخرى طلبا للذرية ومن دون فائدة, قبل ان يختفى اثره تماما من القرية, بعد ان اكتشف بانه (عقيم) ولا يستطيع انجاب الاطفال وهذا نقص للرجولة في مجتمعنا الريفي العشائري آنذاك.
سالت خالتي التي استيقظت وشاركتني المنضدة: لو كنت اخبرته سابقا بما حصل, هل كان سيتقبل الامر ويرتبط بمطلقه لا ذنب لها سوى انها زوجت وهي طفله بلا وعي. وهل مجرد غشاء رقيق وقد فض بالزواج الحلال في الماضي يمنعه عن الارتباط بي الان؟ هل كان سيتقبل الموضوع وهو الشاب الواعي المثقف والمنفتح بعد ان اعجب بشخصيتي وذاتي والتقارب الروحي الكبير الذي نشأ بيننا ام سينقاد لتقاليد مجتمعه الشرقي الذكوري؟
رن المنبه في تمام الساعة السابعة موعد دوام الجامعة, وقبل ان اسمع رد خالتي. رشفت من فنجان القهوة ونهضت مسرعة.



#فراس_عبد_الحسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابو العود
- قلم الكاتب
- صحوه بلدوزر
- السوق
- فتاه اللوحه.. لوحه الفتاه
- المقهى
- الشيخ والطفل
- ثوره الصمت
- من المسؤول
- دموع تحت الصفيح
- احذروا الحليم اذا غضب
- شيوعيا انا
- التغيير بات بأيديكم
- كابوس
- الشيوعي العراقي ..والانتخابات
- الشباب والربيع العربي
- الاشتراكيه ...حلم البشريه
- مفهوم الديمقراطيه و الربيع العربي


المزيد.....




- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أكثر 70 فنانا يوقعون على عريضة تدعو لإقصاء إسرائيل من مسابقة ...
- -الديمومة-.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - فنجان قهوه