|
شد الحبل بصيغة أخرى
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4316 - 2013 / 12 / 25 - 19:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حين يعفو الرئيس الروسي عن أشهر معارضيه ، وتفرج السلطات الروسية عن عضوتي فريق بوسي رايوت الغنائي قبل انتهاء فترة محكوميتهما بموجب عفو رئاسي. فهو يقدم رسالة ذات أبعاد كبيرة لكل العالم الديمقراطي ، أما عالمنا العربي فهو خارج التغطية طبعا. كما لايهم هنا البحث عن مدى انغماس بوتين في الدم السوري البريئ ، بقدر ما يهم البحث عن اللعب السياسي الروسي في هذه المرحلة بالذات . في احدى مقالاتي التي لم يكتب لي اتمامها بعد سرقة حسابي السابق بالفيسبوك ، والتي كانت تحمل عنوان " شد الحبل " ، حاولت فيها أن أفكك آليات التجاذب بين روسيا اليوم ، وبين الولايات المتحدة الأمريكية اليوم . وهو ما أثبته بوتين بعفوه عن أشرس معارضيه ، ومنتقدتيه ، وكأنه يريد أن يقول للعالم الغربي ، نحن اليوم أكثر تسامحا منكم ، ورؤيتنا تتجاوز الانتقام من أعداء الأمس كما تصنعون أنتم مع مستعمراتكم القديمة الجديدة . طبعا لايمكن قراءة التحولات السياسية اليوم في معزل عما توفره وسائل التكنولوجيا الاعلامية ، فالعالم أصبح متوفرا في هاتف صغير . كما لايمكن فك شفراتها دون قراءة مجمل السلوكات والاشارات مع هذا الانفتاح الذي أصبح مستحيلا تضييقه . ولم يعد بالامكان اخفاء وجهك الحقيقي ، ولا التغطية عن أخطائك التي تسبقك . لقد اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية منذ الخمسينيات على ترويج صورة غير صورتها الحقيقية ، وهي لاتزال الى يومنا هذا ترفع فزاعة حقوق الانسان في وجه اي نظام لا يساير وقعها ولا ينضوي تحت لوائها ، بينما العالم كله شاهد على فظائعها وجرائمها ضد الانسانية التي ترتكبها في حق شعوب ودول وافراد ، فخلال العقدين الأخيرين قامت بتدمير بلدين ، وقتل الالاف من الأبرياء تحت غطاء "محاربة الارهاب " . وهذا ما وجدت صداه داخل أمريكا نفسها من معارضين وحقوقيين يمنحهم دستورها الداخلي الحق في التنديد والهجوم على حكامها . بيينما هي لم تحرك ساكنا ضد أي بلد يمارس القمع والترهيب والاذلال لشعبه ، لمجرد أنه بلد نفطي أو بلد يسهر على تنفيذ كل قرارات اللوبي المهيمن على الادارة الأمريكية . يكفي أن نقرأ كتاب " النوم مع الشيطان " لمؤلفه العميل الاستخباراتي السابق "روربت بير " ، وقد قرأت تلخيصا عنه ، أو كتاب " التحالف الغادر: التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية" " لتريتا بارسي ، وهو يستشهد بعشرات اللقاءات التي أجراها مع ديبلوماسيين اسرائيليين وايرانيين وامريكيين ويكشف ما يدور في كواليس العلاقات الخلفية بين هؤلاء . مما يجعلني ككاتب مهووس بالبحث عن المخفي والمستور أضع مجموعة من الأسئلة عن حقائق بدهية ، يغفلها أو يتجاهلها الكثيرون ، أو هناك نقص في الحاسة الصحفية أو الكتابية عن أشياء تبدو جلية ، لكن أحدا ، او لأكون موضوعيا قلة قليلة من يشير اليها ، كالكاتبين الأمريكيين اللآنفي الذكر . لماذا تغض الولايات المتحدة والغرب الطرف عن فظائع النظام السعودي ؟ بينما تهدد المغرب ، وتفرض حصار القرن على كوبا ؟ . لماذا لم تلجأ الى الدفاع عن الشاعر القطري محمد نجيب النعيمي الملقب بابن الذيب ، بينما تشن حربا على شعواء على اهدار دم سلمان رشدي ؟ . لماذا تمنح المغرب شهادة براءة في الديمقراطية بينما نظامه ما زال يحاكم الصحفيين بقانون الارهاب ؟ . سيقول أحمد السنوسي ؛الفنان الساخر ، يكفي اشهار ورقة الارهاب لمحكامة الموتى . ربما ، وهذا ما حاولت اثباته في مقالي المقرصن ، أن روسيا تفوقت بقراءة ذكية ودقيقة لأسلوب ادارة ايران مفاوضاتها مع الغرب ، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ، على هذا الغرب في المناورات الديبلوماسية ، وصارت تلقنهم دروسا في فن التسامح . روسيا اليوم تقود الولايات المتحدة الأمريكية ، بدليل أن رؤيتها حول سوريا هي التي يتم العمل بها ، كما أن اقوى حليفاتها في المنطقة "ايران " تمكنت بعد طول حصار وعقوبات من الجلوس مع المحاصرين والمعاقبين ، بل هناك جلسات ثنائية سرية بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران بشهادة فابيوس وزير الخارجية الفرنسي . في حين ضربات الحليف الاستراتيجي الآخر وهو الصين لا يسمع بها احد ، وهي تغزو الأسواق العالمية وآبار النفط الدولية ، وتطارد عملاقي التكنولوجيا الفضائية . لم تبق حدود الصراع اذن ، ايديولوجية ، وقد تفوقت فيها الولايات المتحدة الأمريكية تفوقا كبيرا ومنقطع النظير ، لكنه أصبح صراعا مفتوحا أهم أدواته تكنولوجيا الاتصال والصناعات الدقيقة والتحكم في شرايين ومفاصل العالم النفطي ، وللصدفة التاريخية أنه عالم يمتلك نوستالجيا حضارية ، وهذا هو ما يخيف أمريكا بتعليمات اسرائيلية . فالاستراتيجيون الغربيون واعون أن الخوف قادم من بلدان وجغرافيا تمتلك تاريخا حضاريا ، يمكن بعثه في اي وقت ، كما حدث مع الصين ومع الفرس ومع الهند وتركيا . أما العرب فان أي تغيير جذري قد يبعث ارادة العودة الى التاريخ عبر استنهاض مكونات حضارته . وهنا توغلت أمريكا الى اذقانها ، لأنها لم تقرأ تحولات الجغرافيا الدولية واهتمت بتحولات الجغرافية العربية .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنتذكر ثوراتنا وانتفاضاتنا
-
القصيدة .....هي القصيدة
-
بين ارادة الاصلاح واصلاح الارادة ، أو فضيحة العدالة والتنمية
...
-
مساومة
-
حوار مطول مع المفكر العالمي نعوم تشومسكي -مترجم-
-
دمي هو المعنى
-
سأبدأ ما لم ينته
-
مرثية للنسيان
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-26-
-
الثورة والعدالة مطلب لايموت
-
هل اتضحت الصورة ؟
-
لم أرفع الراية البيضاء
-
السعودية أكبر الخاسرين
-
كل الكون قبري
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-25-
-
سعدي يوسف بين حرية الابداع وحرية الشطط في الابداع
-
في ذهني فكرة
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-24-
-
ايران حصار بصيغة الانفتاح
-
فرار الى قمة الحلم
المزيد.....
-
الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل
...
-
وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا
...
-
استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا
...
-
وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار
...
-
شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ
...
-
محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند
...
-
وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
-
-من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
-
نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن
...
-
فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|