أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجيب المدفعي - أي دستور نريد؟















المزيد.....

أي دستور نريد؟


نجيب المدفعي

الحوار المتمدن-العدد: 1228 - 2005 / 6 / 14 - 10:10
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تجري في يومنا هذا نقاشات و حوارات عن الدستور المقبل و مَـنْ سيكتبه، و كيف سيُـكتب؟ و الأجواء العامة التي يجري فيها التحاور و التمحيص صحية طالما انحصرت في طرح الفكرة و نقيضها، باتجاه إنضاج دستور متكامل قدر الامكان. لكن من الملاحظ أن السواد الأعظم من الأمة لا يعلم شيئا عن الدستور و ماهيته و الغرض منه، و مطلوب من المواطنين إبداء رأيهم بالدستور من خلال استفتاء عام. و لجهل الناس بالصيغة المثلى التي يتوخونها، فإنهم سيكونون عرضة لإملاءات من فئات تريد تمرير مواقف سياسية ـ سلبا أو إيجابا ـ من خلال أراء تطرحها هذه الفئات تـُلبس لباسا دينيا، قوميا، اجتماعيا، طائفيا لا بل حتى قبليا، و التي يكون لها أثرها السحري على الناخب دون أن يعي أين تكمن مصلحته الحقيقية.

سبق لي أن كتبت موضوعا تحت عنوان (لا يهمني مَنْ يكتب الدستور) قبل انتخابات 30 كانون الثاني 2005، انتهيت فيه إلى خلاصة تقول " لا يهم مَنْ سيكتب الدستور طالما كان عراقيا، و طالما هناك قانون يلتزم به الجميع." و لكن السؤال أي دستور نريد؟ هل نريده دستورا يحابي شريحة أو فئة من المجتمع العراقي على حساب غيرها؟ و هل إن غياب فئة ما عن لجنة كتابة مسودة الدستور سيغبن حقوقها؟ و هل إن حضور ممثلي فئة ما في اللجنة سيضمن حقوق الفئة التي يمثلونها، إن كانوا لا يفقهون في الشأن الدستوري شيئا؟ لا أظن أن لجنة كتابة الدستور ستقدم دستورا يُرد عليها، و مع هذا فاللجنة ملزمة، لكي تنجح في مسعاها، أن تصيخ السمع لكل همسة تقال عن ما يجب أن يتضمنه الدستور. و من المهم أيضا أن يكون الدستور شاملا جامعا لأفضل ما توصل له الفكر الإنساني في مجال كتابة الدساتير.

ما زال الجدل دائرا حول تشكيلة لجنة كتابة مسودة الدستور، و وجوب إشراك شرائح أخرى ـ ممن أهدرت فرصة الأنتخابات ـ على قدم المساواة مع أعضاءها المُنتـَخـَبين. و السؤال هل إن الحصول على عضوية هذه اللجنة هو غاية المـُنى و نهاية المطاف؟ و هل تمتلك هذه اللجنة القدرة على فرض دستور لا يفي بمتطلبات الشعب العراقي؟ ما زال العقل العراقي مكبلا بفكرة عدم قدرة الأفراد العاديين على التغيير و فرض إرادتهم، فالقرار يجب أن يأتي من السلطة لا من الشعب. و السلطة تتمثل في العقلية العراقية، في موضوعة الدستور، بلجنة كتابة مسودة الدستور، رغم أنها لا تمتلك من الأمر شيئا سوى تقديم مسودة مقترحة للدستور إلى الشعب ليقبلها أو يرفضها.

تنص المادة (60) من قانون إدارة الدولة على ما يلي ( على الجمعية الوطنية كتابة مسودة للدستور الدائم للعراق. و ستقوم هذه الجمعية بأداء هذه المسؤولية بطرق منها تشجيع المناقشات بشان الدستور بواسطة اجتماعات عامة علنية و دورية في كل أنحاء العراق و عبر وسائل الإعلام، و استلام المقترحات من مواطني العراق أثناء قيامها بعملية كتابة الدستور)، و هو أمر لم يرَ النور إلا بشكل بسيط. و لكي لا نعود إلى الفكرة التي تسكن العقلية العراقية و نرمي الكرة في ملعب "السلطة"، فإن من واجب منظمات المجتمع المدني ـ الغائب دورها ـ و التجمعات السياسية و الدينية و الأكاديمية و الاجتماعية و الثقافية و العشائرية والقومية، أن تتولى تنشيط المناقشات بشأن الدستور.

إلا أن العملية تبقى بحاجة إلى مسألتين، أولاهما نشر الأفكار و المطالب التي يتم تداولها في مثل هذه المناقشات لكي تتفاعل بقية فئات الشعب مع وجهات النظر هذه، و الثانية أن تقوم لجنة كتابة مسودة الدستور بتنظيم مؤتمر دائم الانعقاد في مكان معين يتيح لكل من يريد أن يوصل صوته بشكل فردي أو جماعي لطرح ما يتبلور لديه من أفكار من خلال هذا المؤتمر المفتوح، و الذي يمكن أن يسمى بالمؤتمر الدستوري. و لمثل هذا المؤتمر و ما سيـُقدِم من رعاية لجلسات نقاشية فوائد عدة، منها إيصال أفكار و مقترحات جديدة إلى السيدات والسادة القائمين على صياغة فقرات الدستور، و منها أيضا عدم إعطاء فرصة لذوي النوايا السيئة للقول ـ لاحقا ـ بأنهم قد أ ُقصوا أو لم يستمع أحد لآرائهم. و الأمر يتطلب شن حملة إعلامية مكثفة و متواصلة تشير إلى مكان و زمان انعقاد مثل هذا المؤتمر المفتوح.

كما إن على لجنة كتابة مسودة الدستور الإعلان بشكل مستمر عن أخر الأفكار و المقترحات الجاري تداولها و تلك التي حُسمت بشأن فقرات الدستور، بناءً على ما جاء بالفقرة ـ آ ـ المادة (33) من قانون إدارة الدولة و التي تنص على ( تكون اجتماعات الجمعية الوطنية علنية و تسجل محاضر اجتماعاتها و تـُنشر. و يسجل تصويت كل عضو من أعضاء الجمعية الوطنية و يُعلن ذلك. و تتخذ القرارات في الجمعية الوطنية بالأغلبية البسيطة إلا إذا نص هذا القانون على غير ذلك). و لما كانت الجمعية الوطنية الحالية لا تلتزم حرفيا بنص هذه الفقرة فيما يتعلق بعلنية الاجتماعات و تسجيل و نشر محاضر الاجتماعات و إعلان تصويت كل عضو من أعضاء الجمعية، فحري ـ على الأقل ـ بلجنة كتابة مسودة الدستور الالتزام بنص الفقرة حرفيا و إعلان كل حركاتها و سكناتها لكي يتمكن جمهور المهتمين بأمر الدستور من متابعة ما يجري و أن لا نفاجأ بصيغة دستور لا يمكن إجراء أي تعديل عليها قبل الاستفتاء.

كثير من أصحاب الشأن يقولون إن موعد 15 آب 2005 هو غير كافٍ لإتمام عملية صياغة مسودة الدستور. و السؤال هنا ما الضير من تمديد هذه الفترة إلى نهاية أيلول، و يُجرى الاستفتاء (الذي لم ينص على موعده في قانون إدارة الدولة) في 15 تشرين الثاني، أي بعد شهر و نصف من تقديم المسودة و على أن تـُجرى الأنتخابات ـ في حال إقرار الدستور ـ بعد شهر في 15 كانون الأول كما هو مثبت في قانون إدارة الدولة (المادة 61 ـ د ـ).

و يبقى السؤال أي دستور نريد؟ على مؤسسات المجتمع المدني و التنظيمات الدينية و السياسية و الاجتماعية و العشائرية و الإثنية، طرح هذا السؤال على مريديهم و أتباعهم للوصول إلى إجابات محددة بشأن كثير من القضايا التي يجب أن التي يجب أن يتضمنها الدستور. و من تلك القضايا:
• هل نريد من الدستور أن يفصّـل في مكونات الشعب العراقي الدينية و القومية و الطائفية...الخ، بما ينتج لنا دستورا يكرس الطائفية و الفئوية. أم إن نصا مطابقا ـ أو أفضل ـ من الذي ورد في الباب الثاني من قانون إدارة الدولة، و المتعلق بالحقوق الأساسية، سيكون كافيا لحفظ حقوق الجميع.
• ما نوع الفدرالية التي يجب أن يتضمنها الدستور، هل هي فدرالية تقوم على أساس قومي أم أداري؟ و فيما إذا كانت قومية، فهل سيمنع هذا مناطق أخرى ذات أغلبية من قومية أخرى الانضمام إلى الفدرالية القومية؟ و في حال إقرار الفيدرالية الإدارية، فما هو مستوى الوحدة الإدارية التي يحق لها الانضمام أو الانسلاخ عن فدرالية ما؟ و هل يُقـَر ذلك بالاستفتاء العام في تلك الوحدة الإدارية أم بموافقة مجلس إدارتها فقط؟
• هل يتوجب منح المكونات العرقية و الدينية (كوتا) برلمانية، أم يحال هذا الموضوع إلى القوانين التي تنظم العملية الأنتخابية؟ و هل ستقتصر هذه الكوتا على المجلس الوطني، أم يجب أن تـُضمّـن في مجالس المحافظات و ما هو أدنى؟ و ماذا لو ظهر ـ لاحقا ـ مكون جديد في الشعب العراقي، كالطائفة الموسوية، و طالب بحقوقه، هل سيصار إلى تعديل الدستور؟
• ما هي الإشارة التي سترد في الدستور عن الدين؟ النص الوارد في الفقرة ـ آ ـ من المادة السابعة في قانون إدارة الدولة و الذي يعدّ ُ الإسلام دين الدولة الرسمي و مصدر من مصادر التشريع، بل يزيد في إحكام الالتزام بالثوابت الإسلامية والحرص على عدم المساس بمعتقدات أبناء العراق المسلمين من خلال تأكيده على (عدم جواز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام)، و بذا يكون قانون إدارة الدولة أكثر الدساتير، التي سُنـّت منذ قيام الدولة العراقية، اقترابا من التشريع الإسلامي. فهل سنـُبقي عليه أم نريدها دولة دينية ـ على شاكلة إيران ـ تتحكم بأزمَّـتِها مجموعة أو طائفة بناء على وجهة نظر واحدة، و تستمد سلطتها من الحق الإلهي.
• ماذا عن علاقة العراق بالعالم العربي، فقد أثارت الفقرة ـ ب ـ من المادة السابعة في قانون إدارة الدولة و التي تنص على (العراق بلد متعدد القوميات والشعب العربي فيه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية)، الكثير من الجدل، و يبدو أنها بحاجة إلى تمحيص.
• تنص المادة الخامسة من قانون إدارة الدولة على خضوع القوات المسلحة للسيطرة المدنية للحكومة العراقية الانتقالية إضافة إلى ما ورد في البابين الثالث و الخامس من القانون، و يجب الانتباه إلى ضرورة فرض أقصى سيطرة على القوات المسلحة من خلال نصوص مشددة في الدستور المرتقب، فهي أُس البلاء في ما يتعلق بقلب السلطة و الإطاحة بالنظام الديمقراطي.

هل نريد لدستورنا أن يُعدل بشكل متكرر أم نريده دستورا رصينا لا يستطيع أحد الطعن بنصوصه، على الأقل في المدى المنظور. نريد مزيدا من الحوار الفعال لكي تستثمر الفترة المحددة لكتابة الدستور على أفضل وجه وبما يفرز دستورا يحترمه الجميع و يلتزمون بتطبيقه.



#نجيب_المدفعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتقوا الله في العراقيين
- تحية لجمعيتنا الوطنية المنتخبة
- أحداث جامعة البصرة، خطوة نحو الأستبداد
- 14 تموز و تقييم التاريخ
- فقط اجعله سعيدا
- المرأة العراقية و الفرصة التاريخية
- محاولة لقراءة نتائج الأنتخابات العراقية
- نريد مشاركة المرأة بقوة
- رسائل إنتخابية
- أنا أنتخب..إذا أنا موجود
- لا يهمني مَـن يكتب الدستور
- النابلسي و العرب و العراق
- عباس المستعجل
- رأس الدولة والقانون..حكاية من العهد الملكي
- انطباعات حول جلسة التحقيق الأولى مع صدام
- أعطوا الناس فرصة...ثم احكموا


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجيب المدفعي - أي دستور نريد؟