أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجيب المدفعي - 14 تموز و تقييم التاريخ














المزيد.....

14 تموز و تقييم التاريخ


نجيب المدفعي

الحوار المتمدن-العدد: 1144 - 2005 / 3 / 22 - 13:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هل نحن بحاجة لإشاعة طريقة جديدة في أسلوب التفكير؟ أظنه سؤال ردده قبلي ملايين من البشر منذ قيام الخليقة. و لكن لنحصر دائرة اهتمامنا في مقطعنا الزمني هذا ـ مطلع القرن الواحد و العشرين ـ و ضمن رقعة جغرافية أسمها العراق. فنحن بحاجة إلى أفكار و طروحات جديدة تصدم العقل العراقي و تنطلق به إلى أفاق أرحب.

أعتقد إن ظاهرة (التابوات) و المناطق الأيديولوجية المحظور التفكير فيها معروفة في مختلف أصقاع الأرض، فمنها السماوي و منها الدنيوي. إنّ أول عدو للتجديد و الحراك الفكري هو تقديس الفكرة أو الفرد و رفض المساس بأي منها من خلال التقييم الموضوعي. و لكي لا نبتعد كثيرا و ندخل في مناطق كانت و ما زالت تـُزرع فيها الألغام على مدى آلاف السنين، فعلينا إعادة النظر و تقييم تاريخ العراق الحديث قبل أن يمتلئ بالألغام.

أثار انتباهي مقال للأستاذ إبراهيم أحمد عن (14 تموز و الكوارث الأخرى)، و رغم اللهجة الحادة التي يستخدمها في مقاله، إلا إني أجده مصيبا في كثير مما أورده.

لقد هدم العسكر في ذاك اليوم ـ 14 تموز ـ السور الواطئ لدولة القانون و التي كانت ـ على مآخذها ـ في طور النمو في مجتمع لم يتعرف على شكل الدولة الحديثة، في حينها، إلا منذ زمن يـُعـدّ ُ قصيرا في عمر الشعوب. و لم يقفوا ـ أي العسكر ـ حراسا على محيطها لمنع هدم بقية منشآتها. فقد هـُدم الدستور و استقلال القضاء، و نـُسفت طلائع المجتمع المدني، و قـُلـِّعت بادرات الدولة المدنية، لتحل محلها البيرية في حكم الشعب من خلال أفراد غير مؤهلين لخوض غمار العمل السياسي.

إن إشاعة مفهوم إعادة تقييم ما يـُقدم لنا من أفكار و أخبار و عدم قبوله كمُسلـًّمات، يتطلب حراكا فكريا و تنمية لملـَكات العقل في القدرة على التفكيك و التحليل و إعادة التركيب لاستنباط لمحات فكرية جديدة. حتى رب العزة ـ سبحانه ـ طالب المؤمنين أن يتفكروا في خلق السماوات و الأرض، أي إن الدين يرفض الجمود الفكري و يدعو إلى التجديد.

من الشائع في مجتمعنا قبول الخبر على علاته، و عدم تمحيص روايته أو الاستئناس برأي الآخرين. لا بل الذهاب إلى أبعد من ذلك، برفض طروحات الآخرين و عدّها خيانة و ارتداد و رجس من عمل الشيطان. و ليتها تقف عند هذا الحد بل يصار إلى إلغاء الآخر و إباحة تصفيته فكريا و جسديا.

إن أسطرة (من الأسطورة) الأحداث و الشخصيات هي واحدة من سمات المجموعات البشرية المسلوبة الإرادة و التي يراد لها أن تبقى هكذا لتسهل عملية قيادتها. فيـُهـوّل الحدث و يـُرفع إلى مصاف المعجزات التي لا يستطيع الإنسان العادي الإتيان بها، و يحوّل منفذيه إلى أبطال و شخصيات خارقة لا يمكن الوصول إلى قدراتها. إن معايشة الكثير من الأحداث الجسام لحظة وقوعها تؤشر بساطة مفرداتها و أفرادها، إلا أن (مستثمري) هذه الأحداث يضفون على الحدث و رموزه هالة ـ سلبية أو إيجابية ـ وفقا لأهوائهم.

و عود على بدء، فإن الفرد العراقي الذي قمعته كل الأحداث التي أفرزتها 14 تموز و ما بعدها، صار يؤسطر 14 تموز و رموزه. فهو قد حوّل هذا الحدث و رموزه إلى ما يشبه الإكسير أو المخدر الذي يساعده على تجاوز محن حياته اليومية. و بالمقابل وجد جلادو الشعب في هذا المخدر ما يعينهم على سلاسة انقياد الجماهير لهم.

لقد كان لشخصية عبد الكريم قاسم كإنسان و عسكري شهد لها أعداؤها قبل عشاقها، دور في أسطرة هذه الشخصية البسيطة و التي لا تختلف في مفردات حياتها عن غالبية العراقيين الطيبين. و الذي لم يغير أسلوب حياته البسيط عندما تصدى للسلطة. لقد سحرت هذه الشخصية الجماهير ـ و الفقراء منهم خاصة ـ فصنعوا منها رمزا لا يجوز النيل منه. حتى أن بعضهم اصطنع له قبرا بعد التاسع من نيسان ليدعي أنه يحوي رفاة عبد الكريم قاسم، و هناك العديد من الناس على استعداد لتصديق ذلك، و هم مستعدون لتغيير الرواية الصحيحة التي تقول أن جثة عبد الكريم قاسم أُلقيت في النهر و لا أثر لها في يومنا هذا.

إن محاولة تقييم 14 تموز يصطدم بالكثير من ما سكن العقل الباطن من تقديس لهذا اليوم في تاريخ العراق الحديث. و هو يتطلب جهدا لتدريب العقل العراقي على القدرة للفصل بين التقييم والتسفيه. و أنا أدعو لإعادة تقييم 14 تموز بعقل بارد و النظر إليه في ضوء تاريخ دولة العراق المعاصر و ما كان يعتمل من صراعات إقليمية و دولية في أعقاب الحرب العالمية الثانية و خاصة أجواء الحرب الباردة، و التي لم يكن لرجالات 14 تموز القدرة على التصدي لتأثيراتها على الساحة العراقية الداخلية.

لقد برزت في الساحة العراقية الداخلية ـ في حينها ـ تيارات و قوى (سياسية) تبنت طروحات لا تنطلق من أرضية عراقية، بقدر ما كانت صدى لجهات غير عراقية لا قِـبـَلَ لحكومة 14 تموز على مجاراتها. و بالمقابل فقد حيدت هذه الحكومة أو استغنت عن جهود تيارات سياسية عراقية المنبت خـَبـِرت العملية السياسية و أحابيلها. و بقي العسكر يتولون مقاليد الأمور في البلاد و يديرونها بعقلية عسكرية مقيتة ظنا منهم أن إدارة الدولة هي كإدارة وحدة عسكرية.



#نجيب_المدفعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقط اجعله سعيدا
- المرأة العراقية و الفرصة التاريخية
- محاولة لقراءة نتائج الأنتخابات العراقية
- نريد مشاركة المرأة بقوة
- رسائل إنتخابية
- أنا أنتخب..إذا أنا موجود
- لا يهمني مَـن يكتب الدستور
- النابلسي و العرب و العراق
- عباس المستعجل
- رأس الدولة والقانون..حكاية من العهد الملكي
- انطباعات حول جلسة التحقيق الأولى مع صدام
- أعطوا الناس فرصة...ثم احكموا


المزيد.....




- -صليت وسط الأنقاض-.. علي شمخاني مستشار مرشد إيران يكشف ما حد ...
- كيف أحبطت قطر هجوم إيران على -العديد- أكبر قاعدة أمريكية في ...
- سي إن إن: هكذا أحبطت قطر الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- مراسل فرانس24 في طهران في قلب مراسم تشييع قتلى الحرب بين إسر ...
- ترامب: محاكمة نتنياهو تعيق قدرته على التفاوض مع إيران وحماس ...
- موجة حر شديدة تضرب جنوب أوروبا، فهل تغيّر طقس القارة العجوز؟ ...
- Day at the Races 789club – Cu?c ?ua t?c ?? m? màn chu?i th?n ...
- عاجل | وزير الخارجية الفرنسي: نعتزم مع شركائنا الأوروبيين ال ...
- العقوبات تتجدد.. هل تنجح أوروبا في كسر شوكة بوتين؟
- فيديو.. عامل معلق رأسا على عقب في الهواء بعد صدمة مفاجئة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نجيب المدفعي - 14 تموز و تقييم التاريخ