أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الثقافة السائدة قبل يوليو 1952















المزيد.....

الثقافة السائدة قبل يوليو 1952


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 22:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الحملة الفرنسية على مصر(1798- 1801) غزو مسلح استهدف إحتلال مصر، ونهب مواردها ، رغم الغطاء الدينى فى المنشورات السبعة التى نشرها الجبرتى ، ورغم حجة الغزاة أنهم يودون تخليص مصر من المماليك . إلاّ أنّ المؤرخ المُحايد لا يستطيع إنكار أنّ الحملة الفرنسية كانت المرحلة التى شهدتْ ميلاد الفكر الليبرالى ، مرحلة بناء الدولة الحديثة فى تجربة محمد على (1805- 1848) إذْ فيها تم نقل أفكار فولتير وروسو وغيرهم من رواد التنوير.
وإذا كان لطفى السيد امتلك شجاعة التعبير عن رأيه فى العلاقة بين الدين والقومية عندما كتب ((الإسلام ليس هو أساس القومية)) فإنه لم يكن منفردًا فى ذلك ، إذْ أنّ ميخائيل فانوس قال فى افتتاح المؤتمر القبطى يوم 6/3/1911((تختلف مصر عن باقى الأمم المُتكوّنة من عناصر مختلفة الأديان ، لأنّ هذه شعوبها من أصول متباعدة وبمعتقدات متباينة. أما مصر فشعب أصله واحد من سلسلة واحدة من آلاف السنين . لم يمتزج بهم الأجنبى إلاّ بجزء أو بنصف جزء منه أبتلع فى المجموع . زد على ذلك أنّ عوائد القوم هى للواحد كما هى للآخر. والقوم هم المسلمون والأقباط . وهم من الاسكندرية حتى أسوان يُشكلون مجموعًا واحدًا ، لا يُميّزهم إلاّ المعتقد . ومن الظلم تسميتهم بأنهم عنصريْن . فليست العقائد هى التى عليها الأساس بل الجنسية)) وفى أعقاب ثورة شعبنا فى شهر برمهات/ مارس19قال واصف غالى فى خطبه ((لم يعد للمصريين قاطبة إلاّ إيمان واحد وعقيدة واحدة ودين واحد هو دين الوطنية)) وخطب الشيخ مصطفى القاياتى فى الكنيسة البطرسية وسط 500من المسيحيين وقال ((إذا كان الاستقلال سيؤدى إلى فصم الاتحاد فلعنة الله على هذا الاستقلال))
سبق ثورة 19 تمهيد (على المستوى الثقافى) قام به جيل من الليبراليين والعلمانيين منذ أواخر القرن 19 أمثال قاسم أمين ولطفى السيد وإسماعيل مظهر وإسماعيل أدهم وطه حسين ومنيرة ثابت ودرية شفيق وسعاد الرملى وآخرين. كما أنّ حركة الترجمة انتشرتْ أثناء حكم محمد على واستمرّتْ وتعاظمتْ فى السنوات التالية لحكمه. وكانت كتابات المفكرين المصريين تؤصل لمحوريْن أساسيين : تكريس معنى الانتماء الوطنى ، مع ترسيخ معنى (علمنة مؤسسات الدولة) فى ضفيرة واحدة ، فلما جاءتْ ثورة19كان الطريق مُمهّدًا . فى ظل هذا المناخ كان طبيعيًا أنْ يكون معنى (الكفر) هو التخاذل فى الدفاع عن الوطن، وهو ما عبّر عنه الشيخ محمد عبدالمطلب الذى وقف فى جمع غفير من المسلمين يحتفلون برأس السنة القبطية وأنشد ((كلانا على دين هو به مؤمن.. ولكن خذلان البلاد هو الكفر)) أما الشاعر أحمد شوقى الذى لم ير فيه متعلمو يوليو52 إلا أنه (شاعر القصر) فإنّ الوطن عنده هو الدين يُجابه فى سبيله المخاطر. بل إنه يُولى وجهه شطر الوطن قبل أى مكان آخر، بما فى ذلك مكة فكتب :
ويا وطنى لقيتكَ بعد يــــــــــــــــأسٍ .. كأنى قد لقيتُ بك الشبابــــــــــــا
ولو أنى دعيتُ لكنتَ دينــــــــــــــــى .. عليه أقابل الحتم المجابـــــــــــــا
أديرُ إليكَ وجهــــــــــــــــــــــــــــــى .. إذا فهتُ الشهادة والمتابــــــــــــا
وذكرأ. البشرى أنّ د. محمد حسين رغم نظرته المُتشيّعة للجامعة الإسلامية علــّـق على الانتاج الأدبى لثورة19قائلا ((تحوّلتْ الثورة إلى حركة قومية خالصة. وخَفـَتَ صوت الدين. ولم ينج من ذلك شاعر كشوقى)) وكتب زكى مبارك ((رعى الله العهد الذى كانت موسيقانا فيه مصر للمصريين)) (طارق البشرى- المسلمون والأقباط فى إطار الجماعة الوطنية- من 137- 140)
فى ذاك المناخ لم يُطالب أحد بتطبيق حد الردة على الشيخ على عبد الرازق بعد أنْ هاج عليه رجال الكهنوت الأزهريين بسبب كتابه (الإسلام وأصول الحكم) فكانت أقصى العقوبة هى طرده من الأزهر، لأنه عارض فكرة الخلافة الإسلامية. وأنّ الخلافة ((فى الإسلام لم ترتكز إلاّ على أساس القوة الرهيبة. وأنّ تلك القوة كانت- إلاّ فى النادر- قوة مادية مسلحة)) وإذن (( لا معنى لقيام الخلافة على القوة والقهر إلاّ رصدهما لمن يخرج على مقام الخلافة. وإعداد السيف لمن يمس بسوء ذلك العرش ويعمل على زلزلة قوائمه)) وأوضح أنّ القضاء ووظائف الحكم فى الدولة عبارة عن ((خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها)) وأنّ النص الدينى فى هذه الحالة ((لم يعرفها ولم ينكرها ولا أقرّ بها ولا نهى عنها. وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة)) وكان ذلك فى عام25وفى العام التالى تقدّم أحد طلبة القسم العالى بالأزهر ببلاغ للنائب العمومى يتهم فيه طه حسين بأنه ((ألــّف كتابًا أسماه (فى الشعر الجاهلى) ونشره على الجمهور. وفى هذا الكتاب طعنٌ صريح فى القرآن حيث نسب الخرافة والكذب لهذا الكتاب السماوى الكريم)) كان البلاغ الأول فى 30مايو1926من أحد الطلبة. والبلاغ الثانى فى 5يونيو من شيخ الأزهر لسعادة النائب العمومى وأرفق بالبلاغ تقرير(علماء الجامع الأزهر) عن كتاب طه حسين، وأنّ مؤلف الكتاب ((كذب القرآن صراحة وطعن فيه على النبى وعلى نسبه الشريف)) وذكر محمد بك نور رئيس نيابة مصر أنه تلقى بلاغًا آخر بتاريخ 14/9/26من أحد أعضاء مجلس النواب. انتهى محمد بك نور من إعداد قرار النيابة فى 32 صفحة من القطع الكبير. وكتب بأسلوب يقترب من الكتابة الأدبية الرفيعة ، سواء وهو يعرض قائمة الإتهام أو وهو يُناقش المؤلف فيما ذهب إليه. يتفق معه فى أشياء ويختلف فى أشياء، وكأنما هما ناقدان ندّان. فى حين أنّ أحدهما رئيس نيابة مصر، والآخر مُتهم بالتطاول على القرآن والعهد القديم وتكذيب ما جاء فيهما. وكان رئيس النيابة أمينـًا وهو يعرض قرار الإتهام فذكر ((وحيث اتضح من أقوال المُبلغين أنهم ينسبون للمؤلف أنه طعن على الدين الإسلامى فى مواضع أربعة من كتابه : الأول أنّ المؤلف أهان الدين الإسلامى بتكذيب القرآن فى إخباره عن إبراهيم وإسماعيل حيث ذكر فى ص26من كتابه ((للتوراة أنْ تـُحدّثنا عن إبراهيم وإسماعيل. وللقرآن أنْ يُحدّثنا عنهما أيضًا. ولكن ورود هذيْن الاسميْن فى التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخى)) ولما كان محمد نور أمينـًا وهو يعرض ما نسبه المُبلغون ضد طه حسين من أنه طعن على الدين الإسلامى ، فقد كان ابنـًا بارًا لمصر الحضارة والتعددية وهو يتــّخذ قراره النهائى بحفظ التحقيق إداريًا. والجدير بالانتباه أنّ محمد نور اتفق فى الكثير مع آراء المبلغين ضد طه حسين. فلماذا أمر بحفظ التحقيق؟ الاجابة نقرأها فى الحيثيات إذ كتب ((وحيث أنه مما تقدم يتضح أنّ غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدى على الدين ، بل إنّ العبارات الماسة بالدين التى أوردها فى بعض المواضع إنما أوردها فى سبيل البحث العلمى مع اعتقاده أنّ بحثه يقتضيها. وحيث أنه من ذلك يكون القصد الجنائى غير متوفر، فلذلك تحفظ الأوراق إداريًا))
وفى دفاع إسماعيل أدهم عن طه حسين فإنه لم يكتف بالدفاع عن حرية الرأى وإنما كتب ((إنّ آباء اليهودية الأول كإبراهيم وإسحق ويعقوب ليسوا أسماء أشخاص ، بل هى طواطم اعتقدتْ قبائل بنى إسرائيل فى غرارتها الأولى جهلا بأنها متسلسلة منهم فعبدتها. فلما تقدّم الزمن حوّلوا هذه الطواطم إلى أسماء أشخاص اعتقدوا بأنها آباءهم الأول. ومباحث روبرتسون وأرنست رينان وفريزر فى هذا الباب لا تضع مجالا للشك فى هذه الحقائق . وأنّ قصور الشرقيين عن الاتصال بثقافة الغرب تسبّب فى عدم فهم طه حسين فعدوه غير ذى منطق)) (مجلة الحديث- إبريل38)
شهدتْ تلك المرحلة مقاومة فكرية للأصولية الإسلامية ، فكتب عميد الثقافة المصرية (طاها حسين) ((من المحقق أنّ تطور الحياة الإنسانية قضى منذ عهد بعيد بأنّ وحدة الدين ووحدة اللغة لا تصلحان للوحدة السياسية ولا قوامًا لتكوين الدولة)) (صحيفة السياسة31/12/23) وكتب فى ذات المقال ((القومية المصرية القديمة لم تنسها مصر فى يوم من الأيام . فالتاريخ يُحدّثنا بأنها قاومتْ الفرس أشد المقاومة. وبأنها لم تطمئن للمقدونيين حتى فنوا فيها وأصبحوا من أبنائها. والتاريخ يُحدثنا كذلك بأنها خضعتْ لسلطان الامبراطورية الرومانية الغربية والشرقية على كره مستمر ومقاومة متصلة، فاضطر القياصرة إلى أخذها بالعنف. والتاريخ يُحدثنا كذلك أنّ السلطان العربى لم يبرأ من السخط والمقاومة والثورة))
وفى ذات المرحلة أنجبتْ مصر د. محمد حسين هيكل الذى نشر سلسلة مقالات فى صحيفة السياسة دافع فيها عن على عبد الرازق وطه حسين وهاجم الكهنوت الدينى بسبب أفكارهم المعادية للعقل والمنطق ولكل جهود تحديثية. والأمثلة عديدة وكلها تؤكد أنّ تلك المرحلة ارتفع فيها ذاك الثالوث المقدس : الاعتراف بالآخر المختلف دينيًا ومذهبيًا وفلسفيًا ، من خلال احترام حرية الفكر وحرية التعبير والإعلان عن ذلك الفكر بكل الوسائل المشروعة كحق أساسى أقرّته كل مواثيق حقوق الإنسان. الثانى : احترام لغة العلم باعتبارها لغة المستقبل لا لغة الماضى . لغة التقدم لا الإرتداد للخلف وبالتالى للتخلف . الثالث : الوعى بالمعنى العلمى لمفهوم (الوطن) وأنّ المعتقد الدينى يدخل ضمن ما هو ذاتى ، أما (الموضوع) فهو الانتماء (لوطن) له حدود جغرافية وثقافة قومية. ومن هنا جاء وعى ذاك الجيل بأهمية الخصائص الثقافية لشخصية شعبنا المصرى ، وبالتالى الدفاع عن ثقافتنا القومية التى جمعتْ كل أبناء شعبنا ووحدّتهم رغم تعدد الأديان وتعاقب العصور والغزاة ، وهو المعنى الذى عبّر عنه فنان الشعب سيد درويش الذى غنى والجماهير تـُردّد وراءه (( اللى تجمّعهم أوطانهم .. عمر الأديان ما تفرّقهم))
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن درع المواطنة
- الدين والروح القومية قبل يوليو1952
- الدور الحضارى لحكماء مصر القديمة
- التعريف العلمى لهوية الوطن
- جمال عبد الناصر ومحمد مرسى
- القمع باسم العمال والفلاحين
- ضباط يوليو والإدارة الأمريكية
- الكوتة لا تحقق المواطنة
- من سيسل دى ميل إلى يوسف شاهين
- رد على الأستاذة أحلام أحمد
- الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب
- مؤامرة صهيونية لإخراج رمسيس من مصر
- التقدم العلمى فى علم الصيدلة فى مصر القديمة
- التعليم فى مصر القديمة
- صراع الحب والكراهية حول معشوقة الأحرار: المعرفة
- حُمّى السيادة على العالم
- الدولة State والدسلتير
- اليهود البشر واليهود النصوصيين
- تركيا من أتاتورك وإسماعيل أدهم إلى أردوغان
- سراب اسمه (تجديد الخطاب الدينى)


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الثقافة السائدة قبل يوليو 1952