أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال سمير الصدّر - اشكالية خطاب المرأة















المزيد.....

اشكالية خطاب المرأة


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4303 - 2013 / 12 / 12 - 22:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما كان عنوان البحث نفسه معبرا – إشكالية خطاب المرأة- ، ويصلح كنقطة عبور لفحوى هذا البحث، لأن هذا البحث بحد ذاته هو تخصيص للأنا الفردية للمرأة وربط هذه الأنا بصيغة جمعية ، وبنوع من القولبة النصف الاجتماعية ، إذ أن من أبرز إشكاليات خطاب المرأة هو التضخيم ، حيث تظل قضايا الرجل المختلفة ، سواء التي تتعلق بالحريات الفكرية والإبداعية أو حتى القانونية قضايا فردية تخص فردا في المجتمع – وربما كان الأجدى أن نقول مجتمعا أبويا بطر كريا- بينما تتحول القضية إذا كانت تخص المرأة إلى صفة جمعية تخص العنصر النسوي بكامله ، لنصل من خلال استخدام منطق القياس والاستقراء ، إلى أن نصف المجتمع يعاني من الظلم والقهر الاجتماعي باعتبار أن المرأة هي نصف المجتمع..........
لنأخذ هذه الحالة على سبيل المثال:
اعتبر مثقفون عرب أن الحكم بالسجن شهرين الصادر عن محكمة كويتية ضد الكاتبتين عالية شعيب وليلى العثمان بأنه (( سابقة أولى في تجريم الخطاب الأدبي للمرأة ومقاضاة الفكر الإبداعي للمرأة.....
وفي هذه العجالة ‘ فأنا لا أسعى لوقوف على تفاصيل هذه القضية ، بقدر على ما سأقف على الصيغة التي استخدمت فيها الكلمة الأخيرة في الفقرة الأخيرة....المرأة
حيث نلاحظ أن المرأة المقصودة ليست امرأة بعينها ، بل هي عبارة عن صيغة جمعية تشمل المرأة ككل....
والأمثلة على ذلك كثيرة ، من نوال السعداوي وتلميذتها النجيبة فاطمة المرنيسي ، وغيرهم من العاملات في مجال حقوق المرأة.......
إن اعتبار وجود يوم عالمي للمرأة هو بحد ذاته تأكيد تام على أن قضية المرأة قضية جمعية لا تتعلق بامرأة واحدة يقينا ، بل بأنا فردية تطالب بحق التماثل- المساواة- والاختلاف- الحرية الإبداعية- لتصل بذاتها إلى حد التعميم عن طريق التعبير عن خطاب نسوي لا يقابله إطلاقا خطاب ذكوريا بنفس الشمول....
إن غياب هذا الخطاب الذكوري المقابل للخطاب النسوي ، هو أن الخطاب الذكوري كان في أساسه خطابا سلطويا فجا، رغم انه يتحمل الحقائق والأكاذيب ، ولنبدأ من ( فوكو) في الحديث عن بنية هذا الخطاب ومحاولة تفكيكه:
.....الخطاب سلطوي ، وقد يكتسب سلطة التعالي فلا يدانى ، ووفقا لفوكو فالمعرفة تروم إلى تحرير الخطاب من كل اعتبارات ذاتية ومن كل أشكال سلطوية وإلى تحليل ممارسته الخطابية للوصول إلى الكيفية التي توظف بها الخطابات في الممارسات وفي السلوك ، ولمعرفة كيف ينقلب فكر ما إلى خطأ وخرافة وجهل ، وما هي الانتقالات التي تجعل الأشياء تعاين وتدرك بكيفية مغايرة ما كانت عليه من قبل ، انها محاولة لإقامة تاريخ آخر لما قاله البشر ومهمة الحفريات الاركيولوجية
تنحصر إذا في وصفة المقال المقول دون اهتمام بالذات .....
ويرى فوكو ان الذات شكل تاريخي ناتج على علاقة المعرفة بالسلطة ، لذلك كانت الدعوة إلى مثقف خصوصي يهتم بتشخيص محلي لعلاقات السلطة والمعرفة.....
فالخطاب لدى فوكو – والتعقيب للباحث- ليس أمامه سوى إنتاج الحقائق والأكاذيب
وما دام الخطاب ليس أمامه إلا إنتاج الحقائق والأكاذيب فيجب أن يكون هناك تساؤلات واللغة هي مكان الكشف والمساءلة ....من خلالها يتم تقويض النصوص ودراستها من خلال آلية التفويض ، وهذا ما سمح للخطاب النسوي بامتطاء عنقاء
المناهج الفكر الحديثة والتسلل إلى تلك الخطابات وإعادة قراءتها تفكيكا دون التزام بإعادة البناء ، وهذا ما يميز تفكيكية فوكو ، وإن كان هذا الخطاب يبدو للآن عاجزا عن إيجاد بدائل عادلة ........
نلاحظ حسب رأي فوكو – والتعقيب للباحث- أن الخطاب البشري في أساسه كان خطابا ذكوريا سلطويا ، ينقصه المعيار الأساسي في التقييم وهو المعرفة المقابلة لذات العارفة التي تتمتع بالسلطة ، ومن الطبيعي أن نفهم من كلام فوكو السابق أن الخطاب السلطوي الذكوري كان يمتلأ بالأكاذيب أكثر من الحقائق وهذا ما دفع ( رورتي ): أن الذكورة وحش أكبر وأشرس بكثير من الوحوش الصغيرة الملتفة على بعضها والمتصارعة مع التقويض والذرائعية وأن الطرح الذكوري هو دفاع قوم تربعوا على القمة منذ فجر التاريخ ضد محاولات إسقاطهم ........
وبالتالي فأن البنية الأساسية لهذا الخطاب هي التي أعطت البذرة لظهور خطاب مقابله، يقوم على تفكيك السلطوي وفقا لآراء نقدية حديثة....أي بذرة ظهور الخطاب النسوي العام.....
ولكن ما هو شكل هذا الخطاب في بداية ظهوره؟
وكيف ستقابل الذات المتسلطة ، الجدل المعرفي النسوي؟
تصف الدكتورة رفقة دودين ، هذا الخطاب في إطار تعقيبها على كلام فوكو السابق:
إن خطاب فوكو المعلن سيولد خطابا مستترا آخر من قبل النساء وهو خطاب يحفظ للمجتمع توازنه ويحفظه من الأزمات المعلنة ، وهو كخطاب مستبعد من المعلن ذلك أنه خطاب يمارسه الخاضعون ، فالسيطرة تخلق الخطاب المستتر ، كما أن إعلان الموقف من الخطاب سيعني التمرد مما يستدعي رد فعل مضاد فما الحل إذا؟
( الكلام لا زال للدكتورة)
تتحول محاورة الخطاب المستتر للخطاب المعلن إلى عقد اجتماعي ضمني غير معلن ضمن وضعية الافتقار إلى أي خيار آخر ، يعتمد على المواربة والسيطرة على الذات والتخفيف من الضغوط لتعويض الحقوق بشكل آخر.....
أي أن العلاقة الجدلية بين الخطاب المعلن والخطاب المستتر تسمح بمساحة التحرك للحصول بعض المكتسبات بشكل يرضاه المجتمع ويقبله ولا يهدر سلطة الخطاب المعلن مما يولد الوعي المزدوج، فهن يمارسن الخطاب المستتر تسمح بمساحة التحرك لحصول على بعض المكتسبات بشكل يرضاه المجتمع ويقبله ولا يهدر سلطة الخطاب المعلن مما يولد الوعي المزدوج لدى النساء ، فهن يمارسن الخطاب المستتر وفي الوقت نفسه يعلن موافقتهن على الخطاب المعلن عن طريق الخضوع الشكلي لقوانينه .......
أي أن - والتعقيب لباحث - الخطاب النسوي ظهر في بداياته على أساس الرضوخ الخطاب الذكوري المعلن ، حتى لو كان الرضوخ بحد ذاته رضوخا شكليا ، ويعلن عن نفسه وفقا لقواعد ضمنية عرفية، معتبرا أن ذلك هو الحل الأمثل- على الأقل لفترة مؤقتة- للحصول على بعض المكاسب الاجتماعية ضمن علاقة جدلية لابد أن يقبلها المجتمع.......
ولكن هل التاريخ بشري يتصف بالجمود .......بالطبع لا
هناك جملة مأثورة لأر سطو قالها في كتابه السياسة ( الإنسان حيوان اجتماعي)
وهناك أيضا حكمة مماثلة لكارل ماركس وردت في مقدمة كتابه (نقد الاقتصاد السياسي).....حيث يقول :
ليس الوعي الذهني هو الذي يصنع الواقع بل أن الواقع الاجتماعي هو الذي يصنع الوعي ) ......
أن ما يقصده أرسطو وماركس هو الشيء ذاته ، أن الإنسان هو إنسان بفضل اجتماعيته، أي بفضل انتماؤه إلى المجتمع ، أي انه نتاج بنية اجتماعية لا بنية طبيعية وحسب، ومن هذا فأن صعود الإنسان من مستوى الطبيعية إلى مستوى الحضارة ، ومن مستوى الحيوانية إلى مستوى الإنسانية هو بفضل تطور يحدث في المجتمع فيقلبه من حالة البداءة إلى حالة الحضارة.....
بالتالي- التعقيب للباحث- ووفقا لهذه المقدمة ، كان لا بد للمجتمع أن ينتقل إلى مرحلة اجتماعية أخرى....المرحلة التي تسمى : بنهاية البطركية وبداية الديمقراطية....
إن الانتقال من مجتمع العلاقات التقليدية إلى مجتمع العلاقات الحديثة ، أي الانتقال من حالة الأبوية المسيطرة إلى نظام المساواة والتحرر....
لا نستطيع الحكم على أسباب الانتقال، ولكن ما له علاقة بموضوع البحث هو السؤال التالي : ما هو دور الخطاب النسوي في الانتقال إلى هذه المرحلة أو الحالة الاجتماعية.....؟
أن أول أسباب الانتقال هو البطركرية نفسها ، وما تعاني منه من علل تطلبت منه حالة من التحديث القانوني والاجتماعي العام ، إذ أن المجتمع البطركي-وكلمة نظام بطركي هي أدق في الواقع- كان يتميز بتركيب اجتماعي نفسي متناقض في كافة أوجهه ينعكس في حالة العجز والشلل التي هو فيها يتضح عجزه الوظيفي في ممارساته الروتينية، وعجزه السياسي في نطاق داخلي وفي تحقيق أهدافه الوطنية والقومية ، وشلله التنظيمي والعسكري في حماية مصالحه العليا، وتقصيره من التخلص من التبعية وفي التوصل إلى الاستقلال الحقيقي والحداثة الصحيحة ....
أنها بداية عامة،عند ذلك المجتمع الذي يبحث له عن مكان فيما يدعى بالحداثة، ويرى الدكتور هاشم شرابي أن المجتمعات العربية لم تدخل بعد في مرحلة الحداثة، بل انه لا زال في مرحلة البطركية ، لكن بقالب آخر جديد، وبتشبيه أوضح فهي بطركية مستحدثة ، ويرى الدكتور هاشم شرابي أن النظام البطركي أو الأبوي على جانب كبير من الدهاء ومن المقدرة على البقاء ن فهو قادر على حجب ماهيته البدائية المختلفة ، بمظاهر الحداثة والرقي فيبدو كأنه مجتمع متطور على وشك الانتقال إلى مرحلة اجتماعية أعلى , وهو قادر على إشباع نهم طبقاته الاجتماعية المسيطرة وفي الوقت نفسه تخدير جماهيره الواسعة ...........................(كلمة مفقودة)
ويبرز الدكتور هشام شرابي في مقالته العديد من الطرق التي ربما هي الوسيلة في انتهاء هذه المرحلة فعليا ،وانقل ما يهمنا في هذا البحث:
تحقيق تحرير المرأة ، ليس فقط على صعيد النية الحسنة والإصلاحات الصورية ، بل على مستوى القانون والممارسة الاجتماعية....
من هنا ، ومن هذه النقطة بالذات بدأ الخطاب النسوي بالظهور , مدعوما بمصطلحات الحداثة الغربية ، إذ أن الغرب من الأساسيات التي تأثر بها الخطاب النسوي العربي، من خلال علاقة معرفية كجزء من علاقة الأنا بالآخر ، المهيمن والغالب ، وهذا سيكون الموضوع الثاني لهذا البحث ، وسأناقشه كنقطة منفصلة بشيء من التفصيل ، ولكن علينا أن لا نغفل هنا أن الخطاب النسوي العربي تأثر بالخطاب الغربي المهيمن من خلال ما يدعى بالتعددية الثقافية.....
إذا قررنا بنظرية الدكتور هاشم شرابي بان المجتمع العربي لم يتعدى بعد مرحلة البطركية ، بل انتقل من بطركية تقليدية إلى بطركية مستحدثة ، وهذا بحد ذاته كان عاملا إيجابيا لانتقال الخطاب النسوي من الخاص إلى العام ، ومن المستتر إلى المعلن ، وهذا يعني أن الخطاب الجمعي النسوي لازال متأثرا بعصر البطركية حين كان الخطاب الذكوري هو السائد ، وبالتالي فأن الخطاب الجمعي ليس إلا مقابلة تعبيرية بين ذلك الخطاب الشمولي الفردي الذي كان سائدا في السابق ، وبين هذا الخطاب النسوي الذي أعلن حضوره........
وبمعنى آخر ، فالخطاب النسوي يتحدث بصيغة جمعية ليعلن عن وجوده ، وليذكر أن هناك كان في السابق خطابا سلطويا ذكوريا ، ولكن وفي هذه اللحظة – اللحظة الحالية- هناك خطاب يقابله ويلجم سلطته ، وبالتالي تتحول قضية حقوق المرأة إلى خطاب جمعي عند المساس بها.....
إن الخطاب الجمعي للمرأة – وهذا الرأي للباحث – بحد ذاته انتقاص وتذكير بأن المرأة هي كائن مستضعف ولكن ، وفي رأي الدكتورة رفقة دودين ، التي تعتقد أن هذه المرحلة ، هي مرحلة مؤقتة على الأقل من ناحية نظرية ، إذ تعتقد الدكتورة رفقة أن هناك مراحل لابد من المرور بها لإنتاج مراحل مغايرة :
للوصول إلى شكل المغايرة طبقا لجدلية هيجل والتي تتضمن مرحلة الفهم ، فهم الخطاب الأبوي واستيعابه ، مرحلة العقل الجدلي أو السلبي بإبراز تناقضاته وخاصة بين الفكر والممارسة الواقعية ، ثم مرحلة العقل الإيجابي الموصل إلى رؤية جديدة تشمل المرحلتين السابقتين ، من أجل توفير أرضية لبنى بديلة ، ومن هذه البنى البديلة المفترضة { دمج الخاص بالعام }
وتتابع الدكتورة رفقة موضحة أسباب ذلك:
لأن استمرا فصل الخاص عن العام فيما يتعلق بالمرأة مثلا يعني الحفاظ على الوضع القائم المستند إلى تقسيم الأدوار وفقا لمفهوم الجندر........
ذلك أن المرأة عندما تكتب الوطن لا يمكن أن تنفصل عن الخاص ، بل أنها تسعى إلى التحرر من محدوديته عبر هدم الحواجز الوهمية المقامة بين الخاص والعام ، عبر كتابة تستجيب للشروط الجمالية المؤسسية وتضرب بقوة الرؤية المعرفية السائدة ، مما يؤدي إلى خلخلة الخطاب الأبوي المهيمن ، ومنبع هذه الخلخلة هو التصور الدائم الخالد لمفهوم الوطن وبالتالي فأن كل ما يغاير هذا المفهوم ويخرج عليه هو بمثابة تهديد للسيادة المطلقة التي يتمتع بها الخطاب الأبوي.......
إن احتفاظ المرأة – والتعقيب للباحث- بخصوصية الخطاب ، هو بحد ذاته الفصل بين الخاص والعام ، ولابد من هدم هذه الحواجز بينهما ، سواء كانت هذه الحواجز وهمية كما تعتقد الدكتورة باختلافي معها حيث هي أقرب إلى مزيج مختلط من الحواجز القانونية والثقافية وحتى السياسية ، والمرحلة التي نستطيع أن نقول فيها أن هذه المراحل باتت وهمية ، ليست سوى المرحلة التي تحدثت عنها الدكتورة ، وهي مرحلة الجمع بين الخاص والعام (( الخطاب الذكوري الفردي والخطاب العام الأنثوي)) (( بين الحالة المعرفية السائدة وخطاب التجديد العام)) سواء كان ذكوريا أو أنثويا ، أي أن هذه المرحلة هي مرحلة المساواة التامة بين الرجل والمرأة ومرحلة تقبل الآراء المعارضة للفلسفة السائدة.....
بطبيعة الحال أن هذه المرحلة هي مرحلة الديمقراطية الكاملة ، وسيظل الخطاب الجمعي النسوي – معبرا عن النقص في جمعيته حتى يصل إلى تلك المرحلة
وهذه الرؤية تتفق أو تتشابه مع تحليلات نصر حامد أبو زيد في كتابه دوائر الخوف...
يبدأ المؤلف نصر حامد أبو زيد محاوراته وتحليلاته من كون الخطاب المنتج حول المرأة في العالم العربي المعاصر ، خطاب في مجمله طائفي عنصري ، بمعنى أنه خطاب يتحدث عن مطلق المرأة الأنثى ويضعها في علاقة مطلق الرجل / الذكر.
وحين تحدد علاقة ما بأنها بين طرفين متقابلين أو متعارضين ، ويلزم فيها ضرورة خضوع أحدهما للآخر واستسلامه له ودخوله طائعا منطقة نفوذه ، فأن من شأن الطرف الذي يتصور نفسه مهيمنا أن ينتج خطابا طائفيا عنصريا ، ليس هذا شأن الخطاب الديني وحده ، بل شأن الخطاب العربي السائد والمسيطر شعبيا واعلاميا.
ويتابع نصر حامد أبو زيد:
فالمرأة حين تتساوى ، فأنها تتساوى بالرجل ، وحين يسمح لها بالمشاركة فإنها تشارك الرجل وفي كل الأحوال يصبح الرجل مركز الحركة وبؤرة الفاعلية ، ويبدو الأمر كأنما هو قدر ميتافيزيقي لا فكاك منه ولا مناص ، وكأن مرحلة سيادة الأنثى في بعض المجتمعات الانسانية لا تكتسب دلالتها إلا من خلال فاعلية الرجل....
هنا – والتعليق للباحث- يحسم المفكر نصر حامد أبو زيد طبيعة فهم المرأة لخطاب الرجل– والتي كانت في السابق جدلية هيغلية عند الدكتورة رفقة- ليتحول الخطاب على خطاب تبعي مطلق لأن وجود الرجل بحد ذاته هو تأكيد لوجود المرأة وهذا يوضح من وجهة نظري على الأقل طبيعة عقدة النقص لدى الخطاب الجمعي للمرأة.
إذا أرادت المرأة أن تتساوى فلا بد أن تتساوى مع النقيض الأقوى ، أي أن المرأة كائن ضعيف ، والضعيف يطالب بحق الضعفاء.
ولكن إذا حسم الدكتور نصر حامد أبو زيد العلاقة بالتبعية ، بأن هناك تأكيد لوجود الأنثى ، بإبراز النقيض بل أن الحواجز ، التي كانت وهمية في السابق ، لا بد من وجودها عند المفكر نصر أبو زيد لأنها تؤكد وجود المرأة ....
فما الحل إذا ؟ وكيف يتصوره المفكر نصر أبو زيد؟
إذا كان الطرح السابق يدعي أن الخطاب النسوي سيتخلص من عقدة النقص في مرحلة الديمقراطية الكاملة فكيف سيكون التوجه الآن؟
أنه خطاب النهضة........
يذهب مؤلف كتاب دوائر الخوف إلى أن خطاب النهضة يجمع المشتت ، فالجزء لا قيمة له خارج المنظومة ، واحتقار المرأة صورة لاحتقار الإنسان ، ولا يُحتقر الإنسان إلا في مجمع تحكمه قبضة تدعى يدعي صاحبها حقوقا ميتافيزيقية...
ويتابع أبو زيد:
فإذا كنا نحتقر المرأة ، ولا نعبا بما هي فيه من هوان وسقوط ، فإنما ذلك صورة لاحتقارنا لأنفسنا ورضاؤنا بما نحن فيه ، وإذا كنا نحبها ونحترمها ونسعى لتكميل ذاتها فليس ذلك إلا صورة من احترامنا لأنفسنا وسعينا في تكميل ذاتنا ، وليس من المعقول أن تسقط المرأة ويرتفع الرجل ، وهذه حقيقة نبرة لم تتسع لها بعد أذهاننا ..
تلك هي الصورة المصغرة لخطاب النهضة ، وهي تتسع كلما تابعناها لتقف ضد التفرقة على أساس الدين أو العرق أو الطائفة ، بل وتتسع أكثر لتناقض ثنائية الأنا والآخر بوصفهما نقيضين ........

خطاب المرأة بين التأثر والتأثير:(الإشكالية الثانية)
بعد أن شرحنا الإشكالية السابقة لا بد أن تتبادر إلى الذهن الأسئلة التالية:
ما نوع العلاقة بين خطاب المرأة والغرب فيما يعرف باللقاء الحضاري؟
وكيف نستطيع تفسيره في ظل نظريات صدام الحضارات ، والعولمة؟


شكل موضوع اللقاء الحضاري مع الغرب ، كما تقول الدكتورة رفقة دودين

إن محاكمة كهذه هي في واقع الأمر شتيمة حقيقية للإسلام ما دامت تدعم فكرة أن هذا الإسلام لا يمكن أن يتماسك إلا إذا كان مفروضا على الناس كقانون سلطوي مع تجنيد كل المحاكم لمعاقبة أولئك الذين يشربون الخمر أو يرفضون الصيام في رمضان ، وحسب تلك الحجة أيضا فأن الإسلام بدون الشرطة لا يملك شيئا ليقدمه إلى ذلك المواطن العصري الذي سيتخلى عنه بمجرد أن تتوقف مراقبة الدولة
ص 88 ( ميثاق الأمم المتحدة مومس الدبلوماسيين) الطبعة الأولى 1994


إن الأنظمة الإسلامية الحديثة التي تكب على أن تستثمر من المقدس الرمزي كل ما يدعم رابط الطاعة، قد نجحت في قهر الجماهير على المدى القصير، لكنها لم تنجح على المدى الطويل إلا في أن تساعد على إيقاظ (الطاغية) وإن كانت دعايتها المتلفزة تضع بعناية هذا المفهوم جيدا.....
الإسلام معادلة لها طرفان موجب(إسلام وطاعة) وسالب(طاغية وفتنة).
ومع أن التلفاز لا يتحدث إلا عن الطرف الأول، فأن المنطق الرمزي ينشط المصطلح المفقود:ظل الطاغية
وبعد قرون من ظهور الإسلام فأن الكثير من زعماء الإسلام احتفظ بتلك العادة الفظة في أن يعتبروا أنفسهم فراعنة ، فأما أن يعلنوا أنهم أنبياء مع أن الله حدث أن محمدا (صلى الله عليه وسلم) كان آخر من حصل على هذه الميزة ، وإما أن يقرروا التقدم تقدما ملموسا في النزاع فيتألهون......



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العزلة-The Isle2000 للمخرج الكوري كيم كي دك:مخرج ضد الكيتش و ...
- باريس تكساس 1984(فيم فندر): عن الماضي المختفي في احضان ترافي ...
- Bird Cage Inn- خان قفص العصفور(كيم كي دك):المساواة البشرية م ...
- اجنحة الرغبة 1987(للمخرج الألماني فيم فندر): السينما التي تت ...
- قصة طوكيو1953(ياسسوجيرو أوزو): أليست الحياة مخيبة للآمال...؟ ...
- التمساح 1996(للمخرج الكوري كيم كي دك):بازوليني السينما الكور ...
- ليلة عربية1974 (بيير باولو بازوليني):توظيف لعالم الف ليلة يب ...
- حكايات كانتربري 1972(بيير باولو بازوليني): قصص لاتستدعي ابدا ...
- ديكاميرون1971(بيير باول بازوليني) :عن الف ليلة وليلة الايطال ...
- حظيرة الخنازير 1969(بيير باولو بازوليني): قصة لاداعي لها وخا ...
- ميديا 1969(بيير باولو بازوليني): قصة عن الفروسية وعن الملك و ...
- الحب والكره 1969(فيلم لخمسة مخرجين):عن اللامبالاة وعن الألم ...
- توريما 1968(بيير باولو بازوليني): تشريح انتقادي خفي وغامض لل ...
- مانوخوليا 2011 لارسن فون تراير:الحياة ليست ضمن مسارها الطبيع ...
- 1963 RO GO PA G بازوليني صنع فضيحة من فيلم متدني المستوى الف ...
- عقدة اوديب 1967(بيير باولو بازولييني): البداية الابداعية الس ...
- يوميات قس قي الارياف 1951(روبرت بيرسون): هل على الانسان اليأ ...
- ماما روما 1962:التزام بازوليني بقواعد في لعبة لم يتقنها بحذا ...
- فيلم الخريج للمخرج البريطاني ميك نيكولاس:التبشير بسينما طليع ...
- الحياة المزدوجة لفرونيكا 1991(كريستوف كيسلوفسكي):من هي فيرون ...


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال سمير الصدّر - اشكالية خطاب المرأة