أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - حين رأت جدها – لا تخافي














المزيد.....

حين رأت جدها – لا تخافي


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4267 - 2013 / 11 / 6 - 18:00
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كانت في الخامسة عشرة من عمرها ترى نفسها دوما ً غير قادرة على ما تستطيع الفتيات الأخريات أن يحصلن عليه. هو بنطلون جينز واحد و بلوزتان و حذاء، رصيدها من الملابس، مع شنطة كتب تحملها للسنة الثالثة على التوالي، فهي ما تزال جيدة.

لا يُسمح لها بأكثر من روج أحمر على شفتيها و ربطة لشعرها، و الأخيرة لم تعد ذات قيمة منذ أن تحجبت، أتتها أمها بحجابين كل ٌ بلون لكن الأبيض غالب على كليهما، و قالت لها: "مبروك يا بنيتي أصبحت ِ إمرأة الآن"، و لم يكن سوى هذا الإعلان ضروريا ً حتى تنفذ الفعل، ربما لأن كلمة "إمرأة" أشعرتها بأنها على أعتاب مرحلة ٍ جديدة علها فيها تجد سعادة ً لم تعرفها.

تستقل مع والدتها باص الأجرة مع الركاب، و يأخذها الخيال بعيدا ً فترى نفسها في داخل الفلل الفخمة، لكنها دائما ً بدون أثاث، فعقلها الصغير لا يعرف كيف يكون شكل الأثاث عند عُلية القوم، لكنها ترى الجدران و تتخيل المساحات الشاسعة و تشم رائحة الطبخ و تظل في عالمها السعيد تتنقل من فيلا إلى إخرى حتى تنزل من الباص مع أمها و تخطو شوارعا ً ترابيه قذرة ثم تنحدر الدرجات إلى بيتهم.

رأها يوما ً أمام مدرستها، سأل البواب عنها و عرف عنوانها، ذهب إليهم خاطبا ً، كرشه الكبير و لغده المتدلي و لهاثه أثناء الحديث أمور ٌ لم تلفت النظر كثيرا ً، غطت عليها جميعها بدلته الأنيقة و كمية الهدايا التي حملها، و كلامه الواثق من نفسه و رجله الموضوعة فوق الرجل الأخرى.

تمت الصفقة في أيام و زُفت من المدرسة إلى فيلا كتلك التي كانت تراها من نافذة الباص، لكن مساحة غرفة النوم و البلكونة الخارجية التي كان القمر البدر يظهر منها اختفت أمام موت نفسها و هو يلتهم جسدها. بكت كثيرا ً حينما انتهى و دخل الحمام ليغتسل، و لما عاد من أجل جولة ٍ جديدة أصابها الرعب و هو يقف أمام وجهها و يُلصق نصفه الأسفل بفمها، فهمت ما أراد فرجعت بحركة لا إرادية للوراء لكنه أمسك بشعرها و شدها إليه.

في تلك الليلة لعنت نفسها و كرهت أبويها و حقدت على العالم، و حينما كان شخيره يملأ الغرفة كانت تموت دموعا ً تتسرب منها روحها، و خُيِّل إليها أن جدها الذي كان يدللها و هي صغيرة يُمسك بيدها، و يمسح على شعرها و يهمس في أذنها: "لا تخافي". بكت ثم شهقت شهقة ً مكتومة و غادرها شئ ٌ لا تعلم أنه كان موجودا ً معها إلا حين غادرها.

في الصباح الباكر أفاقت على صوت زقزقة العصافير خارجا ً، خرجت إلى البلكونة ِ عارية ً، ابتسمت للعصفور و قالت له: "خذني معك" ثم ألقت بنفسها إلى الأسفل.

قالوا في المستشفى أنها محظوظة لأن ارتطام رأسها بالأرض لم يقتلها، لكنها أصيبت بالشلل و لن تستطيع الحراك في نصفها السفلي، امتعض الزوج و لم تطل الأيام حتى طلقها و عادت إلى بيت أبيها على كرسي متحرك جاد به ممرض في المستشفى من المخزن.

ما زالت كل ليلة ٍ تشم أنفاسه الكريهة و تحس ُّ يديه على جسدها، و تنام مع الدموع، و ترى جدها في المنام، يمسح على رأسها و هو يقول "لا تخافي".

لقد متنا حينما اغتلنا إنسانية النساء.

من له آذان للسمع فليسمع!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة الشر في العالم – بين الإيمان و الإلحاد
- هذربات الفلافل - قصيدة نهاية الصيف
- تمثال العذراء المكسور – رمزية الاعتداء
- الهالوين – شاهد على أسرار البنية الدينية
- المُشترك الأعظم – الإنسانية
- الإنسانية في الفكر المسيحي – إنسجام المنطق بفعل المحبة.
- الرجال و مرآتان لهوية التعريف
- الإخوان المسلمون و العلم الأردني و إشاره رابعة
- Tell me why بين الإيمان و الإلحاد
- ما زلت أذكر ُ تلك العجوز – ما زلت أذكر سيدي
- قوك يا أردن – مع محمود الحويان
- كيف نفهم حادث كنيسة الوراق – بين أميرة و مريم و محمد.
- الثقة بالله – خاطرة قصيرة جداً.
- قانون التظاهر المصري الجديد – ألا تتعلمون أبدا ً؟
- رسالة إلى السيكلوب
- من يستطيع النهوض بالمجتمعات العربية؟ - السؤال الخاطئ
- السنة و الشيعة – هل هؤلاء مجموعات جديدة؟
- قراءة في أدب حنة مينة – البحر وجودا ً و الفردية في رحلة الكش ...
- السينما بين السبكي و الأخوين واتشسكي – طرفا البعد الإنساني
- -قد سمعتم أنه قيل أما أنا فأقول لكم- – الرسالة الجديدة للعهد ...


المزيد.....




- جريمة تهز لبنان.. مقتل شابة بعد اغتصابها في فندق ببيروت
- ملياردير إماراتي يتدخل لمساعدة ضحايا -عصابة اغتصاب القصّر- ف ...
- مغامرات الفتاة الدعسوقة والقط الأسود.. تردد قناة كرتون نتورك ...
- شاهد.. امرأة ورجل يضرمان النار بنسخة من القرآن الكريم وعلم ف ...
- السعودية تحبس مناهل العتيبي 11 عاما لدعمها حقوق المرأة.. وال ...
- “قدمي بسرعة هُنــا minha.anem.dz” .. التسجيل في منحة المرأة ...
- ميدو ضرب لولو..اضبط الآن تردد قناة وناسة الجديد 2024 على الق ...
- شو صار عند الدكتور يالولو.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 على ...
- كاميرا مراقبة توثق لحظة مروعة لدهس امرأة وطفلتها في أمريكا.. ...
- الأونروا: العدوان على غزة مستمر كحرب على النساء


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - حين رأت جدها – لا تخافي