أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تردي الوضع العربي - نزاع الصحراء مسمار في نعش المغرب العربي















المزيد.....



تردي الوضع العربي - نزاع الصحراء مسمار في نعش المغرب العربي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4263 - 2013 / 11 / 2 - 16:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تردي الوضع العربي
نزاع الصحراء مسمار في نعش المغرب العربي
قد يطرح السؤال عن ما العلاقة بين تردي الوضع العربي ونزاع الصحراء بالمغرب العربي . الاجابة سهلة وبسيطة وهي ان هناك علاقة طردية تواصلية بين العالم العربي والمغرب العربي ، لذا فان اكبر المظاهرات المؤيدة للحقوق العربية ، انطلقت من المغرب ( فلسطين ، حرب الخليج الاولى والثانية والثالثة ، العراق ، سورية ، غزة ، لبنان .. لخ ) ، بل ان الحركة الماركسية اللينينية المغربية اعتبرت في المؤتمر الوطني الثالث عشر والخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، القضية الفلسطينية قضية وطنية ، هذا دون ان ننسى راديو القاهرة الموجهة للمغرب العربي عند مواجهة الاستعمار الفرنسي ، لذا فكل ما كان يحصل بالشرق العربي ، كان يجد له صدى في غربه ، وكل ما كان يحصل بغرب الوطن العربي ، كان يجد له صداه في شرقه . الم تؤجج حركة البوعزيزي التونسي المصرين واليمنيين والليبيين والسوريين في مواجهة حكامهم المستبدين ؟ الم يرخ مشكل الصحراء بظلاله على العلاقات العربية العربية التي توزعت بين مؤيد للمغرب وبين مؤيد للجزائر ؟ اليس مشكلة الصحراء المفتعل بمنطقة المغرب العربي يخدم اجندة غربية صهيونية تدمر شرا بالعرب بمغربهم ومشرقهم ؟ اليس مشكل الصحراء المفتعل وبدعم امبريالي صهيوني هو تكملة لسايكس بيكو تم التخطيط له ما قلب النكسة او حرب يونيو 1967 ؟ اليس مشكل الصحراء المفتعل والأطوار الغريبة والخطيرة التي اتخذها هو نهاية لما يجري اليوم من تفتيت وتدمير للعديد من البلاد العربية المشرقية ؟ هل نسينا ما حصل للعراق وحصل لليبيا ويحصل لسورية وما سيحصل لليمن وما حصل وسيحصل للسودان من تجزئة وتفتيت يجعل من اسرائيل المغتصبة للأراضي العربية قوة اساسية آمنة تصول وتجول في غيبة قوة رعد عربية لمواجهة الاطماع الصهيونية الى تراب المملكة العربية السعودية ؟ وهل الجامعة العربية ، التي هي جامعة الحكام لا تزال تتسع لمقعد ما يسمى ب " الجمهورية العربية الديمقراطية الصحراوية " وأين مقعد فلسطين التاريخ ؟ وأين ( فلسطين يهودا والسامرا الضفة والقطاع التي غرقت بالمستوطنات وتحول الساكنة الفلسطينية الى كانتوهات يتحكم في الدخول والخروج منها الموساد والشاباك و الجيش الاسرائيلي ؟ من السبب فيما وصلت اليه القضية الوطنية من تدهور صحراوي ودولي اضحى يهدد مستقبل المنطقة ومستقبل الاقاليم الصحراوية المفتوح على جميع الاصعدة والاتجاهات ؟ ما هو المآل والنهاية التراجيدية التي تنتظر قضيتنا الوطنية بسبب ( الدفاع ) عنها من محامين غير اكفاء يستعملونها في مراكمة الثروات والنهب والجشع وممارسة الاستبداد والظلم والطغيان ؟ وأخيرا وليس آخرا من يقدم الحساب وعليه تقديمه عن الفشل الذي عبر عنه العاهل المغربي في خطابه الاخير عند افتتاح الدورة البرلمانية حين ارجع القضية الى المربع الصفر ، اي الى نقطة البداية التي سبقت 1974 ، وذلك حين قال " ان قضية الصحراء واجهت خلال هذه السنة تحديات كبيرة تمكنا من رفعها ، بفضل قوة موقفنا ، وعدالة قضيتنا ... غير انه لا ينبغي الاكتفاء بكسب هذه المعركة ، والانخراط في التفاؤل " وأضاف " ان الوضع صعب والأمور لم تحسم بعد ، ومناورات خصوم وحدتنا الترابية لن تتوقف ، مما قد يضع قضيتنا امام تطورات حاسمة " . إذن ما معنى " لا ينبغي الافراط في التفاؤل " وما معنى " الوضع صعب والأمور لم تحسم بعد ... مما قد يضع قضيتنا امام تطورات حاسمة " ؟ . انه كلام خطير و اكثر قوم مما قاله والده الحسن الثاني رحمه الله " لقد سيطرنا على الصحراء ، لكننا لم نملك قلوب الصحراويين " .
في سنة 1975 اعلن الملك الراحل الحسن الثاني في احدى تصريحاته : لقد انتهت مشكلة الصحراء . وبعد مرور سنوات ، وأمام تعقد الوضع الذي اضحى صعبا بسبب حرب الاستنزاف التي كانت تشنها البوليساريو بدعم من الجزائر وليبيا وكوبا وانغولا ، اضطر الملك الراحل ان يصرح في احدى خطبه قائلا : " سيطرنا على الصحراء ، لكن لم نملك قلوب الصحراويين " . ان هذا التصريح في حينه اعتبره البعض عبارة عن نقد ذاتي لمعالجة قضية بطرق خاطئة ، ومنهم من اعتبره اعتراف بتورط المغرب في مستنقع لن يخرج منه بسلام حتى يدفع الملك المقابل المنتظر ، اي نظامه ، وسيما ان العديد من الحركات السياسية الجمهورية اعتبرت ان النظام بإثارته قضية الصحراء ، يكون قد حفر قبره يبده ، وخاصة ان بعضها اعتبر الصحراء نقطة انطلاق وبؤرة ثورية لتحرير المغرب من النظام الملكي وتعويضه بنظام جمهوري يمزج بين الجماهير في الصحراء والجماهير بالمغرب ،كما ومنهم من اعتبره فشل واضح في تدبير الملف بواسطة محامين غير اكفاء . وهنا فان قولة الملك تكون قد صدرت من القلب ولم تكن اعتباطية او حصلت سهوا ، لأنه لا يمكن تصور ارض بدون سكان ، وما دام سكان الصحراء هم الصحراويون ، فان عدم امتلاك المغرب لقلوبهم ليس له من تفسير غير رفضهم الاندماج مع المغرب لاعتبارات لا تعود فقط للصحراويين ، بل تعود بالأساس لتدخل قوى اجنبية -- (امكانية تكرار الحالة الموريتانية ) -- وجدت فيه حلا ناجعا لإلهاء العرب بمشاكل جانبية ، ونسيانهم الجانب الاساس المتمثل في الصراع العربي الاسرائيلي ، والعمل على اضعاف مصر الناصرية بإخراج الجزائر البومديانية من حلبة الصراع لصالح تقوية الدور الاسرائيلي الصهيوني بالمنطقة العربية . وقد لعب وزير خارجية نيكسون آنذاك هنري كيسنجر دورا في اشعال فتيل النزاع في الصحراء بتوريط الجزائر في مشكلة يصعب عليها الآن التراجع عنها بدون تنظيم الاستفتاء لتقرير المصير بالصحراء .
لقد رحل الحسن الثاني الى دار البقاء ومشكل الصحراء لم يحل بعد ، بل زاد تعقيدا سواء بالنسبة للصحراويين الذي ينشطون داخليا على اجندة تقرير المصير المؤدي الى الاستقلال ، او بالنسبة للمنتظم الدولي الذي لم يحسم بعد في طرق حل النزاع ، ما دام انه لا يؤثر كما كان في السبعينات والثمانينات في السلم العالمي ، وما دام ان الحل النهائي ، وأمام اشتدادا الازمة ، لن يحيد عن الاستفتاء كخيار من خيارات تطالب بها البوليساريو ومدعميها من القوى الاجنبية ( المبادئ العامة للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة ) ، وهنا لابد من الاشارة الى ان جميع قرارات مجلس الامن ’تديّل بالتنصيص على الحل المؤدي الى الاستفتاء لتقرير المصير ، وهذا لن يخدم الاطروحة المغربية سواء تلك التي كانت تعني الضم المباشر للإقليم ، او الاطروحة التي تمثلت في مقترح الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر والمداد الذي كتب به ، لان نجاح هذا الحل يتوقف على قبوله من الطرف المخاطب به ، الذي هنا البوليساريو وتيارات الانفصال بالداخل ، إذ لا يمكن للمغرب بعد ثلاثين سنة من الصراع ، ان يأتي في آخر لحظة مدعيا انه اكتشف متأخرا ، بان للصحراويين مميزات خاصة توجب منحهم حكما ذاتيا في اطار السيادة المغربية ، لأنه ان فعل ، اي اذا طبق الحكم الذاتي من جانب واحد ، وسيكون فاشلا بجميع المقاييس ، سيكون هذا الاجراء بمثابة تشكيك من الدولة في مغربية الصحراء وفي مغربية الصحراويين ، وليس الصحراويون هم من شكك في مغربيتهم وفي انتماءهم الطبيعي والتاريخي للمملكة المغربية . كما ان المغرب ،فيما اذا قبلت البوليساريو بحل الحكم الذاتي ، سيكون ملزما بالتفاوض امميا ، وتحت اشراف مجلس الامن ، على الصيغة النهائية للحكم الذاتي مع البوليساريو والجزائر ، وهو ما يتعارض مع مفهوم الجهة المتقدمة او الجهة الموسعة الاختصاصات التي تدخل ضمن اختصاصات السيادة المغربية والشأن العام المغربي ، وهنا فالدولة يمكن ان تنشأ المناطق الجهوية بظهير شريف او باقتراح قانون تنزله الحكومة الى البرلمان .
اذا كان الملك الراحل في احدى تصريحاته قد قال " ملكنا الصحراء ولم نملك قلوب الصحراويين " وهو شعور بالمرارة وبفشل الطرق التي كانت معتمدة في معالجة القضية ، وهو ما يعني كذلك البحث عن طرق اخرى في التعاطي مع الجديد الذي يفاجئ المغرب يوميا بسبب حرب الاستنزاف ، وثقل حجم الديون ، وتأزم الوضع الداخلي الذي كان يعرف إنفجارات شعبية متعاقبة ( مظاهرات يونيو 1981 ، مظاهرات 1984 ، مظاهرات 1990 ، فشل انقلاب الجنرال الدليمي ) فان مراوغة الملك الذكية للالتفاف على المشاكل وتحنيطها ، كان اقتراحه في نيروبي الثاني ، تنظيم الاستفتاء كحل ديمقراطي لوضع نهاية للصراع الذي دام حوالي ستة عشر سنة ، وهو الاستفتاء الذي لم ينظم الى اليوم ، لأنه لو تم تنظيمه فان قرابة 99 في المائة من الصحراويين سيصوتون لصالح الانفصال ، وهو ما يعني خسران القضية من بدايتها التي كانت معطوبة . ان هدف الحسن الثاني من الاعتراف بتنظيم الاستفتاء ، كان قد خلف حالة جديدة تمكنه من العب على الوقت الذي لم يكن في صالح المغرب ، ومن ثم فان التمطيط الذي ادخله الملك الراحل باستعماله الاستفتاء التأكيدي ، وهو المصطلح الغير الموجود في القانون الدولي ، مكن المغرب خاصة منذ التوقيع على اتفاقية وقف اطلاق النار ، من تجديد استراتيجيته العسكرية ومن تقوية جيشه ، ومن خلخلة الاوساط الدولية التي تراوحت مواقفها من القضية الوطنية بين مؤيد ومعارض ومتحفظ ، وهو الامر الذي خلق فجوة زادت من تقويتها بفضل تفجيرات 16 مايو بالدارالبيضاء و انخراط المغرب في الموجة الغربية على الارهاب .
بعد مجيء العاهل محمد السادس الى الحكم ، استمر الوضع في الصحراء كما كان عليه ابان حكم والده ، الستاتيكو المخيم على العلاقات بين اطراف الصراع ، استفحال الاوضاع المضطربة بالمنطقة ، جنوح العديد من الدول بمجلس الامن الذي ’يذيل قراراته بالتنصيص على الاستفتاء لتقرير المصير ، بالتأكيد على هذا الخيار الى جانب الخيارات الاخرى المطروحة ، توسع قاعدة الانفصاليين المدعمين للبوليساريو ، التهديد من قبل قادة الانفصاليين بالعودة الى حمل السلاح .. في هذا الجو المكفهر الذي لا يخدم القضية الوطنية ، فاجأ العاهل المغربي العالم بخيار الحكم الذاتي كبادرة لخلخلة الملف ، وتجنيب المنطقة وضع الستاتيكو ، الفراغ المهدد للمنطقة ، حيث ان الطبيعة لا تقبل الفراغ بطبيعة الحال ، إن هذا الاقتراح المغربي الذي كان مناورة ذكية على مطالب الخصوم المؤيدة بالمنتظم الدولي ، مات منذ لحظة اعلانه ، وقبل ان يجف الحبر الذي كتب به ، والسبب بطبيعة الحال رفضه من قبل الطرف المعني به ، جبهة البوليساريو وفلول الانفصال بالداخل .
إذا كان هذا الاقتراح المغربي ، وعلى عكس اعداء الوحدة الترابية للمملكة ، قد وجد بعض الصدى والتجاوب بفعل تضامن الغرب مع المغرب على إثر تفجيرات 16 ماي 2003 ، وبسبب انخراط المغرب في الحملة الامريكية ضد الارهاب ، فان هذا الاقتراح لم يغير شيئا من قواعد اللعبة التي تتحكم فيها الدوائر الامبريالية ، والمفروضة بقوة الضغط على الرباط والجزائر العاصمة ، لذا بدأت التراجعات الاوربية والأمريكية عن المواقف التي تبنوها غداة انفجار الدار البيضاء ، وأصبحت المنظومة الدولية داخل مجلس الامن وبالجمعية العامة للام المتحدة ، وباللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار تتخذ مواقف تصب كلها في جانب الاستفتاء لتقرير المصير بالصحراء ، بل الادهى والأبعد من هذا ، محاولة الولايات المتحدة الامريكية توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل التكفل بحقوق الانسان بالصحراء ، اي الاراضي المتنازع عليها ، وبتندوف بالجزائر . واذا كانت تدخلات اصدقاء المغرب مثل فرنسا والسعودية والإمارات العربية المتحدة قد حالت دون استصدار مجلس الامن لقرار يقضي بتوسيع مهام المينورسو بالصحراء ، مما يعني خلق مقيم عام اجنبي يتولى التصرف ضد توجهات الدولة المغربية ، فان ما يستشف مما يروج له بأروقة الامم المتحدة وبمجلس الامن ، قد يكون مفاجئا للمغرب في ابريل القادم .
امام خطورة التهديد الذي تتعرض له قضية الصحراء ، فاجأ العاهل المغربي الرأي العام الوطني وليس الدولي ، في الخطاب الذي القاه مؤخرا بالبرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية التشريعية بحقائق لم تكن غائبة عن ادهان المهتمين الوطنيين بالقضية الوطنية ، حيث قال مخاطبا الشعب " فقد لاحظنا إختلالات في التعامل مع قضيتنا المصيرية الاولى " " ان الوضع صعب والأمور لم تحسم بعد ، ومناورات خصوم وحدتنا الترابية لن تتوقف ، مما قد يضع قضيتنا امام تطورات حاسمة " .
إذا كان اعتراف الحسن الثاني بقوله " ملكنا الصحراء ولم نملك قلوب الصحراويين " قد اوقفت القضية عند منتصف الطريق ، وهو ما يعني ضرورة خلق فترة للتأمل والمراجعة لمحاولة امتلاك قلوب الصحراويين الذين تضاعف عدد انفصالييهم ، وهو ما يعني فشل المغرب في امتلاك قلوب اهل الصحراء ، فان خطاب العاهل محمد السادس الاخير ليس له من تفسير ، غير ارجاع القضية الى المربع الصفر ، اي الى نقطة انطلاقها الاولى في سنة 1974 . فهل خطاب الملك هو اعتراف بحقيقة لم تكن في يوم من الايام غائبة عن ادهان النخبة والرأي العام ، وليس الشعب الذي يستعمل فقط في التصفيق ، اي ان الوضع في الصحراء لم يحسم بعد لصالح مغربية الصحراء ، وان المغرب والقضية بالأخص مفتوحة على جميع الاحتمالات بما فيها تدخل المجتمع الدولي لإنجاح حل الانفصال بواسطة مشروعية مكذوب عليها ، هي الاستفتاء لتقرير المصير بالصحراء ؟ وهنا حالة تيمور الشرقية تبقى الانسب لإنجاح مخطط الانفصال .
هل الخطاب الملكي الذي كان جريئا عندما قال " والأمور لم تحسم بعد .. مما قد يضع قضيتنا امام تطورات حاسمة " هو محاولة لتملص الدولة من وظيفتها التي فشلت فشلا ذريعا في تدبير ملف اثرى على اساسه مجموعة من اللصوص الذين يجب ان يؤذوا الحساب الآن على ما اقترفته ايديهم من اساءة لملف القضية الوطنية وللشعب المغربي الذي يمول الاوضاع في الصحراء من خلال الضرائب المختلفة ، ومن خلال ابناءه الذين يموتون في الصحراء ، وليس ابناء آل الفاسي والأقرباء والمحظوظين ولوبيات الفساد المختلفة المنتشرة بالدولة ؟
وهل خطاب العاهل المغربي كذلك اعتراف بعدم الجدية والمسؤولية ممن يشتغلون على الملف وحان الوقت لإشراك الشعب مباشرة في الدفاع عن القضية الوطنية حين قال " فقد لاحظنا اختلالات في التعامل مع قضيتنا المصيرية الاولى " ؟
ان هذه التساؤلات لا يمكن الاجابة عنها اذا لم يتم تحديد المسؤوليات المختلفة عمّن يقف وراء هذه الاساءات التي اصابت القضية الوطنية . فمن المسئول الاول عن التراجعات الدولية في تدعيم القضية الوطنية خاصة حل الحكم الذاتي الذي رغم رفضه من قبل البوليساريو والجزائر ، فإنه لقي تجاوبا قل نظيره في بدايته الاولى من قبل العديد من الدول المقررة في السياسة الدولية ، وعلى رأسهم ادارة الرئيس جورج بوش الابن وهيلاري كلينتون ؟ لماذا تراجعت ادارة الديمقراطيين عمّا التزم به الجمهوريون في البيت الابيض ؟ لماذا نجحت البوليساريو من خلق لوبيات ضاغطة ومساندة لمقترح الاستقلال داخل البرلمان الاوربي ( تقرير شارل طانوك ) و قرار البرلمان الاوربي الذي اعتمد قرارات مجلس الامن التي ’تديل كل مرة بجملة تقرير مصير شعب الصحراء الغربية ، مع تركيزه على احترام حقوق الانسان من قبل السلطات المغربية .
ان اصل المفارقة بين الامس واليوم هو ما تخفيه قضية الصحراء من مفاجئات مستقبلية و خطيرة على الوحدة الترابية للمملكة . فبالأمس كان الصحراويون مع الوحدة ، واليوم يشقون عصا الطاعة على الدولة ويطالبون علانية بالانفصال وبتكوين الجمهورية العربية الديمقراطية الصحراوية . اذن ما السبب في هذا الخلل الذي اضحى مهددا على الامد القريب وليس المتوسط حتى لا نقول الامد البعيد ؟
عندما توفي الملك الراحل بكاه وسار في جنازته المستضعفون والفقراء والمهمشون ومن سمّاهم بالاوباش الذين هم مغاربة بالجنسية وليس بالحقوق والمساواة ، ولم يمشي في جنازته آل الفاسي ولا الهمة او الشرقي ضريس وأمثالهم كثيرون الذين تشفوا لرحيله . وعندما جاء الى الملك خلفه العاهل محمد السادس في هدوء وسكينة وتضامن ، بلغت نسبة تأييده ومبايعته وسط الشعب خاصة الشباب اكثر من 99 المائة ، لان الناس سارت بحق انه ملك الفقراء الذين تضاعف عددهم بشكل مهول ، وفي نفس الوقت تضاعف عدد الاغنياء الذين زادوا غنى . كما كان سبب ذاك التأييد والارتباط الشعبي الشبابي بشخص العاهل المغربي وبالملكية وتعلقهم بالعرش استبشارهم خيرا بالعاهل الجديد الذي سينشر العدل وأقول العدل والإنصاف ، وسيحارب الظلم والفساد والتمييز بين ابناء الشعب درجات . لكن هيهات بين التمني وبين الواقع الناطق بكثرة الظلم الذي اضحى ظلمات ، والاعتداء على الناس وتطبيق القانون في حق المستضعفين وصغار المواطنين ، وإفلات الميسورين والمحظوظين والعائلات من تطبيقاته . لقد رفعت عيّنات من الشعب المغربي اثناء مظاهرات 20 فبراير شعارات من قبيل " الشعب يريد اسقاط النظام " ، اي نظام محمد السادس لصالح ملك جديد يقبل بإملاءات قوى الضغط المختلفة ، ورفعت عيّنة اخرى من المغاربة شعار " الشعب يريد اسقاط النظام " ، اي اسقاط الدولة لصالح الجمهورية ، في حين رفعت عيّنات من المتظاهرين شعارات الملكية المشلولة ( البرلمانية ) ، اي التعامل مع نظام العاهل محمد السادس مع تجريده من السلطات التقريرية التي يعطيها له الدستور ، وعقد البيعة كأمير للمؤمنين مرتبط مع الامة وليس مع الاحزاب التي تؤثث بشكل مهزلي الفضاء السياسي بكركوزات ما اتى بها زمان ، مما خلق نوعا من الرداءة ما بعدها رداءة بعد موت السياسة والقيم والمبادئ ، وتعويضها بالمصلحة والزبونية ، حتى صرنا نرى كيف اضحى الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال فرعان من فروع الاصالة والمعاصرة . ان هذا التحول الخطير وسط الشعب عمّا ساد عند اعتلاء الملك العرش ، حيث تدحرجت نسبة التأييد الشعبي درجات خطيرة عن نسبة 99 في المائة ، وهنا لابد ان نشير الى ان المواطنين الذي يأتون لاستقبال الملك بمناسبة التدشينات بالاقاليم ، يأتي بهم المقدمون والشيوخ والقياد تحت الضغط ، ويا ويل من تأخر وليس فقط تغيّب او تخلّف ، كما ان صور جلالة الملك التي يرفعها ويلوح المواطنون الذين استقدموا بضغط السلطة ، تطبعها العمالات والولايات ووزارة الداخلية ، وليس المواطنون او جمعيات المجتمع المدني هي من يتولى ذلك . فهل من كذب على الملك اكثر من هذا الذي يريد استبلاده واستغفاله ، بل واستهباله . فمن المسئول عن هذا التراجع الشعبي الذي كان لجلالة الملك غداة تربعه على عرش المغرب ؟ قبل الاجابة لابد من مواصلة التعرية عمّا يجري في اليوم في الصحراء .
في سنة 1999 أوعز فؤاد الهمة للجماهير المغربية بالأقاليم الجنوبية للتظاهر قصد ابعاد ادريس البصري وقتله في المهد ، وحتى يخلو له الجو مع فريقه الجديد للاستفراد بالملف ، اي لعب دور ادريس البصري ايام الحسن الثاني الذي فشل فيه ، وبالتأكيد خرجت المظاهرات رافعة شعارات ضد وزير الداخلية السابق ، ومعلنة تشبثها وارتباطها بشخص الملك محمد السادس وبالدولة العلوية ، كما رفعوا الاعلام الوطنية ومطالب الوحدة مع المغرب . إذن بين الامس واليوم ماذا حصل وماذا تغير ؟
لقد انقلب الصحراويون الوحدويون على عهدهم ، وانضافوا الى طابور الانفصاليين بالداخل ، وأصبحوا في مظاهراتهم وخرجاتهم يحملون اعلام البوليساريو ويرفعون شعارات " الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية " ، بل اصبحوا يتجاوزون ذلك الى توزيع المنشورات المؤيدة للانفصال ، والكتابة على الجدران لشعارات الجمهورية . اليس من دليل ومعنى لهذا الموقف الجديد للصحراويين الذين يطالبون بالاستقلال غير ما قام المهندس احمد بن الصديق الذي تعرض للظلم دون انصاف ، اي خلع بيعة الملك من عنقهم . اليس الوضع خطيرا ومن الخطورة بمكان ؟ من المتسبب فيه ؟ .
إذن السؤال هو : من هي المافيا الظالمة والمعتدية والفاسدة التي سرقت الملك وأبعدته عن الشعب ، وعن الجماهير المغربية في الصحراء ، وجعلته من حيث لا يشعر او يدري ينظم اليها ويصطف في صفوفها ؟ ان هذه المافيا التي محورها الشرقي ضريس تلميذ ادريس البصري هي السبب في كل النكوص الذي حصل وسط الشعب المغربي ، وهي المسئولة عن التراجع الخطير وسط الجماهير المغربية بالصحراء . وللعلم فان هذه المافيا الفاسدة والتي محورها الشرقي ضريس ، هي التي ورطت الملك في قضية البيدوفيل كالفان ، وهي من يقف ضد كل مآسي المغرب والمغاربة . وللإشارة فانه بعد ابعاد المجرم الجلاد حفيظ بنهاشم عن الادارة العامة للأمن الوطني عقب تفجيرات الدارالبيضاء ، فان الشرقي ضريس هو من استقدمه واقترحه على الهمة لكي يكون مندوبا عاما لإدارة السجون وإعادة الادماج ، فكان المجرم بنهاشم ينسق مع الضريس الذي كان ولا يزال ينسق مع الهمة . ان هؤلاء هم من ورط الملك في قضية كلفان ، والغريب ان تتم ( التضحية ) ببنهاشم ، واي ( تضحية ) وهو الذي وصل اكثر من خريف العمر ، درا للرماد في الاعين ، مع استمرار الضريس والهمة دون محاسبة ، والغريب ان يهضم الرأي العام هذا المقلب ويسكت عنه . هذا دون ان ننسى سرقات الضريس لإعمال الاطر بمديرية الشؤون العامة بمصلحة المستندات ، و تقديمها لرؤسائه المضبّعين المبلّدين ، حفيظ بنهاشم وعبد العزيز علابوش المدير السابق لمديرة مراقبة التراب الوطني قبل ان تصبح مديرية عامة ، على انها من انتاجه وابتكاره ، غرضه الوصول وبجميع الطرق وان كانت خسيسة .
إذن بعد خطاب جلالة الملك الذي اعاد القضية الى المربع الاول ، اي الى ما قبل 1974 ، قد يثير بعضهم بعض الاسئلة عن المخرج النهائي لنزاع الصحراء ، اي ما هي السيناريوهات المحتملة للقضية الوطنية خلال ما تبقى من العشرية الثانية من الالفية الثالثة ؟
وحتى لا نذهب بعيدا ، فإذا كان من الممكن تحليل التطورات التي شهدتها منطقة المغرب العربي الكبير في الفترة القريبة المنصرمة من خلال نشوء وتطور مشكلة الصحراء ، فإن هذه المشكلة ما كانت لتلعب الدور الذي مارسته ، لو لم توجد ظروف دولية وعربية وداخلية دفعتها بالاتجاه الذي سارت فيه ، وأعطتها البعد الذي اخذته . بمعنى ان المتحكم في قرار الحل النهائي لنزاع الصحراء ، ليس هو المغرب الذي يسيطر على الارض ، لكن لا يسيطر على قلوب الصحراويين ، وليست هي الجزائر التي تلعب دور الكمبراس للمخططات الغربية والصهيونية ، بل ان المتحكم في الحل النهائي لنزاع الصحراء هي واشنطن ، تبل ابيب والعواصم الغربية ( مدريد ، باريس ، لندن ) . ان ما يحصل اليوم بالمنطقة العربية هو تحصيل حاصل لمخطط سايكس بيكو جديد للمنطقة ، وقد بدأت بوادره الاولى منذ حرب النكسة التي اضاع فيها العرب وفي ظرف ستة ايام اكثر من ثمانين الف كيلومتر من الاراضي العربية ( سيناء ، الجولان وبحيرة طبرية ، يهودا والسامرا قبل ان تصبح بعد الحرب الضفة الغربية وقطاع غزة ) . لقد تم تدمير العراق وتفتيته الى دويلات غير معلن عنها رغم انها كائنة بحكم الواقع ، وتم تدمير سورية وهي مهددة بالتفتيت والتجزئة ، وتم فصل جنوب السودان عن السودان الام ، ولا يزال التهديد في الشمال ، ابيي ، دارفور ، واليمن مهدد بانفصال الجنوب وبانفصال الحوتيين الشيعة بالشريط الحدودي مع السعودية ، كما ان لبنان لن يخرج سالما من دائرة المؤامرة ومصر مهددة بالحرب الاهلية وبالإرهاب ... ففي هذا الجو المشحون يتمحور نزاع الصحراء المغربية ، والذي لن يخرج حله في الامد المتوسط عن حل الاستفتاء لتقرير المصير . ان المسألة متروكة للوقت وللجديد وللمعطيات التي قد تفرض ذاتها في آخر لحظة . ان موقف فرنسا في مجلس الامن بمناسبة الاقتراح الامريكي بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الانسان ، مع العلم ان فرنسا التي تمتلك الفيتو تصوت دائما على قرارات مجلس الامن التي ’تديل ب " حل متوافق عليه يمكن شعب الصحراء من تقريرمصيره " ، هو مجاملة لشخص الملك ، وليس مجاملة للشعب المغربي ، او اقتناعا بمغربية الصحراء .
إذن لا بد من الرجوع الى اصل المخطط المؤامرة التي ستفاجئ الجميع حين تنضج ظروفها ، وإن الصهيونية والاستعمار لقاطفيها .
1 -- ) التطورات العربية بعد النكسة في سنة 1967 :
لعله من المفيد التذكير في هذا الصدد ، لمعرفة حقيقة قضية الصحراء المغربية ،
بالمؤامرة الكبرى التي استهدفت الامة العربية منذ 1967 في كل اقطارها ، وأخذت اشكالا خاصة تتأقلم مع خصوصيات هذه المنطقة او تلك من مناطق الوطن العربي الكبير . ان هذه المؤامرة التي كان عنوانها عدوان يونيو تحولاّ نوعيا فيها ، واستندت الى تحالفات تمتد من خارج المنطقة الى داخلها ، مركزها واشنطن ، ومحاور جهدها الاساسية تلك العلاقات التي ’أقيمت بين المركز وتل ابيب من جهة ، وبين عواصم الرجعية العربية ، والتي استفادت الى ابعد حد ممكن من تناقضات الحركة المعادية للغرب ، ونقاط ضعفها وتباين مواقفها وأساليب عملها .
ومن دون الاطالة في التحليل والشرح ، فإن الاهداف التي تحققت بعد يونيو ، كانت على الشكل التالي :
ا -- ) ضرب المركز الاساسي لحركة الثورة العربية ، مصر الناصرية / العربية ، بالأهداف التي يمثلها ، والأساليب النضالية التي طورها ، والروابط الدولية التي اقامها . ان ضرب هذا المركز كان في حسابات الامبريالية الامريكية والغربية والصهيونية سيخلق مراكز صغيرة متفرقة ، تسهل تصفيتها فيما بعد على يد المركز المشرقي الجديد الذي هو اسرائيل .
ب -- ) تشتيت الحركة الشعبية العربية الموحدة حول الشعارات والسياسات المعادية للغرب الرأسمالي وللامبريالية ، والساعية نحو الوحدة العربية ، ونحو نمط جديد من تنظيم الحياة الاجتماعية والتنمية . ان ضرب هذه الحركة الواحدة كان سيفتتها في مرحلة اولى ، وسيخرجها من ساحة العمل السياسي في مرحلة لاحقة ، إما بالالتفاف عليها في كل بلد وفق معطياته الخاصة ، او بربطها بهذه السياسة او تلك من سياسة الطبقات والفئات الحاكمة ، التي قاومت المركز السابق او تصدت لوراثته بعد انهياره .
ج -- ) اعادة طرح القضايا والمشاكل الاساسية التي تواجه الامة العربية ، ولكن على اساس اقليمي ، ’يسهم في تفتيت القضايا الواحدة الى قضايا صغيرة لا نهاية لها ، والى خلط الاوراق حتى لا يعرف الشعب الصديق من العدو .
د -- ) امتصاص التنظيمات السياسية المحلية من خلال اعادة طرح القضايا ، وتحويل التناقضات ، وتغيير اتجاهاتها وأطرافها ، وفرض خط سياسي واحد عليها ، ينطلق من فوق ، من الدولة ، ويحدث تمزيقا وتمييعا لطاقاتها ، و’يحوّل دورها في الحياة السياسية الى دور هامشي او تابع او رديف ، بالقياس الى الخط الرسمي السائد .
ه -- ) توطيد التبعية للغرب على اسس عصرية ، تقوم ظاهريا على " تفاهم عربي " وعلى تحديث الدولة العربية كأجهزة سياسية ، وعلى علاقات اقتصادية دولية مفتوحة ، لكنها تصب عمليا في قناتين :
1 – افقار ونهب المجتمع والثروات العربية من قبل الدولة بدون قيد او حدود .
2 – اندراج هذا النمط من الدولة في علاقات وسيرورات تبعية متعاظمة للبلدان الامبريالية وللسوق الرأسمالية ، بحيث تفوز بحصة الاسد من عملية النهب ، وتترك للدولة موارد داخلية كافية تؤمّن لها تفوقا واضحا على اية قوة سياسية معارضة حقيقية ، او على احتمالات قيام تحركات شعبية او طبقية مضادة .
وتكفي نظرة سريعة واحدة على اهداف هذا المخطط ، كي ندرك انه حقق جزءا اساسيا منها . فالمركز الاساسي لحركة التحديث العربية ، وهو مصر ، تحول الى تبعية مكشوفة ، وتخلى عن دوره العربي لصالح دور آخر في اطار الصراع الامبريالي مع الشعوب وقوى المقاومة والتحرر . ان المراكز الصغيرة التي اقيمت بدلا عنه في المشرق ، هي إما متناقضة متعادية ومتحاربة ، او مشتتة الطاقات والاتجاه وفاقدة للبوصلة ، وعاجزة في وجه المركز الاسرائيلي الجديد ، كما ان الحركة الشعبية الوحدوية المعادية للغرب وللامبريالية من جهة ، وللسياسات والطبقات الرجعية من جهة اخرى قد تم تفكيكها وتمزيقها في كل مكان ، فتعرضت لتصفيات حقيقية بأساليب مختلفة ، منها السياسي ، ومنها الاقتصادي ، ومنها التنظيمي . والقضايا الكبرى التي واكبت نهوض التحرك الثوري العربي قد طوتها القضايا والمشاكل الجديدة . وفي اطار العلاقات العربية العربية ’أعيد طرح القضايا بصورة جذرية ، فصارت الخلافات والمشاكل العربية طاغية على ما عداها من تناقضات ، ووصلت الى درجة الاقتتال بين اكثر من دولة عربية ، وفي اكثر من مكان ومناسبة ، فنشبت سلسلة من النزاعات الاقليمية والسياسية والعسكرية ،وساءت العلاقات بين الاقطار العربية ، حتى صرنا لا نجد قطرين متجاورين ليس بينهما وضع متوتر ومتفجر ، فضاعت المقاييس وتمزقت الاواصر ، وانتقل مركز الثقل العربي من حركة عربية عامة تتمحور في الداخل حول اهداف وتنظيمات معينة ، تخوض معركتها مع الخارج الامبريالي ، الى خارج تتأطر في داخله غالبية الفئات الحاكمة كي تخوض معاركها مع قوى الداخل العربية او المحلية .
اما القضايا والمهام التي واجهت حركة الثورة العربية ، فقد دخلت بعد العدوان في طور جديد . ان موقفا سياسيا ينظر الى المشاكل الاقليمية من افق فوقي معادي للامبريالية ، ينقلب الى نقيضه ، حتى طويت المشاكل القومية العامة ، واندرجت في افق اقليمي مركز اسناده هو الخارج عامة ، والخارج الامبريالي خاصة .
بعد عدون 1967 ، انقلب توازن الوطن العربي ، وتحولت مشاكله الى روافع تساهم في تمزيقه ، وخاصة بعد غياب المركز القومي العام ، والمراكز الوطنية التي كانت تتلاقى وتتقاطع مع توجهاته وأهدافه ، وبعد تشتيت الحركة الشعبية العربية الواحدة ، التي دخلت ساحة الصراع بعد الحرب العالمية الثانية ، وكانت فترة السبعينات بداية خروجها منها . هكذا حلت مهام مكان اخرى ، وبرزت سلسلة من القضايا المزمنة بين الاقطار العربية ، و ’أعيد ربط الوطن العربي بالخارج وفق اسس جديدة ، وحدث تحول في مركز القيادة التي انتقلت الى حلف رجعي عربي عام دمر العراق ويدمر اليوم سورية ، ومركزه السعودية ودول الخليج والأطراف المرتدة ( السادات ومبارك قبل اسقاطه وحكم الاخوان قبل انهاءه ) ، والقوى الرجعية من اخوانية وسلفية ، التي اعادت ترتيب اوضاعها في كل مكان من الارض العربية ، ونجحت في تحويل سياساتها الى عامل تفتيت اضافي لحركات وقوى وطنية محلية كانت بالأساس تستمد جزءا كبيرا من طاقاتها النضالية من تيار الحركة العربية العامة .
في هذا الطور ، لم تعد القضايا تعالج كقضايا تخص امة ، بل ’عولجت كمسائل ترتبط ببناء انظمة وتكوين اطار ، فتحولت هكذا من عامل توحيد الى عنصر تفتيت وتشتيت ، وصار العالم العربي يضج بالخلافات حول الحدود ، وبالقضايا الساخنة بين الدول ، بل ان الامر وصل الى مرحلة خطيرة تهدد قوام كل شعب من شعوب الامة العربية . وليست بعيدة عن ذهننا الانقسامات الداخلية في عدة مجتمعات عربية ، وهي انقسامات لا يكاد بلد عربي واحد يخلو منها ، وكنا الى سنوات قليلة نعتقد اننا تجاوزناها كالطائفية والانتماءات العرقية والقومية والاقوامية والعائلية والعشائرية ، حتى صرنا نسلم دون جدال بان العالم العربي دخل مرحلة جديدة لا مفر من اعتبارها ثورة مضادة شاملة ، تستهدف وحدة الامة ، لأنها تعمل على تمزيقها من الداخل ، وتستهدف الغاء الحياة السياسية للمجتمعات العربية ، لأنها ترافقت مع اندحار تعبيراتها السياسية ووصول الازمة اليها ، وانتقالها الى موقف دفاعي يتراءى للناظر اليه انه ميئوس منه ، وترمي الى دمج الوطن العربي ككل ، وكل قطر من اقطاره على حدى ، في تبعية جديدة للسوق الامبريالية ، ولتحالفات البلدان الرأسمالية ، وتقوم اخيرا ، على ابراز دور استثنائي للدولة حيال المجتمع في الداخل ، وخاصة طبقاته المضطهدة من شغيلة وعمال وفلاحين ومستضعفين وجياع وبرجوازية صغيرة في البادية والمدينة . وليس من قبيل المصادفة ان يكون نمط الدولة العربية " الحديثة " واحدا تقريبا ، رغم تباين المصالح والطبقات المساندة للدولة المتخلفة ، ورغم تباين اشكال الحكم بين بلد عربي وآخر .
وأخيرا ، فان التنظيمات السياسية الجماهيرية التي كانت تطرح في فترة ما قبل السبعينات تهديدا ما للفئات الحاكمة ، تجد نفسها الآن امام مفترق طريق خطير . فالحركة الشعبية العربية العامة قد تراجعت الى درجة كبيرة ، والقوى التي كانت تعارك الرجعية على صعيد قومي تحولت غالبيتها الى حليف لها ، والوضع العالمي تغير بدرجة ملموسة بعد احادية القطب ، والجماهير في الداخل اضحت مبلبلة وفاقدة للبوصلة ، ومورطة في مشاكل لا قبل لها وتتعارض مع مصالحها ، والدولة " الحديثة " انتقلت من الدفاع الى الهجوم ، والتغيير كان سريعا الى درجة ان البرنامج القديم صار بحاجة الى اعادة صياغة جديدة تأخذ المتغيرات الدولية والعربية والمحلية كأساس لفهم ما جرى ، وفهم جديد ينطلق منه برنامج جديد قادر على تحقيق الاهداف الشعبية ، التي صارت بحد ذاتها محلا للالتباس ، بعد ان تبنت الدولة والطبقات المساندة جزءا منها في الظاهر ، ذلك بقصد حلها لإفراغها من مضمونها الشعبي ، وفصلها عن نشاطات الجماهير العريضة المستلبة والضائعة .
وعلى كل حال ، فان هذه الاتجاهات والقوى المضادة للتطور العام لا تزال تفتقر الى طابع عربي منظم ، وتعاني من البيئة السياسية المريضة المعادية لها ، التي احاطتها بها قوى الثورة المضادة ، كما لم تنجح حتى الآن لتتأقلم مع المعطيات الجديدة ، علها كما يظن قادتها ، تتجاوز هذه المرحلة الصعبة . كما انها في مناطق عديدة تركز على التكتيك والمرونة في اطار الاحداث الجارية ، بدل ان تترجم توجهها الاستراتيجي ترجمة برنامجية جديدة وفعالة ، تكسبها مبدئية وصلابة اكبر ، وتعيد اليها ولو شيئا يسيرا من المبادرة الضائعة التي سرقتها قوى الخفافيش والظلام من اخوان وسلفية نصية او جهادية او تكفيرية ، وتربط الجسور المقطوعة بينها وبين الجماهير التي تتكلم باسمها ونيابة عنها ، رغم ان هذه الجماهير تجهلها ، كما تربط جسور مع قوى متشابهة السياسات والمصالح والأهداف .
2 -- ) موقع الامبريالية من هذه التطورات :
ان ما يلفت النظر الى هذه التطورات التي نعيشها منذ مؤامرة عام 1967 ، وهو انها شاملة تقريبا لسائر الانظمة السياسية العربية ، باستثناء عدد قليل منها . وإذا كانت كلمة " شاملة " تعني هنا اشراك الانظمة الفعال فيها ، فإن آثارها لم تتوقف عند نظام ، بل تركت ذيولها على كل بلد ونظام ، مهما كان توجهه وطبيعة القوى السياسية التي تحكمه .
ولعل من مميزات هذا الوضع الذي نعيش في ظله الحقيقة التالية : فالامبريالية لم تنطلق في هجومها الجديد من اساليب وتصورات مسبقة معينة ، بل رسمت لنفسها اهدافا محددة ، وتركت يدها مفتوحة لاختيار الاساليب التي توصل اشكال الحكم والأنظمة الممثلة الى تحقيق هذه الاهداف او تساعد على تحقيقها . من هنا قام تكتيك الامبريالية على ركائز اساسية منها :
1 ) وضع سياسة تتضمن قلب التوازنات الداخلية الشعبية المعادية للامبريالية لصالح تيارات وقوى نمت في قلب الاوضاع القائمة ( الصحراء في المغرب مثلا ، الاخوان في مصر ، الاكراد والشيعة في العراق ... لخ ) . ولهذا فقد استعمل العنف بأعلى درجاته ضد القوى القائدة و المتصدرة ، وفتحت الابواب امام احتمالات نهوض القوى الداخلية الاخرى . لقد توجه الخنق نحو القوى الطليعية ، على امل ان يعطي ذلك فرصة مناسبة لقوى جديدة تمثل مصالح تنموية " رأسمالية وسخة " في قلب الانظمة القائمة .
2 ) دق اسفين بين العالم العربي ، وفي رأسه القوى المعادية للامبريالية ، وبين حركات التحرر العالمية الثورية ، والدول الديمقراطية المعادية للاستعمار والصهيونية ، وفي ذلك الوقت كان ابعاد ما كان يعرف بالاتحاد السفيتي المنهار من المنطقة العربية يدخل ضمن مخطط الاحتواء هذا ، وضمن استراتيجية الامبريالية بالاستفراد لوحدها لترتيب الاوضاع السياسية التي تخدم مصالحها الاوليّة و ذات الاولوية مثل ضمان تدفق النفط والغاز والرساميل المختلفة ، لأن هذا المخطط سيسهل تحقيق الاهداف الغربية والصهيونية .
3 ) التشدد تجاه مصر اساسا ، ما دامت القوى المعادية للغرب في القيادة ، و عدم التساهل حيالها ، بمجرد ان تبرز قوى جديدة بدليلة ، ثم التشدد تجاه الاطراف العربية المهزومة الاخرى ، والتعامل معها من منظور تطورها الداخلي ، الذي يجب ان يكون شبيها بالتطور المصري . ( اليوم ليبيا القدافي ، عراق صدام حسين ، سورية الاسد ، فترة السادات ومبارك الخيانيتين ... لخ ) .
4 ) تصفية القوى السياسية الحزبية التقدمية والثورية والشعبية المعادية للغرب في كل مكان وفي كل منطقة عربية ، لأن ذلك يسهل سقوط القوى الرسمية التي تجابه مخططه وخططه التآمرية .
5 ) اخذ خصائص التطور السياسي والاجتماعي المتفاوت في العالم العربي بعين الاعتبار ، ووضع خطط تكتيكية تفصيلية حيال كل بلد جوهرها ايضا ايصال التطور العربي المتفاوت الى نقاط مشتركة او واحدة ، تصلح بدورها اساسا لمرحلة جديدة في علاقات الامبريالية بالواقع السياسي العربي المريض والمعطوب .
فعلى ارضية هذه الاهداف ، وبمساعدة تكتيك شامل ومرن ، جوهره ملاقاة اهداف الامبريالية مع موازين القوى الداخلية في العالم العربي ككل ، وداخل كل بلد عربي على حدى ، حدثت عملية واسعة ترتبت عليها تبدّلات وتغيّرات اوصلت العالم العربي الى الوضع الذي وصفنا بسرعة بعض ملامحه في الصفحات السابقة ، والذي قلنا انه تميز بتطور انماط متشابهة من الحكم وأساليبه على النطاق العربي العام في نطاق تعاون واسع بين الانظمة في سائر القضايا التي تمس الحركات الشعبية والثورية ، وبتفكيك القاعدة الشعبية التي قدمت اساسا سياسيا لحركة التحرر في مرحلة ما بين الحرب العالمية الثانية وهزيمة يونيو 1967 ، واستبدالها بقاعدة جديدة ترتبط مصالحها الداخلية بنشاط الدولة الاقتصادي بوجه عام ، والخارجية بالسوق الرأسمالية العالمية ، وبالقدرات الاقتصادية الضخمة التي حصلت عليها البلدان النفطية ، التي احتلت مراكز القيادة بعد افول نجم المراكز التحررية ، وخاصة في مصر الناصرية .
ان هذه التطورات ترافقت بنمو كبير لدور الدولة على حساب الحركة الشعبية ، وبآليات للحكم إمّا على سد المنافذ امام نمو شعبي جديد ، او على خلق اشكال زائفة من الأقنية ( قنوات ) السياسية القادرة على جر الحركة الشعبية الى متاهات تصب اخيرا في خدمة الوضع السائد ، وبإثارة العناصر والعوامل القادرة على تمزيق وحدة المجتمع ، بحيث تفقد المصالح المشتركة للجماهير الشعبية دورها في توحيدها ، او تلعب هذا الدور في اطار اقنية ما قبل مجتمعية ( عشائرية ، قبلية ، عرقية ، طائفية ... لخ ) تفرغ الطاقات الشعبية من مضمونها الثوري ، وتحولها عن اتجاهها الصحيح والأصلي .
3 -- ) التحولات على مستوى الدولة :
في هذا الوضع الجديد ، نمت داخل كل دولة صورة مركبة يمكن ايجاز بعض ملامحها كما يلي :
1 ) انقسمت الدولة الى دولتين في العالم العربي ، او لنقل انقسمت الحكومة الى حكومتين ، حكومة سرية او دولة الظل ، وهي سماها عبدالاله بنكيرن ب " الحكومة العميقة ) التي حمّلها مسؤولية فشل مخططه التخريبي الاخواني ، ودولة علنية او حكومة علنية فارغة الصلاحيات والاختصاصات المركزة بيد الحكومة العميقة . والملفت للنظر هنا ، انه رغم ان الحكومة السرية والتي تسمى في المغرب ب " المخزن " تتولى كل شيء ، إلاّ انها بعيدة عن المسائلة السياسية او الجنائية او الاخلاقية ( قضية البيدوفيل الاسباني كالفان دنيال ) ، في حين تبقى الحكومة الشكلية مسئولة شكليا امام مجلس النواب الذي ينصبها ، وأمام الملك الذي هو رأس الجهاز التنفيذي ، والمسؤولية هنا نادرا ما تحصل ، لان تدخل حكومة الظل المسئولة عن اتخاذ جميع القرارات الاستراتيجية ، غالبا ما تحول عن هذه المسائلة للحكومة الشكلية ، لأنها تعلم مسبقا دورها الحقيقي المحدد في تنفيذ قرارات حكومة الظل ، ولان الحكومة الشكلية في غالبيتها تتكون من احزاب تعتبر فروعا للحكومة العميقة التي تستعملهم كمعاويل في تجيير واجهة ، او في تنفيذ مهمة ، او لقطع الطريق عن برنامج او مخطط قد يحرج حكومة الظل ويخلق لها بعض المشاكل ليس امام مجلس النواب او الملك ، بل امام الشعب الذي يراقب عن كثب ( المستملحات ) السياسية لحكومة الواجهة . وهنا لابد من الاشارة الى ان مسألة الحكومة العميقة او المخزن القابض بزمام المبادرة والأمور في جميع القضايا الكبيرة منها والصغيرة ، ليست خاصية مغربية لصيقة فقط بالنظام السياسي المغربي ، لكنها ظاهرة عربية بامتياز ، حيث لكل نظام عربي " مخزنه ) او حكومته العميقة او السرية ، وهذا بخلاف ما يحصل به العمل في الدول الاوربية التي تخضع ل " مخزن " من نوع آخر ، يتمثل في دكتاتورية القيم والتقاليد والأعراف التي تعتبر خطا احمرا بالنسبة لجميع الفرق السياسية الداخلة في اللعبة السياسة الاوربية ، وهو ما نسميه بدكتاتورية الموروث الايديولوجي الفارض بقوة لاختياراته العميقة التي لا تقبل نقاشا او مساومة ، تحت طائلة المساس بالثوابت والأصول المكونة للحضارة والمدنية الاوربية .
ان الحكومة السرية في البلاد العربية هي التي تقرر السياسات وترسمها ، وهي التي تتحكم بالعملية الاجتماعية ، وتسخرها لمصلحتها ، وهي التي تشرف بواسطة اجهزتها المختلفة وخاصة جهازها الامني الشديد التطور ، على سير تطبيق السياسات من قبل الحكومة العلنية او الشكلية ( حكومة ، برلمان ، بلديات ، جماعات ، مؤسسات مختلفة .. لخ ) ، التي تكون غالبا بلا حول ولا طول ، إلاّ بقدر ما تحسن وظيفتها الاساسية المتجلية في تنفيذ ناجح لخطط الحكومة السرية او العميقة ، وفي تقنيع ( قناعة ) وجود هذه الحكومة التي هي الحكومة الحقيقية ، وحيث ان فاقد الشيء لا يعطيه ، فان الحكومة الشكلية او العلنية تبقى بعيدة في ان تقرر خارج مهمتها الاساسية التي تبقى مجرد تنفيذ ما يأتي عن الحكومة العميقة .
2 ) في جميع الانظمة السياسية العربية ، يلاحظ بروز حاكم فرد ( مبارك ، بوتفليقة ، زين العابدين بنعلي ، على صالح ، بشار الاسد ، عمر البشير .. ) ، او عصابة صغيرة من ( الحكام ) الافراد ، الذين هم المشرفون الحقيقيون على اجهزة الحكومة السرية ، ومديرين عامين او وزراء لشؤون الحكومة السرية او العميقة او حكومة الظل ، اكثر ممّا هم مرتبطين بقضايا الشعب والوطن ، ومعنيين بتجسيد المصلحة العامة لمجموع الشعب . ان هذا الحاكم الفرد او تلك العصابة الظالمة والمعتدية والفاسدة لهم صفة رؤساء اجهزة اكبر من صفتهم كرؤساء دولة ، ولهذا فإنهم يقلصون بنية الدولة وعملها على مستوى بنية الاجهزة ( العسكرية والبوليسية غالبا ) وعملها .
وإذا كانت علاقاتهم بالمجتمع قائمة على صعيد ما ، فإنما هو صعيد القمع المكثف والمتواصل للمجتمع من جهة ، وصعيد نهبه الذي يؤمّن حسن سير آلة الاجهزة القمعية من جهة اخرى . ففي دولة كهذه يتحول الحكم من تعبير وطني حيال الخارج ، الى تعبير خارجي حيال الوطن ، وترتبط مصالح الزمرة الحاكمة ارتباطا ايجابيا بالخارج الامبريالي ، و في حين تتقطع الروابط الايجابية مع الداخل الوطني ، لتحل محلها روابط سلبية ذات طابع عدائي ، يقوم على اعتبار اية نقمة تصدر عن الشعب او احد قطاعاته او شرائحه او فئاته ، او حتى عن مجموعة افراد منه ، عملا معاديا للدولة والمجتمع ، ومؤامرة لا بد من قمعها بالدم والنار . كما يقوم على وعي جذري لدى الشعب ، بأن اي تماس مع الدولة مهما كان بسيطا ، هو معركة حقيقية ، لأن هذه الدولة القائمة على الغاء السياسة وعالمها الاجتماعي ، والمتحفزة لقمع اي تحرك مهما كان بعيدا عن السياسة ، لا يمكن ان يكون للتعامل معها إلاّ بأحد الشكلين : الخضوع او التمرد ، وما دام الخضوع هو عدم القيام بأية نشاطات سياسية او اجتماعية او اقتصادية .. لخ خارج نشاط الدولة المحتكرة لوحدها للفضاء والمجال ، فإن التمرد يبدأ بأي شكل من اشكال هذه النشاطات .
3 ) تمييع مفهوم الشعب مع مفهوم الدولة ووظيفتها . فالشعب هنا لم يعد تلك الكتل الجماهيرية العريضة الموزعة الى طبقات عاملة او فقيرة او حتى ( متوسطة ) ، بل صار تلك القاعدة الاجتماعية الضيقة التي تساند الدولة القائمة بحكم مصالحها ، مضافا اليها الجهاز الامني بكل تفرعاته وأشكاله . وما دامت الدولة قد انقطعت عن ان تكون تعبيرا عن المجتمع ، فإن المجتمع بدوره يقلع عن ان يعتبر الدولة تعبيرا عنه . هكذا يحل " شعب الدولة " محل " شعب المجتمع " ، وشعب الدولة هو تلك الشرائح التي تستطيع الدولة جرها الى صفها عن طريق اعادة توزيع الدخل الوطني ( مثل استقطاب اليساريين للأجهزة الرسمية ) ، او تلك التي تكلف بتنفيذ او تقرير سياسة الدولة الداخلية والخارجية . ففي رأس هذه الشرائح تأتي الكتل الكبيرة المجندة في الاجهزة البوليسية والاستعلاماتية ، و زمر من السلطويين والبيروقراطيين العاملين في القطاعات الاقتصادية والإدارية . وبهذه الصورة تصبح الدولة ، وليس المجتمع ، مركزا لفرز الشعب عن اعداءه ، وتتحول القاعدة الجماهيرية العريضة ، التي هي الاغلبية الساحقة ، الى عدو للشعب ، بينما تصير القلة المساندة للدولة هي الشعب ، التي تتخذ القرارات وترسم السياسات ( لصالحه ) ، والذي تنظمه الدولة وتعبؤه من حولها ، وتتيح له حرية الحركة الاجتماعية .
4 ) تمييع مفهوم الديمقراطية مع تبدل مفهوم الشعب . فالديمقراطية غدت كل اجراء تقوم به الدولة لتعزيز طابعها " الشعبي " ، وكل عمل تقوم به لإحكام قبضتها على الشعب ، يمر عبر قنوات شكلية للتمثيل .
في الديمقراطية التمثيلية يختار الشعب ممثلين عنه الى مختلف الهيئات ، ينوبون عنه في مراقبة عمل الدولة او الحكومة الفعلية ، او الاشتراك في رسم هذه او تلك من سياستها ، لكن في هذه الديمقراطية العربية الجديدة ، تسمي الدولة ممثلين عن الشعب الذي ترغمه اجهزتها البوليسية والمخابراتية والسلطوية على اختيارهم ، كي ’يحرم من امكانية مراقبة عملها ، او الاشتراك في رسم هذه او تلك من سياساتها ، فيكون هؤلاء الممثلون في الغالب في اوساط " شعب الدولة " . وإذا حدث وكانت هناك قوى سياسية معارضة ، فإن مهمة الديمقراطية تصبح تزوير ارادة الشعب ، كي ينجح ممثلو " شعب الدولة " بدلا عن ممثليه الحقيقيين ، اي " شعب المجتمع " .
ان هذه الديمقراطية ، تقنّع ( قناعة ) بدورها وجود الدولة الرسمية او دولة الظل او الحكومة العميقة ، التي تتحكم بها ، إمّا عن طريق الاطار السياسي العام ، الذي ترسمه حكومة الظل السرية ، بصورة غير مباشرة ، فينحصر عمل المؤسسات التمثيلية في الموافقة على خطط الدولة السرية وقراراتها ، وعلى اسباغ طابع " جماعي " عليها . من هنا يتحول هذا " النشاط الديمقراطي " الى قيد على الجماهير ، يغلق امامها امكانات التحرك السياسي والاجتماعي ، ويزوّر ارادتها ، لأن اجهزته ليست سوى ملحقات بأجهزة الدولة البوليسية ، وليست ناجمة عن اختيار حر وطوعي تقوم بع الارادة الشعبية الحقيقية . فإذا ما اخذنا بعين الاعتبار الصلاحيات المطلقة لأجهزة الدولة البوليسية والسلطوية ، والصلاحيات الضيقة لهذه المؤسسات التمثيلية ، أدركنا ان الهامش الشكلي المتاح لها لا قيمة له في الواقع ، لأن وظيفتها هي اقرار ما هو مقر سلفا ، ولا سلطة لها حتى على تنفيذ ما تقرره . إنها بهذا المعنى ، ليست سوى محطة من محطات عمل اجهزة الدولة البوليسية والسلطوية ، الهدف منها تسهيل سير عملها ، وليس مراقبتها او كبح جموحها .
5 ) في ظروف غياب ، او قمع الجمهور الشعبي المنظم ، وإحكام رقابة الدولة على المجتمع ، تتحول هذه من آلة تسيير للمصالح العامة ، الى قطاع طرق تجمعهم مصالحهم الخاصة ، وتبرز بداخلها مراكز للقوى تضع نفسها فوق القانون والنظام والمصلحة العامة ، فتطور آليات عمل جديدة وفق الهدف الذي تسعى اليه ، ومواصفات النشاط الذي تقوم به ، والقطاع الاجتماعي او السياسي الذي تنشط بداخله .
هكذا ، يصبح لكل جهاز رئيس او زعيم يشبه سلوكه وأسلوب تفكيره سلوك وتفكير زعيم البلاد ، فتكون صلاحياته مطلقة لا تخضع لأية ضوابط او رقابة قانونية او سياسية او حتى اخلاقية ، ويتحول جهازه البوليسي الاستعلاماتي الى اقطاع شخصي له يدخل في ملكيته الخاصة ويفعل به ما يشاء ، إذا كان ذلك لا يتعارض تعارضا جذريا مع مصالح زعماء العصابات المافيوزية الاقوى في القطاعات والمؤسسات الاخرى ، فيسقط مفهوم الدولة ودورها ، وينهار النظام العام ، وتصبح الجماهير فريسة لكل انواع النهب والامتهان ، وتتعرض لسائر ضروب الذل والقمع والإفقار والتجويع .
في وضع كهذا تنهار قيم العمل والإنتاج ، ويتدهور الاقتصاد الوطني ، ويسود اقتصاد الريع والمنح والامتيازات ،و’يسدّ افق المستقبل في وجه الاجيال الصاعدة ، وتشرع المشاكل الاجتماعية في كسب طابع جديد يمزق وحدة المجتمع ، بدل ان يطورها ، ويرسخ وجود الدول بدل ان يهدده ، وترتد الجماهير عن الهموم السياسية العامة الى هموم ذات طابع يومي عارض ، او ذات طابع اقتصادي عفوي ، فتضيع اللحمة بين الطبقات والفئات المحرومة ، في حين يرتع حزب الدولة من جيش وبوليس وأحزاب ادارية مصنوعة على المقاس ... في بحر من البحبوحة و " الديمقراطية " ، تاركا للشعب العادي الخوف على لقمة الخبز ، وعلى المصير الشخصي ، وعلى المستقبل غير المضمون .
4 -- ) الدور التخريبي لحكومة الظل او الحكومة السرية :
ان حكومة الظل الفعلية كهذه ، الموجودة في كافة البلاد العربية تشبه مضخة تسقط ما ينتجه الشعب في الداخل ، وقمعا يسكب في جوفها ما تتوسّله من الخارج ، هي حالة نوعية خاصة في وضعنا العربي ، فهي على سبيل المثال ، تتحدث طوال الوقت عن التنمية ومصادرها وتراكم رؤوس اموالها وخططها .. لخ ، لكنها لم تحدث اي تبدل في بنية علاقاتها مع السوق الدولية كعلاقات تبعية ، بل بالعكس لقد وطدتها الى اضعاف ما كانت عليه منذ بداية الربع الاخير من القرن الماضي ، ومع ذلك فإنها لا تنقطع عن الكلام عن التنمية المستحيلة .
اما كيف تحدث التنمية فعلا ، فذلك امر يدل عليه العجز التجاري الخارجي ، ومديونية الدولة الداخلية والخارجية ، والتضخم النقدي الزاحف ، وتدهور ، إن لم نقل انهيار الزراعة عند الشعب ، وتعاظم الاقتصاد كاقتصاد احادي المنتوج ، وتزايد الهجرة من القرية الى المدينة ، ومن القرية والمدينة الى خارج الوطن ، والفقر الذي يسحق جماهير واسعة من الناس ، وبلغ درجة فظيعة في كل قطاع ، ووصل حتى الى صفوف الطبقة الوسطى والشرائع المترفعة منها ، بل لقد تدحرجت وضعية البرجوازية المتوسطة والصغرى الى اسفل الدرجات ، وأصبح المجتمع يتكون من اقلية مترفة سارقة وناهبة ، وأكثرية جائعة لا تنتسب الى الوطن إلا بالجنسية ، وليس بالحقوق والامتيازات التي تبقى حكرا على الاقلية التي تعيش في بذخ وترف . ومع ذلك فإن هذه البنية الجلية للمجتمع ، التي اساسها احتلال السلطة السياسية وليس العمل والإنتاج ، لم تنجم عن برامج تنموية قامت على قلب هياكل العلاقات الاجتماعية والطبقية لصالح مجتمع جديد ، هو المجتمع الصناعي البرجوازي ، بل نجمت ببساطة شديدة عن دخول علاقات رأسمالية ملجومة ( لجام ) الى كل مكان من المجتمع ، جاءت معها بالفعل التدميري والتخريبي للرأسمالية ، وتركت الجوانب الثورية والتقدمية منها ، ومن هيمنة هذا النمط من الحكومة العميقة او حكومة الظل السرية التي تعتبر حكومة نهب في الداخل وتسول في الخارج ، ولا تصلح الى اقامة اي مشروع تنموي كبير ، والى حدوث تبدل في العلاقات الاجتماعية القديمة هنا او هناك ، تتحرر على اثره الجماهير من سلطة العمل الزراعي بالبادية ، فيقذف بها هذا الى المدن حيث لا تجد امامها سوى اجهزة الحكومة العميقة من جيش وأجهزة بوليسية وسلطوية مختلفة وبيروقراطية ادارية كلاسيكية ، نظرا لعدم وجود تنمية صناعية تستطيع استيعابها وامتصاص طاقاتها . ان هذا النمط من التنمية هو اكبر دليل على ان المجتمع يضعف بقدر ما تتقوى الحكومة العميقة ، لأن جميع الاقنية (القنوات ) صارت مرتبة ، وتصب في النهاية في بحر الحكومة العميقة او حكومة الظل السرية . لكن هذا الانصباب في مستنقع الحكومة العميقة سيفجر الدولة التي تتغطى بها هذه الحكومة المخربة الناهبة ، لأنه يجر اليها التناقضات الاجتماعية والسياسية ، مع الكتل التي تدخل في صفوفها ، وهذا يعزز بدوره تدهورها وانهيار عملها وتعاظم حق المجتمع عليها .
في نمط تنمية كهذه ، يرتفع الى اعلى عشرات الحكام كذئاب ، وينزل الى اسفل ملايين البشر كغنم ، على ان ارتباط الذئاب بالسوق الرأسمالية كبيرة الى درجة ان نمط استهلاكهم يعوضها عن خسارتها للمجتمع ، الذي تنخفض قدرته الشرائية ويخرج اكثر فأكثر من عالم التبادل النقدي .
على ان حكومة كهذه تتصف بأمر هام : فهي حكومة شاملة تتصرف باسم دولة شاملة للتغطية عن سلوكياتها العدوانية المخربة . انها لا تبقى فقط في العاصمة والمدن الكبرى ، بل تمد جهازها المافيوزي الى كل مكان بالدولة . ولهذا الامر الخطير سببان :
1 ) حتى تنهب المجتمع نهبا شاملا ، يجب ان تكون في كل توصفاته وقطاعاته .
2 ) ولكي تقمعه قمعا شاملا ، يجب ان تكون حاضرة في كل زواياه .
اذا كان النهب يوحد غالبية المجتمع الساحقة ضدها ، فإنها يجب ان تضطهد هذه الغالبية بالهراوة والتجويع ، لأنه اذا كان القمع يستنفر المجتمع ، فيجب ان تكبته ، حيث هو قائم فعلا ، اي من قاعدته العريضة صعودا الى صفوف الشرائح العليا من النخبة الرافضة . وفي الحالتين يجب ان تكون سياستها شاملة ، وان يكون وجودها شاملا . فممارسة السياسة الشاملة تعني ان وجود الدولة هو وجود " اجتماعي " ، يمتد الى سائر نقاط الرقعة الاجتماعية ، ولكن ليس بوصفها رقعة للمجتمع ، بل بوصفها رقعة للدولة فقط . ان هذه السياسة الشاملة تنزل الاذى بكل من يقيم تماسا معها من الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية ، ولأنها دولة شاملة وشمولية ، فإنها تطرح القضايا المعلقة بما يوطد تفوقها على مجتمعها ، فتصير مسألة من المسألة الزراعية مثلا ، عنصرا من عناصر نهب الزراعة ، وليست اداة حل مشاكل الفلاحين والشعب ، وتتحول القضايا الوطنية المؤجلة الى قيد على الوطن ، بدل ان تكون اداة من ادوات تحرره .
هل الحكومة السرية حكومة الظل او الحكومة العميقة هي عناصر متجانسة فكرا وتنظيما ، وهل هناك من رابط ايديولوجي او قيمي يربط بين مكوناتها المختلفة ؟
ان اول ملاحظة بهذا الخصوص ، ان الحكومة العميقة وان كان يوحد بين اعضاءها النهب والجشع وحب السيطرة والاستبداد ، لأنها حكومة مريضة سايكولوجيا ، فإنها غير متجانسة فكريا او قيميا او مبدئيا . انها خليط من الادوات التي تتصرف خارج القوانين وخارج منظومة العمل المتعارف عليها بالدول الديمقراطية في حدودها الادنى ، لذلك فان المنافسة والتنافس بين اعضاءها في التقرب اكثر من مصدر السلطة الفعلية ، اي اعلى هرم الحكم ، تبدو في سياقات متعددة ، الى درجة ان الارضية او الآلية المسيطرة على سلوكها تبقى هي الكذب والتقارير المزورة ، والوشاية بالخصوص وبالغريمين ، والمنافسين ، بل ان هذه العينية الخبيثة لا تتردد في الوشاية الكاذبة بأقرب المقربين اليها من اخوان وأخوات ، بل وآباء اذا اقتضت المصلحة الشخصية ذلك . واذا كانت الحكومة العميقة او حكومة الظل السرية تتحرك من وراء الستار والكولسة ، وحيث انها هي التي تسيطر على زمام الامور في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فان وجودها في الحكومة الشكلية بممثلين من قبلي وزراء يعطيها التحكم ومن بعد في السير العادي لحكومة الشكل ، بل لا نستغرب اذا قلنا ان جميع الاحزاب المكونة للحكومة الشكلية ، او تلك التي تمارس المعارضة الشكلية للحكومة ، هي فروع فاعلة للحكومة السرية التي تستخدمها كمعاويل في تحقيق الاغراض السياسية الموكولة . هكذا تكون الحكومة السرية ، هي من يقود العمل الحكومي من بعد ، وتكون ممثلة بوزير او وزيرين او اكثر في الحكومة الشكلية ، وفي نفس الوقت تحرك الكراكيز والكركوزات الحزبية لممارسة المعارضة البناءة لبرنامج للحكومة الشكلية الذي هو برنامج الحكومة السرية . فكيف يمكن طرح برنامج ، وفي نفس الوقت معارضته ، وكيف يمكن ممارسة المعارضة لبرنامج حكومي والتصويت ضده ، وفي نفس الوقت الانتساب الى حكومة هذا البرنامج الذي صوتوا ضده في السابق . انه دور تخريبي وتدميري ، لأنه اسقط السياسة والقيم والأعراف اسفل سافلين . فهل من مسرحية ومسخرة اكثر مما يحصل بمختلف البلاد العربية . ان عنوان المرحلة ، هو الرداءة وبكل امتياز . واذا كانت الطبيعة لا تقبل الفراغ ، فان الرداءة تعتبر اكبر فراغ سيصيب دماغ الدولة في الامد المنظور بالسكتة الدماغية التي نتائجها ومخلفاتها اخطر من السكتة القلبية التي لم تكن ابدا في يوم من الايام .
5 -- ) استفادة الانظمة من مشكلة الصحراء :
عندما طرح النظام المغربي قضية الصحراء المغربية في جدول الاعمال التحررية في بداية السبعينات ، كانت العلاقة بين الحكم وبين المعارضة قد عرفت منعرجات خطيرة وصلت الى حد استعمال العنف من طرف الجميع . هكذا نجد ان الذي كان مطلوبا من قبل المعارضة ، رأس النظام الذي هو الحكم وليس الحكومة . في هذا الاطار نذكر بالثورة المسلحة في 16 يوليوز 1963 التي اشرف عليها الاتحاديون الثوريون من خلال منظمتين مسلحتين ، إحداهما كانت تتبع المرحوم احمد اغوليز الملقب بشيخ العرب وعبد المومن الديوري ، والثانية كانت تتبع الفقيه محمد البصري . لا ننسى كذلك احداث خنيفرة مولاي بوعزة بالأطلس المتوسط ، وهي من تدبير الجناح البرجوازي الصغير في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . هناك المشروع الماركسي اللينيني للحركة الماركسية اللينينية المغربية ، والذي كان يصبو الى بناء الجمهورية الديمقراطية الشعبية . لا ننسى ازمة التعليم والإضرابات المنتشرة في جميع المدن الجامعية مع اضراب التلاميذ وانخراطهم القوي في هذه الموجة التمردية ، ثم هناك مخلفات انتفاضة 23 مارس 1965 واختطاف المهدي بن بركة في 29 اكتوبر من نفس السنة . وهناك الانقلابات العسكرية ، انقلاب الصخيرات في سنة 1971 وانقلاب الطائرة في سنة 1972 . ثم لا ننسى مطالب المعارضة الاصلاحية التي كانت تهدف الى الحفاظ على النظام مع تقليص سلطاته التنفيذية بما يحوله الى ملكية شكلية ، التي يسمونها بالملكية البرلمانية ، وهنا لا بد من تذكير القرارات السياسية والإيديولوجية التي خرج بها المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في سنة 1975 . في هذا الجو المشحون من الصراع بين حكم يبذل الغالي والنفيس من اجل الحفاظ على وجوده وقوته وهيبته ، وبين معارضة راديكالية يقودها السياسيون الثوريون في سباق مع الضباط الانقلابيين المطالبين جميعا برأس النظام ، لعبت قضية الصحراء بطرحها في سنة 1974 دورا اساسيا في تغيير طبيعة التحالفات ، وفي تغيير البرامج العامة المطالبة بالحكم . وتحول النظام من عدو استراتيجي عند البعض الى حليف وطني ، وتحول عند البعض الآخر الى عدو ثانوي ولم يعد عدوا استراتيجيا . هكذا سيتخلى المعارضون الذي التفوا حول النظام ، عن مطلب الحكم ، وليكتفوا في بداية الصراع بالمطالبة باقتسامه مناصفة مع النظام ، قبل ان يتخلوا عن هذا المطلب ويكتفوا فقط بمطلب المشاركة فيه ، ثم في الاخير تخلوا عن هذا المطلب ، وأضحوا يشاركون في الحكومة وليس في الحكم الذي اصبح وطنيا وتحرريا ، بعد ان كان يوصف ب " الدكتاتور والعميل للأمريكان ، والمندمج في المشاريع الصهيونية " . ان هذا التحول الذي ساهمت فيه القضية الوطنية داخليا ، اعطى للنظام قوة مكنته من ترسيخ الوحدة في مواجهة العدو الخارجي المهدد للوحدة الترابية ووحدة الامة ، وكانت تمثله الجزائر ومنظمة البوليساريو والقوى السياسية الدولية المعادية للمغرب و المساندة لحق تقرير المصير بالصحراء .
اما عسكر الجزائر فقد استفادوا من نزاع الصحراء ، بإرهاقهم المغرب في حرب استنزاف اثرت بشكل كبير على مستوى عيش مواطنيه ، كما مكنت الطغمة العسكرية القابضة بزمام المبادرة في الجزائر ، من احراج المغرب في المحافل الدولية بمعارضة اختياراته الوطنية ، ومن الاسترزاق الدولي بالقضية بدعوى مساندة (الشعب الصحراوي ) في سبيل تحرره واستقلاله ، مما جعل قضية الصحراء توظف في عدة اتجاهات استفادت منها الانظمة في ترسيخ وجودها ، لكن بالمقابل دق اسفين في العلاقات بين شعوب المنطقة التي تدهورت بما جعل الشوفينية اساس التفرقة والخلاف المهدد لمستقبل الاجيال القادمة .
واذا ما رجعنا الى التاريخ ، وجدنا ان خطط القوى الخارجية ، كانت منذ هزيمة قرطاجة على روما ، تقوم على اسس قلما تغيرت ، و إن كان اصابها بعض التطوير منها :
1 ) الاستيلاء على رؤوس الجسور على الشاطئ وتحويلها الى مراكز تحشد وقادرة على قمع الداخل ، الى مراكز نهب للداخل .
2 ) ادخال وتوطيد سلطة الاقطاع في كل واجهة المغرب العربي الكبير .
3 ) افتعال الاقتتال والتناقض بين مكونات المغرب العربي الكبير .
4 ) ربط شرائح من المغرب العربي بالمصالح الخارجية ، إما عن طريق المركز الاجتماعي او عن طريق لغة القوة الخارجية ، او عن طريق اعتناق دياناتها . وهذان يتيحان الدخول في جهاز اداراتها والتمتع بقسم من الامتيازات المتاحة لها .
باختصار ، ان هذه الشروط والأسس المعتمدة على التجزئة السياسية والنظام الكمبرادوري والإقطاعي والدكتاتورية العسكرية ، والارتباط بالخارج الذي يصاحبه اكبر قدر من التناقض بين الوحدات السياسية في الداخل ، لا يزال الاستعمار والامبريالية يعتمدها ، مع بعض التطوير الذي اصاب الدولة بشكل خاص . ففي شروط كهذه ، تتحول اي مشكلة الى مادة متفجرة بين الكيانات السياسية ، خاصة عندما تغيب الحركة الشعبية الواحدة ، وتصبح عاملا من عوامل تقوية هذه الكيانات ، خاصة حين تحل في اطار اللعب الخارجي ، و’تفصل عن مقوماتها الذاتية التي تجعلها عنصرا من عناصر تقوية الداخلي على حساب وضد الخارجي .
ان هذا التغيير المفاجئ في مواقف القوى السياسية جعل القضية الوطنية ’تختزل و ’تمسخ بشكل فظيع انصبّ بأسره في معالجة شوفينية اضرت بالقضية الوطنية من قبيل : الصحراء مغربية ، دون مراعاة الحساسيات الصحراوية والقبائل والعشائر التي عبّر عنها الملك الراحل حين قال " ملكنا الصحراء ولكن لم نملك قلوب الصحراويين " ، وهي دلالة ساطعة وتحتمل قراءات متعددة ، حيث لا يمكن تصور ارض بدون سكان . والحال ان المسألة الحقيقية هي ان الصحراء مغربية وعربية وليس دولية اممية ، ومن ثم يجب ان ’تحول المعركة من اجل استردادها الى معركة قومية لإلحاق الهزيمة بالاستعمار والامبريالية والصهيونية . ان احدا لا يشك في مغربية الصحراء ، ولكن الشكوك تدور حول تحول القضية الوطنية الى حلبة للصراع بين الانظمة السياسية بدل ان تكون رافعة نحو العدالة والمساواة والديمقراطية ، والتصدي للابتزاز والاستبداد والطغيان والظلم الذي ضحيته المواطن بمنطقة المغرب العربي مثل العالم العربي .
6 -- ) انعكاسات قضية الصحراء على الاوضاع السياسية بالمغرب العربي :
بالنسبة للمغرب ، يمكن ان نحدد السياسة التي مارستها الدولة في قضية الصحراء المغربية بثلاث مراحل هي :
ا – مرحلة اولى دولية ، وضعت فيها اسس المشكلة بالاتفاق مع القوى الخارجية خاصة فرنسا .
ب – مرحلة ثانية داخلية ، فرضت فيها الاستراتيجية الخارجية – الدولتية او الحكومة العميقة على القوى السياسية الداخلية ، واستخدمت لترتيب اوضاع الحكم الذي كان مهددا في وجوده .
ج – مرحلة ثالثة لا نزال فيها ، تعود المشكلة من جديد لتبرز في اطار الدولي والاستراتيجيات الخارجية ، ولكن على ارضية داخلية المبادرة فيها بيد الحكم مثل افشال المبادرة الامريكية بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الانسان في الصحراء ، وموافقة الاتحاد الاوربي بتجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب ، ومبادرة الحكم الذاتي رغم انه مات قبل ان يجف المداد الذي كتب بها ، فانه استطاع ان يحدث نوعا من الخلخلة الدولية في مواقف دول وازنة ، ومن ثم استطاع تعطيل العديد من القرارات التي لو اتخذت في حينها لكانت ضربة لجهود الدولة في معالجة القضية ،و لكانت ذات اثر سيء على القضية الوطنية . كل هذا حصل بفضل تفجيرا الدارالبيضاء في 16 ماي 2003 ، وبفعل انخراط المغرب اللامشروط في مشروع الحرب على الارهاب . اذا كان خطاب العاهل المغربي الاخير بمناسبة افتتاح دورة الخريف البرلمانية قد قال بالنسبة للصحراء : " ان قضية الصحراء واجهت خلال هذه السنة تحديات كبيرة تمكنا من رفعها ، بفضل قوة موقفنا ، وعدالة قضيتنا ... غير انه لا ينبغي الاكتفاء بكسب هذه المعركة ، والإفراط في التفاؤل " وأضاف " ان الوضع صعب والأمور لم تحسم بعد ، ومناورات خصوم وحدتنا الترابية لن تتوقف ، مما قد يضع قضيتنا امام تطورات حاسمة " ، فإن ما يجب التذكير به ، أن الدولة كانت تتحدث طوال الوقت عن مشكلة وطنية لا يمكن ان تقبل حلا لها إلا في اطار الاندماج الوطني الكلي المغربي ، واليوم وفي هذه المرحلة الجديدة ، تطرح القضية الوطنية مجددا كقضية لا بد ان تتضمن تسويات وحلولا وسطى ، بحجة المتغيرات الدولية ، وموازين القوى الجديدة ، وبرغم ان الدول الكبرى دخلت الى ساحة الصراع من باب الصحراء الذي ترى الحكومة العميقة الآن انه باب لا يمكن ان يغلق إلا بموافقة الخارج المتحكم في طبيعة الصراع الذي يخدم مصالحه بدرجة اولى ، اي ان الجانب الوطني من المشكلة صار محلا للّعب السياسي ، وللأخذ والعطاء .
وهنا تندرج قطع العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية ايران وجمهورية فنزويلا ، والاصطفاف اللامشروط مع الاملاءات الغربية في العديد من القضايا التي لا تخدم قضيتنا الوطنية . وللإنصاف والإخلاص للحقيقة لا بد من القول أن هذه السياسة ما كانت قابلة للتنفيذ بالطريقة التي نفذت بها لولا الدور السلبي الذي لعبه الطرح الانفصالي بمختلف مكوناته الرجعية ، والذي شكل خدمة كبيرة لصالح التدخل الغربي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة .
لقد كان على البوليساريو الانفصاليين الرجعيين الشوفينيين ، أن تعتبر نفسها جزءا من حركة الشعب المغربي المعارضة ، وان تطالب التالي بمغرب ديمقراطي يتسع لجميع ابناءه ، بدل ان تتلاعب بأخطار دولة كاركوزية عميلة بمصطلحات خادعة وبراقة من قبيل " اشتراكية – ديمقراطية " تفتقر الى سائر المقومات التي تجعل من كيان سياسي هزيل ، كيانا سياسيا بالأصل . ان الجزائر دفعت ثمنا كبيرا لسياساتها المغلوطة والمعادية للمغرب ، وستدفع ثمنا اكبر ان هي واصلتها بعداوة وحقد وضغينة . والى الآن لا تزال الفرصة سانحة لإصلاح المواقف الخاطئة والعدائية التي تصب في خدمة مخططات التقسيم والتجزئة التي تسعد الغرب وإسرائيل وأعداء العالم العربي والإسلامي . ان هذا الاجراء الذي سيكون ثوريا من قبل حكام قصر المرادية ، وبالتعاون والتنسيق مع المغرب سيقلب المشكلة الى مشكلة نضالية مغربية عامة ، ذات بعد عربي واضح ، بل تعيد طرح الاوراق من جديد لتصبح اساسا لفرز داخلي على نطاق المغرب العربي بأسره ، ولاسترداد ثقل الاستراتيجية الثورية التي وضعها الاولون من الجماعات القروسطوية من اخوانية وسلفية نصية وجهادية وتكفيرية ، وقوى رجعية مرتبطة بالاستعمار وبالامبريالية .
لقد آن الاوان ادراك ان خطط الامبريالية متشعبة ومتعددة ، وان تمزيق الوطن العربي وإثارة التناقضات بداخله ، وتدبير الحروب بين اقطاره ، هو الهدف الثابت للقوى الامبريالية وصنائعها ، وان الرد لا يكون بالإنجرار الى هذه الحروب والتمزقات من موقف اقليمي " تقدمي " ( الاستفتاء لتقرير المصير ) ، بل هو في وضع استراتيجية مضادة شاملة ، تحشد من حولها الطاقات الشعبية في كل الاقطار ، وتخوض معركتها موحدة على صعيد المغرب العربي كله . كما تعرف متى تخوض هذه المعركة ومتى تتفاداها ، متى تتقدم ومتى تتراجع ، متى تقبل التحدي ومتى تتحاشاه . وغني عن القول ، ان موقفا كهذا يتجاوز الانحياز لهذه القوة او تلك ، لأنه قائم على الانحياز للشعب الواحد في الاقطار المختلفة ، ويبتعد عن المكاسب الاقليمية الشوفينية الضيقة الصغيرة والتافهة ، لأنه ينتظر في النهاية الحصاد الوفير الكبير ، لأنه مؤسس على نموذج للعلاقة مع الشعب المغيّب الذي يختلف جذريا عن النموذج السائد في البلدان الرجعية ، نموذج يستطيع في نفس الوقت اقناع الجماهير بتفوقه وتقدمه ، ولا يعمل بنفس آليات الانظمة الرجعية المتهافتة ، لكنه يتستر بجملة من الشعارات الوحدوية والتضامنية لمواجهة المؤامرات التي تفتك بسورية كما فتكت بالعراق وستفتك باليمن والسودان وليبيا المهددين بالتقسيم والتجزئة ، ومصر المهددة بالحرب الاهلية .
ان ما حدث لمشكلة الصحراء يعطي صورة جد واضحة عن مستوى القوى التي انخرطت فيها : الامبريالية والأنظمة والحركات الوطنية رغم اختلاف الحسابات والتكتيكات واختلاف المراهنة على النتائج . وعلى كل حال ، فان ما يهمنا من هذا التحليل هو دراسة الجوانب الخفية التي طرحت فيها قضية الصحراء المغربية ، والإطار العام الذي وضعت فيه ، وعن نمط الدولة بخصوصياته المتباينة من بلد الى آخر . وإذا كانت الدولة المغربية قد نجحت في اضفاء الطباع القومي على نفسها من خلال مشاركتها في حرب اكتوبر 1973 على الجبهتين السورية والمصرية ، ونجحت في اضفاء الطباع الوطني على نفسها كذلك حين طرحت مشكلة الصحراء ، فإن الاخطاء التي ارتكبتها احزاب الحركة الوطنية قد ساعدت على تعميق نزاع الصحراء بطرق تحولت الى ملاسنات بين هذه الاحزاب وجبهة البوليساريو الانفصالية ، وبين هذه الاحزاب كذلك وجبهة التحرير الوطني الجزائرية ، مما ساهم في ابعاد المواقف بدل تقريبها ، واعتقد ان احزاب الحركة الوطنية التي كانت تحمل همّا مشاركا للهم الذي بلورته جبهة التحرير الجزائرية ، كان سيخرج المنطقة من النفق المظلم والدفع بها الى عالم التعاون والتضامن والإخاء ، بالتركيز على مغرب الشعوب صانعة التاريخ ، وليس مغرب الانظمة المعرضة للزوال .
7 -- ) الى كل من تعنيهم قضية الصحراء المغربية بشكل مباشر :
ان خطاب العاهل المغربي محمد السادس مؤخرا حول الصحراء ، والذي قال فيه " ان الوضع صعب والأمور لم تحسم بعد ... مما قد يضع قضيتنا امام تطورات حاسمة " " لا ينبغي ... الافراط في التفاؤل " سبب حيرة مفرطة بالتشاؤم حول المصير المحتوم الذي ينتظر القضية الوطنية . واذا كانت هناك عدة قراءات للخطاب ، فان اهمها وأقربها الى الوضع ، هي تلك التي سارت باتجاه العودة الى المربع الصفر ، اي الرجوع بالقضية الى نقطة البداية ، اي الى ما قبل 1974 ، اي الى ما قبل المسيرة الخضراء . وهنا يمكن التساؤل عن القيمة الحقيقية للمسيرة ، ولخطاب المسيرة ، وقسم المسيرة ، ومصير الشهداء الذين سقطوا في المعارك التي كانت مفروضة على المغرب ، كما يمكن التساؤل عن الجنود الذين قضوا اكثر من ستة وعشرين سنة خلت في سجون البوليساريو ، ويكن التساؤل عن 190 مليار وأكثر التي التهمتها قضية الصحراء ، وكلها اموال مولها الشعب المغربي من جيبه في شكل ضرائب جائرة ، وعلى حساب عيشه وحياته وحياة ابنائه ، كما لا ننسى من اثرى ثراء فاحشا على حساب الصحراء ، وعلى حساب معاناة المواطنين والشعب الذي تحمل تكاليف الصحراء ، وأبناءه اليوم من الدكاترة وحملة الشواهد العليا يجلدون من قبل قوات الامن ، فقط لمطالبتهم بحقهم في الشغل .
اذن اليس الخطاب الملكي الذي كان جريئا ، هو اعتراف بفشل 38 سنة من تدبير ملف الصحراء ؟ اليس الخطاب هو محاولة لتملص الساهرين على ملف الصحراء من اعطاء الحساب ، والبحث عن تحميل الشعب المسؤولية من خلال اشراكه ولو بطرق قد تخلط الاوراق في الداخل بما ’ينجي المسئولين الذين اثروا ثراء فاحشا من اي مسؤولية ، اي الافلات من العقاب ؟ . اين وصلت القضية الوطنية التي استعملت من قبل السلطويين منذ ادريس البصري والى تلميذه الشرقي ضريس في ممارسة الشطط في استعمال السلطة ، وفي الاعتداء على الناس ، ومراكمة الثروات بطرق مشبوهة ( من اين لك هذا ) ؟ اسئلة تربك الرأي العام ، وتدفع الى طرح السؤال الذي طرحه لينين : ما العمل الآن ؟
انني أرى تحت الرماد ( الرمال ) في الصحراء وميض نار سيحرق الاخضر قبل اليابس . واهم ومخطئ من لا يعتقد ان المظاهرات في الصحراء لن تتحول في يوم من الايام الى انتفاضة شعبية عارمة بمساندة العواصم الاوربية وواشنطن . واهم ومخطئ من لا يعتقد ان ما يجري الآن في الصحراء لن يتحول الى مقاومة مسلحة ( مشروعة ) . واهم ومخطئ من لا يعتقد ان حرب الاستنزاف مع البوليساريو غير واردة . واهم ومخطئ من لا يعتقد ان حرب الحدود مع العدو الجار بسبب الصحراء غير واردة . واهم ومخطئ من استبعد الحل التيموري الشرقي على الصحراء المغربية . ان العاقل من أتعظ بغيره ، والحكيم من تدبر امره ، والجاهل من كان عدو شعبه ونفسه ، واهم من يظن ان الكرسي سيظل كرسيا ولن يتحول لعربة مفخخة ، وواهم من يظن ان العصا لن تصبح كلاشينكوف ، وواهم من يظن ان الكراهية والتأر مشاعر يتناولها الناس عند اللزوم ، وواهم من يعتقد ان الغضب يظل قصيدة شعر حالمة ، وجاهل من يظن ان النيل لن يجري جنوبا ، لست زرقاء اليمامة سادتي ، ولا ادعي رجما بالغيب ، ولكنني بحس المواطن الذي يخشى على وطنه وقلبه على مواطنيه ،، اقول انني ارى وميض نار في الصحراء او شك ان يكون له ضرام . فعلى العصابة المافيوزية الظالمة والمعتدية والفاسدة ومحورها الرديء الشرقي ضريس، ان تتحسس موقع اقدامها من قبل ان يأتي الطوفان الذي كان عنه يحيدون . ان ملف الصحراء وبالشكل الذي ’ادير به اضحى ورما خبيثا قد ينفجر يوما في جميع الاتجاهات .
نحن امة اقرأ التي نزلت كأول آية على الرسول ، وهي آية نزلت بصيغة الامر ، اي ان الله يأمر امة اقرأ من خلال النبي ان تقرأ ، وفيها يقول الله سبحانه وتعالى " اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق ، اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم ، علم الانسان ما لا يعلم " . تصوروا ان الله يتحدث عن القراءة ، الخلق او الابتكار او الاجتهاد ، التعليم ( علّم ) القلم . لكن حين لا تقرأ امة اقرأ التي نزلت عليها هذه الآية جبرا ، وتقرأ الامم التي لم تنزل عليهم لآية اقرأ ، فانتظر الساعة التي لا ريب فيها .




#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاساطير وما ادراك من الاساطير
- المحور الثالث : حوار مع نوبير الاموي بعد احداث 14 دجنبر 1990
- حوار مع نوبير الاموي مباشرة بعد احداث 14 دجنب 1990 ( المحور ...
- حوار مع نوبير الاموي مباشرة بعد احداث 14 دجنبر 1991
- الكنفدرالية الديمقراطية للشغل
- الوعي لا يحدد وضعية الانسان - قوة الاشياء وقوة الافكار -
- تمريغ حقوق الانسان في وحل الصراعات السياسية الداخلية والخارج ...
- التقنية والسياسة
- المدرسة والمسألة المعرفية
- نحو المحافظة على الهوية الثقافية والاصالة الحضارية
- تنزيل الماركسية
- تذليل المفهوم القروسطوي للدين
- فشل اردوغان والاخوان في محاولة بعث الفاشية العثمانية
- المثقف الماركسي والوعي الطبقي
- دفاعا عن سورية وليس عن الأسد
- الإتجار بالديمقراطية البرلمانية
- الديمقراطية وترويض القدرة السياسية في المجتمع
- الاخوان الفاشيون
- الإستعارة في اللغة السياسية
- - امرأة عند نقطة الصفر -


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تردي الوضع العربي - نزاع الصحراء مسمار في نعش المغرب العربي