أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الشيوعية. والإسلام. وجدتى














المزيد.....

الشيوعية. والإسلام. وجدتى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4233 - 2013 / 10 / 2 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تقرأ جدتى القرآن ولا كارل ماركس ولا أى كتاب. مع ذلك كانت تحكم بالعدل فى أى نزاع يحدث بين الرجال فى عائلتها أو قريتها. إنه تقليد موروث فى الريف المصرى منذ عصر إزيس إلهة الحكمة ومعات إلهة العدل.
الإحساس بالعدالة. صفة إنسانية طبيعية. كالاحساس بالحب والحرية والكرامة والمساواة. لكن لعبة الأحزاب والحكم تفسد الاحساس بالعدالة لدى أغلب المشتغلين بالسياسة. ولم تعد العدالة تعنى المساواة الحقيقية بين الناس (بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو الطبقة). بل أصبحت العدالة هى التوازن بين القوى الحزبية المتنافسة على الحكم. المتمرسة على الموازنات لتحقيق التوافق بينها وتوزيع المقاعد والمناصب حسب قوة كل منها وليس حسب العدالة. وحزب النور السلفى (يرى وجه المرأة عورة) ونشأ (ضد القانون) من أقلية قليلة بعد يناير 2011 - يحظى بوزن سياسى فى لعبة التوازن (داخل لجنة الدستور). أكبر من نصف المجتمع. أربعون مليون امرأة وأكثر.
أغلبية الشعب المصرى خارج الأحزاب بحكم القانون الذى يمنع نصف المجتمع (النساء) من تشكيل حزبهن. ويفرض شروطا مادية وسياسية متعسفة لا يقدر عليها العمال والفلاحون والأجراء بحكم فقرهم وجهلهم بألاعيب السياسة. وقد نشأت أنابين طبقتين. طبقة أبى من الفلاحين الفقراء - وطبقة أمى من البهوات فى القاهرة والأعيان أصحاب الأرض فى الريف. لم يكن للفلاحين الفقراء دور فى السياسة. إلا أن يحشدهم الباشا أو البيه صاحب العزبة كى يصوتوا له فى الانتخابات. وينجح الباشا أو البيه بعد أن يقدم للفلاحين وعودا (كاذبة) بتحقيق مطالبهم. ويدور النقاش فى البرلمان حول أبسط حقوق الفلاحين حينئذ. فيعترض النواب البشوات صائحين: هذه بلشفية. هذه شيوعية. وفى بيتنا كان الصراع يدور بين عائلتى أبى وأمى أشبه بالصراع فى مجلس النواب. تقف عائلة أمى مع البشوات والبهوات والملك فاروق يؤيدونه. لأن اللَّه معه فى كل خطواته. وتقف عائلة أبى ضد الملك والحكومة على رأسهم جدتى التى تقول: "لا يمكن ربنا يكون مع الظالم". يرمقها الرجال فى استعلاء. ذوو البدل الأنيفة (والبايب بين شفاههم الندية). كيف تشارك الفلاحة العجوز فى النقاش السياسي؟. لكنها لا تأبه بهم وتواصل دفاعها عن العدالة البسيطة البديهية. وإن قال لها أحدهم إنها لم تقرأ القرآن ترد جدتي: ربنا هو العدل عرفوه بالعقل وليس بالكتاب. وأصبحت جدتى الفلاحة شيوعية ملحدة مثل ابنها (أبى) فى نظر رجال السياسة من عائلة أمى. رغم أن أبى لم يكن شيوعيا ولا علاقة له بأى حزب. لكن تهمة "الشيوعية والإلحاد". كانت تلصق بأى شخص ينطق كلمة "فقر" أو طبقة كادحة. هذه كلمات تؤدى إلى السجن. ما بال "نظام طبقى أبوي". قائم على الاستبداد الذكورى المطلق فى الدولة والأسرة؟.
إنها الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن العشرين. والصراع دائر بين الشيوعية والاسلام فى عالم منقسم إلى كتلة شرقية بزعامة الاتحاد السوفيتى. وكتلة غربية رأسمالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية. أما المستعمرات فى إفريقيا وآسيا (ومنها مصر تحت الاحتلال البريطاني). فكانت تابعة للقوى الاستعمارية. تم اختزال الاسلام (فى نظر القوى الرأسمالية). إلى أداة لضرب الشيوعية. وتم اختزال الشيوعية (فى المستعمرات بالعالم الثالث) إلى دعوة للإلحاد. وتم ضرب أى حركة شعبية مصرية تدعو للعدالة والتحرر الوطنى حتى جمال عبدالناصر تم اتهامه بالشيوعية بواسطة القوى الخارجية والطبقة العليا فى الداخل. وتم تشجيع الاخوان المسلمين والاسلام السياسى (داخليا وخارجيا). للقضاء على الحركات الوطنية المصرية وجمال عبدالناصر حاولوا اغتياله جسديا وسياسيا. حتى هزيمته فى حرب 1967 - ثم موته بعد ثلاث سنوات. ليأتى الرئيس المؤمن (السادات) الذى شجع جماعات الاسلام السياسى (مع قوى الاستعمار) بضرب القوى الوطنية للتحرر والاستقلال تحت اسم مكافحة الشيوعية. وجدت نفسى فى سبتمبر 1981 داخل زنزانة السجن بتهمة الشيوعية. رغم أننى لم أدخل فى حياتى أى حزب. وأنفر بطبيعتى من ألاعيب السياسة مثل جدتى الفلاحة التى كانت تلخص السياسة فى كلمة واحدة "بوليتيكا". تضحك وهى تضرب ابن عمها (شيخ الجامع) على ظهره قائلة "بلاش بوليتيكا يا خويا". كانت جدتى (وكل القرية). ترى السياسة ألعابا بهلوانية (بوليتيكة) قائمة على الخداع والمكر. وأن الحكومة تقهر الفلاحين لأنها تعمل مع الملك والإنجليز والبشوات والبهوات فى البرلمان. كانت جدتى وأهل قريتها يتمردون ضد العمدة. تلوح فى وجهه بيدها الكبيرة المشققة. وتقول: فين العدل يا عمدة؟. يلوح بالمصحف فى وجهها يتهمها بالجهل لأنها لم تقرأ القرآن ولا تعرف شيئا عن العدل وترد عليه جدتى بعبارتها المأثورة: "ربنا هو العدل عرفوه بالعقل يا عمدة".
لو دخلت جدتى "لجنة الخمسين". ربما كانت أكثر وعيا بأهمية النص فى الدستور على العدل والمساواة الحقيقية بين الناس وليس التوازن بين القوى السياسية والأحزاب ومنها "حزب النور" الذى يرى وجه جدتى عورة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطفلة والشيخ العجوز
- قانون العيب المزدوج
- اقتلاع جذور التفرقة
- لجنة الخمسين والسقف المحرم!
- الجمال والإبداع والنرويج
- ذكرى ثورات كانت ولا تكون
- مكياج الوجوه القديمة
- إقناع أنفسنا قبل إقناع الآخرين
- بناء عقل مصر فى دستور جديد
- الثورة والحسم وسقوط الكذب
- هل تتشابه الملامح مع إدمان الكذب؟
- الصوت الباقى فى الوجدان
- ألم تستوعبى الدرس يا مصر؟
- أهناك علاقة بين السعادة والإرهاق؟
- الدولة الحرة. والمرأة الحرة
- وزارة النساء؟
- غياب العدل عن مؤتمر العدل
- الثورة وبناء عقل مصر المبدع
- ثورة شعبية وليست انقلاباً
- ميزان العدالة يا أمى هل يعتدل؟


المزيد.....




- أورسولا فون دير لاين تصف العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصي ...
- هدية من -القلب-؟.. بوتين أهدى برلسكوني قلب غزال اصطاده فتقيأ ...
- احتفالا بمرور 60 عاما على العلاقات الصينية الفرنسية.. شي جين ...
- رئيس وزراء ساكسونيا الألمانية: يجب تسوية النزاع في أوكرانيا ...
- لن نرسلهم إلى حتفهم.. هنغاريا ترفض تسليم الرجال الأوكرانيين ...
- تحذير هام لمرضى الكبد من غذاء شائع
- موسكو: سنعتبر طائرات -إف-16- في أوكرانيا حاملة للأسلحة النوو ...
- غرامة مالية جديدة.. القاضي يهدد ترامب بسجنه لتجاهله أمرا قضا ...
- بلجيكا تحذر إسرائيل من التداعيات الخطيرة لعمليتها العسكرية ف ...
- مجازر جديدة للاحتلال برفح وحصيلة الشهداء تقترب من 35 ألفا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - الشيوعية. والإسلام. وجدتى