أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - الأُمُّ الأصغر من ابْنَتها!















المزيد.....

الأُمُّ الأصغر من ابْنَتها!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4232 - 2013 / 10 / 1 - 22:53
المحور: الطب , والعلوم
    


كم هو مألوف وعادي وبديهي هذا الشيء الذي نَدْعوه "الزمن"؛ ولو ظَلَلْنا نَفْهَم "الزمن" كما اعتادت أذهاننا فهمه، منذ القِدَم، أو كما فهمه نيوتن، وأراد لنا أنْ نفهمه، لَمَا استبدَّ بنا الشعور بتهافُت المنطق؛ فإنَّ ما اكتشفه آينشتاين في أَمْر "الزمن" قد أَشْعَرَنا أنَّ هذا الشيء (أيْ الزمن) سيظل مُسْتَغْلَقاً علينا فهمه ما بَقِيَت "كفَّة المنطق" ترجح على "كفَّة الخيال" في تفكيرنا فيه؛ فلا لغز محيِّراً للألباب أكثر من "لغز الزمن".
كم عُمْركَ الآن؟ وكم عُمْري؟
إذا كان عُمْركَ الآن 30 عاماً، وعُمْري (الآن) 40 عاماً؛ فَكَمْ يصبح عُمْركَ، إذا ما أصبح عُمْري 60 عاماً؟
يصبح عُمْرَكَ 50 عاماً؛ فالفَرْق بين عُمْرَيْنا ثابت لا يتغيَّر أبداً، وهو 10 أعوام؛ فأنا أظل أكبر منكَ عُمْراً 10 أعوام، مهما تقادم بنا الزمن.
أليس في هذه الإجابة كل معاني "البديهية"؟!
وفي "بديهية" أخرى مشابهة، أقول إنَّ البِنْت أصغر عُمْراً من أُمِّها؛ ولا بدَّ من أنْ تظل أصغر منها عُمْراً مهما كَبِرتا (عُمْراً).
هذا ما يقوله، ويقول به، الناس جميعاً، ومنهم نيوتن؛ وهذا ما يقره "المنطق"؛ أمَّا آينشتاين فيرى رأياً آخر، رأياً فيه من "الصواب" ما يحعله يبدو منافياً لـ "المنطق" الذي اعتادت أذهاننا التفكير بما قواعده.
لقد اكتشف آينشتاين في أمْر "الزمن" ما يسمح بجَعْل عُمْركَ أكبر من عُمْري، وبجَعْل البِنْت أكبر عُمْراً من أُمِّها!
كيف؟
سأُجيب عن هذا السؤال في منتهى البساطة.
نأتي بالأُمِّ، ونَضَعَها في مَرْكَبة فضائية، تنطلق من الأرض في رحلة فضائية، تستغرق، ذهاباً وإياباً، 10 ساعات (مثلاً) بحسب ساعة المَرْكَبة، أو ساعة الأُم.
ما قُلْناه حتى الآن لا يجيب عن السؤال (كيف؟).
وفي الإجابة عن هذا السؤال، نقول الآن إنَّ على هذه المَرْكَبَة (ولو سارت في خطٍّ مستقيم) أنْ تزيد سرعتها في استمرار (أنْ تزيدها كل ثانية) حتى تُقارِب (أقول "تُقارِب"، ولا أقول "تَعْدِل") سرعة الضوء (التي هي 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة تقريباً).
لقد بلغت المَرْكَبَة "محطتها النهائية" في الفضاء، ثمَّ استدارت، بادئةً رحلة العودة إلى الأرض؛ فلمَّا وَصَلَت، زاد عُمْر الأُم (زيادة حقيقية، لا وهمية) 10 ساعات فحسب؛ أمَّا عُمْر ابْنَتها فزاد (زيادة حقيقية، لا وهمية) 40 عاماً (مثلاً). وهكذا أصبحت الأُم أصغر عُمْراً من ابْنَتها!
وهذا الذي قُلْت هو قولٌ فيزيائي رصين مُحْكَم، لا أثر فيه للوَهْم، وتؤيِّده تجارب فيزيائية أُجْرِيَت.
إنَّه "التسارُع (بمعنى الزيادة المستمرة في السرعة)" وصولاً إلى سرعة تُقارِب سرعة الضوء (مع أنَّ بلوغ هذه السرعة ليس شَرْطاً في حدِّ ذاته) الذي فيه يَكْمُن سبب تباطؤ الزمن عند الأُم المسافرة؛ وهذا التباطؤ يمكن الحصول عليه من طريق أخرى، هي "الجاذبية"؛ فلو عاشت الأُم على سطح كوكب جاذبيته عند سطحه أعظم كثيراً من الجاذبية عند سطح كوكب الأرض لتباطأ الزمن عندها أيضاً.
ما اكتشفه آينشتاين في أمْر الزمن حلَّ لنا، ولو نظرياً حتى الآن، مشكلة غزو أقاصي الفضاء أو الكون.
مِنْ قَبْل، استعصى علينا (نظرياً) حل مشكلة سَفَر الإنسان إلى كوكب يَبْعُد عن الأرض 1000 مليون سنة ضوئية، مثلاً؛ فكيف لإنسان، ولو سارت مَرْكَبته بسرعة الضوء (وهذا أمْرٌ مستحيل) أنْ يَصِل إلى هذا الكوكب؟!
لا وجود لإنسان يعيش 1000 مليون سنة (أو أقل، أو أكثر).
إنَّ بعض الحقائق الفيزيائية أغرب حتى من الخيال؛ فالإنسان يستطيع (إذا ما تسارعت مركبته حتى قاربت سرعتها سرعة الضوء) أنْ يَصِل إلى هذا الكوكب (البعيد جِدَّاً) وأنْ يعود منه إلى الأرض في دقيقة واحدة، بحسب ساعة هذا الإنسان المسافِر!
لقد زاد عُمْره (زيادة حقيقية، لا وهمية) في رحلته (ذهاباً وإياباً) دقيقة واحدة فحسب؛ فلَمَّا عاد إلى الأرض، وسأل عن أُمِّه، أَخْبروه أنَّها ماتت قَبْل نحو 1200 مليون سنة!
هذا الإنسان، وبرحلته الفضائية هذه، إنَّما سافَر في الزمن، فَزَار (إذْ عاد إلى كوكب الأرض) مستقبل الأرض.
عندما وَصَل مسافرنا إلى الكوكب البعيد رأى هذا الكوكب في حاضره؛ وعندما عاد إلى الأرض رأى كوكبنا في مستقبله، أيْ في الهيئة التي سيكون عليها بعد 1200 مليون سنة من انطلاقه في رحلته. ولو نَظَرَ مسافِرنا، قبل انطلاقه في رحلته الفضائية، بـ "عَيْنٍ اصطناعية متطورة (تِلِسْكُوب)" إلى الكوكب البعيد الذي يعتزم زيارته، لرآهُ في الهيئة التي كان عليها قبل 1000 مليون سنة؛ وها هو (مسافرنا) سيراهُ بعد نصف دقيقة (بحسب ساعته، أو ساعة مَرْكبته) في الهيئة التي أصبح عليها بعد نحو 600 مليون سنة.
حتى مفهوم "الآن (أو الحاضر)" مزَّقه آينشتاين إرباً إرباً؛ كيف؟
أنتَ "الآن" في الليل، تَكْتُب رسالة؛ وما أنْ فَرَغْتَ من كتابة عبارة "عزيزي" حتى سمعتَ دوي انفجار، وقع في مكان يبعد عنكَ 5 كم، ورَأَيْتَ نجماً ينفجر في السماء، ويبعد عن كوكب الأرض مليون سنة ضوئية.
إنَّها ثلاثة أحداث متزامنة، من وجهة نظركَ، أو بحسب ساعتكَ؛ لكنها من وجهة نظر آينشتاين (أيْ من وجهة نظر الفيزياء) ليست متزامنة؛ فالانفجار وَقَع قَبْل سماعكَ دويه، والنجم انفجر قبل مليون سنة؛ وانفجار النجم هذا شاهده سكَّان كوكب أقرب إلى النجم من كوكبنا قبل نصف مليون سنة مثلاً؛ وسوف يشاهده سكَّان كوكب آخر بعد 1000 مليون سنة مثلاً.
الزمن يتباطأ ويتسارع؛ لكن هذا لا يعني أنَّ في مقدوركَ إطالة أو تقصير عُمْركَ؛ فأنتَ مِنْ وجهة نظر سكَّان الأرض (وبحسب ساعتهم) قد تستمر على قَيْد الحياة ملايين السنين في مَرْكبتكَ التي تسير مبتعدة عن كوكب الأرض بسرعة متزايدة؛ أمَّا مِنْ وجهة نظرك (وبحسب ساعتكَ) فَلَمْ تستغرق رحلتك (ذهاباً وإياباً) إلاَّ بضع دقائق، أو بضع ساعات، أو بضعة أشهر.
هل للزمن عُمْر؟ وكم عُمْره إذا ما كان له عُمْر؟
عن هذا السؤال، سأُجيب إجابة غير مُقْتِنع بصوابها، وإنْ أيَّدتها غالبية علماء الكوزمولوجيا من القائلين بنظرية "الانفجار الكبير" Big Bang.
هؤلاء يقولون بنشأة الكون (أيْ بنشأة كل شيء) قبل نحو 13.7 بليون سنة؛ ويقولون بنشأته من طريق (أو بواسطة) هذا "الانفجار" الذي ليس كمثله انفجار. ويقولون، أيضاً، بنشأة الزمن بهذا "الانفجار" قبل نحو 13.7 بليون سنة؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ عُمْر هذا المخلوق المسمَّى "الزمن" 13.7 بليون سنة؛ إنَّه في ريعان شبابه!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران التي -ساعَدَت- أوباما في سورية!
- لنتعلَّم -الديمقراطية- في -مدرسة الطبيعة-!
- هل يَشْهَد العالَم ولادة -قيادة جماعية-؟
- هل يَتَّحِد -المعتدلون- من الحكومة- و-المعارضة- في قتال -الم ...
- -الطبيعة- كما تُقَدِّم إلينا نفسها!
- حياتنا الاقتصادية.. حقائق بسيطة وأوَّلية
- أخطر ما في هذا العداء لمرسي!
- لماذا يبدو الشعب الأردني أَحْكَم وأَعْقَل من حكومته؟
- -تمثيلية أردنية-.. العمدة والزَّبَّال!
- مصر.. عندما ينادي خَصْما -الدولة المدنية- بها!
- بعضٌ من حقيقة -الحقيقة-!
- شيء من -الجدل- ينعش الذِّهْن
- الصراع السوري في -تركيبه الكيميائي الجديد-!
- عِشْ ودَعْ غيركَ يَعِشْ!
- بشَّار الذي فَقَدَ ترسانتيه -المنطقية- و-الكيميائية-!
- كَمْ من الولايات المتحدة يَقَع في خارج حدودها؟
- طاغوت
- -عناقيد المجرَّات-.. لماذا لا تغادِر أماكنها؟
- معنى -الضَّرْبة-.. ومعنى -المبادرة-
- -مبادرة- تقول لبشار: سَلِّمْ تَسْلَمْ!


المزيد.....




- فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء
- غوغل ومايكروسوفت تؤكدان أن الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاص ...
- سلي أطفالك ونزليها ..  تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على ا ...
- كيف تظهر صور الأقمار الصناعية آثار الضربات المتبادلة بين إير ...
- طلاب معهد العلوم السياسية بباريس ينددون بالحرب الإسرائيلية ع ...
- «شاهد توم وجيري» استقبل الآن تردد قناة سبيس تون الجديد على ا ...
- «وحش الهواتف الذكية»….تعرف على مواصفات ومميزات هاتف vivo X10 ...
- -كلنا فلسطينيون-.. هتافات مؤيدة لغزة تصدح في أعرق جامعات فرن ...
- رابط التقديم في شركة المياه الوطنية 2024 لحملة الثانوية العا ...
- لأول مرة منذ 56 عاما.. قطار روسي يشق الصحراء عابرا إلى سيناء ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - الأُمُّ الأصغر من ابْنَتها!