أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - من صحائف الاقدمين ج3















المزيد.....

من صحائف الاقدمين ج3


الحسين الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 21:05
المحور: الادب والفن
    


وفد الي وفد ثان من قريش لم ار فيه ابا الحكم، ثم علمت انه قُتل في اولى المعارك بين قريش و عبيدها و حلفائهم من الاوس و الخزرج. و اخبرني الوفد بقطع اتباع محمد لسير قوافل قريش الذاهبة الى الشام، و كان من بين الوفد قائد تلك القافلة المشؤومة، التي حاول محمد ان يفعل بها ما لم يُفعل من قبل في تاريخ قريش ! الا ان ابا سفيان –قائد القافلة- نجا مما احيك ضده بليل و نجت معه اموال قريش.
اخبرني الوفد بحروب قريش مع محمد و كيف استصغروا شان محمد فخسروا في معركتهم الاولى عددا من كبارهم، و فكرت بان قريش قوم تجار حروبهم يخوضها اجراؤهم و عبيدهم، اما هم فلعدّ المال و سقاية الحاج و رعاية الشعر و الخطابة. اكمل الوفد حديثهم قائلين: لكننا تواعدنا لمعركة اخرى ينصرنا فيها هبل، و التقينا عند جبل احد فدارت المعركة على اتباع قاطع الطريق مذمّم (و يعنون محمدا) بل اننا جرحناه هو و اهنّا كرامته و نَصرْنا هُبل ! و لينفع اتباعه دينهم و ما يدعون اليه !
و اسرّوا الي بانهم اجمعوا على قتل محمد حين كان في مكة، بعد ان صبروا عليه عقدا من الزمان، اذ وجدوا ذلك الحل الوحيد لانهاء الانقسام و التشرذم، الا انه هرب من ايديهم.
سكتّ عن محاولتهم قتل محمد و قد اخبرتهم من قبل انها لن تحل معضلة و لن تسكت صوتا صائحا. اردت سؤالهم عن موقف اهل يثرب من محمد، ايتبع معهم العدل فيتبعوه ام تملّك عليهم ملكا ينصره اتباعه ممن هاجر من مكة فهم اذلاء يبغون الخلاص؟ و اعلم ان سؤالي لا يسأل عن عرب، فمتى رضي قومنا بالذلة و نحن من وقفنا امام جيوش فارس العظيمة و لم نعط الدنية من انفسنا لجيوش الحبشة الجرارة او لكتائب الروم التي يخاف من ذكر اسمها غيرنا. الا ان شخصية محمد و حيلته دفعتني الى ان افكر بهذا السؤال، فقد عرف العرب دهاة الا انهم لم يعرفوا مثل محمد !
اوشكت على السؤال حين تطوع ابو سفيان و نقل لي بان هناك من اخبره عن وضع محمد في يثرب. فقد حاولت قريش –بعد موقعة جبل احد- ان تستميل اليها اهل يثرب ليطردوا محمدا على ان يكون ليثرب دور عظيم في تجارة قريش، فمحمد قرشي و اهله اولى بالتعامل معه، و قد وجِدتْ بعض الاذان الصاغية من اهل يثرب، الا انها اذان وجلة خائفة، فقد نجح محمد في تأسيس مجتمع جديد في يثرب، التي اطلق عليها اسم مدينة "الرسول" المنورة، و اغلب اهل المدينة يتبعون محمدا لاعجابهم بشخصه –و سحره لهم كما قال ابو سفيان- و القلة الباقية لا تقوى على معارضة اغلبية اهل المدينة.
و طلب مني وفد قريش النصيحة في شان محمد مرة اخرى، حيث ان النصر في القتال لم يذهب بريح محمد و دعوته كما ظنوا، و لا زال هو متحكما بالمدينة و بطريقِ تجارة قريش ! و بالهام من الالهة و ايمان مني بسلام حان اوانه نصحت قريشا بوقف القتال و ترك اتباع محمد لما نذروا له انفسهم، و مثلما تركت قريش البيت للرب الذي يحميه فلنترك انفسنا لاربابنا الاقوياء و لعقول العرب الاوفياء لالهتهم.
و اعرف جيدا –من خبرة حياة طويلة مللت منها و ملت مني- بان العرب يميلون الى القوي، و الهتنا اقوى من محمد، فما دامت الكعبة لنا و ما دامت اسواق تجمعنا و ما دمنا اغلبية في جزيرة العرب لنا عاداتنا الراسخة، فلن يستطيع محمد كسب معركته الدينية، و رغم دهائه و ذكائه فانه –بين قومنا- ان لم تكن له قوة كاسحة، فانه سيبوء بالخسران المبين.
وافق بعض افراد الوفد على اقتراحي و رفضه البعض بشدة فرأيت الانقسام يصيب اعداء محمد و خفت من نجاحه اذا فرّق بيننا، فاتيت باقتراح ثان، هو ان تجمع قريش قبائل العرب و يسيروا فيخيّروا محمدا بين الرحيل عن ارضنا و الارتداد عن دينه. و رأيت الانقسام مرة اخرى، فعرفت ان بين هؤلاء من يكره محمدا كرها يعميه عن تقدير مصالحه و مصالح قومه البعيدة.
لم تلهمني الالهة في حياتي بحل غير اتباع طريق السلم، و قد تجلى لي مرة، و انا معتكف في كهف يجاور قريتي، طيفُ اللات و سألتها عن هذا الامر فاجابتني بانها ستكشف لي عن سر من اسرار الالهة، سنّة يسيّر بها الكون، هي ان لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار و معاكس في الاتجاه، فان ذهبت قبيلة الى قتال قبيلة اخرى فسترد القبيلة الثانية عليها بالقتال، سألت اللات المعظمة حينها: هل سيكشف هذا القانون للبشرية يوما ما ليعمروا الارض و يعيشوا حياتهم متحابين فاجابتني بان اسرار الالهة لا تكشف و لا يُلهم هذا السر الا للتقاة المطيعين الموثوقين، و لا ادري هل سيكون كل من يُكشف له السر هذا موثوقا و مطيعا لاوامر الالهة، ام ان بعضهم سينشره على الملأ، كما اخطه انا اليوم على هذه الصحيفة بعد ان رأيت تخلي الالهة عني و عن قومي؟!
لم تعرف قريش هذا السر ابدا، و لم تتبع نصيحتي في طريقة التعامل مع محمد فورا، و قد بلغني بعد حين انها حاصرت محمدا و اتباعه في مدينته تبغي القضاء عليهم و على فتنتهم التي فرقت العرب، الا ان قريشا اختارت موسما سيئا للحصار، هو موسم العواصف الرملية المدمرة التي تضرب بلادنا في ذلك الوقت من السنة، ففشل حصارها لمحمد و استغل محمد فشلها في الترويج لدينه بين العرب.
الا انها عقدت معه سلاما مؤقتا بعد ذلك استغلته قريش لتجارتها و استغله محمد لتوسيع دولته. و توالت الاحداث بعد ذلك سراعا، كما تتوالى الذكريات في قلبي الموهن العجوز، و في ليلة ظلماء يفتقد فيها البدر استيقظت قريش من نومها على الاف الاف الشعلات النارية تحيط بمدينتها من اركانها الاربعة، و دخل محمد فاتحا مكة و خسرت قريش الحرب.
و اليوم تنتشر جيوش محمد في ارجاء بلادنا الواسعة تنشر دين نبيها و لا ادري متى ستبلغ ناحيتنا و هل ساكون حينها حيا ام من الاموات. لقد تغلب دهاء محمد على سيوف العرب، و تغلبت معرفته بطبيعة قومنا على طمعهم، و تغلب تخطيطه على تخبطهم، و لا استطيع الحكم عليه و على الوضع من الاخبار التي تصلني عنه، احلمه يسبق غضبه، ام سيفه يؤكد سلطته، استسرق قريش دينه منه بعد ان دخلت فيه ذليلة حانقة، ام سيسحر اعداءه كما سحر من قبل اتباعه. لا ادري ما سوف يكون، سوى رؤيا رايتها قبل حين، لا اعرف اهي رسالة اخيرة من الهتنا التي تتساقط عروشها تباعا ام هو الشيطان يتسلى بي بعد ان هجرتني الالهة ؟!
رايت في رؤياي محمدا يوحد العرب و يحل السلام في بلادنا، ثم يساقون من بعده ليقتلوا في العراق و الشام، رأيت اسمه يجلجل في ارجاء العالم من فوق ابراج شاهقة، و تحت هذه الابراج يستهزيء اتباعه بتعاليمه كل حين، رأيته ينثر الاموال بين المساكين ثم يجمعها اتباعه منهم ليصرفوها على ملذاتهم، رايت جيوش اتباعه تسير باسم العدل و تنشر الظلم، رأيت اتباعه منقسمين كقبائل العرب اليوم، و كأن كل الدماء التي اسالها محمد و اسالتها قريش انهارا ليجمعوا العرب، قد سالت لتحجز العرب عن بعضهم، رايت اتباع محمد يرون الحصار يفرض على اخوتهم فلا يساعدون، و قريش عدوة محمد قد ساعدت المسلمين يوم فرض الحصار عليهم، رأيت في رؤياي اتباع محمد يقتلون المخالف للجماعة، و يذبحون من ينتقد دينهم و يسفه عاداتهم و اعرافهم، كأنهم نسوا وضع نبيهم، و قريش التي صبرت عليه عقدا من الزمان يسب الهتها و يسفه احلامها ! رأيت الموت ينشر جناحيه و دعاة التأخر يطوفون البلدان، و رأيت قومنا في ضلالهم يعمهون !
صحوت من النوم حينها و رجوت الالهة: رحماكِ، ليكن هذا وحي شيطان يتلاعب بي، او ليقبر العرب بعضهم في بلادنا فلا تفضحنا مصيبتنا بين العالمين..

تمت
18-7-2013



#الحسين_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صحائف الاقدمين ج2
- من صحائف الاقدمين ج1
- جرح الفؤاد
- متى اللقاء
- شهداء العراق
- هنا العراق
- حائر
- تحت السحاب
- البلاد بلادي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين الطاهر - من صحائف الاقدمين ج3