أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - العذراءُ في بيتي!














المزيد.....

العذراءُ في بيتي!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4227 - 2013 / 9 / 26 - 00:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول شمس الدين التبريزي: "إذا صام المرء شهرَ رمضان كلَّه، وقدّم خروفًا كل عيد، وجاهد ليحج إلى بيت الله الحرام، وإذا سجد كل يوم خمسًا، وليس في قلبه مكانٌ للمحبة، فما الفائدة من كل هذا العناء؟ الإيمان مجرد كلمة، إن لم تكن المحبة في جوهرها، فإنه يصبح رخوًا، مترهلا، أجوفَ بلا حياة. هل يعتقدون بأن الله يقيم في مكة أو في أي مسجد من مساجد العالم؟ كيف يتصورون أن الله محصورٌ في فضاء محدود، هو القائل: "ما وسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلبُ عبدي المؤمن." إني أشفق على الجاهل الذي يعتقد بأن بوسعه أن يساوم الله ويسوّي حساباتِه وديونَه معه؟ إنه الحيّ القيوم. فلماذا أتخبط في مخاوف أبدية وقلق لا ينتهي؟ إنه الودود الحميد. لهذا أحمده بكل كلماتي وتصرفاتي. بشكل طبيعي ويسر، كما أتنفس الهواء. فكيف يمكنني أن أن أغتاب الآخرين وأُشهِّر بهم وأنا أعلم في أعماقي أنه السميع البصير؟ إنه البشير الجميل، القيوم، الرحمن، الرحيم. أثناء المجاعات والفياضانات، وخلال الجفاف والظمأ، سأغني وأرقص له، حتى تخورَ ركبتاي، وينهارَ جسمي، ويتوقف قلبي عن الخفقان. سأحطم نفسي إلى شذرات حتى لا أعدو إلا مجرد ذرة في العدم، عابرَ سبيل في الفراغ المحض، هباءً في هندسته العظيمة الرائعة. ولن أكفَّ عن امتداح عظمته وكرمه بامتنان، وفرح. سأشكره على كل ما منحني إياه، وعلى كل ما حرمني منه، لأنه يعرف ما هو الأفضل لي. يحتلُّ الإنسان مكانة فريدة بين الخلق، إذ يقول عز وجل: "ونفختُ فيه من روحي". فقد خلقنا جميعا، لكي نكون خلفاءه على الأرض. فسل نفسَك: ‘كم مرة تصرفت كخليفة لله؟’ على كل منا، اكتشافُ الروح الإلهية في داخله، ليعيش وفقها. وبدلا من أن يُفني المتعصبون ذواتِهم في حب الله، ويجاهدون أنفسهم، فإنهم يحاربون أُناسا آخرين، وينظرون إلى الكون كله بعيون يشوبها الخوف. فإن حدث زلزالٌ، اعتبروه دليلا على غضب الله! وعندما يغضبون من أحد، فإنهم يتوقعون أن الله سبحانه سيتدخل بالنيابة عنهم ويثأر لهم! تغمر حياتَهم حالةٌ متواصلة من المرارة والعداوة والسخط. يوجد خلل ما يجعل المرء غير قادر على رؤية الغابة لأنه يرى الأشجار فقط. إن الدين بكُليّته أعظمُ وأعمق من الأجزاء الصغيرة المكونة له. فبدلا من البحث عن جوهر القرآن، ينتقي المتعصبون آية أو آيتين، يرونها تتناغم مع أسلوب تفكيرهم وعقولهم التي يسكنها الخوف. ولا يكفون عن رؤية الصراط المستقيم الأرفع من شعرة، والأحدِّ من سيف، الذي سيسقط من عليه المذنبون في قعر جهنم، فيتعذبون إلى الأبد، بينما يُكافأ من يعبره بفاكهة لذيذة، ومياه عذبة وحوريات حسناوات. تلك فكرتهم عن الحياة الآخرة. أهوال ونار، وفاكهة ونساء! وفي سعيهم الدائب للوصول إلى المتع الأبدية، ينسون الله! ألا يعرفون أن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة؟ ليتهم يتوقفون عن التفكير بجهنم بخوف أو الحلم بالجنة بطمع، لأنهما موجودتان في هذه اللحظة بالذات. ففي كل مرة نحبُّ، نصعد إلى السماء، وفي كل مرة نكره، أو نحسد، أو نحارب أحدًا، نسقط مباشرة في نار جهنم. إن الصوفيين يحبون الله لا خوفًا من العقاب ولا رغبة في الجنة، بل يحبونه لمجرد محبته الخالصة النقية السهلة غير الملوثة الخالية من أي مصلحة. الحب هو العِلَّة، وهو المعلول. فعندما تحبُّ الله، وعندما تحبُّ كلَّ مخلوقاته من أجله، تذوب الانقساماتُ وتختفي. ومن هنا لا يعود هنا شيء يُدعى ‘الأنا’، وكل ما تبلغه هو صفر كبير يغطي كيانك كله."
ويقول ابن عربي: "قد كنتُ قبل اليوم أُنكرُ صاحبي/ إذا لم يكن ديني إلى دينه داني/ قد صار قلبي قابلاً كلَّ مِلَّة/ فمرعى لغزلان وديرٌ لرهبان‏ِ/ وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ/ وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآن/ أدينُ بدين الحُبِّ أنّى توجهتْ ركائبُه/ فالحبُّ ديني وإيماني."
ولأنهم آبائي، أولئك الصوفيون الأجلاء الذين ملأ نورُ الله قلوبَهم، حتى طغى على كل ما عدا نوره من شوائبَ من بغضٍ لأي إنسان أو مخلوق؛ ولأنني ابنةٌ بارةٌ للرومي والتبريزي وبن رشد والحلاج والسهروردي وابن عربي والغزالي، ستجد في مكتبتي القرآنَ الكريم جوار الكتاب المقدس، جوار قصائد شعراء الزن. وكما أحفظُ عدة أجزاء من القرآن، قرأتُ الأناجيل والتوراة وكل كتب الديانات الوضعية في الصين وغيرها. وكما اعتمرتُ في مكة أكثر من مرة، حضرتُ قداساتٍ في كنائس، وزرتُ معابدَ بوذية وهندوسية ورزادشتية في أسفاري. لأنني أؤمن أن جميعَها محاولاتٌ من البشر للوصول إلى نور الله، الذي لا يُشعُّ في قلوبنا إلا بالحب والرحمة، لا بالعداء والبغضاء والتكفير.
قالوا إني "شيعية"، حين أحزنني مقتلُ الشيعيين في مصر والتمثيل بجثامينهم. وقالوا إني "مسيحية" لأنني أحاربُ اضهادَ المسيحيين في مصر وقتلهم وتهجيرهم وحرق كنائسهم. وقالوا إني "بوذية" و"زرادشتية" لأنني لا أقتل الحيوان ولا الحشرات. وشككوا في إسلامي لأنني أضع جوار المصحف في بيتي تماثيلَ للسيدة المطهرة المُصطفاة مريم البتول عليها السلام. ولأنني أضعُ تماثيلَ فرعونية جوار بوذا، وزرادشت، وأبحث عن تمثال آخر دلاي لاما في التبت. والآن، إحدى قارئاتي في اليونان وعدتني بتمثال للإلهة "أثينا" ربة الحكمة والقوة عند الإغريق، فهل أنتظرُ أن أنال اللقب الجديد: "وثنية"؟ سامحهم الله وهداهم إلى نوره ومحبته.


‫-;---;--



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النورُ في نهاية النفق
- وثالثهما الشيطان
- ازدراء الأديان فى شريعة الإخوان
- نجاح جمعة الحسم
- القبض على -الصوابع- وحذاء المرشد
- انتي مش أمّ الشهيد، انتي أرض
- حين أغدو إلهةً
- أنا صهيبة... أنا خفيت
- كم هرمًا من الجثامين تكفيكم؟
- خواطرُ على هامش الدماء
- مسلمو أمريكا وأقباط مصر
- الأطفال والصوفة والأقباط، كروت الإخوان
- أسود صفحة في كتاب التاريخ
- أم أيمن، وأم الشهيد
- هل أنت إرهابيّ؟
- دستور جديد وإلا بلاش |
- فساتين زمان
- رسائل إلى معتصمي رابعة
- مرسي وميمو... وفؤاد المهندس
- المسلسل الهندي‬-;-: ‫-;-الاتجار بالأديان في شريع ...


المزيد.....




- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - العذراءُ في بيتي!