أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - ورطة














المزيد.....

ورطة


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4220 - 2013 / 9 / 19 - 12:56
المحور: الادب والفن
    



وأنا أتجول وحيدا ً في شوارع ( لاس فيجاس ) المكتظة بالناس لمحت فتاة ً في ريعان الصبا تسير شبه ذاهلة ٍ وكأنها طيف يسير على رصيف . جذبني إليها ملامحها الوديعة ووجهها الشاحب الجميل وشيء ما في عينيها يدعوك للوقوف كي تتفرس بهما طويلا ً .
لا أدري بدافع الفضول أو الأسر تسمرت أمامها كالمأخوذ ورحت أحدق في وجه ٍ لا يقل عن جمال الملائكة والقديسات اللاتي نرى صورهن في الإيقونات ولوحات فناني عصر النهضة , وقبل أن أبادرها بالكلام قالت لي بصوت ٍ متضرع ( أنا جائعة هل لديك شيء من المال تساعدني في الحصول على طعام ؟ ) سألتها ( هل أنت جائعة حقا ً ؟ ) قالت ( بل أنا أتضور جوعا ً ) قلت لها ( مارأيك تجيئين معي الى الفندق , يمكننا نتناول الطعام معا ً ؟ ) وقدتها من يدها كما لو كنا صديقين حميمين . كانت يدها من النعومة والهشاشة أشبه بيد حمامة أو عصفور , وخلتها وهي تسير بجانبي كما لو كانت فراشة تود أن تطير . أخذتها الى مطعم حيث ابتعت لي ولها الطعام ولم أشأ الجلوس في المطعم , فكرت مع نفسي لعلي اقضي وقتا ً طيبا ً معها في السرير . في الغرفة أخرجت زجاجة نبيذ وجلست معها نتناول طعامنا بهدوء . بينما هي تأكل طعامها كنت أرشف نبيذي وأنا أتأمل وجهها الأنثوي الجميل وهو يضفي شيء من السحر على المكان المأهول بالفراغ قبلها . لم تبادلني كلمة واحدة لكننا نبدو منسجمين طيبين كما ينبغي . إلتهمت الطعام بسرعة غريبة وبنهم ٍ كمن لم يتناول طعاما ً منذ دهور . وددت لو شاركتني النبيذ لعل مزاجها يطيب قليلا ً وتبادلني الحب فقد كنت أتضور جوعا ً لجسد أنثوي يمنحني البهجة والشعور بالطمأنينة والإمتلاء . سألتني هل بإمكانها أن تستحم , ( قلت لها تصرفي كما لو كنت في بيتك ) . لبثت تحت الدوش وقتا ً طويلا ً وأنا كالصياد يرى سمكته تلعب تحت الماء كأنها تلهو بأعصابه المرهقة . لا أنكر بأني ذهبت أليها أسألها أن كانت بحاجة ٍ الى شيء ٍ ما وأنا أتلصص على جسدها الناحل البديع التكوين وهو يلمع تحت الماء . كان بي شعور من عثر على جوهرة ضائعة في الوحل وها هي الآن تضيء لي عتمة وحدتي فقررت أن أرشفها على مهل ٍ قبلة ً قبلة ً حتى الصباح .
جاءت من الحمام ملتفة ً ببرنسها الأبيض وجلست على حافة السرير تسألني أن أعيرها قميصا ً ترتديه أن ثيابها من القذارة لا تستحق حتى الغسل . أعرتها قميصي وملابس داخلية ارتدتها ثم مالبثت ان إندست في السرير ملتفة ً بالشرشف قائلة ً لي ( أرجوك لا تلمسني ودعني أنام ليلة ً واحدة ً على الأقل في سرير وثير ٍ فأنا متشردة منذ شهور أنام في الشارع ) . تركتها نائمة نوما ً عميقا ً تتقلب على سريري كالسمكة تلهو في الماء وأنا كالمتشرد المتضور جوعا ً جلست أتأمل وجهها الذي تورد قليلا ً , كانت النوافذ مغلقة ً , وما شأن النوافذ فهي دوما ً مغلقة ؟ كانت الفتاة خضراء كالشجرة لكنها نائمة كغابة ملتفة على أسرارها , وددت أن أضمها الى صدري بحنو وقوة كما يفعل عاشق مع حبيبته لكنها بدت كموجة انفصلت عن بحرها . لم أقع في حبها بالطبع لكني وقعت صريع فتنتها الطاغية وسرحت غارقا ً بأفكاري ريثما يتسلل النعاس الى عيني ّ . لا أدري حقا ً هل أغبط نفسي على هذي النعمة التي هبطت لا أدري من أي سماء ٍ لتحل َ ضيفة ً وتشاركني سريري ؟
طويلا ً لبثت أنتظر النعاس أن يهبط , شربت قنينة نبيذ ثانية لأطرد الأفكار من رأسي , ثملت من التفكير والهواجس . شعرت بقليل ٍ من البرد فسرقت نفسي من الليل ومن الأفكار وأندسست معها تحت الشراشف وشعرت أني في ورطة حقيقية فلا أنا وحدي لأستسلم لنوم ٍ مليء ٍ بالأحلام والكوابيس ولا أنا مع امرأة تشاركني ليلي وقلقي وتطرد عني كوابيسي ثم تجعلني أغفو بين أحضانها كالطفل يتوسد صدر أمه الرؤوم . لا أدري لماذا في تلك الليلة تذكرت ( شوقي بزيع ) * , قلت مع نفسي لو كنت ولدت في مدينة ٍ مخملية ٍ مثل بيروت بعينين خضراوين وقامة ٍ ممشوقة ٍ ولي مثل ماله من الوسامة والجمال لكنت الآن أطرد النساء زرافات من شرفة بيتي ولا أطاردهن في الخيال وضحكت من سذاجة أفكاري ولؤمها وطردت شعوري بالخيبة ثم جلست لأحتسي زجاجة النبيذ الثالثة وحننت لصوت السيدة أم كلثوم تشاركني إحساسي بالوحدة والضياع والأنكى منهما أن ترى امرأة لا تبعد عنك سوى بضع خطوات ٍ تنام بكامل أنوثتها شبه عارية ٍ ولا تستطع لمسها أو إحتضانها فهي معك وليست لك وقد فر النعاس من عينيك ولا تدري ماذا تفعل بفمك ويدك وعينيك وهذا الليل يتآمر هو الآخر عليك فلا ينقضي والخمرة خفيفة جد خفيفة ٍ , للمرة الإولى أحتسي ثلاث زجاجات نبيذ ٍ أحمر لم تزدني إلا صحوا ً وشعرت بحاجتي للتنزه وإستنشاق بعض الهواء فألفيت نفسي في الشارع . تسكعت حتى الصباح في شوارع شبه مهجورة ٍ ثم عدت الى غرفتي مثقلا ً بالنعاس . كنت قررت مع نفسي أن أطرد الفتاة بعد أن تستيقظ من نومها لتعود حياتي الى سابق عهدها من هدوء ٍ رتيب ٍ ولامبالاة ونسيان تام للمباهج كما لو كنت سجينا ً في غياهب الصحراء .
* شوقي بزيع الشاعر اللبناني الوسيم
كاتب من العراق يعيش في كاليفورنيا
[email protected]



#علوان_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضرع
- الأرملة
- مرثية الليل
- رسمية محيبس
- هجران
- ليكن محافظ ميسان هو القدوة
- العراق في خطر
- ماذا يريد أهل الأنبار ؟
- سلمى حايك - بهاء الأعرجي والشفافية
- الشاعر والجلاد


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - ورطة