عندما تتذكر البحرين وانت في دبي ـ الشارقة

عبدالرحمن النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 1204 - 2005 / 5 / 21 - 09:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

سنحت لي الفرصة للمشاركة في اعمال الندوة السنوية التي يقيمها مركز الدراسات في جريدة الخليج الاماراتية، وصادف ذلك الذكرى الخامسة والثلاثون لتأسيس الجريدة، اضافة الى الذكرى الثالثة لرحيل المناضل الكبير مؤسس الدار، المغفور له الاستاذ تريم عمران.

كان عنوان الندوة / الهوية العربية في زمن العولمة.. في منطقة تسابق الزمن، سواء دبي او الشارقة التي تشكل المنطقة السكنية لدبي.

ليس هنا مجال استعراض وقائع الندوة، رغم اهميتها، حيث حضر كوكبة ممن المثقفين العرب، من بينهم الدكتور طيب التزيني، السيد ياسين، د. سليم الحص، د. كمال حمدان، د. جاسم المناعي، د. محمد الرميحي، بالاضافة الى المناضل الكبير د. عزمي بشارة التي نقل الى الجميع في جمعية العمل الوطني الديمقراطي والى شعب البحرين سلامه وتقديره للوعي السياسي الكبير الذي يتمتع به هذا الشعب، ودماثة أخلاقه، وسلوكه الحضاري… لقد كان شديد التأثر بالايام القليلة التي امضاها في البحرين عندما تشرفنا بحضوره لافتتاح مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي في سبتمبر 2004.

كان موضوع الندوة في غاية الاهمية، مستقبلنا .. مستقبل العرب.. هوية هذه المنطقة الممتدة من المحيط الى الخليج.. وسط عالم يتحرك بسرعة صاروخية .. العولمة.. الجميع قلق من المستقبل.. الجميع قلق على هويته.. ولا يدري الى اين يقودنا التطور والثورة المعلوماتية التي جعلت كافة اشكال الرقابة الاعلامية مسخرة واضحوكة.. وجعلت ما نشاهده في منطقة الخليج لا يثير السخرية وانما الاشفاق على القاطنين في المنطقة والحركة السياسية التي لم يعترف بها للوقت الحاضر.. ولا يزال الحكم يصر على التعاطي مع القوى السياسية على انها جمعيات تكرم وسمح لها بأن تعمل في السياسة!!

التقيت مع بعض الاصدقاء في ابوظبي.. لديهم معرض مشترك مع احدى الدول العربية.. ووضعوا علم دولة الامارات وعلم تلك الدولة… اتصلت بهم البلدية (بلدية ابوظبي) تطلب منهم ان يدفعوا عن كل علم رفعوه خمسين درهماً!! بما في ذلك علم دولة الامارات.. قائلين.. انكم تقومون بعمل اعلامي… ولا بد من دفع قيمة الاعلان!!

من ابو ظبي الى الشارقة.. حرصت ان ارى أن كان ثمة صورة لرئيس الدولة او باني نهضة دبي (الشيخ محمد بت مكتوم) او غيره… لا تجد الا صورة للمرحوم الشيخ زايد في مدخل دبي.. وصورة مشتركة للشيخ القاسمي مع المرحوم الشيخ زايد في مدخل الشارفة.. لا صور .. كل شيء محسوب بلغة السوق.. بلغة رأسمالية لا تراعي الا المصلحة العامة او الخاصة.. فمن يريد الدعاية لنفسه.. فليدفع قيمة الاعلان..

تساءلت اين الصور .. صور الشيوخ .. ياجماعة.. دبي مليئة بالاعلانات.. فهل يريد الشيخ ان يدفع قيمة اعلان لصورته!!

تفاجئك الصور المتناثرة في البحرين من المطار الى كل حي من احياء البلاد… موقعة من قبل هذه الجمعية الخيرية او ذلك التاجر. او الحكومة… وتساءلت لماذا يضعون صورة كبار المسؤولون..ألا يعرفهم شعب البحرين.. ماهو المقصود من تعليق الصور في كل شارع وكل زاوية .. وبالالوان.. لماذا لا تسير دبي على خطى البحرين فتملأ شوارعها بصور الشيوخ..

يردون عليك.. نحن في عصر العولمة.. كل عمود كهرباء تضع عليه اعلاناً يجب أن تدفع قيمة الاعلان.. في البحرين يتبارون طائفياً بوضع بعض العبارات الدينية.. تلك الجمعية الشيعية تضع ما يناسبها.. فتضع الجمعية السنية ما يناسبها فوق او تحت… ولسنا بحاجة الى مثل هذه المباراة.. التي يتحدث الكثير من المواطنين بانها سلبية.

لماذ يضع كبار المسؤولين صورهم في كل زاوية.. من يحبه الشعب لا يحتاج الى صوره.. فصورته في القلب.. والناس تذكره بالخير.. ومن لا يحبه الناس.. فان صوره لا تغني عنه شيئاً بل قد تجلب عليه ما لا يحب..

في جميع الدول الديمقراطية لا تجد صوراً منتشرة بهذه الكثافة التي تجدها في بلادنا.. ونحن بحاجة ماسة الى اعادة النظر في الاعلام.. وطريقة التلاحم بين القيادة والشعب.. بين القيادة والقوى السياسية.. بطريقة تختلف عن الفترة السابقة.. تختلف عن اساليب الانظمة الشمولية.. بطريقة تبرهن بأننا فعلاً قد دخلنا العصر .. او أننا خرجنا من العصر السابق.. الى عصر العولمة من جانبه الايجابي.. احترام العمل.. احترام الحق العام.. عدم اضاعة الملايين من الاموال في صور يجري انتاجها بكثافة .. ليربح البعض بعض الدراهم… وليتوهم المسؤول بأنه في قلوب الناس.. وفي الحقيقة لا يستطيع ان يخرج عن الاطار الذي وضع صورته فيه..

مع الاعتزاز والتقدير العالي للقيادة السياسية.. وحبنا الكبير لما يقومون به من ايجابيات.. وانتقاداتنا لهم من موقع المحب والحريص على مصلحة البلد والشعب… نقول بأننا فعلاً بحاجة الى عقلية جديدة.. تحترم الوقت.. تضع الدينار في مكانه الصحيح… والامكنة كثيرة لما يجب ان يتم الصرف عليه..

#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات