أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - -الإخوان- تنظيم إرهابي















المزيد.....

-الإخوان- تنظيم إرهابي


شريف صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4199 - 2013 / 8 / 29 - 18:03
المحور: المجتمع المدني
    



قبل أيام وقع أكثر من ألف مثقف عربي وأجنبي على بيان يدعو المجتمع العربي والدولي إلى حظر "الإخوان" بوصفها جماعة "إرهابية"، وأظنها دعوة تخدم على المدى البعيد مفاهيم الدولة والمجتمع والدين نفسه.. فجماعة "الإخوان" قضت ثمانية عقود تقريباً، باعتبارها "جماعة محظورة" تعامل بارتياب.. حدث ذلك مع الملك فؤاد، وفاروق، وحزب الوفد وثورة يوليو، واشتراكية عبد الناصر وانفتاح السادات. فهل كل هذه السلطات ـ على اختلافها ـ كانت على خطأ والجماعة على حق؟
وقد أودت صراعاتها بحياة مؤسسها حسن البنا، وبالنقراشي رئيس الوزراء القوي، ثم منظرّها سيد قطب والرئيس السادات نفسه. لكن هذا الصراع ظل دائماً ملتبساً بعباءة الدين. رغم أن ممثلي السلطة ـ أيا كان فسادهم ـ ليسوا مشغولين بتصفية رجال الدين، لمجرد أنهم رجال دين، ولا الإخوان كانوا يوجهون عنفهم إلى رجال دين مختلفين معهم. بل السلطة دائماً كانت هي بؤرة الصراع بين الطرفين.
وجاء وصولهم إليها في 2012، مبرراً، بحكم تاريخ المظلومية التي عانوا منها، وقوة التنظيم وامتداداته الإقليمية والدولية، وللرغبة الشعبية بالقطيعة مع النظام السابق، ظناً أن "رجل الدين" قد يكون أقل فساداً. إذا افترضنا أنه "سياسي" من الأساس، عدا عن الرشاوى الهزيلة ـ زيت وسكر وعلاج مجاني ـ لبسطاء الناس، والمزايدة على العاطفة الدينية، حتى لو تحولت المزايدة ـ على مدى القصير ـ إلى ابتزاز، وإرهاب، وتحالفات مع قوى متشددة، وشق الصف الوطني بين مسلمين وأقباط، وبين المسلمين أنفسهم: إسلاموي وعلماني!
لكن كل مبررات المكاسب السريعة التي أجلستهم على الكرسي، كانت هي نفسها عوامل انهيارهم السريع والمدوي، فالمؤتمر الجماهيري الوحيد للرئيس المعزول مرسي كان في ميدان التحرير فور تنصيبه، وكل ما تلاه من مؤتمرات كان بمنطق "من معنا ومن ضدنا".. وهو لم يخفق في تشكيل اتئلاف واسع فقط، بل أضفى على انقسام "سياسي" طابعاً دينياً، يكفل له أن يظل مشتعلاً إلى ما لا نهاية.
ولم يقدموا كجماعة أي شيء إلى الدين، بل حاولوا ـ سياسياً ـ التحالف مع الفلول وأجهزة الدولة لتقاسم السلطة، وتهميش قوى الثورة المناوئة لهم فكرياً. إذن هي ليست قضية دعوة ، فحتى خلافهم مع شيخ الأزهر لا يتعلق إلا بكونه لا يقدم الولاء الكافي لنظامهم السياسي الوليد. لأن الدين نفسه ـ إذا صدقت النوايا ـ يتحمل فتاوى واجتهادات مختلفة، بكل بساطة.
ومن المؤكد أن مرسي لم يكن رجل سياسة، بل أدار بلداً بحجم مصر بعقلية "رجل التنظيم"، وقرأ فكرة "الاستفتاء المبكر" بارتياب وتحت وطأة نظرية المؤامرة، مع إنها كان من الممكن أن تشكل حلاً للأزمة السياسية وطوق نجاة للجماعة لإعادة ترتيب أوراقها بعد عام من "العك" واختيار شخصية توافقية أكثر كفاءة من مرسي.
وبغض النظر عن قانونية أو شرعية الإجراءت التي اتخذت منذ 30 يونيو.. لكنها فرضت أسئلة عميقة: لماذا تعجز الجماعة عن إدارة صراعاتها السياسية في العلن، أو في إطار قانوني، ولماذا خلطها دائماً بالدين؟ على طريقة حيوان الخلد الذي يبني لنفسه نظاماً معقداً من الجحور كي يسهل له التبرير والهرب وإلقاء التهم على الآخر، وأبسط مثال على هذا الخلط أنهم حولوا الاعتراض الشعبي على مرسي ـ وهو أمر سياسي محض ـ إلى مؤامرة على الإسلام نفسه!
كذلك لماذا تتحول صراعاتها باستمرار إلى عنف ودم، وهزيمة لها في نهاية المطاف؟ بالتأكيد إلقاء التبعية دائماً على الطرف الآخر (على اختلافه عبر 80 سنة) ليس إجابة.
أيضاً ثمة أسئلة فلسفية أكثر عمقاً: هل الإسلام أساساً بحاجة إلى "مرشد" أو "جماعة" تعيد تعريفه وتوصيفه مجتمعياً؟ ألا تكفي مؤسسة "الأزهر" للقيام بذلك؟ كيف تنشأ ديمقراطية في ظل حزب يعتبر نفسه ممثلا لله، وهو ما يضعه في موقف استعلائي مع المختلفين عنه؟
وإذا عدنا إلى صميم فكرة البنا، نجدها أقرب إلى التشكيل العصابي، من ناحية التنظيم والسرية والولاء، وتبني أفكار مثالية تخص أتباعها، وعدم الاعتداد بسلطات الدولة كافة تقريباً. أي أنها في أساس تكوينها تحمل طابعاً عدائياً وتآمرياً ضد الدولة، فكيف ستديرها؟

فمأزق "الإخوان" لا يتمثل فقط في إخفاقهم السياسي، ولا في صراعهم العبثي مع أدوات الدولة، بل يتمثل في بنية الجماعة ذاتها، حيث بدا الحزب الذي خرج منها "الحرية والعدالة" كأنه نتوء مشوه، أو هيكل شبحي، لأنه في حقيقته لم ينفصل عن التنظيم والجماعة، مثلما لم ينفصل مرسي عن كونه رقم 6 أو 7 في التنظيم، فهذا أهم وأبقى من كونه رئيساً لبلد! عدا عن فزعهم من صيغة الحزب، بما تتطلبه من عمل سياسي، ومصالح، وتحالفات، قد تؤدي تهدد كيان الجماعة ذاتها.
المشكلة أن موائمات النظم السياسي المختلفة منذ الملك وحتى المجلس العسكري بعد الثورة، يتعامل مع هذا "الكيان" شبه الخفي، والمنشق عن الدولة بطبيعته، من منظور براغماتي، قصير المدى، فهم موجودون على الأرض، ولهم قدرة على الحشد والتنظيم، وبالتالي يصعب تجاوزهم، أو القضاء عليهم بالحل الأمني. وهي نظرة صحيحة جزئياً.. لكنها تغفل عمق الإشكالية، أنهم كجماعة لا يمكنوا أن يندمجوا اندماجاً حقيقياً في الدولة، ولا في المجتمع، ولا في الحركة الوطنية، لأن الولاء سيبقى للتنظيم وحساباته، وستظل علاقتهم مع الدولة "صراعية" وهو ما حدث في عام كامل لمرسي. فكيف يقودون الدولة أو يشاركون في إدارة شئونها، وعقيدتهم قائمة على نسف الدولة وإعادة بنائها وفق أوهامهم عن "نظرية الخلافة"؟!
ثم ما هي الفائدة العملية، على المدى البعيد، في حال افترضنا نجاح دمجهم؟ فالإخوان ليس لديهم إضافة معرفية حقيقية للدين، ولا رؤية سياسية جادة للدولة.. بل هم أقرب إلى المنطق المافياوي الابتزازي، كأن أبتز السلطة لعدم تطبيق بند معين من بنود الشريعة، مقابل أن تترك لي مساحة ما في إدارة المساجد، أو تتغاضى عن تبرعات غير خاضعة للقانون.
وهكذا يستمر أطراف السلطة في ممارسة شد وجذب، دون علاج جذري للأزمة، فمثلاً يدعو عمرو موسى للتحارو مع شباب الجماعة.. من أجل ماذا؟ دمجهم في الحياة السياسية! وهل دمجهم هذا يقتضي حتماً أن يتم عبر بوابة اسمها الانتماء إلى جماعة الإخوان؟ بالطبع لا.. يستطيع أي شاب أن ينتمي إلى أي حزب سياسي ذي خلفية فكرية محافظة وانتهى الأمر.
لكن، بعض الظواهر الاجتماعية قد تتحول إلى مكاسب للسياسيين، مثلما يربح الطبيب من أمراض الجسم. وجماعات الإسلام السياسي عموماً ليست أكثر من "أمراض" ارتبط ظهورها بالاستعمار والتبعية، والتخلف، والفقر، وسوء التعليم.. طبعاً هي تزعم أن لديها "روشتة" لعلاج كل هذا، لكن الحقيقة أنها تستمد وجودها من بقاء هذاالإرث التعيس، وخير دليل، أن جمهورها ومعظم حشدها من الجهلة والأميين في الريف والصعيد.
وفي حال وجدت حكومات قوية تعالج هذه الملفات معالجة جادة، ستتلاشي هذه التكوينات نهائياً، وما يتبقى منها لن يغدو أكثر من "كاريكاتير هزلي".. لكن للأسف المكاسب الآنية لرجال السياسة تدفعهم لاستثمار وجود الإخوان، ككيان واقعي، أو تحت أكذوبة "فصيل وطني" وهو أساساً ليس له علاقة بمقومات الوطنية، لا نفسياً و سلوكياً، فالكائن الإخوان فرد من قطيع مبرمج على الولاء المطلق للمرشد، لا أكثر و لا أقل. وكل ما يقال عن الدمج والشراكة، إذا افترضنا نجاحه، فهو لن يحدث إلا في حال واحدة فقط، وهي تلاشي هذه الجماعات من الوجود السياسي.
وباستقراء بسيط لتاريخنا الإسلامي ـ فإن كل "الجماعات" التي انشقت على عامة الناس، أو على السلطة مهما كانت عيوبها، لم تخدم الإسلام، بل غذت الفرقة والتناحر، بدأ من قصة "الخوارج" مع الإمام علي، لأنها جماعات تعتاش على الشقاق والصراع، كتنظيمات سرية، عنفية أحياناً، وكحركة انفصال عن المجتمع، أو روح العصر، وخنجر في خصر السلطة القائمة. فهي مهووسة بذاتها وتصوراتها الحقيقية عن الدين، بصورة أقرب إلى المرض العقلي.
بينما مجتمعاتنا بحاجة إلى جمعيات أو أحزاب تعمل وفق إطار قانوني، إدارياً ومالياً، وليس إلى تنظيمات سرية، هلامية، تضع نفسها خارج إطار الدولة، وتفرض تصوراتها قسراً على المجتمع، باعتبارها حقاً مطلقاً.
وطالما أصبح الدين جزءاً من الهوية في أي دولة، فهو ليس بحاجة إلى وكيل من أي شخص أو أية جهة كانت.



#شريف_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبعة أسباب.. لرفض أحزاب العنف والخراب
- المعارضة المصرية بنت ستين كلب
- 30 سبب للخروج في 30 يونيو
- ماذا يريد الداعية الإسلامي مني؟
- أهم إنجازات مرسي.. احتقار رموز مصر
- حوار مع إخواني
- الجندي صدمته سيارة في السماء
- الأمنجي الملتحي والملتحي الإخوانجي والإخوانجي البلطجي
- ماذا يريد المواطن المصري من -الدستور-؟
- مسودة الدستور المصري لإنتاج -إله- جديد!
- إني اتهمك يا سيادة الرئيس محمد مرسي
- الشراميط الأوساخ.. مسلمين ومسيحيين!
- أبو إسماعيل المروج الأكبر للجهل
- العريان.. عارياً
- أولمبياد لندن.. ومارثون الأسد
- ملاعيب شفيق و-العسكري-
- الجهاز يلعب بذيوله
- لماذا انتخبت حمدين صباحي؟
- صباحي وأبو الفتوح.. بيع الوهم
- خيرت الشاطر حامل -الحصالة-


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - -الإخوان- تنظيم إرهابي