أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مها الجويني - عنوانها أنا














المزيد.....

عنوانها أنا


مها الجويني

الحوار المتمدن-العدد: 4187 - 2013 / 8 / 17 - 16:07
المحور: حقوق الانسان
    


هي مدينتي التي هجرها أهلي بداية خمسينات القرن الماضي ، تبرسق من أحملها ذكرى وواقع جميل أعود اليه كلما خفت أضواء المدن و العواصم التي أزورها ، أعود إلى ذكرها و إلى جبلها شامخ هناك .. حيث يعرفني أموات مقبرة جبل الرحمة .. هم من يشهدون أنني منهم ، هناك ألتقي بسليمان بوغربال فهو الوحيد الذي لا يجهلني و لا ينسى ذكرى أهلي و إن تغيرت الأزمان ...
أحس بالحرج كلما يسألني بعض الأصدقاء عنها . عن تلك الأميرة الواقعة على هضاب مرتفعة في شمال غرب تونس ، أحس بالحرج و الضيق لأن السؤال سيكون حول "عنواني في تبرسق" و ينتابني الغضب لو سألني أحدهم من تعرفين هناك ؟ و أين عنوانك فيها؟
حينها أرد .. و أسهب في ذكر التفاصيل .. ففراق تبرسق كان بأمر رب العائلة ، أمر به بسبب غياب التنمية و التهميش و إنعدام مواطن الشغل . لكن أم العائلة حملت صورة الوطن على وشمها و أتبعت خيار زوجها ..فتحول عنوان تبرسق إلى العاصمة .
وبذلك لم يغير النازح روحه و لا نبرة صوته و لا لونه و لا أكله و لا شربه .. عظيمة جدتي أم الخير لقد هزمت الجغرافيا و لم تعترف بتغير الزمن ..لأن الوطن عند التونسيات أمانة و أم الخير خير الأمناء ...
و بعد أن أجيب أتسائل منذ متى كان للأوطان عنوان و شارع و رقم بيت و هاتف أرضي ، أرى أن تبرسق أعلى من هذه التفاصيل ، فالمدينة مرسومة في أعين النساء ، و إسمها مثل التسابيح تذكر في تهاليل الصباح و المساء و حتى عند الدعاء نتقرب باسم شيوخها الصالحين ..و نشرب مائها و نقول اللهم الشفاء ثم أمين ..
جبلها الشامخ في عين كل عذراء ،أو تقيارت كما يسميها الأمازيغ لأنها تضع قماش أبيض على رأسها علامة على طهرها و عفافها .. أوليست تبرسق أرضا للطاهرات ؟ ألم يكن جبل الرحمة مكانا لراحة المسيحيين عند حجهم من كنسية قرطاج إلى سوق هراس ؟للأسف نسوا أمجادها و نادوا أبنائها "بالجبورة " و قالوا أن تراثها فقط"أغاني المالوف الأندلسية" .. ناسين ثلاث ألف سنة سنة قبل الميلاد .... و حجر دقة يشهد على قولي هناك حين وجد الباحثون أول لأيقونة للأه عبده الأمازيغ في العهد القديم .. هناك عندما بنى أجدادنا المسارح و المعابد .. هناك عندما رفضت تبرسق تعليق النجمة الحمراء على اليهود أيام حرب الثلاثينات .. هناك علم أجدادي العالم إحترام الأديان ..
ولكن أرض الرقي أصبحت جزءا من "زيرو ويت" الصفر الثمانية علامة هاتفية تعني المناطق البعيدة و الخارجة عن التغطية و التهيئة ... و تحولت عين جمال بلاد الجبورة و القعار بعد أن كانت ستار الفلاقة ...
معذرة مدينتي لقد غاب إسمك عن نشرات الأخبار ، و عن المناهج الدراسية و عن البرامج الترفيهية . و أن حضرت فهم يذكرونك ليتحدثوا عن أمجاد الرئيس ,, أبن الساحل طبعا و كأن النهوض بالشمال الغربي حسنة و ليس بواجب وطني .. نسيت فأنت جزء من زيرو ويت .. و أبناؤك مواطنين درجة ثانية ..
حلت ثورة الياسمين و لم يصلك عطره بل جائتك عديد السموم ... ورأيت صورة منارة الجامع الموري على وشك السقوط و لكن لم أسمع خبرا من عشاق التراث الاندلسي عنه ؟ لا تستغربي فالجامع مبني في بلاد الزرو ويت و مصحلة التراث معنية بالأرقام الأولى فقط .
و أمام النسيان و النكران ما قيمة عنواني ؟ و ما معنى إسمي و الأميرة مجهولة و منسية ؟ و أم الخير ماتت و ماتت معها كلمات الأغاني الجبلية و رحلت "ريم الفيالة " و " ضاع مرض الهوى" و جائت أغاني أخرى لا تتماشى مع لساني و لا يفهم لحنها خصري . و برحيل الجدات ضاع صندوق قصص فرسان الشمال و اشعار العظماء و تغير شكل "الحرام " بقماش أخر و تغيرت الخمسة بحلي آخر .. و بعد الحجاب أفتوا بنسيان كرامات أجدادنا لأنها حرام و شرك بالله رب الأرض و السماء ... فما قيمة عنواني أمام هذه الغوغاء ؟



#مها_الجويني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاربي كتيهيا
- إلى ولتما جويدة نبيزي
- الحركة الأمازيغية بين الواقع و التأويل
- الأمازيغ السكان الأصليين لشمال إفرقيا -تامزغا - ... تاريخ من ...
- صقر حشاش .. بصمة عار في وجهة النظام الكويتي
- تهاني للسيد النوري أبو سهمين
- الجميلة و الميدان
- دي خسارة فيه
- سلطان المدينة ذكرى لا تنمحى
- رسالة لأنصار الآب الحنون ..
- مجموع لي
- ذات القلم الوقح
- الإغتصاب واجب أصولي و ذكوري
- صاحبة الصليب و العيد
- فتحي نخليفة .. الفارس المنسي
- إمراة و نصف
- الجالية الإخوانية و قضايا الوطن
- كادحة لا أكثر
- الإعلام و المزز
- آتاي إما


المزيد.....




- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مها الجويني - عنوانها أنا